المرصاد نت - متابعات
وجدت الرياض نفسها عرضة للخطر على مستوى غير مسبوق. وكل ما بوسعها فعله الآن هو وقف قصف صنعاء لأراضيها وتسريع المحادثات حول التوافق السياسي في المستقبل.
أوشكت حرب اليمن على الانتهاء. حيث اعترف مسؤول سعودي في هذا الأسبوع أنه للمرة الأولى منذ عام 2016م الرياض تخوض محادثات مع الحوثيين. برزت المحادثات للعيان على الرغم من أن الحوثيين هم المسؤولون عن العاصمة صنعاء والأجزاء الأخرى الأكثر اكتظاظاً بالناس في شمال اليمن مما يدل على أن السعوديين يتأقلمون مع هذا الوضع الراهن. وقد تم التخلي عن النهج الراديكالي لطرد الحوثيين من الشمال. ولكن من ناحية أخرى النهج الجديد لقبول الحوثيين كجزء من واقع ما بعد الحرب الجديد في اليمن هو أمر معقد أكثر بكثير.
تبدو السعودية أكثر انفتاحاً على نوع من التعايش مع الحوثيين في شمال اليمن من خلال السيطرة عليهم من إيران. بعد توقيع اتفاق الرياض لتقاسم السلطة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة في عدن تبدو السعودية والإمارات مستعدتين للانتقال للخطوة التالية في حربهما الروتينية في اليمن.
وبدلاً من القتال الذي لا ينتهي، تحاول السعودية إقناع الحوثيين بقطع علاقاتهم مع منافسها الإقليمي إيران. وفي الأخير كل ما يريده الحوثيون هو الحصول على شرعية لوضعهم الاستراتيجي في اليمن. هذا في نظرهم يجب أن يرد ذكره في شيء مشابه لاتفاق تقاسم السلطة الذي يضمن حصتهم في اتحاد يشبه النظام الجديد الذي يضم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والانفصاليين في الجنوب.
السعوديون محقون نوعاً ما في تبني مثل هذا التحول الاستراتيجي في سياستهم. فبعد ما يقارب 5 أعوام من الحرب التي نجم عنها أكثر من 100,000 ضحية وأسوأ أزمة إنسانية في العالم وقد أثرت أيضاً على صورة البلد أمام المسرح العالمي، هنالك حاجة ملحة إلى حدوث تغيير. ........... ولكن هذه ليست المحفزات الوحيدة وراء هذا التغيير.
كان الهجوم على منشأتي “أرامكو” السعودية للنفط في سبتمبر -والتي خفضت نصف إنتاج المملكة - بمثابة نقطة تحول. أطلقت “أرامكو” في هذا الأسبوع العرض العام الأولي ليتم إدراجه في سوق الأسهم المحلي، متخلية عن خطة محمد بن سلمان الأصلية لإدراجه في الأسواق الخارجية. وبدأ التصعيد مع إيران يحدث تأثيراً مباشراً على الاقتصاد السعودي.
وعلاوة على ذلك فإن حرب اليمن تعد تاريخية لأنها كشفت الضعف الجيوسياسي والوطني للسعودية. بالإضافة إلى الفجوات الكبيرة في استراتيجيتها الدفاعية وجدت السعودية نفسها ضعيفة على مستوى غير مسبوق. فطيلة العامين الماضيين (لاسيما بعد أن بدا أن بشار الأسد متجه نحو نصر حاسم على خصومه في سوريا) كانت إيران تحكم قبضتها على العراق واليمن. وهذا يعني محاصرة فعلية للسعودية من الشمال والجنوب.
يرسم تداخل الخطوط الاستراتيجية في المساحة الواسعة بين البحر الأحمر والخليج الفارسي والبحر الأبيض المتوسط في الشمال وخليج عدن في الجنوب، هرماً مقلوباً. ترتكز القاعدة على “الممر الاستراتيجي” لإيران بين طهران وبيروت، ويقع رأسها في العاصمة اليمنية صنعاء.
لقد أصبحت السعودية الآن (والدول الخليجية الأخرى الأصغر) رهينة في هذا القتال. من العدل نوعاً ما القول بأن السعوديين وحلفاءهم في الإمارات قد تُرِكوا وحيدين تماماً في مواجهة نفوذ إيران المتزايد. ويشعر المسؤولون في كلا البلدين بأنهم معرضون للخطر تماماً بسبب فشل ترامب في تأكيد أية ضمانات أمنية قوية من الولايات المتحدة. ويبدو المجتمع العربي كله بعيداً عن الأنظار، ولا توجد رغبة في بلدان كمصر على سبيل المثال للإلقاء بثقلهم خلف بعض الأخوة العربية ضد “الهيمنة الفارسية” كما يسميها كثيرون في الخليج.
تبدو النتائج غامضة. يسترجع بؤس العالم العربي - في ظل القيادة السعودية الافتراضية- هلاك الرجل المريض “الإمبراطورية العثمانية”. حيث استنفدت سلسلة من الانتفاضات الشعبية والحروب الأهلية المنطقة وأعطت تذكرة مجانية لإيران لمواجهة منافسيها السنيين بوتيرة ونطاق غير مسبوقين.
لكن موجة التصعيدات الثانية المستمرة هذه من الانتفاضات هي وحدها التي يمكن أن تمهد السبيل للخروج من اليأس بالنسبة للسعودية.
بينما تبدو إيران مشغولة بمحاولة إيجاد طريق لقمع الاحتجاجات القاسية التي تشكل تهديداً مباشراً لنفوذها المستمر منذ فترة طويلة في العراق ولبنان بدأت قبضتها على الحوثيين ترتخي. فلا تترك العقوبات الأمريكية التي أعاد فرضها ترامب على إيران في السنة الماضية بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، أية مساحة لآية الله للتدخل في خطة لدعم حلفائهم الشيعة في اليمن ولبنان والعراق (طالما لا تفكر إيران في شن غزو عسكري لسحق الانتفاضة في بغداد والمدن الأخرى في الجنوب، الأمر الذي لايزال على الطاولة).
من الناحية الأخرى لاتزال السعودية تتمتع بهيمنة اقتصادية كبيرة. عبر اتفاق اقتصادي ضخم (مشابه للحوافز الاقتصادية في الجنوب كجزء من اتفاق الرياض) يجب أن يتخذ السعوديون خطوة باتجاه الإيرانيين قبل الشروع في أية محادثات مع إيران عبر الرئيس الباكستاني عمران خان، أو مبادرات الوساطة لإيمانويل ماكرون. وبعد كل شيء كان إجراء محادثات مباشرة مع الحوثيين هو دائماً الطريقة الأمريكية للمضي نحو وقف الحرب.
لأن هذا النهج قد يبدو أنه يعتمد بدرجة كبيرة على ما إذا كان سيؤتي ثماره فعلياً، يتحرك السعوديون وحيدين في مياه مجهولة في اليمن بعد انسحاب القوات الإماراتية في وقت سابق من هذه السنة.
في حين أن الواقع لا يقدم الكثير للسعوديين إلا أن كل ما بوسعهم فعله بالنسبة للآن هو وقف قصف الحوثيين والتعجيل بالمحادثات معهم بشأن التوافق السياسي في المستقبل بالإضافة إلى التخلي عن سلاحهم الثقيل وأمن الحدود، مع الصلاة من أجل انتفاضات اللبنانيين والعراقيين للحفاظ على زخمهم.
(أحمد عبودة – فـورين بوليسـي)
المزيد في هذا القسم:
- كسر زحف للمرتزقة باتجاه جبل الناصب بمريس بالضالع متابعات : كسر الجيش اليمني واللجان الشعبية اليوم الأحد محاولة زحف لمرتزقة العدوان السعودي الأمريكي باتجاه جبل الناصبالمطل على منطقة ناصة التابعة لمديرية مريس ...
- عوائل يمنية ترفع دعاوى دولية لملاحقة بن سلمان ومسؤولين إماراتيين المرصاد نت - متابعات كشف خالد الشيباني رئيس المركز العربي لحقوق الإنسان ومناهضة الإرهاب - آشا عن تحضير واعداد لرفع عدد من القضايا ضد مسؤولين كبار في السعودية ...
- لقاء تربوي لرفض التدخل الخارجي وتأييد قرارات اللجان الثورية لتصحيح الاختلالات بمكتب التربي... عقد بمحافظة صنعاء اليوم لقاء موسع للقيادات التربوية والتعليمية بالمحافظة للتعبير عن رفض التدخل الخارجي في شئون اليمن الداخلية وتأييدا لقرارات اللجان الثورية ل...
- الوفد الوطني يغادر العاصمة صنعاء في طريقة للكويت لاستئناف الحوار المرصاد نت - المسيرة اتجه الوفد الوطني برئاسة محمد عبد السلام رئيس وفد أنصار الله وعارف الزوكا رئيس وفد المؤتمر الشعبي العام اليوم الخميس إلى عمان ومنها إلى ال...
- الاندبندنت: أحلام السعودية للهيمنة جلبت الفوضى المرصاد نت - متابعات قالت صحيفة الاندبندنت البريطانية في تقرير لها ان حلم السعودية بان تصبح قوة عظمى في العالمين العربي والاسلامي قد ذهب ادراج الرياح حيث انه ...
- الإندبندنت: مبيعات أسلحة بريطانيا وأمريكا وفرنسا للسعودية تقتل 13 ألف يمني المرصاد نت - متابعات في الوقت الذي يستعد فيه أكبر معرض أسلحة في العالم لفتح أبوابه في لندن تواجه الحكومة البريطانية انتقادات جمة من عدة منظمات حقوقية حيث بلغت...
- بعد 40 يوماً من اتفاق السويد.. هدنة الحديدة إلى أين؟ المرصاد نت - متابعات مضي 40 يوماً على اتفاق السويد بين الوفد الوطني ووفد حكومة هادي لوقف اطلاق النار في الحديدة في ظل الخروقات المستمرة لقوى العدوان ومرتزقته ...
- عودة الحياة إلى اتفاق الحديدة: البحر بدلاً من البر ! المرصاد نت - متابعات بعد انقطاع دام قرابة شهر استؤنفت يوم أمس اجتماعات «لجنة تنسيق إعادة الانتشار» في الحديدة ولكن هذه المرة على متن قارب بحري تاب...
- اليمنيون في رمضان: تلاحم وتراحم وتكافل ..الوجه الآخر للصمود في وجه العدوان المرصاد نت - متابعات بشاعة العدوان ووحشية المعتدين لم تتوقف حتى في شهر رمضان المبارك فما زال القصف مستمراً فوق رؤوس الأبرياء من المدنيين في عموم محافظات الجمه...
- مركز السياسة الدولية: أحداث عدن أكدت هشاشة سلطة هادي والجنوبيين متشتتون المرصاد نت - متابعات رأى مركز السياسية الدولية أن الاشتباكات التي وقعت بمدينة عدن الساحلية جنوب اليمن أظهرت ثقة الانفصاليين في موقفهم على الأرض و نفاذ صبرهم ع...