المرصاد نت
في دول الربيع يتجلى مشهد سياسي دراماتيكي حيث الأزمات سياسية واقتصادية وانسانية تعكس مظاهر الفوضى والعبث السياسي ويعيش المواطن حياته اليومية بين الرجاء والخوف والأمل وبين نخب حكومية وحزبية تتطلع للخارج الاقليمي والدولي من أجل الارتباط به والتعلق بمشروعيته ضمن مراهنات دولية واقليمية تشبه اللعبة السائدة لدى نخب المال ومحدثي النعمة حيث المتعة واللذة في مشاهدة متصارعين في الحلبة يقتل أحدهما الأخر أو مصارعة الثيران واخيرا مشاهدة نخب محلية تدمر شعوبها من اجل ان تحظى بصداقة ذلك الخارج ..
الدول العالمية التي ظهرت فيها نخب وطنية ولائها لوطنها ولشعبها خرجت من أزماتها سريعاً وفق مشروع بناء دولة حديثة وبرامج تنمية اعتمدت علاقات خارجية وفق مبدأ احترام السيادة والدولة اولاً ..أو لا علاقة مع آي دولة لا تحترم هذه السيادة..
وهنا يحترم العالم آي دولة وآي حكومة ولائها لشعبها وتأتي بصوت الشعب ذاته ..اليوم اليمن تضيع بين رهانات اقليمية تتوزع معها جماعات وأحزاب محلية في الولاء نظير التمويل ومثلها دول أخرى ..العراق وليبيا وسوريا وليس بعيدا الجزائر والسودان وقبل ذلك الصومال …
اليمن لا يحتاج الى الدعم المالي الخارجي كتخفيف للازمات مع أستمرار عواملها ومسبباتها .. إذا تم الإتفاق السياسي وإنهاء حالة الأحتراب وإعادة بناء الدولة ونظامها الجمهوري ففي اليمن خيرات متعددة ومتنوعة تتطلب مؤسسات نزيهة وموظفين يحترمون القانون ..
لكنها معادلة صعبة أن تحصل على مؤسسات وأفراد ونخب وقيادات يحتكمون للقانون في حين هؤلاء جميعاً سبباً مباشراً للازمة الراهنة …هنا نكون أمام مساران مختلفان ..شعبي يطالب بدولة القانون ومسار للنخب يطالب بدولة المحاصصة والغنيمة ..
ولو نظرنا الى مؤشر الفساد لهذا العام كما ظهر في تقرير منظمة الشفافية الدولية نجد دول الربيع حالياً وهي دول تعيش أزمات مركبة ومعقدة كلها ذات مستويات عالية في الفساد وغياب الحوكمة ..
صفوة القول أننا نعيش في واقع يعكس بؤس الممارسة السياسية مع انسداد آفاق الحلول والمعالجات وتكيف الشعوب مع الازمات بطرق و تحايلات متعددة نظرا لغياب الدولة ..
هذا الواقع اشبه بمسرح كوميدي متواضع، المشاهد يسخر من الممثلين والمخرج وهؤلاء بدورهم يسخرون من المشاهدين الذي حضروا للمشاهدة مع علمهم ان المسرحية متواضعة أو قل رديئة .. لا يمكن للعرب الاعتماد على رهانات الخارج من اجل تحقيق مصالحهم الداخلية ..
مصالح العرب يجب ان تكون أولوية في تفكير العرب أنفسهم والارتفاع بمنسوب الولاء الوطني والتأكيد إنه لا أستقرار سياسي إلا من خلال حضور الدولة الوطنية الحديثة ومؤسساتها المدنية بعيدا عن أوهام تاريخية ذات نزعات عصبوية او دينية فالأساس دولة حديثة تقوم على مبداء المواطنة ودون ذلك مزيداً من التشظي والانقسام تحقيقا لرهانات الخارج ومصالحه الكولونيالية .
كتب : د. فؤاد الصلاحي
المزيد في هذا القسم:
- من صنعاء وصعدة منبع الثورة والإيمان ودآعاً عام 2016 وأهلاً بعام 2017 ! بقلم : صلاح القرشي المرصاد نت لم يصرف إستكبار وغطرس بني سعود و(نخيطهم) في الطاولة السياسية ولا العسكرية ولا اثرت في معنويات ومبادئ صناديد واحرار اليمن. في كل مراحل الحرب الدائرة...
- خورباتشوف اليمن خط أحمر ! بين ماقام به غورباتشوف الاتحاد السوفيتي خلال مايزيد عن عامين من توليه للسلطة في موسكو (88-91م) وما قام به (خورباتشوف) الجمهورية اليمنية في عا...
- الصراع السعودي الايراني في اليمن .. حقيقته وحصيلته المرصاد نت - خاص الجميع يريد اليمن دولة تابعة وساحة للنفوذ وحروب الوكالة يتساوى في ذلك العقل الايراني والسعودي مع تفاوت بسيط أما اليمنيون فيريدونها دولة مستقل...
- مفاوضات الكويت ونقطة الصفر! بقلم : زيد البعوه. المرصاد نت من الذي سيرفد نقطة الصفر بالأعداد الزوجية والعشريه ويجعلها تتحرك في خانة الاعداد تصاعدياً وينقذ مفاوضات الكويت؟ انه الله تعالى وانصاره ورجاله في...
- أين العدالة يا قسم التحكم ؟! لم نعد نبحث عن العدالة الانتقالية بل صرنا نفتش عن عدالة طفي وأقصد هنا العدالة في توزيع ساعات الكهرباء اليتيمة بالتساوي.هذه العدالة لا أثر لها ليس فقط على مستوى ...
- امنعوا الحوثي من بلوغ مآربه مخرجات حوار وطني يعوّل عليها المجتمع الكثير في اخراج البلد من حالة البؤس التي يراوح فيها و المضي به الى واقع جديد , و حكومة فاشلة وفاسدة اضرّت بالكثير من ...
- الدعم الأمريكي للحرب في اليمن ! المرصاد نت فشل مجلس الشيوخ الأمريكي في وقف الدعم الذي تقدمه واشنطن للتحالف بقيادة السعودية في اليمن. وكان الرئيس دونالد ترامب قد استخدم حق النقض "الفيتو" ضد م...
- اسكندر رحلة الخلود! المرصاد نت ما إن أهدأ من حزنٍ حتى يداهمني حزن أشد وأعمق بموت صديق أو رفيق أو عزيز وكأن هذا الحزن يأبى أن يفارقنا.. ها هو الموت يداهمني من جديد ويفجعني بموت الص...
- التقرير القاتل لأرتال الساحل..! المرصاد نت بالتأكيد أنكم سمعتم ما سمعته منذ أكثر من سنة فقد سمعت من محللين عسكريين أجانب وعرب وخلايجه وحتى من قادة المرتزقة المحليين بأن معركة الحديدة ستكون أ...
- من المستفيد من صراع الطوائف الدينية ! بقلم : علي حسين علي حميدالدين . المرصاد نت تبقى دول أوربا هي المستفيد الأول من الصراعات المذهبية في الشرق الأوسط كما أنها تغذي إستمرار النزاعات بتقاعسها عن إيجاد الحلول الانسانية للضعفا...