الاعتداءت الاسرائيلية ومشروع السيطرة التركية – الأمريكية على أراضي سوريا !

المرصاد نت - متابعات

تصدت الدفاعات الجوية السورية لعدوان جوي إسرائيلي استهدف المنطقة الجنوبية ومنعته من تحقيق أي من أهداف فيما اعلن جيش الاحتلال اعتراض صاروخين فوق الجولان المحتل. جاء ذلكDascuas2019.1.20 بعد تفجير ارهابي بسيارة مفخخة استهدف نقطة عسكرية قرب المتحلق الجنوبي بمحيط العاصمة دمشق دون وقوع ضحايا.

مصدر عسكري سوري اعلن أن الدفاعات الجوية للجيش السوري احبطت هجوماً جوياً إسرائيلياً أستهدف المنطقة الجنوبية ومنعته من تحقيق أي من أهدافه. يأتي هذا الاعتداء بعد 9 ايام على اعتداء اسرائيلي جوي آخر على مواقع في محيط العاصمة دمشق حيث تصدت له الدفاعات الجوية واقتصرت اضراره على إصابة أحد المستودعات في مطار دمشق الدولي. فيما تمكنت الدفاعات السورية من اسقاط معظم الصواريخ الاسرائيلية.

بدورها اعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الدفاعات الجوية السورية باستخدام أنظمة من طراز "بوك" و"بانتسير" أسقطت 7 صواريخ إسرائيلية أطلقت على مطار بجنوب شرق دمشق.

ومنذ بدء الحرب على سوريا في 2011 قصف الكيان الإسرائيلي مراراً أهدافاً في سوريا كان آخرها في الـ11 من الشهر الحالي في مطار دمشق الدولي. ونادرا ما يعلق الكيان الاسرائيلي على استهداف سوريا إلا أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أقر الأسبوع الماضي بشن الغارة الاسرائيلية في الحادي عشر من الشهر الجاري زاعما انها استهدفت "مستودعات أسلحة" في مطار دمشق.

وتشهد جبهة القنيطرة حالة من التوتر بعد الاعتداء الإسرائيلي الفاشل اليوم على محيط دمشق حيث شهدت الجولان المحتل تبادل عدد من القذائف بين الجانبين السوري والإسرائيلي. واثر تلك التطورات قال الاعلام الاسرائيلي ان ما يسمى بالقبة الحديدية تصدت لصاروخ اطلق باتجاه الجولان السوري المحتل انطلاقا من الاراضي السورية.

وزعم الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي ادرعي على صفحته الرسمية عبر "تويتر": "تم رصد إطلاق قذيفة صاروخية نحو منطقة شمال هضبة الجولان حيث تم اعتراضها من قبل منظومة القبة الحديدية" مشيرا إلى أن جيش الاحتلال دفع بتعزيزات أمنية إلى مكان سقوط القذيفة، للقيام بأعمال بحث وتفتيش حسب قوله.

وفي محيط العاصمة دمشق وقع تفجير إرهابي بسيارة مفخخة استهدف نقطة عسكرية بالقرب من المتحلق الجنوبي للمدينة دون وقوع ضحايا وأكدت وكالة سانا إلقاء القبض على إرهابي. وقال الإعلام الحربي إن الأجهزة الأمنية أحبطت محاولة تفجير ثان بتفكيك عبوة ناسفة؛ واضافت شبكة الإعلام الحربي إن ما تسمى "سرية أبو عمارة" الارهابية تبنت التفجير.

وافاد مصدر عسكري ان الحياة عادت الى طبيعتها في العاصمة دمشق وجميع الطرق المؤدية الى منطقة المتحلق الجنوبي. ولفت المصدر الى انه تم تأمين المنطقة واعادة فتح جميع الطرق بالقرب من منطقة وقوع التفجير بعد تأمين المنطقة بشكل كامل من قبل قوى الأمن. ويعتبر هذا التفجير هو الأول بعد اعلان مدينة دمشق وريفها مدينة آمنة وخالية من الارهاب والارهابيين حيث تحاول الجماعات الارهابية احداث ارباك امني في العاصمة بعد عودة الحياة فيها الى طبيعتها.

الى ذلك كشفت صحيفة "ساندي تايمز" البريطانية بعد مقابلة صحفية أجرتها مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الذي انتهت دورة تسلمه لهذا المنصب قبل أسبوع الفريق غادي آيزنكوت، أنه لأول مرة منذ بداية الحرب في سوريا، يعترف علناً بأنه قدم أسلحة للجماعات المسلحة والإرهابية المسلحة التي كانت تتخذ مواقع لها قرب شريط فض الاشتباك في الجولان.

ويشكل هذا الاعتراف أول تأكيد رسمي "إسرائيلي" لكل ما كانت وسائل الإعلام السورية تعلن عنه وتشير فيه إلى دور الاحتلال الإسرائيلي في تسليح الجماعات المسلحة التي كانت تعمل ضد الجيش السوري في منطقة جنوب سورية بما في ذلك منطقة درعا والقنيطرة.

ولم يكتف آيزنكوت بالإقرار بتسليح المسلحين فقط بل أقر في المقابلة نفسها أن الجيش الإسرائيلي قصف مواقع داخل سورية بحجة أنها لجنود إيرانيين بألفي صاروخ وقذيفة في عام 2018 فقط وأنه لم يصرح عن هذه العمليات علناً بل كان يتركها لما تذكره وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربية من دون ذكر المصدر الرسمي الإسرائيلي.

وكانت مجلة "فورين بوليسي" الإلكترونية الأميركية قد أعدت تقريراً في أيلول الماضي حول الدور الإسرائيلي في تقديم السلاح والذخيرة للجماعات المسلحة ذكرت فيه أن "إسرائيل" كانت تدفع رواتب شهرية لعدد من الميليشيات إضافة إلى المعدات العسكرية والأسلحة والذخائر، لكن "إسرائيل" لم تعلق على هذا التقرير في حينه رغم أن الجيش السوري كان قد ذكر منذ عام 2013 أنه صادر أسلحة وذخائر إسرائيلية كانت الميليشيات المسلحة تتلقاها من "إسرائيل" وكان من بينها عربات مسلحة وأسلحة أميركية.

لكن انتصارات الجيش العربي السوري وحلفائه المتتالية جعلت الكيان الاسرائيلي يفقد وجود هذه الجماعات المسلحة وتحديداً بعد تطهير منطقة جنوب سوريا في درعا والقنيطرة فبدأ يلجأ إلى شن غارات ضد أهداف داخل سوريا، ولا يعلن مسؤوليته عنها.

وفي ظل هذه المعطيات يرى خبراء ومحللون سياسيون ان وقوع الاعتداء الارهابي بمحيط دمشق قبل ساعات قليلة على الاعتداء الاسرائيلي قرب دمشق وتبني جماعات مسلحة له يدل على وجود تنسيق بين الطرفين ربما لمحاولة تعكير صفو الامن والاستقرار في دمشق واظهار ان الحرب لم تنته بعد ولكن الشعب السوري تجاوز الاعتداءين في دقائق وعادت الحياة الى طبيعتها.

سورية ومشروع الحرب التركي – الأمريكي… المنطقة الآمنة لماذا الآن!؟

وتزامناً مع استمرار حالة الغموض حول الانسحاب الأمريكي من منطقة شمال شرق وشرق سورية وتصاعد حدّة التهديدات والتحذيرات بين جميع الاطراف حول مستقبل المنطقة التي سيخليها المحتل الأمريكي أعلن في شكل مفاجئ من أنقرة وواشنطن عن خطط لتحويل هذه المنطقة لـ منطقة "آمنة"..

وحسب الأعلان التركي – الأمريكي وحسب مصادر مطلعة فإن المنطقة الآمنة تشمل مدنا وبلدات من محافظات حلب والرقة والحسكة وتمتد على طول 460 كيلومترا على طول الحدود التركية السورية، وبعمق 20 ميلا (32 كيلومترا). وأبرز المناطق المشمولة في المنطقة الآمنة المناطق الواقعة شمالي الخط الواصل بين قريتي صرّين (محافظة حلب) وعين عيسى (محافظة الرقة). كما تضم المنطقة الآمنة مدينة القامشلي وبلدات رأس العين وتل تمر والدرباسية وعامودا ووردية وتل حميس والقحطانية واليعربية والمالكية (محافظة الحسكة). وكذلك ستضم المنطقة كلا من عين العرب (محافظة حلب) وتل أبيض (الرقة).

وهنا نستطيع أن نقرأ بوضوح وخصوصاً بعد الأعلان التركي – الأمريكي هذا أنّ القوى الاقليمية والدولية وخصوصاً أمريكا وتركيا قد عادت من جديد لتمارس دورها في إعادة صياغة ورسم ملامح جديدة لأهدافها واستراتيجياتها المستقبلية بهذه الحرب المفروضة على الدولة السورية بكلّ أركانها وما هذا التطور إلا جزء من فصول سابقة، عملت عليها الاستخبارات التركية والأمريكية منذ سنوات عدة ولليوم، فهي عملت على إنشاء خطط بديلة  بحال تعثر خططها العسكرية ،والعودة للحديث الآن عن المناطق الآمنة يؤكد حقيقة تبني مشروع الحرب على سورية من قبل تركيا وأمريكا ووضع كل السيناريوهات اللازمة لانجاح واشنطن في مايو / أيار 2013، والعودة لتبنيها اليوم يؤكد حقيقة ان مشروع الحرب على سورية لم ينتهي لليوم ومازالت دوائر الاستخبارات العالمية المنخرطة بالحرب على سورية تضع كل خططها البديلة موضع التنفيذ والتفعيل حال الحاجة لها .

ما وراء الكواليس لما يجري في أنقرة وواشنطن اليوم يظهر انّ هناك مشروعاً تركياً – أمريكياً قد اقر يستهدف البدء بانشاء هذه المنطقة وما مغازلة الأكراد الاخيرة لانقرة وبضغط من واشنطن ،ما هو الا دليل يؤكد ان الظروف على الارض قد باتت مهيأه لانشاء هذه المنطقة وبحجج واهية وهذه الحجج حسب مراقبين تدخل ضمن إطار الدخول المحتمل للجيش التركي أو أي قوات اخرى إلى الأراضي السورية وإقامة مناطق "آمنة" ستتحول لمناطق حظر جوي بأقصى الشمال والشمال الشرقي السوري وكلّ هذا سيتمّ بحجج إعادة اللاجئين السوريين الى وطنهم وتوفير مناطق آمنة لهم، وهنا وفي شق آخر يبدو واضحاً انّ هذا المسعى التركي- الأمريكي المدعوم بأجندة إقليمية ودولية لإقامة مناطق "آمنة" بشمال سورية، سيصطدم بمجموعة «لاءات» روسية – ايرانية، فهذا المسعى يحتاج الى قرار أممي لتمريره والفيتو الروسي – الصيني حاضر دائماً إضافة الى «لاءات» إيران المعارضة لأيّ تدخل خارجي بسورية تحت أيّ عناوين وعلينا هنا الا ننسى انّ الجمهورية العربية السورية ما زالت بما تملكه من قدرات عسكرية قادرة على إسقاط أيّ مشروع علني لتدخل خارجي مباشر أو غير مباشر بسورية.Turkiaarmy2019.1.20

ختاماً، نقرأ أنّ أنقرة وواشنطن قد بعثت بكلّ رسائلها لكلّ الاطراف وخصوصاً للدولة السورية والروسية ولإيران بأنّ هناك تغيرات كبرى منتظرة على الارض السورية وهذا ما ترفضه في شكل قاطع كلّ من روسيا وإيران وحتى بعض الدول المحايدة في الملف السوري نوعاً ما وهذا ما قد يحتم على الدولة السورية وبدعم من حلفائها في الآتي من الأيام للردّ المباشر على تركيا وأمريكا إنْ اقتربت من الخطوط الحمر بالشمال والشمال الشرقي السوري ومن هنا فإنّ المرحلة المقبلة تحمل العديد من التكهّنات والتساؤلات حول تطور الأحداث على الجبهة الشمالية السورية التي أصبحت ساحة مفتوحة لكلّ الاحتمالات والآتي من الأيام من الأرجح سوف يحمل المزيد من الأحداث المتوقعة وغير المتوقعة ميدانياً وعسكرياً على هذه الجبهة تحديداً.

إنشاء منطقة عازلة .. ضمانات واشنطن ومصالح تركيا

إن خطة إنشاء منطقة عازلة ليست قضية جديدة فمنذ بداية الأزمة السورية، قام الجانب التركي بتقديم العديد من الطلبات لإنشاء تلك المنطقة العازلة، إلا أن هذه الطلبات تم رفضها من قبل جميع الجهات الفاعلة في الأزمة السورية، ولا سيما أمريكا وبناء على ذلك، قام الرئيس "أردوغان" بإبلاغ الأمم المتحدة أن الجيش التركي مستعد للمشاركة في عمليات بناء ملاجئ وأماكن آمنة للاجئين والفارين من هجمات الجماعات الإرهابية إلا أن "أنقرة" لم توفّق في إقناع جميع الأطراف للقبول والمشاركة في عمليات البناء هذه وبعد مرور عدة سنوات ومع بدء المرحلة الثالثة من العمليات العسكرية التركية أُجبرت أمريكا على الرضوخ للمطالب التركية والموافقة على إنشاء منطقة عازلة ومنح "أردوغان" كل الضمانات اللازمة بأن الأكراد لن يشكلوا أي تهديد على أمن الحدود التركية.

وفي هذا الصدد، قال "جيمس ستافريديس" الأدميرال المتقاعد والقائد السابق في قوات حلف "الناتو" يوم الجمعة الماضي في مقابلة إذاعية له: "إن ما نحتاجه في وقتنا الحالي هو إنشاء نوع جديد من الحواجز بين تركيا وسوريا بحيث تتمكن قوات تابعة للأمم المتحدة بالقيام بدوريات في تلك المنطقة أو أن تكون تلك المنطقة تحت مراقبة أمريكا وروسيا ويمكن للأتراك أن يكونوا في جهة والأكراد السوريين في الجهة الأخرى ولهذا فإننا في النهاية سنحتاج إلى إنشاء منطقة عازلة".

وبالنظر إلى جميع كل تلك الحقائق فإنه يمكن القول هنا أن الاتفاق التركي الأمريكي بشأن إنشاء منطقة عازلة لن يكون قادراً على إزالة مخاوف تركيا وذلك لأن "أنقرة" تعتبر تصريحات الرئيس "ترامب" تهديداً لسيادتها وحقّها في تأمين حدودها مع سوريا وفيما يتعلق بالسؤال القائل هل ستأخذ تركيا تهديدات الرئيس "ترامب" على محمل الجد؟ فإنه يمكن القول هنا بأن تركيا تمكّنت خلال الفترة السابقة من استغلال التنافس الروسي الأمريكي في المنطقة السورية لمصلحتها بحيث إن هاتين القوتين لم تعارضا الوجود العسكري التركي شمال سوريا خلال السنوات الماضية، لكن المعارضة الحالية لـ"ترامب" تبدو مختلفة عن عامي 2016 و 2018، وذلك لأن مصالح حلفاء واشنطن ولا سيما الكيان الصهيوني تستدعي هذه المعارضة ومن جهة أخرى إن الهجوم التركي على مناطق شرق الفرات سوف يؤثر سلباً على مصداقية ومواقف الرئيس "ترامب" وقد تتسبب في هزيمته في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع عقدها عام 2020.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية