المرصاد نت - متابعات
مع ازدياد الأوضاع في ليبيا تعقيداً جرّاء الصراع المحتدم بين حكومة «الوفاق» التي يرأسها فائز السراج والمعترَف بها دولياً والمدعومة من تركيا وقطر وبين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من مصر والسعودية والإمارات تبدو القاهرة بعيدة عن التدخل العسكري المباشر والمُعلَن في ليبيا مكتفيةً بالدعم اللامحدود وغير المُعلَن لقوات حفتر التي تقول إنها أحرزت «تقدّماً كبيراً» بفضل الأسلحة المصرية والإماراتية التي وصلتها.
في الوقت نفسه تقول الدولة المصرية إنها تعمل سياسياً على خطّ هذا الملفّ مع الأطراف الدولية المعنية وإنها استضافت في سبيل ذلك لقاءات كثيرة منها أمس اجتماع وزراء خارجية مصر وفرنسا واليونان وقبرص وإيطاليا، علماً أن الأخيرة كانت استضافت الغريمين حفتر والسراج في مشاورات منفصلة. لكن عملياً، يبدو أن القاهرة تعتقد أن المعركة لم تعد معتمدة على السلاح فقط، بل تتطلّب الدعم الدبلوماسي والسياسي.
ووسط الترقّب لمواقف النظامين التونسي والجزائري الجديدين تَواصل المصريون مع تونس والجزائر خلال الأيام الماضية عبر السعودية والإمارات وذلك لوضعهما على الخطّ الداعم لحفتر أو على الأقلّ تحييدهما بقطع الطريق على تحالفهما مع حكومة السراج ولا سيّما بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس وطلبه استغلال الأراضي التونسية لمساعدة القوات التركية في تنفيذ تدخلها في الأراضي الليبية وفق ما تحدثت عنه بعض الأنباء وهو ما تراه مصر تحدّياً مباشراً من إردوغان للرئيس عبد الفتاح السيسي.
وتقول مصادر قريبة من الرئاسة إن الدولة حسمت موقفها بتجنّب الاشتباك المباشر، «إلا في حال تهديد الأمن القومي المتمثل في حقول الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط... ما دون ذلك سيكون التحرك في إطار عربي عبر الجامعة العربية أو دولي عبر الأمم المتحدة»، علماً أن السعي المصري إلى الحسم العسكري والتشديد على حفتر لتحقيق إنجازات على الأرض، يعاكسان المُعلَن رسمياً بالبحث عن حل سياسي.
من جهة أخرى تستغلّ القاهرة التدخل التركي في التحشيد داخلياً لاكتساب «شرعية» إضافية من منطلق أن أنقرة تهدّد الأمن المصري أكثر من أيّ وقت مضى وهو ما يحتاج إلى «التوحد خلف القيادة لمواجهة أيّ اعتداءات». سردية تعزّزها الدولة بالحديث عن «نشاط ملحوظ لجماعة الإخوان المسلمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي يطالب السيسي بالرحيل وألّا يورط الجيش... صدرت التعليمات باستغلال هذه الحملات لإظهار رغبة الإخوان في العودة إلى السلطة عبر بوابة تركيا التي تستضيف أعداداً كبيرة من أعضاء الجماعة الصادرة بحقهم أحكام قضائية نهائية بالحبس والإعدام».
وترى القاهرة أنه إذا تمكّن السراج من الحفاظ على موقعه في السلطة فستكون تركيا قادرة على تكوين قاعدة ارتكاز لمقاتلين إسلاميين متطرفين يمكنها استخدامهم لإعادة إحياء مشروع الإسلام السياسي في مصر، فضلاً عن المكسب الاقتصادي الرئيس المتمثل في سيطرتها على خامس احتياطي نفطي في العالم، ومن ثمّ تهديدها «منتدى غاز شرق المتوسط» الذي تبنّته مصر.
إلى ذلك خرج الاجتماع الرئاسي التركي الروسي الذي انعقد على شرف افتتاح مشروع «تورك ستريم» بتوافق لافت على مبادرة تطالب طرفَي الصراع في ليبيا، الالتزام بهدنة في 12 كانون الثاني الجاري، قد تكون باكورة تعاون مديد بين الطرفين، يحاكي ما جرى في الملف السوري.
ولم يخف أردوغان حرصه على «كسب» نظيره بوتين «شريكاً» ــ كما خصماً ــ في الشأن الليبي، في محاولة لتحصين اتفاقاته «الاستراتيجية» مع حكومة «الوفاق» في طرابلس؛ وهي التي أهدى ضيفه الروسي نسخة منها، بعدما أصدرتها دائرة الاتصال لدى الرئاسة التركية، كتاباً بعنوان «خطوة استراتيجية في معادلة شرقي المتوسط: مذكرة التفاهم التركية الليبية». ودعا البيان المشترك الذي صدر عن الرئيسين، جميع الأطراف في ليبيا إلى وقف إطلاق النار اعتباراً من منتصف ليل الأحد 12 كانون الثاني/ يناير، والسير في «عملية التفاوض من أجل إرساء السلام». وأكد دعم روسيا وتركيا لـ«محادثات برلين... التي تهدف إلى خلق الظروف المناسبة لتطبيق خطة السلام» التي أقرتها الأمم المتحدة.
وفي تأكيد على «التفاهمات» التي خرج بها الرئيسان وبلورها البيان المشترك ذكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك أن بوتين وأردوغان أعربا عن استعدادهما للإسهام في نجاح «محادثات برلين» ودعوَا إلى «ضرورة أن تكون هذه العملية شاملة وبمشاركة كل الأطراف الليبية ودول جوار ليبيا». ولفت لافروف إلى أن موسكو وأنقرة ستواصلان الاتصالات عبر وزراء خارجية ودفاع البلدين «في الأيام المقبلة لتنسيق المواقف تجاه سبل التسوية الليبية».
بالتوازي مع القمة التركية الروسية، وصل رئيس حكومة «الوفاق» الليبية فايز السراج إلى بروكسل على أن يتوجّه لاحقاً إلى روما حيث استقبل رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، قائد «الجيش الوطني» الليبي خليفة حفتر وبحث معه الأوضاع في ليبيا. والتقى السرّاج وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي حذّر في وقت سابق من أن ليبيا أمام «محطة فاصلة»، وذلك عقب سيطرة قوات حفتر على مدينة سرت الساحلية وسط ليبيا.
وإلى جانب بوريل التقى السرّاج رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ووزير الخارجية الألماني هايكو ماس. وقال السراج إن حكومته «لها الحق في عقد اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع أي دولة، وفق وكالة «الأناضول» التركية واصفاً مباحثاته التي أجراها مع الأوروبيين بأنها «مثمرة جداً». من جهته قال ماس إن السراج «قدم دعمه الكامل لعملية برلين وتعهد تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه هناك» أي وقف إطلاق نار وحظر دخول الأسلحة من الدول المجاورة «ولكن والأهم من ذلك العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة».
المزيد في هذا القسم:
- "ذا أتلانتيك": إعلان ترامب بشأن الجولان لم يكن تغريدة ارتجالية! المرصاد نت - متابعات كتبت كاثي غيلسينان الكاتبة في مجلة "ذا أتلانتيك" الأميركية تحقيقاً حول خلفيات وتداعيات اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسيادة الإسر...
- اليوم إعلان أسماء المرشحين للمجلس السيادي في السودان ! المرصاد نت - متابعات تواصل قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان إجتماعاتها اليوم الأحد لتسمية شخصية خامسة لتكون عضواً في مجلس السيادة الإنتقالي المتوقع تشكيله...
- بين العراق وسوريا: «داعش» يستدعي أعداءه ! المرصاد نت - متابعات لا تنحصر المعركة التي تدور شرق سوريا، في الأراضي السورية فقط. القوات العراقية مرة أخرى تقف بوجه مقاتلي تنظيم «داعش» على الحدو...
- أستانا 9 ينطلق بغياب أميركي: تحولات مدروسة في مناطق تخفيض التصعيد المرصاد نت - متابعات لخصت تصريحات الجانب الروسي في شأن تخلف الوفد الأميركي عن حضور جولة محادثات أستانا الجارية واعتباره مؤشراً إلى غياب الإرادة الأميركية بدعم...
- إغلاق 1000 مدرسة.. أول مرسوم لأردوغان بعد 'الطوارئ' المرصاد نت - متابعات أصدرالرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمر بإغلاق أكثر من 1000 مدرسة خاصة وتمديد الفترة المسموح بها لاحتجاز المشتبه بهم دون اتهامات في أول مرس...
- اعتقال أكثر من 50 شخصا بتهمة إضرام حرائق الغابات في البرتغال المرصاد-متابعات كشفت الحكومة البرتغالية أن حرائق الغابات المدمرة، التي اندلعت خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية في البلاد، كانت نتيجة للإهمال، وإضرام النار...
- المقاومة تقلب مناخات الإذعان لواشنطن وإسرائيل؟ المرصاد نت - متابعات الغضب الشعبي الصاخب الذي يبشّر باندلاع الانتفاضة في الأراضي المحتلة يظنه كثير من المحبَطين الموشّحين بضيق الأفق أنه موجة عابرة كما تسعى إ...
- اتصالات سرية بين الرياض و"تل أبيب" لاقامة قاعدة جوية إسرائيلية في تبوك ! المرصاد نت - متابعات لا يمكن وصف السياسة التي ينتهجها ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، ازاء مجمل القضايا الاقليمية، وخاصة ازاء القضية الفلسطينية الا بالصبيانية...
- البحرية الإيرانية: هكذا صنعت الحرب رابع أسطول في العالم! المرصاد نت - متابعات عام 1987م قام مؤسس الجمهورية الإسلامية، الإمام الخميني بكبح جماح قائد الحرس الثوري في حينه محسن رضائي عندما قرّر الأخير مهاجمة قافلة بحري...
- وقفة لعدد من الطلاب اليمنيين والعرب بدمشق تضامناً مع اليمن أمام مقر الأمم المتحدة متابعات : نظم عدد من الطلاب اليمنيين والسوريين والعرب في العاصمة السورية دمشق اليوم الخميس وقفة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدةأدانوا فيها استمرار العدو...