إيران لم تخفض إنفاقها العسكري برغم العقوبات الأميركية!

المرصاد نت - متابعات

قال مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدفاعية العميد حسن دهقان في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" إن بلاده حافظت على إنفاقها العسكري برغم العقوبات الأميركية المنهكة رافضاً Iran Army2020.2.24مزاعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن استراتيجيتها المسماة "أقصى ضغط" قد أجبرت طهران على خفض موازناتها الدفاعية.

وقالت الصحيفة إن المسؤولين الإيرانيين يقرون بتأثير العقوبات على اقتصادهم الذي غرق في ركود عميق بعدما زاد ترامب من الضغوط على "الجمهورية الإسلامية". لكن العميد حسين دهقان قد قال لـ"فاينانشيال تايمز" أن طهران لم تقم بأي تخفيضات في موازنات منظماتها العسكرية. وأوضح دهقان وزير الدفاع السابق والقائد البارز السابق في "حرس الثورة الإسلامية" والذي يخضع هو نفسه للعقوبات الأميركية قائلاً: "عسكرياً اليوم نحن بالتأكيد في وضع أفضل مما كان عليه قبل ثلاث سنوات عندما تولى السيد ترامب السلطة، في كل الجوانب - من فريق العمل والتنظيم إلى المعدات. سنكون أفضل خلال خمس سنوات إذا تمت إعادة انتخاب ترامب". وأضاف: "في المنطقة، منذ إنشاء داعش وظهور انعدام الأمن، استخدمنا كل قدراتنا لتنظيم حلفائنا وتدريبهم وتقديم الاستشارة لهم".

وقالت الصحيفة إن الإنفاق العسكري الرسمي لإيران قد ارتفع بالريال الإيراني منذ أن بدأ ترامب فرض العقوبات على البلاد، وذلك وفقاً للموازنات الحكومية. وقد انخفض الريال مقابل الدولار، لكن إيران تعتمد بشدة على صناعة الأسلحة المحلية. وأشارت إلى أن السجل الكامل للإنفاق الدفاعي الإيراني غامض، كما أنه لم يتم الكشف عن تكلفة دعم الحلفاء الإقليميين. وزعم مسؤولو إدارة ترامب، مستشهدين بموازنة إيران الرسمية، أن أحد أهم نجاحاتهم هو إجبار طهران على تخفيض إنفاقها العسكري بنسبة تقارب 30 في المائة، بما في ذلك تخفيض موازنات "حرس الثورة"، وإضعاف قدرة "الجمهورية الإسلامية" على دعم حلفائها.

وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى التوتر بين الولايات المتحدة وإيران منذ انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي في عام 2018، وفرضها عقوبات جديدة وقاسية على إيران، وصولاً إلى اغتيالها قائد "قوة القدس" في "حرس الثورة" الفريق قاسم سليماني. وقالت الصحيفة إن "قوة القدس" برئاسة سليماني، و"هي جناح الحرس المسؤول عن العمليات الخارجية، قد قامت منذ سنوات بتوجيه وتسليح الجماعات المسلحة الإقليمية وقادت قتال إيران ضد داعش".

وأضافت أن اغتيال سليماني قد وجّه ضربة صادمة للجمهورية الإسلامية حيث صور القائد الشهيد تزيّن الملصقات واللوحات الإعلانية في جميع أنحاء البلاد. وبينما "أقر المسؤولون الإيرانيون بأن مقتل الجنرال الكاريزمي كانت خسارة كبيرة، فقد أصروا أيضاً على أن ذلك لم يضعف مؤسساتهم العسكرية".

وأكد العميد دهقان على "استراتيجية بقاء طهران" بحسب الصحيفة والتي تقوم على "عدم التراجع عن رعاية الجماعات المسلحة الإقليمية أو تطوير برنامج الصواريخ؛ وعدم إجراء محادثات مع واشنطن ولكن مع تجنّب الحرب الشاملة معها؛ والرهان على أن سياسات ترامب ستخدم إيران في النهاية عن طريق تأجيج المشاعر المعادية لأميركا" في المنطقة وتمكين حلفائها.

وقال دهقان "إن الإستراتيجية الأميركية تكلفهم وتكلفنا. لكن من هو الفائز الآن؟ اليوم، نعتقد أن نفوذنا في المنطقة قد زاد برغم كل هذه الضغوط". وأضاف: "لن نتخلى أبداً عن حلفائنا الإقليميين... نحن لسنا لاعبين، نحن ثوار".

ورأت "فايناشيال تايمز" أن إيران تتباهى بكونها أكبر قوة صاروخية (باليستية وصواريخ كروز) في الشرق الأوسط، وبكون عدد المقاتلين المدعومين من إيران في المنطقة يتراوحون ما بين 150.000 إلى 250.000، مع مجموعات متحالفة معها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وذلك وفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له.

وتلقي الولايات المتحدة باللوم على إيران في الهجوم الصاروخي وبالطائرات بدون طيار الذي ضرب البنية التحتية للنفط في السعودية في أيلول / سبتمبر الماضي، مما أدى إلى تدمير مؤقت لنصف إنتاج المملكة من النفط الخام. كما تتهم واشنطن و"إسرائيل" إيران بنقل الصواريخ والتكنولوجيا إلى حلفائها، وقد شنت "إسرائيل" عشرات الغارات ضد أهداف تابعة لإيران في سوريا في السنوات الأخيرة.

وعندما سئل عن مزاعم الولايات المتحدة و"إسرائيل" بأن إيران ساعدت حزب الله اللبناني والفصائل العراقية على إقامة مصانع لتصنيع الصواريخ في سوريا ولبنان والعراق، قال الجنرال دهقان: "إذا طلبوا منا المساعدة، فسنفعل ذلك".

وقالت الصحيفة إن طهران استخدمت ترسانتها الصاروخية للانتقام من الولايات المتحدة بعد اغتيال سليماني، حيث أطلقت أكثر من عشرة صواريخ على قواعد عراقية تضم القوات الأميركية. ولم تُقتل الضربات أي عسكريين أميركيين وتراجعت واشنطن وطهران عن التصعيد، لكن المرشد الإيراني آية الله السيد علي خامنئي أشار إلى أن إيران ستتخذ إجراءات انتقامية أخرى في المستقبل.

وقال الجنرال دهقان "ستحدث ضربات من دون كلفة بمرور الوقت" بهدف طرد القوات الأميركية من المنطقة. لكنه أضاف أن طهران لن تشن هجمات ضد الولايات المتحدة إلا إذا قامت أميركا بذلك [ضد إيران]". وقال إن إيران "لا ترى أي سبب لطلب" من حلفائها العمل (ضد أميركا)، لكنها "لن تمنعهم من العمل".

وكرر دهقان أن إيران لا تريد "حرباً شاملة" مع الولايات المتحدة، لكنه قال إن المفاوضات ستكون بلا فائدة. وقال: "تعتقد الولايات المتحدة أننا في وضع ضعيف ونحتاج إلى التفاوض". وأوضح: أن الولايات المتحدة تريد التفاوض معنا لتقول لنا: "لماذا لديكم صواريخ ولماذا أنتم موجودون في المنطقة ولماذا لديكم قدرات عسكرية؟ "ما طبيعة هذه المفاوضات؟".

الانتخابات الإيرانيّة وحسابات الأرقام

وفي سياق متصل انتهى الاستحقاق الانتخابي في الجمهورية الإسلامية، وأفرز برلماناً جديداً «أصولياً» بأغلبية ساحقة. توحّد «الأصوليون» (المحافظون) على قلب رجل واحد، ونزلوا إلى الميدان بلوائح موحّدة عكست الرغبة لدى قيادات هذا التيار في الحصول على العدد الأكبر من مقاعد «مجلس الشورى» وهذا ما حصل بالفعل. إلا أن ذلك لا يعني أن الكتلة «الأصولية» ستكون تجمّعاً واحداً بل ستعود وتنقسم داخل البرلمان إلى تشعّبات متعددة، تبقى تحت عباءة «الأصوليين» ولكن لكلّ منها كيانها المستقل. وسيكون لتوزيع الحصص في اللجان دور أساسيّ في إرضاء الأفرقاء إن كان برئاسة البرلمان والهيئة الرئاسية أو غيرها. هذه التفاصيل سيكون للبرلمان الجديد فرصة شهرين للبحث فيها والاتفاق عليها قبل أن يتسلّم رسمياً مهماته الجديدة.

بعيداً من التحليل وبنظرة سريعة إلى الأرقام والإحصاءات، نرى أن القيادة في طهران (المرشد علي خامنئي) وصفت هذه الانتخابات بـ«المقبولة» والتي ترتقي إلى مستوى جيد. فالمزاج الشعبي الحائر أمام ما يعانيه من سياسات اقتصادية متعثرة داخلياً في بعض الملفات، والضغط الاقتصادي الأميركي الهائل، وصل إلى حالة من الجمود وأراد إيصال رسالة إلى التيار «الإصلاحي» الذي أوصل الرئيس حسن روحاني إلى سدّة الرئاسة لدورتين رئاسيتين. التيار «الإصلاحي» وبغض النظر عن التذرّع بحجب الكثير من مرشّحيه لم ينجح في إيصال 20 نائباً إلى البرلمان، وخسر المقاعد الـ 30 في معقله وعقر داره وهو ما يُعدّ رسالة من جمهوره المتململ من سياساته الاقتصادية التي دفعت بهذا الشارع بالتحديد إلى الاعتراض أكثر من مرة بعضها كان بشكل عنفي في الشارع.

الشعب الإيراني أخذ القرار بتغيير جلد البرلمان. فمن أصل 290 نائباً حالياً، تَقدّم بالترشّح 253 ليتمّ استبعاد 80 نائباً من التيارين «الإصلاحي» و«المحافظ» على السواء بسبب شبهات تتعلق بملفات اقتصادية وسوء إدارة. هكذا استقرّ عدد المترشّحين للانتخابات من البرلمان الماضي على 173، فاز منهم حالياً 56 نائباً ما يعني أن الشعب قرّر أن 70 في المئة من النواب الحاليين غير كفوئين وغير جديرين بتجديد الثقة بهم، وهذا دليل على القدرة الشعبية على الحسم. الأرقام والإحصاءات، قبيل الانتخابات وعشيّتها لم تختلف كثيراً عما أفرزته الصناديق. فالتوقّعات أشارت إلى أن المشاركة الشعبية ستكون أقلّ من 50 في المئة وفق معايير محايدة. كما أشارت استطلاعات الرأي إلى أن 43 في المئة لن يشاركوا في الانتخابات لعدم ثقتهم بأن الحكومة الحالية قادرة على التغيير وبالتالي أراد الشارع إيصال رسالة إليها واضحة وصريحة. رقم المقترعين وصل إلى نسبة تقارب 42% أو 25 مليوناً (وللمصادفة هو الرقم الرسمي نفسه الذي أُعلن لعدد المشاركين في تشييع قائد «قوة القدس» الجنرال قاسم سليماني).

الشارع الذي كان معدّل المشاركة في الانتخابات البرلمانية لديه 55 في المئة تأثّر أيضاً بأخبار انتشار فيروس «كورونا» وهذا ما خفض نسبة المشاركة إلى حدّ ما إلا أن ذلك لا يُعدّ السبب الرئيس لانخفاض النسبة. كما أن الانتخابات البرلمانية لا يشارك فيها المغتربون وهم أكثر من 8 ملايين إيراني يعيشون في الخارج. هذه العوامل أثّرت في المشاركة إلا أن الواقع يشير إلى أنه لو كانت النسبة أكبر لكانت خسارة التيار «الإصلاحي» مدوّية أكثر؛ ففي العاصمة طهران لم يحصل أيّ مرشح «إصلاحي» على أكثر من 100 ألف صوت في حين أن محمد باقر قاليباف وصل إلى حوالى مليون و300 ألف صوت. سيتمّ الحديث عن نسبة الاقتراع، وستدور حولها تحليلات، ولن يؤخذ بعين الاعتبار العديد من التفاصيل. لكن عندما تصف القيادة (المرشد خامنئي) الانتخابات بـ«الجيدة» فهذا يعني أن الرسالة وصلت وأن الانتخابات حقّقت المطلوب منها وإن لم تكن على قدر التوقّعات مع جمع العوامل كافة من أخبار «كورونا» إلى المغتربين إلى عقاب قاعدة التيار «الإصلاحي» لقيادتها والتململ الشعبي الذي أراد إيصال رسالة اعتراض للرئاسة والبرلمان والسلطات النافذة في البلاد.

خلال الفترة المقبلة سيكون البرلمان مطالَباً بإعادة هيكلة الأولويات ووضع خططه التي رسمها جانباً، ليقرأ المطالب الشعبية ويسعى إلى تنفيذها بدلاً من الدخول في صراع سياسي عقيم بين مجلس «أصولي» ورئيس محسوب على «الإصلاحيين». كما سيكون النواب ملاحَقين من الناخب بمطلب أن لا يُحوّلوا التعاطي مع حكومة حسن روحاني إلى قاعدة انطلاق للانتخابات الرئاسية، لأن المطالب الشعبية أعطتهم هذه المشروعية أملاً بإصلاحات حقيقية وعمليات قيصرية اقتصادية تُحصّن الداخل وتدفعه إلى النهوض بشكل أقوى لمواجهة الظروف المقبلة التي ستكون حتماً أشدّ قساوة في المواجهة المفتوحة مع واشنطن.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية