ابراهيم سنجاب *
كنت واحدا من القلائل فى عالم الاعلام العربي المنتهك بتقارير وكالات الأنباء الغربية وفضائيات الفوضى الخلاقة العربية الذى رأى فى حركة أنصار الله ( الحوثيين ) مواطنين يمنيين طبيعيين ثوريين لم يتلوثوا بالفساد السياسي الذى وضع دولتهم على قمة مؤشر الفساد العالمى , ولم يستسلموا لقصف لا يرحم استمر 10 سنوات من نظام العجوز على صالح وتابعه اللواء على محسن الذى فر تاركا رجاله وسلاحه بمجرد وصول الحوثيين الى صنعاء والسيطرة عليها فى 48 ساعة .
وحتى تعلم ان هؤلاء الناس يمتلكون مشروعا وطنيا لبلدهم وشعبهم فما عليك الا ان تسأل نفسك إن كنت ممن يتابعون الشأن اليمنى , كم تكلفت دولة صالح وأمريكا وودول أخرى مجاورة من مال ورجال وسلاح فى مواجهتها لتنظيم القاعدة الارهابي على مدى أكثر من 10 سنوات بحيث انتهت حملاتهم العسكرية بمزيد من توسع هؤلاء الارهابين جغرافيا وتضاعف أعدادهم ميدانيا . وفى المقابل كم تكلف الحوثيون من المال والرجال والسلاح حين تمكنوا من قطع دابر هؤلاء الارهابيين فى اكثر من ثلثي مساحة اليمن فى أقل من عام واحد دون استخدام طائرات ولا دبابات ولا حتى قطع مدفعية من أدنى عيار .
اذا اعتبرنا أن هذه نقطة الانطلاق للتعرف على هؤلاء البشر الذين تتأمر عليهم قوى اقليمية وأخرى عالمية من الخارج واخرى سياسية فى الداخل عاشت وترعرعت فى ظل واحد من أكثر الأنظمة فسادا فى هذه الدنيا , انظر يمينا ويسارا فى اليمن شماله وجنوبه وابحث عن الأخوان أولئك الذين يسممون الماء والهواء والزرع والضرع حيثما تواجدوا فى أى أرض خلقها الله . هؤلاء لذين تحالفوا مع صالح حتى أسقطوه ومع شباب الثورة حتى أزاحوهم ومع الجيش حتى إخترقوا مؤسساته فذهل أمام كتائب الحوثيين فى عدة ساعات , ووقفوا الأن يشاهدون ما يجرى كالذى مسه الشيطان انتظارا لفرصة تسمح لهم بالانقضاض على الجميع مرة أخرى بدعم من إرهابيي القاعدة .
ما ذنب الحوثيين إن خلقهم الله شبعة على المذهب الزيدى ,وماذا يعيب هذا المذهب لدى علماء السنة إن كان به عيب ( لا أحد يجيب !) ؟ ثم ماالذى قدمه لليمن حكامه والمتنفذون فيه من مذهب أخر , إنها الطائفية اللعينة التى لم تبرز على السطح الا مع نشأة الأخوان المجرمين ومن والاهم ومن تفرع عنهم فى عالمنا الاسلامى ومن غذاهم بالفكر الصهيونى الماسونى من أجهزة مخابرات عالمية أرادت أن تكسر الإسلام بالسلاح ففشلت فلجأت إلى بعض أبنائه ليتولوا هم بعلم أو بجهل تلك المهة الشيطانية .
ما يدفعك لاحترام هؤلاء الناس من أبناء اليمن أن مشروعهم عربي قومى ولا تقل لى إنهم مدعومون من إيران فتلك كذبة كبري جهزتها لهم دول وحكومات أرادت دائما أن تستعبد شعب اليمن وتنهب ثرواته وتعطله عن اللحاق بركب الحضارة العربية الانسانية التى هو منشؤها فى الأساس ! قد أفهم أنه يخشي من ولاء هؤلاء الناس مستقبلا لإيران اذا تمكنوا من الإمساك بمفاصل الدولة اليمنية , هذا هو الكلام السياسي الذى يمكنى أن أتفهمة ولكن يبقي السؤال اذا كنت مواطنا عربيا طبيعيا ولديك مسئوليات فى موقعك , لماذ تدفعهم أنت دفعا فى هذا الاتجاه ؟ ولماذا تبتعد عنهم فى حين تتقرب اليهم ايران أو غير أيران ؟ أما السؤال الأهم فلماذا لا تجلس مع إيران وجها لوجه وتغلق باب السيطرة الأمريكية الاسرائيلية التركية على أبواب هذا الملف , كل مسئول عربي قومى يمكنه أن يفتح باب الحوار مع ايران حاملا معه ملفات انتهاكها لأرض وعرض العراق خاصة السنة من أبنائه مثلا , ومواجهتها بحملاتها لنشر التشيع فى العالم العربي حيث الأغلبية السنية ويكفينا ويكفيها ما مر من سنوات التلاعن والتوجس , والحكمة من ذلك أنه يكفي من دم المسلمين ما أريق , ويكفى من أرض العرب وثرواتهم ما نهب .
الحجة قائمة على قادة ومسئولى الدول العربية فلا يكفي أن تنسحب من مكان لمجرد أن به مجموعة أو مجموعات تنتمى مذهبيا أو عشائريا أو فكريا أو طائقيا لجار أو غير جار أنت لا تتفق معه , بل الصحيح أن تتقدم وتتحاور وتسأل وتجد إجابة خاصة أذا كانت هذه المجموعة تعلى منطق الحوار وتتبنى مشروعا كاملا يعتمد على الشراكة وقد ظهر ذلك منهم فى كل المواقف , وانت تعلم انهم لو أرادوا لأشعلوا نارا لا تنطفئ كما تفعل القاعدة وداعش وغيرها من الجماعات الارهابية التى ابتلى الله بها المسلمين ليختبر ايمانهم .
ماذا كان عليهم وهم إحدى فصائل الثورة اليمنية عندما تخلى الرئيس هادى ورئيس وزرائه عن الحكم وقدم استقالته رغم أنه قبلها بليلة واحدة كان قد وقع على اتفاق يخرج باليمن من ازمتها ؟ وماذا كان سيجنى اليمن خلال أسبوعين عاشها بلا رئيس ولا حكومة لولا حكمة هؤلاء الناس الذين كان بامكانهم أن يحولوا شوراع صنعاء الى برك من الدماء لولا أنهم وطنيون أصحاب مشروع وطنى ؟ وما الذى يعيب بيانهم الدستورى الذى يرفضه حزب فاسد فى الداخل أو قوى دولية من الخارج , ورغم ذلك فقد وافقوا على العودة الى مائدة مفاوضات لبحث كيفية تمرير المرحلة الانتقالية .
الأفة فى عالمنا العربي أن أصحاب المشروعات المعلبة والايديولوجيات سابقة التجهيز كبعض الاسلاميين والقوميين ومدعى الناصرية وهو منهم براء سرعان ما يعلنون رفضهم واستنكارهم وشجبهم وادانتهم وهم فى الشارع السياسي لا يمتلكون شيئا وطوال مدة وجودهم في السلطة من قبل لم يكونوا رصيدا شعبيا جماهيريا مكتفين بوجودهم على رأس السلطة معتقدين أنهم لن يموتوا كما يومت الناس أو يظهر لهم من يعارضهم أو يطيح بهم كما سبق وأن فعلواهم مع سلطة قائمة . قالوا إن الحياة دول ونسوا أن دولتهم ستخضع لقانون الحياة .. يا لهم من متجلطين !.
ما زلت على يقين أن جماعة الحوثيين الزيديين هم قوميون عرب يحملون مشروعا عربيا ويؤمنون بالمشاركة فى الثروة والسلطة فى بلادهم وأنهم سيتخطون كل العقبات التى تعترض مشروعهم , ويزداد يقينى كلما رأيت منهم تصرفا سياسيا رشيدا يدل على حكمتهم التى ورثوها عن أبائهم وأجدادهم سواء من الزيديين أو الشافعية حيث عاشوا أكثر من ألف عام دون أن يسمع لهم أو منهم صوت مذهبي أو طائفي كريه .
____________
كاتب وصحفي بصحيفة الأهرام المصرية
المزيد في هذا القسم:
- رسائل العيد الرابع ! بقلم : علي جاحز المرصاد نت نشعر الان اننا الشعب الأكثر صلابة وصبرا في العالم والاكثر حكمة وسماحة وطيبة في الوقت ذاته يأتي العالم كله ليصب احقادا جمة علينا ومع ذلك نتعاط...
- حكومة ابن حبتور رسالة سياسية أكثر منها وظيفية ! بقلم : محمد عايش المرصاد نت من الانطباع الأول يبدو بن حبتور كما لو كان الأخ غير البيولوجي لـ”بن دغر” فكلاهما من ذلك النوع الذي يحتفظ في جيبه دائماً بتذكرةٍ من اتجا...
- يستحق الخيواني .. لأنه هو .. ليس هينا أن تختار منظمة حقوق الإنسان الأستاذ المناضل الكبير / عبد الكريم الخيواني سفيرا للنوايا الحسنة .. كما أنه ليس كثيرا على إنسان و مناضل كبير هو الخيواني أ...
- لم يتبقى الا شكراً ' ابليس '؟ بقلم :زيد البعوه المرصاد نت شكراً سلمان .......... شكراً ترامب ........ شكراً نتنياهو..... شكراً ابليس...!؟!.بما ان الشيطان الرجيم عاصر كل الأنبياء وكل العصور بصفته العدو اللد...
- بعيداً عن الاصطياد في الماء العكر ! بقلم: آزال الجاوي المرصاد نت ( تنويه : مهم جداً للحراكيين ) منذ اليوم الاول لبدء الحراك رسمياً في 7-7-2007 بل من قبل ذلك ومنذ اول التظاهرات في عدن وحضرموت في التسعينيات ...
- الجنوب .. تصعيد لمصلحة من ؟ !! الاهداء :الى روح الشهيد البطل سالم قطن و كل شهداء الحرب على الارهاب. الحراك التحرري الجنوبي تواصلت انطلاقته و توهجه بعد فقدان الامل بحل سياسي يأتي من صحوة ...
- الهوية الإنسانية والتحدي الراهن (١) المرصاد نتكتب : عبدالباسط الحبيشيتتعرض العُملات النقدية لدول العالم اليوم الى عمليات قرصنة ومصادرة تدريجية حتى يتم إلغائها بشكل نهائي وتبديلها بعُملة وهمية، لذا...
- ما رأيكم بسِر من أسرار ماوراء الكواليس عن العدوان على اليمن؟ كتب عبدالباسط الحبيشي إنه سِر بسيط جداً ولكنه ربما يفتح مركز مُغلق من مراكز الدماغ لدى البعض من أجل ان يعرفوا ان مايؤمنون بانه واقع هو ليس الواقع الحقيقي بل من مخرجات صناعة الوع...
- سبتمبر التحرر والسلام .. والحقد السعودي! المرصاد نت في خضم احتفالات شعبنا اليمني بأعياد الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر فإن ثورة 26سبتمبر الخالدة ستبقى هي الثورة الأم وهي الشمعة التي أضاءت سماء...
- البكاء على (جمهورية) عمران ذلك ما صموا به اذاننا منذ سقوطهم في عاصمتهم التاريخية وهو سقو ط بمعنى التحرر الاجتماعي الشامل من قبضة الهؤلاء.و.من كون عمران وعاصمتها العصيمات شكلت بديلا مشائخي...