المرصاد نت -متابعات
ليس أمراً عابراً أو تفصيلاً يمكن تجاوزه. إنه عنصر التحدي المهني الاكبر امام الجيوش العالمية التي تقف مع السعودية والامارات في عدوانهما المفتوح ضد اليمن. والسؤال لا يزال من دون إجابة: من أين انطلقت الطائرات المسيّرة والصواريخ المجنحة التي ضربت «أرامكو»؟
الإجابة القائمة اليوم سياسية بامتياز. أصلاً لا حاجة الى هذه الجمل الطويلة عن السلاح الايراني والدور الايراني والدعم الايراني حتى تبرر السعودية فشلها في مواجهة اليمنيين. لكن الجواب السياسي هدفه مرة جديدة العودة الى استراتيجية قامت منذ عامين ضمن تحالف جمع السعودية واسرائيل والامارات وجهات حزبية ورسمية عربية اخرى، يحاول من دون توقف إقناع الادارة الاميركية بلا جدوى الحروب الجانبية. صار هؤلاء يتصرفون بأن المعارك في غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق معارك جانبية وان العلاج يكون بتوجيه ضربة واحدة وحاسمة ضد الرأس المدبر والمشغل، أي إيران.
الاميركيون لا يقلّون حماسة عن جماعتهم لضرب ايران. لكن الحسابات الواقعية تقول عكس ما يفترضون. والرئيس دونالد ترامب، الذي يرفع شعار «أميركا أولاً»، لا يحيد عن المصالح الاساسية لبلاده. وهو لا يرى أن حمايتها تتطلب اليوم حرباً ضد ايران كما حصل في العراق وأفغانستان. وبديله القوي هو برنامج العقوبات والحصار والعزل. وبمعزل عن النتائج الفعلية لهذه السياسات، الا انها البديل الوحيد في غياب خيار الحرب الشاملة. أما افتراض خوض معارك بين حروب على شاكلة الاعتداءات الاسرائيلية في لبنان وسوريا والعراق فهو خيار غير متاح لسبب بسيط، وهو أن ايران لا تقبل به. بل هي تفهم الامر على نحو بسيط: الاعتداء يعني الحرب الشاملة ونقطة على السطر!
في بعض الحالات تكون مضطراً إلى مساعدة عدوك على شرح حقيقة موقفه وموقعه لأن التعثر الذي يعانيه يعيق بشكل أكبر عودته الى صوابه. كما يلزمك تصنيع المزيد من السلالم لتأمين نزوله عن الشجرة. أما عندما تصبح سياسة الإنكار قاعدة في تحديد المواقف والسلوكيات فانك تضطر الى توجيه تحذيرات تهزّه قليلاً وإن لم يفهم، فعليك بالمزيد ولو اضطررت الى صفعة تفقده وعيه، وهذه هي الحال اليوم مع السعودية واسرائيل والامارات.
لا يزال الكتمان يحيط بتفاصيل كثيرة ومهمة عن عملية «أرامكو» البطولية والنوعية. وفي حال لم تستجب السعودية للمبادرة اليمنية، فستتكرر هذه العملية، وضد أهداف اخرى. وهذا ما يفرض جانباً من الكتمان حول الجوانب التقنية والعملياتية. لكن العقدة المهنية، هنا، ليست في الفشل الاستخباراتي لدى محور العدوان لناحية عدم اعتراف هؤلاء بقدرة أنصار الله على تنفيذ هذا العمل، بل في عدم التقاط أي مؤشرات عملانية على أن عملية بهذا الحجم يجري الاعداد لها. أما الفشل التقني فلا ينحصر فقط في فشل منظومات الدفاع الجوي المنتشرة بكثافة في السعودية وعلى حدود اليمن في اعتراض هذه الطائرات، بل يتعلق، أكثر، بالعجز المستمر حتى اليوم عن تحديد نقطة انطلاق هذه العملية علماً بأن اليمنيين حاولوا تسهيل الامر بالاشارة الى ثلاث نقاط وليس نقطة واحدة انطلقت منها الصواريخ والطائرات.
في لبنان وخلال ايام قليلة – حتى ولو تأخر الاعلان أكثر – تم تحديد كل التفاصيل الخاصة بغارة الطائرات المسيرة على الضاحية الجنوبية من قبل العدو الاسرائيلي. وعندما يقال كل التفاصيل، لا يقصد كل ما قيل، لأن ما يجب أن يعرفه الجمهور تم كشفه، لناحية مصدر انطلاق الطائرات، وكيفية الاعداد والتجهيز وتحديد دقيق للمسارات الهجومية ولمسارات الانسحاب أيضاً، إضافة الى تفاصيل مثيرة عن طبيعة الادوات العسكرية والتقنية المستخدمة في هذا الهجوم من قبل العدو.
إذا كان بمقدور حزب الله والجيش اللبناني الوصول الى هذه النتائج الحاسمة علمياً وأمنياً وعسكرياً، فكيف لا يمكن لجيوش أميركا وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا والمانيا ومصر والسودان والسعودية والامارات أن تصل الى خلاصة حول كيفية تنفيذ عملية أرامكو... ما يحصل حتى الآن، لا ينفي أننا اقوياء، لكن هل نحن قبالة أغبياء أم ماذا؟
هذا يعني ببساطة أن التحديات المقبلة لا تتصل فقط بطبيعة القرار الذي يجب اتخاذه على المستوى السياسي في كيفية تعامل اميركا وجماعتها مع محور المقاومة، بل تتصل، اكثر، بكيفية التعامل مع العناصر التقنية والعسكرية والامنية والعملياتية التي اظهر محور المقاومة انه يملكها، مع الاشارة الى أن ما ظهر يبدو أنه لا يمثل حتى رأس جبل الجليد لما تملكه دول وقوى محور المقاومة من قدرات.
استراتيجية محور المقاومة
وفي سياق ما يجري صار واضحاً أن لدى محور المقاومة استراتيجية جديدة في مواجهة الاعداء. والامر هنا لا ينحصر في ساحة دون اخرى لكن، بما خصّ جبهة اليمن يمكن الحديث عن الآتي:
أولاً: قرار محور المقاومة الانتقال من مرحلة الصبر الاستراتيجي الى الهجوم العقابي بات مفعلاً ولا يمكن وقفه إلا بوقف الحروب العسكرية والامنية والاقتصادية التي يشنها العدو الاميركي مع حلفائه.
ثانياً: هذا القرار لصيق بقرار آخر، وهو الجاهزية الكاملة للانتقال الى مواجهة شاملة ومفتوحة إن تطلّب الامر، أو قرر العدو الذهاب نحو الحرب الشاملة كخيار مقابل.
ثالثاً: الهجوم العقابي له أهدافه الواضحة والمعلنة بوقف العدوان القائم. ومتى تحقق الهدف سيتوقف الهجوم. أما في حال لم يستجب الاعداء فهذا يعني حكماً الانتقال الى الهجوم الاستراتيجي الهادف الى تغيير كامل للمعادلات القائمة الآن سياسياً وعسكرياً، وحتى اقتصادياً.
رابعاً: الهجوم العقابي لا يقتصر على مدة أو زمن أو هدف بحدّ ذاته بل هو قابل للتوسع نحو كل من هو متورط في هذه الحروب القائمة ضد محور المقاومة، ومن دون استثناء. وهذا يعني أن على المنخرطين في هذه الحرب التحسّب لردود قاسية متى تطلب الأمر.
خامساً: إن الهجوم العقابي بات يتطلب اليوم توجيه ضربات مؤلمة أكثر لدول العدوان المباشرة. ويمكن القول إن عملية «أرامكو» قد تبدو «فركة أذن» أمام ما يمكن القيام به، بحسب برنامج الاهداف المحدد.
سادساً: تم توجيه إنذار أخير الى دولة الامارات العربية المتحدة، صراحة وبواسطة طرف ثالث، وهي أمام مهلة زمنية محددة وغير طويلة: إما أن تخرج من المناورة القائمة الآن، وتباشر عملية الخروج من هذا التحالف والانسحاب من اليمن حرباً وتخريباً، شمالاً وجنوباً، وإما عليها أن تنتظر حصتها من الهجوم العقابي. وهو هجوم سيكون قاسياً على دولة لم يسبق لها أن اختبرت النيران داخل بيتها.
أما البند المتعلق بقدرات القوات اليمنية على تنفيذ مثل هذه العمليات فإن العمل الاستخباراتي الهائل الذي تقوم به دول العدوان على اليمن سواء من خلال التجسس التقني المتواصل على مدار الساعة ويشمل كل شيء في اليمن، أم من خلال شبكات العملاء الجاري تجنيدهم بصورة متواصلة، أم من خلال التقاط الاشارات الناجمة عن أخطاء معينة كل هذا العمل يقود الفرق العاملة في الاستخبارات العسكرية لهذه الدول الى نتيجة واضحة: ثمة نشاط غير مسبوق يجري داخل اليمن من أجل إنتاج هذه القدرات، ولم يعد الامر يتعلق بعملية تهريب لأسلحة نوعية من خارج الحدود، علماً بأن عمليات المراقبة جارية لكل المنافذ نحو مناطق سيطرة أنصار الله، ويستخدم فيها محور العدوان كل الوسائل التقنية والبشرية والأمنية ويجري ذلك جواً وبراً وبحراً، وهذا ما يجعل الامور معقدة أكثر بالنسبة إلى دول العدوان بشأن كيفية وصول أنصار الله الى هذا المستوى من التقدم التقني غير المتناسب مع تاريخهم العسكري من جهة، ومع قدرات اليمن الحالية من جهة ثانية...ولذلك، يكون هؤلاء أكثر راحة وهم يفركون رؤوسهم الحائرة، ويصرخون: إنها إيران!
ما يجب أن يعرفه هؤلاء أن لدى قيادة أنصار الله تصورات وقواعد وروادع وحسابات تحدّ من قدرة قواتها العسكرية على العمل في أماكن شديدة الحساسية عند الأعداء. لكن هذه القواعد تسقط تباعاً، متى صارت الضرورات مبيحة للمحظورات... وعندها لا تبقى هناك خطوط حمر ولا ما يحزنون!
قراءة: إبراهيم الأمين
المزيد في هذا القسم:
- صفقة سقوط المكلا..التحام القاعدة والإخوان والحلف باشراف الرياض-بنود الاتفاق الوطن اليمنية تجلت المسرحية الهزيلة حول سقوط مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت منذ الخميس الماضي وباشراف العربية السعودية التي تحتل سماء اليمن وبحره وتقصف على مدار الساعة منذ ...
- شهداء وجرحى بينهم أطفال في غارات هستيريه للعدوان في صنعاء وحجة المرصاد نت - متابعات ارتكب العدو السعودي مجزرة جديدة في قرية المديد بمديرية نهم شمالي اليمن راح ضحيتها 16 شهيداً واكثر من25 جريحاً واستهدف الطيران السع...
- تسوية مرتقبة للأزمة اليمنية.. شخصيتها الجديدة "خالد بحاح" المرصاد نت - متابعات أثارت طريقة استقبال ووصول رئيس الوزراء السابق خالد محفوظ بحاح إلى مطار الريان بالمكلا جنوب البلاد جدلاً واسعاً في الشارع اليمني حيث اس...
- في ذكرى رحيلِ المستعمر البريطاني .. الحراكُ يصطدمُ بـ 'المحتليين الغزاة ' المرصاد نت - متابعات انعكسَ حجمُ الخلافات بين تيّارات الحراك الجنوبي بسبب تدخلات العدوان على فعاليات ذكرى الاسْتقلَال حيث اتجهت السلطات الموالية للاحْتلَال إل...
- لقاء يجمع المجلس السياسي لأنصار الله وتكتل القوى السياسية المناهضة للعدوان المرصاد نت - صنعاء عقد في العاصمة صنعاء اليوم الأربعاء لقاء للمجلس السياسي لأنصار الله وتكتل القوى والتنظيمات السياسية المناهضة للعدوان حول سبل مواجهة المت...
- الاتحاد الأوروبي يعلن استئناف برنامج المساعدات ويدعو لحوار يوقف العدوان المرصاد نت - متابعات شددت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن ماريا أنتونا كالافو اليوم الإثنين على أن الحل في اليمن هو سياسي سلمي عبر الحوار والمفاوضات للتو...
- تكليف المروني قائداً للقوات الخاصة خلفاً للغدراء . تم تكليف العميد عبد الرزاق المروني المساعد السابق لقائد قوات الامن الخاصة اليوم الخميس القيام بمهام قائد قوات الأمن الخاصة ” الامن المركزي سابقا” خلفا للواء محم...
- في اجتماعه الأول مجلس الإنقاذ اليمني ينسف كل إتفاقيات الحدود مع السعودية ويدعو للتخلص من ا... المرصاد نت - متابعات عقد أعضاء مجلس الإنقاذ اليمني "تحت التأسيس" أمس الخميس الموافق التاسع من يوليو ٢٠٢٠م على إحدى منصات شبكة التواصل الإكترونية المُغلقة...
- لجنة سعودية إماراتية مشتركة لتثبيت وقف إطلاق النار في أبين وشبوة جنوب اليمن! المرصاد نت - متابعات زعم حساب شهير بتسريباته السياسية من الإمارات أن وفدا عسكريا من السعودية زار أبوظبي سراً في زيارة سريعة تم خلالها تنسيق المواقف والت...
- تصاعد الغضب الشعبي في المحافظات الجنوبية يربك حسابات التحالف! المرصاد نت - متابعات تصاعدت وتيرة الفعاليات المناهضة لتواجد التحالف في المحافظات الجنوبية وخلال الأيام القليلة الماضية شهدت مدينة عدن فعاليتين طالب فيهما المح...