المرصاد نت - نقولا ناصيف
قبل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي دانت عبارة «النأي بالنفس» للسفير نواف سلام استعارتها من سابقة خبرتها الصين تجعلها المصادفة تدخل هذه المرة الى بيان حكومة الرئيس سعد الحريري بعدما كاد أن يُعصى العثور عليها في حكومة 2010
أول مرة دخلت «النأي بالنفس» في القاموس الرسمي اللبناني كان في 9 حزيران 2010. قرّر مجلس الامن في نيويورك فرض عقوبات جديدة على إيران للمرة الرابعة منذ عام 2006 بغية حملها على تجميد برنامجها النووي. في بيروت انقسم مجلس وزراء حكومة الرئيس سعد الحريري حيال تصويت لبنان ــ وكان أضحى عضواً غير دائم في مجلس الامن لسنتين ــ بين مؤيد ومعارض.
خابر الحريري المندوب الدائم للبنان لدى المنظمة الدولية السفير الدكتور نواف سلام للبحث في خيارات لا تترك تداعيات على الداخل اللبناني جراء انقسام مجلس الوزراء ولا تشتبك مع المجتمع الدولي المصرّ على إقرار العقوبات. كان المخرج اقتراح سلام سابقة جرّبتها لسنوات خلت الصين تقع في منزلة ما بين عدم التصويت والامتناع هي «النأي بالنفس».
في الظاهر «النأي بالنفس» خليط من الحضور لتفادي الغياب أو مغادرة القاعة، خصوصاً لدولة عضو تشغل مقعداً في مجلس الامن ومن الامتناع عن التصويت كي لا يبدو لبنان يؤيد أو يعارض فيُربك في الحالين. في جلسة 9 حزيران نأى لبنان بنفسه عن قرار مجلس الامن رقم 1929. صوّتت مع القرار 12 دولة، وضده دولتان أما لبنان فاختار الحل الثالث. إلا أنه جهر بأن حكومته لم تتوصل الى قرار.
قاعدة «النأي بالنفس» هذه بطبعة جديدة مختلفة موجّهة الى الداخل اللبناني أولاً استقبلها اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان في باريس في 8 كانون الاول بترحيب إذ توخى إلقاء مظلة دولية على انتهاء أزمة استقالة الحريري في بعدها الخارجي والتأكيد أن استقرار لبنان بشقيه السياسي والامني لا يزال مسؤولية دولية. أضفى بذلك بُعداً اضافياً على ما اتفق عليه الافرقاء اللبنانيون.
لم يكن البيان الختامي للمجموعة سوى نسخة عن تلك التي رافقت اجتماعاتها ما بين نيويورك وروما وبرلين وباريس منذ انطلاقها في 23 تشرين الثاني 2013. في كلها اجتماعاً بعد آخر أكدت على برنامجها بنقاطها الأربع: النازحون السوريون، الاستقرار والمؤسسات الدستورية الجيش والقوى الامنية الاقتصاد. وهو ما دار من حول الاجتماع الاخير في باريس.
في الجلسات السابقة تدرّجت مجموعة الدعم في إيلاء برنامجها أولوية تلو اخرى بدءاً من ملف النازحين الذي كان في صلب انشائها وصولاً الى دعم الجيش والاسلاك العسكرية. قاسمها المشترك حفظ استقرار لبنان رغم التئامها للمرة الاخيرة في نيويورك في ايلول 2015، في عزّ الشغور الرئاسي. وبحسب ما يردّده ديبلوماسي في دولة اوروبية بارزة عضو في المجموعة فإن موقفها منذ اجتماعها الاول استند الى وجهة نظر مفادها أنها تفترض أن ثمة فريقاً محلياً وخارجياً في وسعه تقويض الاستقرار أو في أحسن الاحوال التسبّب في قلاقل ومظاهر عنف ما يقتضي مراعاته من حين الى آخر. في عُرف الديبلوماسي الاوروبي من غير إفصاح أن الجهة القادرة على الاضطلاع بدور كهذا المؤثرة على الارض، هي حزب الله في الداخل وإيران من الخارج. بيد أن قنوات الحوار مع هذين الطرفين لم تنقطع مرة بما في ذلك ذروة الخلاف على الملف النووي قبل الوصول الى الاتفاق عليه.
أما الاجتماع الاخير في باريس من غير خروج بيانه الختامي على النقاط الاربع فاتّسم بأهمية خاصة لم تقتصر على توقيته بل طاول جهة اقليمية جديدة وجّه اليها رسائله، وتالياً منح لبنان جرعة دولية رئيسية حيال دعم استقراره. ما يعنيه الديبلوماسي الاوروبي ان مجموعة الدعم تحققت، إبان أزمة استقالة الحريري من الرياض ومنعه من العودة الى بلاده طوال 18 يوماً من أن السعودية «قادرة» هي الاخرى ــ شأن إيران ــ على تقويض استقرار لبنان، وفي أبسط الاحوال الجانب الاقتصادي منه. بذلك كمنت الرسالة الضمنية في بيان المجموعة في توجيهها الى المملكة. كانت في صلب ما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الاجتماع بتشديده على استقرار لبنان وعدم تدخل أيّ من افرقائه في شؤون المنطقة كما تدخّل الدول الاقليمية في شؤونه ثم بعد ارفضاض الاجتماع مخاطبة وزير الخارجية الاميركي ديكس تيلرسون السعودية حيال دوريها في اليمن ولبنان، وتحذيره لها من «العواقب الوخيمة».
في مغزى التركيز على عامل الاستقرار قول الديبلوماسي الاوروبي الملم بعلاقة لبنان بالاتحاد الاوروبي وتفهّم الاخير مشاكله وأخصها تداعيات النزوح السوري على أراضيه: «صحيح ان استقرار لبنان يهمنا وجهودنا الديبلوماسية نفعت في السنوات الاربع الاخيرة مع خلق مجموعة الدعم الدولية التي حققت اجزاءً رئيسية من اهدافها لكن ثمة أمراً يمكن القول انه ينطوي على مصلحتنا المباشرة شجعنا على هذه المبادرة. عندما ننظر الى الشرق الاوسط من الطائرة نرى حروباً ومشاكل واضطرابات في عدد من بلدانه. لذلك رأينا انه عندما يحين أوان الحلول السياسية في سوريا ودول اخرى في المنطقة سنحتاج الى مطار لبنان ومرفئه وطريق بيروت ــ دمشق والمهنية المصرفية ورجال أعمالكم».
المزيد في هذا القسم:
- عن الشيخ عيسى القاسم ومظلوميّة الشعب البحريني المرصاد نت - متابعات يروي أحد المقاومين في حزب الله أنه في العام 2008 كان في رحلة سفر إلى إيران. وصودِف أنه خلال زيارة مرقد الإمام علي الرضا الإمام الثامن لدى...
- كوريا الشمالية تحيي ذكرى تأسيسها... بلا صواريخ المرصاد نت - متابعات أحيت كوريا الشمالية اليوم الذكرى السبعين لتأسيسها في وقت امتنعت فيها للمرة الأولى منذ سنوات عن عرض صواريخ باليستية عابرة للقارات في هذه ا...
- نابلس تنتفض والمطلوب ينجو: «المهمة أخفقت» المرصاد نت - متابعات لم تكن «الجولة» الإسرائيلية في نابلس موفّقة أمس ليس لأن السلطة قررت تخفيف «كرمها» في التنسيق الأمني بل لأن مئات ا...
- استئناف المفاوضات في بغداد... وبومبيو على الخط: «الدعوة» إلى السقف الواحد المرصاد نت - متابعات تلمّس قادة «الدعوة» أن خروج الحكم من قبضتهم فرض عليهم العودة إلى «البيت الواحد» مجدّداً. نتيجة قد لا تكون نهائية ...
- وآشنطن تفاوض «طالبان»: إحياء «المكتب الوسيط» في الدوحة المرصاد نت - متابعات تدشن واشنطن «مفاوضات سلام» مع حركة «طالبان» التي ترفض إجراءها بشكل مباشر مع الحكومة الأفغانية لإنهاء الحرب الأمير...
- دعا مازحا لفترات رئاسية ثلاث.. ترامب يستعرض إنجازاته بالمؤتمر الجمهوري ويتهم خصومه بالسعي ... المرصاد-متابعات حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب -في كلمته خلال اليوم الأول للمؤتمر العام للحزب الجمهوري- من أنه قد يواجه تزويرا في الانتخابات الرئاسية...
- الحشد الشعبي يسقط طائرة مسيرة حاولت استهداف الجيش العراقي! المرصاد نت - متابعات أعلنت قوات الحشد الشعبي عن إسقاط طائرة مسيرة حاولت استهداف قطعات الجيش العراقي في قاطع عمليات ديالى. وقال الإعلام المركزي التابع للحشد ف...
- تظاهرات العراق في أسبوعها الثالث..الإجراءات الحكومية لا ترضي الشارع المرصاد نت - متابعات مع دخول تظاهرات المحافظات الجنوبية أسبوعها الثالث تسود توقعات باتخاذها مساراً تصاعدياً خلال الأيام المقبلة. تصاعد من شأنه إذا ما تحقق، مض...
- البحرية الإيرانية: هكذا صنعت الحرب رابع أسطول في العالم! المرصاد نت - متابعات عام 1987م قام مؤسس الجمهورية الإسلامية، الإمام الخميني بكبح جماح قائد الحرس الثوري في حينه محسن رضائي عندما قرّر الأخير مهاجمة قافلة بحري...
- لبنان.. تشكيل الحكومة والواقع الذي جسدته الإنتخابات ! المرصاد نت - متابعات إستمرار الإختلافات بين قادة التيارات السياسية اللبنانية حول تشكيل الحكومة القادمة دفع بأصول التيارات وأساطينها للتحرك بإتجاه الأمر الواقع...