صورة قاتمة للعرب: حرب أميركية واحتلال تركي وتمدد إسرائيلي!

المرصاد نت - متابعات

يطل العام 2020 على العرب، عموماً، عبر دمائهم المهدورة، كما في العراق واليمن، أو في سوريا وليبيا التي أختارها “السلطان” أردوغان لتكون قاعدة لعسكره، من دون أن يهتم برأي شعبها Arabbbb2020.1.9الذي يتساقط في حروب ظالمة لا تعنيه، وان كانت تشغل بال “السلطان” ويريدها بأي ثمن.

لكأن بلادنا اليوم في سوق النخاسة الدولية، تقرر دول الخارج بعنوان الولايات المتحدة الأميركية، مصيرها وغد “دولها” وحدودها، ومصير شعبها.

لكأن الدهر قد عاد بالمشرق العربي إلى عام 1920م حين افادت بريطانيا وفرنسا من نصرهما المشترك في الحرب العالمية الأولى على المانيا وتركيا، لتقاسم بلاد المشرق: فأعطت بريطانيا ذاتها فلسطين وابتدعت “دولة” في الضفة الشرقية لنهر الأردن لتكون إمارة للأمير عبدالله ابن الشريف حسين الهاشمي، مطلق الرصاصة الاولى (والأخيرة)، وكذلك العراق لفيصل الاول، النجل الثاني للشريف حسين.. في حين اعطي لبنان (بعد تعديل في حدود “المتصرفية” التي فرضها الغرب على السلطنة في أواخر ايام عزها).. أما سوريا فقد ابتدعت فيها أربع دويلات، لكن شعبها رفض التقسيم وأصر على وحدتها وطناً ودولة.

الفارق الوحيد، بعد قرن الا قليلاً، أن الولايات المتحدة تهيمن الآن على كامل المشرق العربي، تقريباً، مباشرة او عبر “وكيلها المحلي”: العدو الإسرائيلي.. في حين استطاعت إيران ـ الثورة (ما بعد الخميني) أن تنصر شعب لبنان في حربه ضد الاحتلال الإسرائيلي (بعد العام 1982) فتساند التنظيم الوليد “حزب الله” في قتاله اسرائيل لتحرير الارض اللبنانية، ثم في مساندة سوريا في مواجهة العدو الإسرائيلي، وكذلك العراق في مواجهة الاحتلال الأميركي بعد اسقاط نظام صدام حسين في بغداد.

مع أول ايام العام الجديد، ارتكبت القوات الأميركية في العراق جريمة اغتيال منظمة، في قلب بغداد، ذهب ضحيتها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وهو صاحب الدور المعروف إلى جانب “حزب الله” في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي (بين 1982 و2000)، كذلك في الحرب الإسرائيلية في تموز / يوليو ـ آب / اغسطس 2006.. كما في جبهات عديدة أخرى تجاوزت الوطن العربي إلى قلب آسيا: افغانستان وباكستان الخ..

سقط سليماني شهيداً في عملية اغتيال منظمة نفذها الاميركيون عند باب بغداد.. وسقط معه وكيله أو معاونه في العراق أبو مهدي المهندس ومرافقوهما.

وكان طبيعياً أن تعتبر إيران جريمة الاغتيال المنظمة هذه بمثابة اعلان حرب، وان تعد للرد، وان يراها “حزب الله” في لبنان كذلك، وان تتحسب سوريا لما بعد هذه الجريمة المنظمة.

باختصار اطل العام الجديد 2020 وقد جللت ايامه الأولى بالدماء التي اراقها الاحتلال الأميركي في العراق، مع تداعياتها المتوقعة والتي قد تكون خطيرة، وقد تشمل المشرق برمته.. خصوصاً وان لإيران وجودها العسكري (الحرس الثوري) في سوريا، كما أن “حزب الله” في لبنان تحت الرعاية الايرانية المباشرة (مالياً وتجهيزاً كما في التدريب).

هل يُعيد التاريخ نفسه فيسقط هذا الوطن العربي فاقد الامان، الممزق بالاحتلال (الاميركي في كامل اقطار شبه الجزيرة وصولاً إلى دولة الامارات وقطر) والاحتلال الاسرائيلي في فلسطين، المعزز بالدعم المفتوح عسكرياً ومالياً من الولايات المتحدة، والاحتلال التركي في شمالي سوريا وبعض شرقها بذريعة مقاتلة “اعدائها” من الاكراد فيها.. فضلاً عن تقدم القوات الأميركية من شرقي سوريا لتحتل منابع النفط هناك.

..وأخيراً لا اخراً، القرار الهمايوني لأردوغان بالتدخل العسكري في ليبيا الممزقة بين “الدويلة الشرعية” في طرابلس، المدعومة دولياً، وانما من دون عسكر، و”دويلة الجنرال حفتر” في الشرق (بنغازي والساحل في اتجاه طرابلس).. وهي حرب مفتوحة تشارك فيها، مباشرة او بالواسطة دول عديدة، عربية وغربية.

هل سقط استقلال هذه الدول الذي انجزته ثوراتها، وعاد بها التاريخ قرنا كاملاً إلى الوراء؟!

هل يتقدم العالم كله، مخترقاً الفضاء، وتفرض اميركا سيطرتها، اقتصاديا وثقافياً على معظم العواصم، وتهون على العرب كرامتهم فيعود الاستعمار (أميركيا، هذه المرة، بالاشتراك مع السلطان التركي أردوغان)، ليحتل الارض والارادة، عربياً ويهدد المستقبل العربي الأفضل، ماسحاً قرناً من النضال من اجل ” الوحدة والحرية والاشتراكية”؟!

وتبقى بعض الجمل الاعتراضية، ومنها:

اولاً: أن خُمس الشعب السوري خارج بلاده الآن، مشرد خارج “قلب العروبة النابض” بعضه في لبنان (حوالي المليونين)، وبعضه في الأردن (اقل من مليون) وبعضه في مصر (مئات الآلاف) وبعض آخر شرده افتقاد الخبز مع الآمان في بعض الدول الاوروبية (ألمانيا أساساً) ثم فرنسا مع اقلية استطاعت الوصول إلى الولايات المتحدة الأميركية.

ثانياً: إن الشعب اللبناني في الشارع منذ سبعين يومياً أو يزيد، تطالب جماهيره بسقوط النظام أو تعديله بما يخدم مصلحة الشعب وأبرز المطالب الاعتراف بحق الشباب في أن تُسمع اصواتهم فيشاركوا في انتخابات حرة ليكون لهم ـ من بعد ـ حق المشاركة في القرار المتعلق بمصيرهم..

مع الاشارة هنا أن نسبة ملحوظة من شباب لبنان تحمل شهاداتها الجامعية وتتوجه فور التخرج لطلب “الفيزا” للسفر إلى أي مكان يقبلهم في الخارج، والافضلية دائماً للولايات المتحدة الأميركية حيث يذهبون اليها ولا يعودون الا كل بضع سنوات لتفقد من بقي حياً من اهلهم.

ثالثاً: إن فلسطين المحتلة تنزف أهلها، هي الأخرى… نتيجة لوحشية الاحتلال حيث تعتقل أهلها وتسجنهم دون حسيب أو رقيب، ويمكن ادامة الاعتقال (بعد محاكمة شكلية) عشرات السنين (كما واقع الأمر مع مروان البرغوتي)..

لكأن وطننا العربي اسطورة، وأهله مجرد مجاميع من البشر، تنتقل بهم المقادير من استعمار إلى آخر في حين يستقر الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي في فلسطين، وتتوزع القواعد العسكرية الأميركية بامتداد الوطن العربي (الأميركان في فلسطين المحتلة، وفي الأردن، وفي شمالي سوريا، وفي قاعدة “حالات” العسكرية في لبنان، وفي دولة الإمارات، وفي الكويت، وفي السعودية، وفي قطر، مع مشاركة الطيران الأميركي في قصف الثوار في اليمن، بالشراكة مع طيران الإمارات والسعودية)..

نحن الشباب.. لنا الغدُ.. ومجده المخلد!

وكل عام وأنتم بخير!

قراءة : طلال سلمان - صاحب جريدة "السفير" اللبنانية ورئيس تحريرها منذ آذار 1974 حتى آخر عدد من صدورها بتاريخ 4 كانون الثاني 2017م ..

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية