طهران تشكّك في دعوة بومبيو: نريد أفعالاً لا أقوالاً !

المرصاد نت - متابعات

تأخذ إجراءات الولايات المتحدة كما تصريحات مسؤولوها، منحى التهدئة مع إيران بعد طول تصعيد. رغم ذلك لا تزال الأخيرة متشكّكة في جدوى الاستجابة لدعوة إلى تفاوض غير مشروط أطلقهاBombaio2019.5.2 بومبيو من سويسرا لا تسبقها عودة لواشنطن عن ضغوطها. في الأثناء انضمّت الدوحة إلى العراق في التحفّظ على بياني قمّتي مكّة الطارئتين

بانتظار ما ستحمله زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي لطهران والتي تستمرّ لثلاثة أيام من 12 إلى 14 حزيران الحالي يلتقي خلالها كلاً من الرئيس حسن روحاني والمرشد علي خامنئي وفق ما أفادت به وسائل إعلام يابانية أمس فإن التوتر بين إيران والولايات المتحدة يشهد تراجعاً ليس على المستوى الكلامي فحسب. وإذ لم تفلح القمم الثلاث في مكّة المكرّمة في زيادة التوتّر كما أريد لها سعودياً، فإن واشنطن على ما يبدو تحاول اختبار فرلمة التوتر الذي كان في منحى تصاعدي، إفساحاً في المجال أمام المبادرة اليابانية، المدعومة كذلك من روسيا. الهدوء النسبي على مستوى التصريحات سبقه تأجيل الولايات المتحدة فرض حزمة عقوبات جديدة على قطاع البتروكيمائيات الإيراني وفق ما أفادت به صحيفة «وول ستريت جورنال». كذلك، بدت تصريحات وزير الخارجية مايك بومبيو بشأن ترحيبه بآلية «إنستكس» الأوروبية للتبادل التجاري مع إيران تحمل طابع التهدئة ولو اشترط بومبيو أن تنحصر الآلية في تداول البضائع التي لا تدخل في نطاق العقوبات. وفي الموازاة قرّرت شركة «إكسون موبيل» إعادة موظّفيها إلى أعمالهم في العراق على دفعات ابتداءً من أمس.

أما على مستوى التصريحات فقد أعطت زيارة بومبيو أمس لسويسرا أحد الوسطاء التاريخيين مع إيران ومواقفه من هناك انطباعاً عن ميل أميركي إلى التهدئة خصوصاً مع قوله: «نحن مستعدون للانخراط في محادثات من دون أي شروط مسبقة ونحن مستعدون للجلوس» إلى طاولة المفاوضات، وفي الوقت نفسه فإن واشنطن ستواصل العمل من أجل «القضاء على الأنشطة الخبيثة» لإيران في الشرق الأوسط ومنها دعم طهران لحزب الله والنظام السوري. وزاد بالقول «نحن بالتأكيد مستعدون لإجراء تلك المحادثات عندما يتمكن الإيرانيون من إثبات أنهم يريدون التصرف كدولة طبيعية». مواقف أتت ردّاً على سؤال بشأن تصريح روحاني السبت الماضي بأن بلاده مستعدة للتفاوض «مع من يجلس باحترام إلى طاولة المفاوضات» إذ أكد أن الإيرانيين «أهل المنطق والتفاوض فيما إذا جلسوا (الأميركيون) إلى طاولة المفاوضات باحترام تام وفي إطار القوانين الدولية لا أن يصدروا الأوامر بالتفاوض وفي هذه الحالة لن نتبعهم».

إلا أن أجواء التهدئة النسبية في واشنطن لم تقنع أصحاب القرار في طهران وهو ما حمل روحاني على الرد أمس على تصريحات بومبيو ودعوته إلى تفاوض غير مشروط بأن على واشنطن أن تعود عن إجراءاتها وضغوطها للقبول بالتفاوض إذ رأى أن الأخيرة هي التي غادرت طاولة المفاوضات وخرقت المعاهدة وعليها هي «أن تعود دولة طبيعية» وإلى أن يتم ذلك «ليس لنا أي خيار سوى المقاومة». بدوره استبعد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف انعقاد أي مفاوضات بين بلاده والولايات المتحدة. وعزا ذلك في حوار عرضته قناة «آي بي سي» الأميركية إلى «استمرار الضغوط» معتبراً أن ذلك «قد يفلح في سوق العقارات لكنه لا يفلح في التعامل مع إيران».

من جهتها ردّت وزارة الخارجية الإيرانية على لسان المتحدث باسمها عباس موسوي على تصريحات بومبيو بأن طهران «لا تهتم بالكلمات والتعبير عن أجندة خفية في أشكال جديدة. ما يهم هو التغيير في النهج العام الأميركي والسلوك الفعلي». في غضون ذلك، انضمّت قطر أمس إلى العراق في تحفّظه على بياني القمّتين الخليجية والعربية الطارئتين في مكّة. وقال وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في تصريحات إلى قناة «الجزيرة» إن البيانين «لم يقرءا وفق الإجراءات المعهودة»، وتبنّيا «سياسة واشنطن تجاه إيران وليس سياسة تضع جيرتنا معها بالاعتبار... أدانا إيران من دون الإشارة إلى سياسة وسطية للتحدث معها». وسأل آل ثاني: «بيان القمة الخليجية تحدث عن خليج موحد، لكن أين هو في ظل استمرار حصار قطر؟» كاشفاً عن أن «الصومال يعاقب لعلاقته مع الدوحة».

ترامب يستبق زيارته لندن بانتقاد ماي ودعم جونسون
يحطّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في لندن اليوم، في زيارة استثنائية تبدو كأنها محفوفة بمخاطر دبلوماسية نتيجة تصريحاته الأخيرة التي قللّ فيها من شأن جهود رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إزاء خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي ــ «بريكست» ــ مطالباً إياها بأن تكون أكثر صرامة في التعامل مع شركة «هواوي» الصينية. وتبدو أجندة الزيارة التي تستمر حتّى الخامس من الشهر الحالي محمّلة بجدول أعمال مزدحم، أهمّها لقاؤه مع ماي.

حتّى أمس كان كلّ شي يسير بشكلٍ منتظم لكن ترامب المعروف بإثارته للجدل في كثير من المواقف أثار عشية الزيارة جوّاً من التوتر ذلك أنه أمل أن يكون خليفة ماي التي أعلنت استقالتها قبل أيّام مؤيداً بشدة لـ«بريكست» وحثّ في مقابلة مع صحيفة «ذي صنداي تايمز» أمس على الخروج من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق وعلى رفض دفع 39 مليار جنيه استرليني (50 مليار دولار) متفق عليها كفاتورة الطلاق بين الطرفين. كذلك حذر ترامب لندن من إشراك شركة «هواوي» الصينية في تطوير شبكة الجيل الخامس. تصريحات الرئيس الأميركي لـ«صنداي تايمز» تأتي بعد يومين من تأكيده لـصحيفة «ذي صن» رداً على سؤال يتعلّق بالمرشحين لمنصب رئيس الوزراء خلفاً لماي أنّ «بوريس (جونسون) سيقوم بعمل جيّد. أعتقد أنه سيكون ممتازاً» مضيفاً: «لقد أحببتهُ على الدوام. لا أعلم ما إذا كان سيتمّ اختياره لكن أعتقد أنه رجل مناسب للغاية وشخص موهوب جداً».

وأشار ترامب إلى أنّ العديد من المرشحين لقيادة حزب «المحافظين» طلبوا دعمه من دون أن يكشف أسماءهم. كذلك صرّح ترامب بأن السياسي الشعبوي المناهض للاتحاد الأوروبي نايجل فاراج، يجب أن يشارك في مفاوضات بلاده للخروج من التكتل. ولفت إلى أن على لندن الخروج من الاتحاد هذا العام قائلاً: «يجب عليهم الانتهاء من ذلك… عليهم إنهاء هذه الصفقة». أما عن تكاليف الانسحاب فانتقد ترامب الرقم التي ستدفعه بريطانيا بالقول: «لو كنت مكانهم لما دفعت 50 مليار دولار. هذا رقم ضخم».

وكرّر ترامب انتقاده للطريقة التي أدارت بها ماي المفاوضات مع بروكسل قائلًا إنّ بريطانيا سمحت للتكتّل الأوروبي «بالإمساك بكلّ الأوراق... من الصعب جدًّا اللعب جيّدًا حين يكون لدى طرف واحد كلّ الأفضلية». حتى زعيم المعارضة جيريمي كوربن لم يسلم من ترامب، الذي قال إنه «ارتكب خطأ» لأنه فشل في جعل واشنطن صديقاً، ذلك أن كوربن كان قد رفض التعاون في الشؤون العسكرية والاستخبارية بين بلاده وبريطانيا. وهذه ليست المرة الأولى التي يصدم فيها الرئيس الأميركي الساسة البريطانيين بتصريحاته وانتقاداته. فخلال زيارته السابقة، في تموز الماضي، صدم ترامب الوسط السياسي بانتقاده مفاوضات ماي بشأن الخروج، بل إنه وصفها بأنها «ضعيفة للغاية،». وكذلك أثار جدلاً بمدح منافسها بوريس جونسون بقوله إنه رئيس وزراء محتمل «عظيم». ويعتبر جونسون الشبيه الأقرب لترامب وإن كانت الاختلافات كبيرة بينهما لناحية تجربتهما السياسية.

وفي هذا الصدد وفي تعليقها على الزيارة أفادت شبكة «سي إن إن» بأنه يجري النظر إلى جونسون في أحيان كثيرة على أنه «ترامب البريطاني»، مضيفة أن كلاً منهما له «باع طويل في الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل ومشينة أحياناً» وأن كليهما «مُتّهم بالكذب خلال الحملات الانتخابية بغض النظر عن الشبه في الشكل الخارجي وقصّة الشعر الغريبة». وكما العادة، وفور إعلان الزيارة، بدأ الناشطون المعادون لسياسة ترامب الدعوة إلى تظاهراتٍ مناهضة له في العاصمة البريطانيّة حيث يتوقع أن يخرج الآلاف من الأشخاص إلى شوارع لندن للاحتجاج على وجوده، وهو الأمر الذي حدث في زيارته السابقة.

في المقابل وبعد تصريحات ترامب خرج زعيم حزب «العُمّال» أول من أمس لينتقده على تدخله في السياسة البريطانية. وقال كوربن الذي رفض دعوة حضور المأدبة الرسمية الكبرى التي ستقام اليوم على شرف الرئيس الأميركي في قصر بكنغهام إن «محاولة الرئيس ترامب تحديد من سيكون رئيس وزراء بريطانيا المقبل تدخّل غير مقبول بالمرة في شؤون بلدنا الديموقراطي».

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية