المرصاد نت - متابعات
اعتبرت صحيفة التايمز البريطانية الاثنين أن الفوز الهش للرئيس التركي رجب طيب أردغان في الاستفتاء الدستوري الذي جرى الأحد وبفارق بسيط عن معارضيه قسم تركيا.
وأكدت الصحيفة البريطانية في تقريرها الذي حمل عنوان "فوز أردوغان المتواضع قسم تركيا"، إن أردوغان الذي حصل على 51.3 في المئة بعد حصر 99 في المئة من الأصوات سيتمكن من تعديل الدستور بهدف إلغاء النظام البرلماني وإقامة نظام "رئاسي تنفيذي".
واعتبرت التايمز أن هذا الاستفتاء قسم تركيا بشكل حاد في حين يرى منتقدو تعديل الدستور أنه سيغير هوية تركيا العلمانية الحديثة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك كما يخشون من "أسلمة" البلد. وكان حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة التركية) أكد إن 60 في المئة من الأصوات مشكوك بأمرها بعد أن أعلنت لجان الانتخابات تعديلا في الساعات الأخيرة على لوائح الاستفتاء بحيث يتم قبول بطاقات التصويت غير المختومة دون أي تفسير لدوافعها.
وبعد تمكن الرئيس التركي "رجب طیب أردوغان" والموالون له من كسب الاستفتاء العام لتحويل النظام البرلماني إلى رئاسي بفارق بسيط بدأت التساؤلات تثار بشأن مستقبل البلاد في ظل الصلاحيات الواسعة التي منحها هذا التعديل لـ"حزب العدالة والتنمية" الحاكم وشخص أردوغان على وجه التحديد، خصوصاً في ظل الاعتراضات التي أبدتها المعارضة بشأن نتيجة الاستفتاء.
قبل الإجابة عن هذا التساؤلات لابدّ من الإشارة إلى بعض البنود التي وردت في التعديلات الدستوية:
- يحق لرئيس البلاد عدم قطع صلته بحزبه.
- يُلغى مجلس الوزراء، ويتولى الرئيس مهام وصلاحيات السلطة التنفيذية.
- رئيس الدولة يتولى قيادة الجيش، ويحق له تعيين الوزراء وإقالتهم.
- يحق للرئيس اختيار 4 أعضاء في المجلس الأعلى للقضاة الذي يتولى التعيينات والإقالات في السلك القضائي، فيما يعين البرلمان 7 أعضاء.
- يعرض الرئيس القوانين المتعلقة بتغيير الدستور على استفتاء شعبي في حال رآها ضرورية.
- يحق للرئيس إعلان حالة الطوارئ في حال توفر الشروط المحددة في القانون.
- تُلغى المحاكم العسكرية بما فيها المحكمة القضائية العليا العسكرية والمحكمة الإدارية العليا العسكرية، ويحظر إنشاء محاكم عسكرية في البلاد باستثناء المحاكم التأديبية.
- رئيس الدولة يطرح الميزانية العامة على البرلمان، ويحق للرئيس إصدار مراسيم في مواضيع تتعلق بالسلطة التنفيذية.
هذه البنود وغيرها تبين دون أدنى ريب أن أردوغان قد حصل على صلاحيات واسعة تمكنه من إدارة البلاد بالشكل الذي يضمن له الاستمرار في السلطة واحكام قبضته على السلطتين التشريعية والقضائية، فضلاً عن الاعلام والجيش وباقي المؤسسات المهمة والحيوية في البلاد.
لكن هذا لا يعني أن حزب العدالة والتنمية سوف لن يواجه صعوبات في تمرير برامجه سواء السياسيية أو الاقتصادية أو الأمنية على الرغم من القيود الكثيرة التي وضعتها التعديلات الدستورية على أعضاء البرلمان، والتي من شأنها أن تضعف دور المعارضة وتصب بالتالي في صالح أردوغان والمقربين منه في السلطة.
والمثير للانتباه أن حزب العدالة والتنمية لم يتمكن من كسب الأغلبية المريحة من أصوات الشعب رغم تحالف أحزاب مهمة معه من بينها حزب الحركة القومية (MHP) الذي يتزعمه حالياً "دولت بهتشلي" وحزب الاتحاد الكبير (BBP) الذي يتزعمه "مصطفی دستجي".
كما تجدر الاشارة إلى أن الكثير من المدن المهمة في تركيا ومن بينها العاصمة أنقرة واسطنبول وإزمير وبورصة وأضنة وأنطالیا لم تصوت بالأغلبية لصالح التعديلات الدستورية، وهذا يعني أن حزب العدالة والتنمية وشخص أردوغان سيواجهون مشكلة حقيقية في هذه المدن من شأنها أن تعيق برامجهم المستقبلية في شتى الميادين.
ويعتقد المراقبون بأن أردوغان سيلجأ في المرحلة المقبلة إلى ترميم حزبه "العدالة والتنمية" لمواجهة الخصوم السياسيين على الرغم من الصلاحيات الواسعة التي منحتها إيّاه التعديلات الدستورية.
ومن أبرز خصوم "العدالة والتنمية" حزب الشعب الجمهوري (CHP) بزعامة "كمال كليتشدار أوغلو" وحزب الشعوب الديمقراطي (HDP) الذي يتزعمه "صلاح الدين دميرطاش" المسجون حالياً لأسباب سياسية.
ويرى الكثير من المحللين بأن أحزاب المعارضة ستعمد إلى تشكيل تحالف سياسي لمواجهة حزب العدالة والتنمية وأردوغان للحيلولة دون تفردهم بالسلطة، ويتوقعون كذلك أن تنضم إلى هذا التحالف أحزاب معارضة أخرى بينها "حزب تركيا المستقلة" و"الحزب الديمقراطي اليساري" و"الحزب الإشتراكي العمالي".
أمّا على الصعيد الخارجي فيرى معظم المراقبين أيضاً بأن أردوغان سيواجه مصاعب جمّة من أبرزها عدم تمكنه من تحقيق حلمه بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي اعتبرت أكثر دوله التعديلات الدستورية التركية بأنها تمهد السبيل للديكتاتورية والتفرد بالقرارات المصيرية في شتى الميادين السياسية والأمنية والاقتصادية وحتى الثقافية والاجتماعية.
على ضوء هذه المعطيات يمكن القول بأن تركيا سائرة نحو المجهول خصوصاً إذا ما عمد أردوغان إلى توظيف الصلاحيات التي منحتها إيّاه التعديلات لتحقيق طموحاته بالتفرد بالسلطة على أرض الواقع، الأمر الذي ينذر بحصول أزمات داخلية وخارجية لايمكن التهكن بتداعياتها ما لم تتكيف أحزاب المعارضة مع الوضع الجديد الذي طوّع الدستور لإرادة أردوغان والذي من المرجح أن تمتد رئاسته حتى عام 2029، لأن التعديلات تتيح له البقاء في منصبه حتى ذلك التاريخ.
وبالمحصلة فإن هذه التطورات ستنعكس بشكل مباشر على علاقات تركيا مع الدول الأخرى لاسيّما روسيا وأمريكا ودول مجلس التعاون، وكذلك على مواقفها إزاء الملفين السوري والعراقي وعموم الأوضاع في المنطقة.
المزيد في هذا القسم:
- اسرائيل تحقق الإكتفاء الذاتي من نفط الجولان ! المرصاد نت - متابعات ضربت "إسرائيل" اتفاقيات لاهاي الدولية التي تحظرها من استغلال الموارد الطبيعية، في الجولان العربي السوري المحتل عرض الحائط وسمحت لشركة ...
- الرئيس الأسد رفض عرضاً روسيّاً لحضور «قمة أنقرة» المرصاد نت - فراس الشوفي تغيّرات مهمة ترافق التخبّط الأميركي بشأن نيّات «الانسحاب القريب» من سوريا تصبّ في مصلحة دمشق التي تستقبل مبادرات إيجابية ...
- الأتفاق النووي ما بين وعود أوروبا وجدية إيران ومفاجآتها المرصاد نت - متابعات لا يختلف اثنان بان موقف الحكومة الإيرانية حيال الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي اتسم بالحكمة والعقلانية ذلك القرار الذي انفردت “...
- السيد حسن نصر الله: صمود الشعب السوري صنع الانتصار والمعارك لم تكن مع جماعات المعارضة بل م... المرصاد نت - متابعات وصف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله معركة حلب باقسى الحروب في سوريا مؤكدا ان هزيمة المسلحين كانت نتيجة صمود سوريا قيادة ومقاومة...
- السيد حسن نصرالله: السعودية تريد من أهل اليمن تسليم رقابهم المرصاد نت - متابعات قال السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله إن وفد الرياض في مفاوضات الكويت لا زال يحكي نفس الكلام حول الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة...
- صحيفة دنماركية: بن سلمان ديكتاتوري ظلاميٌ وليس إصلاحياً! المرصاد نت - متابعات تناولت صحيفة "إنفارماسيون" الدنماركية في افتتاحية أمس الاثنين تحت عنوان "ولي العهد الظلامي ليس إصلاحيا" ما يجري في السعودية في ظل ح...
- مبادرة أوروبية للتهدئة في ليبيا.. بدء إرسال قوات تركية! المرصاد نت - متابعات يستعدّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي وصل إسطنبول قادماً من دمشق، غداً، لبحث ملفات عدّة يحضر الشأن ...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد السوري! المرصاد نت - متابعات بعد مرور أكثر من عشرين يوماً على «التفاهم العسكري» بين «قسد» والحكومة السورية تحت مظلة الرعاية الروسية وما شابهُ من محاولات عرقلة أميركية...
- بوتين يكشف من يقف وراء فضائح "أوراق بنما"؟ متابعات :نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المزاعم حول تورط دائرة المقربين منه بشبكات غسيل أموال في قضية الملاذات الضريبيةالتي كشفتها اوراق بنما، مؤكداً أن...
- كيف تحوّلت "غرفة الموك" إلى "غرفة الموت" واندثرت؟! المرصاد نت - متابعات خبر قد لا يسعد الكثيرين ممن خسروا أمولاً طائلة لدعم الجماعات المسلّحة المعارضة للحكومة السورية لكنها الحقيقة وإن كانت مُرّة بالنسبة لهم در...