المرصاد نت - قاسم عز الدين
الأهداف الأميركية المتوخاة من انعقاد "مؤتمر وارسو"، تتراجع عن مساعي بناء حلف دولي ضد إيران إلى مجرد لقاء بين حلفاء واشنطن تظهر فيه جبهة التحالف الإسرائيلي ــ الخليجي من السرّ إلى العلن. لكن نتائج لقاء وارسو تكشف تقهقر القدرة الأميركية في بناء الأحلاف وعجز حلفائها عن إعاقة القوة الصاعدة لمحور المقاومة.
ما كان يطمح إليه دونالد ترامب إبان انفجار عدائيته ضد إيران في إلغاء الاتفاق النووي هو بناء تحالف مع بعض الدول الخليجية وأيضاً باكستان وماليزيا أشبه بصيغة حلف الناتو. ولهذا أطلقت الإدارة الأميركية على شيء هلامي لم يستطع أن يرى النور مسمى "الناتو العربي". ترامب توخّى استنساخ رديف للناتو على غرار مشروع "حلف بغداد" في العام 1958 ضد جمال عبد الناصر وحركة التحرر العربي وقتها. لكن المفارقة التي تدل على مراهنة هشّة تتنافى مع أبسط القواعد الاستراتيجية أن ترامب يتحدث عن رديف لقيط بينما يحطّم بيده هرم الناتو مع أوروبا وحلفاء واشنطن ضد الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة.
ما أدّى إلى تراجع ترامب عن حلف الناتو ليس رعونته وأطباعه الغرائبية وحسب بل نتيجة واقعيته البارزة في إدراكه أن أميركا لم يعد بوسعها التدخل العسكري في خوض الحروب لجرّ حلفائها وراءها، ولا الإيفاء بشروط القيادة المادية واللوجستية. فالمناطق التي كانت تتدخل فيها اكتسبت خبرات قتالية وصلابة لا تكسرها أميركا بل تستنزف أميركا من دون أن تحقق مكاسب ملموسة.
تغيير اتجاه "مؤتمر وارسو" من التحالف ضد إيران إلى "مؤتمر السلام والأمن في الشرق الأوسط"، هو محاولة لسد ثغرة الاعتماد على الدول الخليجية التي ظلّت منفردة معزولة بعد تغيير الحكم في كل من باكستان واندونيسيا. والقصد من وراء ذلك تغطية الضعف البيّن في قدرات هذه الدول مقابل إيران وحلف الممانعة عبر تجميع أسماء في الحديث عن 60 دولة وعبر التصريحات النارية الفارغة المحتوى التي أطلقها مايك بومبيو ومايك بينس قبل اللقاء وأثناء الاجتماع.
نتانياهو صاحب الحركات البهلوانية المتهم بأنه يتبجّح بوارسو من أجل حملته الانتخابية، يحافظ على تعظيم إنجازات وارسو لكنه يقول "أن مجرد عقد اللقاء هو إنجاز في غاية الأهمية". وما يصفه نتانياهو في اجتماعه مع بومبيو بأنه "نقطة تحوّل تاريخية" مفاده أن المجتمعين تحدّثوا بقوة "ضد تهديدات النظام الإيراني" وهو الحديث نفسه المكرور.
والانجاز الوحيد بحسب إجماع معظم المهتمين وأصداء الكواليس هو لقاء نتانياهو في العلن مع الدول العربية المشاركة في اللقاء. لكن هذا الإنجاز في الانتقال من السر إلى العلن لا يُضيف الكثير في موازين القوى لمصلحة إسرائيل إنما ينزع أوراق المراوغة من الدول التي كانت تخفي انضمامها إلى الجبهة الإسرائيلية أملاً بشيء من الصدقية في بلدانها والمنطقة. وفي موازين القوى الفعلية قامت بكل ما تستطيع لدعم إسرائيل منذ العام 2003 ولا سيما في العدوان الإسرائيلي على لبنان ضد المقاومة في العام 2006 بحسب الوثائق التفصيلية التي كشفها باراك رافيد على القناة 13 في سلسلة أسرار الخليج.
التحالف الأميركي الجديد في وارسو قد تكسب منه واشنطن زجّ بولندا في التوتر مع روسيا بعد تعليق اتفاقية الحد من الصواريخ الباليستية. لكن أميركا في تحالفها مع الأنظمة القمعية من دون تغطية أوروبية وما يسمى "العالم الحر"، ينزع من يدها أهم ورقة للتخريب كانت تستخدمها ضد الدول الرافضة للسيطرة الأميركية وهي ورقة "الديمقراطية ومكافحة الاستبداد". إذ يقتصر التحالف على دول تطغى عليها موبقات الاستبداد والفساد لدرجة لم يستطع معها الاتحاد الأوروبي عدم تسجيلها على لوائحه السوداء وفي مقدمتها السعودية.
أوروبا التي تنأى بنفسها عن مهزلة وارسو تجد نفسها مجبرة على التحرّك بموازة لقاء وارسو لإثبات وجودها. ففي الأسبوع المقبل سيجتمع في دبلن وزراء خارجية إيرلندا وفرنسا والسويد وهولندا مع السلطة الفلسطينية على أمل تنشيط التحرّك الدبلوماسي وإصدار البيانات تعويضاً عن الشلل في طريق مسدود كما هو طريق وارسو. لكن في ظل عجز حلفاء أميركا وأوروبا عن إعاقة صعود محور المقاومة يتم الاعتماد على التصريحات والبيانات والظواهر الصوتية وليس بالإمكان أقوى مما كان.
المزيد في هذا القسم:
- المقاومة وإسرائيل وجردة الحساب المفتوحة ..! المرصاد نت - متابعات ان استهداف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامّة في البقاع شرق لبنان بضرباتٍ جوية إسرائيليةٍ بُعيد ساعات من تهديد الأمين العام ل...
- الرئيس روحاني يرفض عرض ترامب: للتفاوض «أصول» المرصاد نت - متابعات خرج الرئيس الأميركي حاملاً بيد حزمة أولى من العقوبات على إيران وباليد الأخرى دعوة إلى «تغيير السلوك» والتفاوض. وضْعُ إيران بي...
- عندما تلطخت جائزة نوبل للسلام بدماء المسلمين في ميانمار المرصاد نت - متابعات أعلن مسؤول أميركي الجمعة 8 سبتمبر/أيلول 2017 أن بلاده تريد التعاون مع بورما لحل أزمة أقلية الروهينغا مشدداً في الوقت نفسه على أن بلاده لا...
- الانقسامات الاجتماعية وأزمة الأمن القومي في تركيا المرصاد نت - متابعات تعاني تركيا في الآونة الأخيرة من انقسامات اجتماعية شديدة حيث أن الهوة بين التوجهين الديني والعلماني تزداد عمقا مما يؤثر على مسار الأحد...
- تونس.. الفخفاخ يعلن تشكيلة الحكومة الجديدة! المرصاد نت - متابعات أعلن رئيس الحكومة التونسية المكلف إلياس الفخفاخ، مساء اليوم السبت، عن تشكيلة الحكومة الجديدة. وقدّم رئيس الحكومة التونسي المكلف اليوم السب...
- 28 بين قتيل وجريح في هجوم مسلح بتكريت في العراق المرصاد نت - متابعات سقط 28 شخصا بين قتيل وجريج ليل الجمعة في هجوم شنه مسلحون أستهدف مقهى وسيطرة أمنية في قضاء بلد جنوب تكريت.أفادت” السومرية نيوز&rd...
- الجيش يواصل قصف معاقل داعش في اليرموك والحجر الأسود جنوب دمشق المرصاد نت - متابعات واصل الجيش العربي السوري عمليته العسكرية في الحجر الأسود ومخيم اليرموك جنوب مدينة دمشق وتشهد الجبهات قصفاً مدفعياً وصاروخياً دقيقاً يستهد...
- قرقاش يكذب قرقاش ! المرصاد نت - متابعات قال وزير الدولة للشؤون الخارجية بالإمارات أنور قرقاش إن جزءا من تصريحاته التي تحدث فيها عن انتهاء دور الإمارات ضمن تحالف العدوان على اليم...
- «مصر السيسي»: هذا ما بناه مُبارك قبل الرحيل ! المرصاد نت - متابعات هادئاً جدّاً كان رحيل محمد حسني مبارك عن مصر. البلاد التي ثارت بـ«مليونيات» ضدّه لا يستطيع أحد فيها الآن الاعتراض على إعلان الحداد عليه ث...
- إخلاء سبيل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك المرصاد نت - متابعات عاد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الى منزله بعد بقائه في مستشفى المعادي العسكري خلال النظر في القضايا التي كان يحاكم بها. وأفادت وسا...