مأساة اليمن الإنسانية.. مخاوف أممية من توقف المساعدات الإغاثية!

المرصاد نت - متابعات

لم يعد هناك صوتٌ في الفترة الأخيرة يعلو صوت العراقيل التي تستهدف مجال العمل الإنساني وهو ما يؤدي إلى إقدام عديد الأطراف إلى التوقُّف عن تقديم هذه المساعدات.UN Yemen2020.2.15

التحالف السعودي ارتكب على مدار السنوات الماضية الكثير من الجرائم والانتهاكات التي أعاقت توزيع المساعدات الدولية وهو ما أدّى إلى إقدام العديد من الأطراف إلى التحذير بتعليق هذه المساعدات التي لم تسلم من النهب والسطو من قبل أطراف الصراع. الجرائم والانتهاكات فاقمت من الأزمة الإنسانية في اليمن وهي مُصنّفة بأنّها الأسوأ على مستوى العالم حسبما توثّقه التقارير والبيانات الدولية.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش شدَّد على ضرورة الحفاظ على استمرارية العمليات الإنسانية في اليمن والتي تجري في ظروف مليئة بالتحديات.

وقال ستيفان دوجاريك الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة في بيان له إنّ جوتيريش يتابع الأوضاع الإنسانية في اليمن عن كثب. وأضاف دوجاريك: "الأمين العام يشدد على أهمية الحفاظ على استمرارية العمليات الإنسانية التي تتم في ظروف مليئة بالتحديات ولكنها توفر مساعدات منقذة للحياة لملايين اليمنيين". وأكّد دوجاريك دعم الأمين العام للحوار المتواصل بين جميع الأطراف المعنية في اليمن لضمان وصول المساعدة إلى كل من يحتاج إليها بما يتوافق مع المبادئ الإنسانية.

تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة تأتي في وقتٍ كشف فيه مسؤولون أمريكيون لصحيفة "واشنطن بوست" أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس تعليق جزء كبير من مساعداتها الإنسانية لليمن كرد على القيود التي يفرضها أطراف الصراع والتي تشمل سرقة المساعدات وتمويلها لمقاتليهم في الجبهات بالإضافة إلى الانتهاكات والمعاملات السيئة التي يمارسونها ضد عمال ومسؤولي المنظمات الإنسانية.

وكان فريق لجنة الخبراء التابع للأمم المتحدة كشف في تقريره السنوي أنّ ما يثير القلق بشكل خاص هو اشتراط سلطة صنعاء على أن 2٪ من ميزانية كل مشروع إنساني تمت الموافقة عليه ستذهب لصالح العمليات العسكرية.

وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية إنّ الولايات المتحدة تنسق مع الدول المانحة الأخرى ومنظمات الإغاثة بشأن ردود محتملة على "الضريبة" التي تفرض على مشروعات المساعدة وغيرها من الإجراءات الجديدة في مناطق سيطرة سلطى صنعاء. وذكر المسؤول الأمريكي الرفيع: "نحن في وضع مؤسف ونحاول جاهدين حل المشكلة (..) وإذا تم اتخاذ مثل هذا الإجراء فسيتم فرضه بسبب إعاقة وسرقة المساعدات". وأضاف أنّ تعليق أو تقليص المساعدات في المناطق التي تسيطر عليها سلطة صنعاء ستكون مسألة محورية بالنسبة للولايات المتحدة والجهات المانحة الأخرى وذلك عندما تجتمع الدول المانحة ومجموعات الإغاثة في بروكسل هذا الأسبوع.

وكشف فريق لجنة الخبراء التابع للأمم المتحدة في تقريره السنوي أنّ سلطة صنعاء تمارس عمليات اعتقال وتخويف للعاملين في المجال الإنساني ونهب المساعدات وتحويلها الى مقاتليهم بالجبهات وكذلك الاستيلاء غير القانوني على الممتلكات الشخصية للعاملين في المجال الإنساني والممتلكات التابعة للمنظمات الإنسانية في صنعاء وعدم احترامهم استقلال المنظمات الإنسانية بالإضافة إلى العديد من العوائق الإدارية والبيروقراطية بما في ذلك التأخير في الموافقة على الاتفاقات الفرعية لمدة تصل إلى 11 شهرًا والاجتماعات والمفاوضات المستهلكة للوقت مع "الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث" التابعة لحكومة صنعاء.

وقال أحد عمال الإغاثة المطلعين على العمليات في اليمن لصحيفة "واشنطن بوست" إنَّ هذه الانتهاكات قد وصلت إلى "درجة الحمى" لكنه وصف ضريبة الـ 2% بأنها "خط أحمر" تضاعف من مخاوف جماعات الإغاثة. ويؤكّد المسؤولون المطلعون على المناقشات أنّ إدارة ترامب قد أبلغت المنظمات الإنسانية بالفعل أن التعليق في حال تم إقراره سيدخل حيز التنفيذ في 1 مارس المقبل.

ويعرب المسؤولون الإنسانيون الذين خفضوا المساعدات بالفعل بسبب القيود عن قلقهم من أن تؤدي عمليات الإيقاف على نطاق واسع إلى تفاقم الظروف المأساوية بالنسبة لليمنيين. وكانت مصادر مطلعة قد كشفت أنّ المساعدات المقدمة لليمن ستخفض في شهر مارس المقبل في خطوة غير معتادة لأن المانحين والمنظمات الإنسانية لم يعد بإمكانها ضمان وصول المساعدات لمن يستحقها.

وأضافت المصادر حديثها لوكالة رويترز أنَّ "السلطات في شمال  البلاد حيث يقيم أغلب اليمنيين المعتمدين على المساعدات تعطل جهود توصيل الغذاء ومساعدات أخرى لمن يستحقونها بدرجة لم تعد محتملة". وصرّح مسؤول أممي بارز: "مناخ العمل في شمال اليمن تراجع بدرجة كبيرة في الأشهر القليلة الماضية حتى أنّ العاملين في القطاع الإنساني لم يعد باستطاعتهم إدارة المخاطر المتعلقة بتوصيل المساعدات بالكميات الراهنة". وأضاف: "ما لم يتحسن الوضع فإنّ المانحين والعاملين في المجال الإنساني لن يكون أمامهم خيار سوى خفض المساعدات وسيشمل ذلك خفض بعض المساعدات الغذائية التي يشرف عليها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة والتي تطعم أكثر من 12 مليون شخص كل شهر".

وتصف الأمم المتحدة الوضع في اليمن بأنه أكبر أزمة إنسانية على وجه الأرض وتقول إن الملايين هناك يقتربون من الموت جوعًا وعلى مدار العام الماضي شكت وكالات الإغاثة علنًا وسرًا من سوء ظروف العمل والافتقار لتصاريح السفر وقيود أخرى على الدخول ما ترك العاملين في حالة سخط وغير قادرين على العمل بكامل طاقتهم.

وفي سياق متصل قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أمس الخميس، إن هناك موجة حادة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية باليمن. وذكر مكتب البرنامج في اليمن على حسابه بموقع “تويتر”، أن “هناك موجة أخرى حادة تشهدها اليمن من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواد الأخرى الضرورية”. وأضاف البرنامج “تصبح هذه المواد يوماً بعد آخر خارج متناول ملايين اليمنيين”.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت مطلع الأسبوع الجاري نيتها خفض المساعدات الإنسانية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة صنعاء بسبب مزاعم وشكوك من عدم وصول تلك المساعدات إلى مستحقيها.

أمين عام المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية التابع لحكومة صنعاء، عبدالمحسن طاووس، قال إن بعض المنظمات الأممية تمارس دوراً سياسياً، وتستخدم المساعدات الإنسانية كورقة تهديد وذلك بعد إعلان المنظمات تخفيض حجم مساعداتها الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة صنعاء وأضاف إن “إعلان منظمات أممية بوقف المساعدات الإنسانية جاء بالتزامن مع ما يحدث من انتصارات في مأرب والجوف”.

وأوضح أن المساعدات التي تصل إلى اليمنيين لا ترقى إلى 20 % من الاحتياجات مشيراً إلى أن منظمات أممية تتعمد عدم التنسيق مع المجلس وبعضها تتلقى ضغوطاً من منسق الأمم المتحدة في اليمن. وأضاف أن أغلب الأموال التي تنفق من قبل المنظمات تذهب لصالح عملها وليس للمتضررين مطالباً المنظمات بالالتزام بالأطر الرسمية المخصصة للعمل الإنساني.

وطالب بسرعة التخلص من المواد الفاسدة وإتلافها بسرعة نتيجو سوء التخزين من قبل المنظمات في حجة وتعويض المواد التالفة لأن ذلك حق للشعب اليمني. وقال طاووس إن شراء المنظمات للأغذية من السوق المحلي هو أحد الحلول لمعالجة سوء التخزين والتوزيع من قبل المنظمات مشيراً إلى أن المجلس حريص على تحسن أداء المنظمات، وإستمرار المخالفات ستقابل بإجراءات صارمة.

 

المزيد في هذا القسم: