المرصاد نت - متابعات
منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران ظهر بوضوح تخبّط الاتحاد أوروبي وعجزه عن إيجاد حلّ يمكنه بموجبه الحفاظ على الاتفاق. العناصر التي حالت دون ذلك كثيرة، إلا أن أبرزها ضعف التكتّل أمام واشنطن بل «سطوة» الأخيرة عليه بحسب وصف أطلقته صحيفة «ذي نيويورك تايمز» الأميركية في تقرير نشرته منتصف الشهر الماضي، رأت فيه أنه «بينما يريد الأوروبيون الحفاظ على الاتفاق ـــ الذي يرون أنه مهم من أجل أمنهم الخاص واستقرار الشرق الأوسط ـــ إلا أنهم يجدون أنفسهم غير قادرين على القيام بأي شيء في وجه السطوة الأميركية العسكرية والمالية».
خلال الأيام القليلة الماضية تكرر هذا الوصف في صحف ومجلات أميركية أخرى وإن بأسلوب مختلف، ولكن مبنيّ على حقيقة واحدة هي أن «ما تتمنّاه أوروبا شيء وما يمكنها فعله من دون الموافقة الأميركية شيء آخر». ومن هذا المنطلق نشرت مجلة «فورين بوليسي» تقريراً رأت فيه أن «تفكّك الاتفاق النووي يكشف ضعف أوروبا». وإذ اعتبرت أن «إعلان إيران الأخير تخطّي حدود تخصيب اليورانيوم لا يعبّر فقط عن الموت البطيء للاتفاق» فقد أشارت إلى أن «بعض الخبراء يقولون إنه يكشف أيضاً عن الحدود المُحرِجة لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية عندما يسعى إلى مواجهة الولايات المتحدة».
لا يتبدّى هذا في إصرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على الانسحاب من الاتفاق وفرض عقوبات على إيران، على الرغم من معارضة الاتحاد الأوروبي لذلك، فحسب، بل أيضاً في عدم وصول جهود الأوروبيين لمواجهة ترامب والحفاظ على الاتفاق إلى أي نتيجة. «بالنسبة للدول الأوروبية والاتحاد بحد ذاته، فإن التفكّك البطيء للاتفاق النووي هو تذكير وحشي بقدرة التكتّل المحدودة على رسم سياسة خارجية مستقلة حقاً»، قالت المجلة الأميركية، مضيفة أن «أنظمة الاتحاد الأوروبي الموضوعة، منذ عام 1990، والتي تهدف إلى تحصين الشركات الأوروبية من العقوبات الأميركية، أثبتت أنها جوفاء».
ولم تكتفِ «فورين بوليسي» بذلك، بل استندت إلى آراء خبراء لتأكيد ما تذهب إليه، فنقلت عن الخبيرة الإيرانية في «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»، إيّلي جيرانماييه، قولها إن الانهيار البطيء لصفقة عام 2015 «شكّل إحدى اللحظات المحدِّدة لحدود حرية التحرّك الأوروبية من حيث السياسة الخارجية»، وتأكيدها أن «لهذا الأمر تداعيات كبيرة محتملة على تكتّل يطمح إلى لعب دور قيادي في دعم النظام المتعدّد الأطراف». «إذا ما سقط الاتفاق النووي، ولم تتمكن أوروبا من إنقاذه فإن ذلك يحمل رسالة لكل دولة ــــ ليس فقط إيران ــــ في شأن أهمية ما يمكن أن يلعبه الأوروبيون على المستوى العالمي» أضافت جيرانماييه.
أمضت أوروبا عاماً في محاولة إطلاق آلية مالية محدودة للغاية (إنستكس) صُمّمت من أجل عزل بعض أنواع التجارة مع إيران عن العقوبات الأميركية. ولكن الشركات الأوروبية، الخائفة من العقوبات، غادرت السوق الإيرانية، مسلِّطةً الضوء أكثر فأكثر على الضعف الأوروبي وهو ما أشار إليه كل من السفير البريطاني السابق في إيران ريتشار دالتون، والمستشار السابق في البيت الأبيض والمدير التنفيذي الحالي في «مجموعة الأزمات الدولية» روبرت مالي. دالتون أكد لـ«فورين بوليسي» أنه «لجعل إنستكس فعالة، يجب على أوروبا أن تفكر في تمويل أكثر بكثير»، إلا أنه لفت إلى أنه «من غير الواضح إذا ما كان أعضاء التكتل الـ28 يملكون الإرادة السياسية لمنح إيران ما يكفي من الراحة الاقتصادية في وجه الضغط الأميركي». أما مالي فقد شدد على أن «ما يمكن أن تقوم به أوروبا، عبر إنستكس، وغيرها من الآليات، قد يذهب بعيداً فقط إذا ما واجهت العقوبات الأميركية».
عملياً لا سيادة أوروبية اقتصادية بعيداً عن الولايات المتحدة، التي لا تزال تسيطر على النظام المالي العالمي، الأمر الذي بدا واضحاً من خلال العجز عن إيجاد آلية اقتصادية مريحة للإيرانيين الذي يبدون غير متفائلين بـ«إنستكس». ولكن بحسب صحيفة «ذي واشنطن بوست»، فإن «أوروبا لا تريد أن تقاوم الولايات المتحدة على الملأ، ذلك أنها تعتمد على واشنطن في القضايا الأمنية في وجه روسيا وغيرها من التهديدات». الصحيفة تساءلت: «كم من الوقت يمكن لأوروبا الحفاظ على توازنها بين الولايات المتحدة وإيران؟»، مجيبة بأن «الأيام القليلة المقبلة يمكن أن تكون مصيرية، في الوقت الذي تسعى فيه أوروبا إلى الحفاظ على الاتفاق». وقالت إن «الأوروبيين ـــ الذين تعرّضوا للانتقاد من قِبَل ترامب لسنوات بسبب انخفاض إنفاقهم العسكري ـــ قلقون أيضاً من أن تقوم الولايات المتحدة بأذية شركاتهم المتعددة الجنسيات، أو بالانتقام بطريقة أخرى، لاستمرارهم في التعامل مع إيران».
ولعلّ أبلغ تعبير عن العجز الأوروبي هو ما نقلته الصحيفة عن دومينيك موازي الذي كان مستشاراً لحملة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في شأن السياسة الخارجية. موازي الذي يعمل حالياً في معهد «Montaigne» في باريس قال إنه «بطريقة ما فإن خطر الحرب يتزايد وقدرتنا على تجنّبها تختفي بكل بساطة» معتبراً في الوقت ذاته أنه «لا يوجد بديل واضح، أيضاً» عن المقاربة الأوروبية المعتمدة في الوقت الحالي. أما صحيفة «وول ستريت جورنال» فذهبت إلى توقع رضوخ أوروبي كامل للضغوط الأميركية في نهاية المطاف، خصوصاً إذا ما تم «تحريك إجراء النزاع المنصوص عليه في الاتفاق، والذي يمكن أن ينتهي بإعادة فرض العقوبات الدولية على طهران».
المزيد في هذا القسم:
- من جديد..المقاومة تنجح في اضفاء مزيد من الرعب على الاحتلال المرصاد نت - متابعات استشهد شاب فلسطيني ثان في الخليل في الضفة الغربية، متأثراً بجراح اُصيب بها جراء اطلاق جيش الاحتلال النار عليهما بذريعة محاولة تنفيذ عملية...
- لم يعد العرب يخشون إسرائيل والإرهاب المرصاد نت - متابعات إن سياسية التجديف التي مارستها أميركا وتمارسها على مربّعات الموت لا تقبل الرأي الحر ولا تؤمن بالرأي الآخر خارج أرضها. وما يحدث في البح...
- المعلّم: خُطط إردوغان لتوطين اللاجئين السوريين "تطهير عرقي" المرصاد نت - الميادين وصف وزير الخارجية السوري وليد المعلّم خطط الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لتوطين اللاجئين السوريين في المناطق الآمنة بـ"التطهير العرقي" مؤ...
- الأزمة مع الخرطوم في ذروتها ..القاهرة للبشير: زمننا عزّ فيه الشرف! المرصاد نت - متابعات وصلت الأزمة بين مصر والسودان إلى ذروتها مع تصريحات عمر البشير التي تتهم القاهرة بتسليح المتمردين في دارفور الأمر الذي دفع الرئيس عبد الفت...
- «السترات الصفراء» تواصل التعبئة: خطاب ماكرون «غير مقنع» المرصاد نت - متابعات قابل محتجّو حركة «السترات الصفراء» «الإصلاحات» الاقتصادية التي أعلنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء أمس بتح...
- صفقات اسرائيلية سرية بمئات الملايين للسعودية والامارات المرصاد نت - الأخبار في الوقت الذي يخلص فيه المتحدثون في مؤتمر صحيفة "جيروزاليم بوست" السنوي المنعقد هذا العام في نيويورك إلى توقع "مستقبل مظلم لإسرائيل" ت...
- باكستان تنتقد "الصمت الدولي" تجاه كشمير: "العالم يتفرّج كما فعل مع هتلر"! المرصاد نت - متابعات انتقد رئيس وزراء باكستان عمران خان، اليوم الأحد المجتمع الدولي على خلفية قضية إلغاء نيودلهي الحكم الذاتي لكشمير مشبّهاً الأمر بالتغاضي عم...
- "مسار تركيا الجديدة" ... لماذا تراجعت تركيا عن موقفها من التحالف ضد داعش؟ أن تأتي متأخراً، خير من أن لا تأتي أبداً ... مقولة تختصر الواقع التركي، بعد أكثر الاسبوعين على بدء هجمات التحالف العربي - الدولي ضد داعش في سوريا ... في سابقة خ...
- مقتل عسكريين أميركيين أثنين جنوب الأردن المرصاد نت - متابعات قال الجيش الاردني في بيان الجمعة ان مدربين اميركيين قتلا فيما جرح أميركي ثالث وضابط اردني اثر تبادل لاطلاق النار وقع عند مدخل قاعدة جوية ...
- حماس وفتح توقعان على اتفاق تطبيق المصالحة المرصاد نت - متابعات أعلن في القاهرة أن اتفاق تطبيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس وقعه عن حماس صالح العاروري وعن فتح عزام الاحمد. كما أفاد مصدر بوجود أنباء ...