صراع عسكري وسياسي بين السعودية والامارات على جنوب اليمن

 المرصاد نت - متابعات

تفتقد المحافظات اليمنية التي تحتلها دول العدوان الى الاسقرار فمنذ أن تمكنت هذه الدول من السيطرة عليها بقوة السلاح يشهد الجنوب انفلاتاً أمنياً جراء الصراع بين هذه الدول Shabwah2018.3.17والجماعات المسلحة التابعة لها ما انعكس سلبا على حياة المواطنين.


ثلاث سنوات كانت كافية لان تكشف الاهداف الاستعمارية للعدوان في اليمن فالمحافظات التي سيطر عليها التحالف لاتزال تشهد صراعا عسكريا وسياسيا بين الحليفين السعودية والامارات من اجل بسط النفوذ وتحقيق اطماع واسعة.

اشتباكات مسلحة وعمليات تصفية واغتيالات وتفجيرات بالاضافة للدفع بقوات عسكرية واستجلاب جماعات متشددة وتكوين وانشاء اخرى كل ذلك شهدته المحافظات الجنوبية خلال ثلاث سنوات من العدوان افضت الى انفلات امني غير مسبوق .

الصراع بين السعودية والامارات لايزال عرضة للتصاعد وفق مراقبين الذين يرون هيمنة واضحة للامارات على المكاسب الاستراتيجية من شواطئ وموانئ وجزر ومواقع و مناطق استراتيجية هامة تحوي ثروات اكثر وتحركها الاخير باتجاه الساحل الغربي من اليمن وهو امر لا تقبل به السعودية التي يقتصر نصيبها على جبهات الاستنزاف والقتال في الداخل كالجوف ومارب وترى في ذلك تهديدا لحضورها في اليمن .

وفيما يعيش سكان المحافظات التي تسيطر عليها دول العدوان وضعا انسانيا ومعيشياً صعباً وعلى الرغم ايضا من توافر مقومات الحياة في هذه المحافظات الا ان دول تحالف العدوان لا سيما دولة الإمارات التي استطاعت احداث اضطراب امني عن طريق مليشيات كونتها والاستفادة من ذلك لنهب الثروات الطبيعية حيث باتت تصدر بشكل مستمر شحنات من الغاز والنفط من حضرموت وبلحاف وشبوة دون علم مايسمى بالشرعية التي فقدت القرار السيادي في البلد.

في خاصرة الجنوب… الصراع يستعر مجدداً

لقرار الذي أصدره هادي يوم الجمعة 16 مارس الحالي، والذي قضى بتشكيل محور عملياتي عسكري يسمى «محور بيحان» في محافظة شبوة الجنوبية – 42584 كم2 – ويتبع قيادة المنطقة العسكرية الثالثة في مأرب المحافظة الخاضعة لسيطرة حزب «الإصلاح» وهو يضم وفقاً لقرار هادي خمسة ألوية عسكرية منها «اللواء 26 ميكا» والذي قضى القرار بتعيين قائده الموالي لحزب «الإصلاح» والمقرب من الجنرال الرئيس علي محسن الأحمر اللواء مفرح بحيبيح المرادي قائداً لهذا المحور. وقد شكَّل القرار آخر حلقة من سلسلة التنافس المحتدم بين حزب «الإصلاح» (إخوان اليمن) والطرف الجنوبي و«المجلس الانتقالي الجنوبي» بالذات ومن خلفه دولة الإمارات .

هذا القرار ألهبَ ساحة النُخب الجنوبية بوجه هادي وبوجه حكومته عموماً فوق ما هي ساحة ملتهبة أصلاً منذ أشهر وبالذات بين حكومة هادي من جهة وبين «المجلس الانتقالي» الذي يحظى بدعم سياسي غير مباشر – وعسكري مباشر نوعاً ما – من الإمارات من جهة أخرى حيث اعتبر كثير من الجنوبيين هذا القرار استهدافاً صريحاً من هادي لمستقبل الجنوب وخدمة مجانية لـ«الإصلاح»، وهو يندرج ضمن خصومته للقضية الجنوبية وعلى طريق مشروعه المعروف بمسمى «مشروع الستة الاقاليم»، كما أنه يصب بالضرورة بمصلحة عدو الجنوب «الشرعية» بكل تشعباتها بعدما صار الرجُلُ -وفقا لرأي الكثيرين- أداة بيد «الإصلاح».

فالأصوات الجنوبية الرافضة لهذا القرار والأصوات الشمالية المنضوية تحت لواء حكومة هادي المرحبة كانت شديدة التباين هذه المرة خلافاً لتبايناتها السابقة تجاه قرارات مماثلة لهادي، وذلك لعدة أسباب منها:

أولاً أهمية المكان الذي استهدفه قرار هادي «شبوة» وهي المحافظة الغنية بالنفط والغاز والتي تمتلك شريطاً ساحلياً طويلاً يمثل بالنسبة للإمارات أهمية قصوى للربط بين وجودها بالشرق الممتد حتى محافظة المهرة مروراً بحضرموت المتخمة بالثروات النفطية والغازية وبين امتدادها غرباً حتى البحر الأحمر مروراً بعدن والجزر الأخرى التي تقع تحت هيمنة الإمارات وجزيرة سقطرى على وجه الخصوص.

ثانياً إنها أي شبوة قريبة من مقر حكم حزب «الإصلاح» أي مأرب المدينة والمحافظة وهذه الأخرى أيضاَ غنية بالنفط.

ثالثاً تنامي النفوذ العسكري الإماراتي بهذه المحافظة شبوة مؤخراً عبر قوة جنوبية ضاربة «النخبة الشبوانية» والتي استطاعت توجيه ضربات قوية لمعاقل الجماعات المتطرفة بالمحافظة وهذه القوة النخبوية يرى فيها حزب «الإصلاح» تهديداً حقيقياً يقرع أبواب مقر حكمه ويسعى لخنقه شيئاً فشيئاً في ظل انكفاء وصمت سعوديين.

رابعاً إن الصراع المحتدم منذ شهور على ميناء المحافظة الرئيس «بلحاف» ما زال عالقاً بالأذهان وهو الميناء الذي يعتبر ضرع الغاز الجنوبي ومنطلقه الغزير نحو الخارج في ظل تزايد الاتهامات للإمارات بأنها باتت تتصرف بالأرض كقوة محتلة وتتصرف بتصدير النفط بمعزلٍ عن أي تنسيق مع حكومة هادي بحسب تلك الاتهامات.

وبالتالي وفي ظل هذا الشعور الإصلاحي فلا غرو ان يسعى هذا الحزب الى دفع هادي لإصدار مثل هكذا قرار ليمتلك من خلاله قوة عسكرية ضاربة في محافظة غنية بالثروات أولاً وجنوبية الانتماء ثانياً كالقوة الكبيرة التي قضى القرار الأخير أن تكون تحت تصرفه وهي: «اللواء 26 ميكا، اللواء 19 مشاة، اللواء 163 مشاة اللواء 153 مشاة واللواء 173 مشاة» ليجابه بها الإمارات وتتصدى لأي قوة جنوبية عسكرية طامحة قد تؤسس نواة لجيش جنوبي مستقبلي كـ«النخبة الشبوانية» خصوصاً أن شبوة فوق ما لها من أهمية اقتصادية، وقربها الجغرافي المتاخم لمقر «الإصلاح» في مدينة مأرب فهي تعتبر واسطة العُـقد الجنوبي الرابط بين شرقه وغربه، فمن يسيطر على شبوة فقط فإنه يضمن شبه سيطرة على كل الجنوب.

هذا القرار يأتي بعد أيام من نشوب أزمة حادة بين محافظ شبوة اللواء علي الحارثي ووزير النقل المقرب من هادي وحزب «الإصلاح» صالح الجبواني على خلفية صراع محتدم بين حكومة هادي والإمارات حول الموانئ والحضور الإماراتي الطاغي بالمحافظة وعلى اثر ذلك ذهبَ الجبواني مغاضباً إلى الرياض بعدما ألقى خلفه سيلاً من تهم الفساد والفشل بحق الحارثي كمؤشر على مدى الهوة بين أطراف داخل «الشرعية» وبينها وبين «التحالف».

كما أن قرار هادي يأتي بعد أيام من زيارة قام بها محافظ مأرب سلطان العرادة الى الإمارات أحيطت بالتكتم الشديد من الطرفين والتي على ما يبدو أنها زيارة لم تأت بنتائج كانت مرجوة من الجانبين بحسب مصادر يمنية… وهي الزيارة التي أتت بعد أيام من لقاء الجنرال علي محسن الأحمر بعدد من المحافظين بمأرب… ما يعني أن ثمة مساع قد جرت ولم تفلح بتقريب الجانبين المتصارعين، الإماراتي والإصلاحي، من بعضهم البعض.

على كل حال نحن إزاء صراع اقتصادي سياسي فكري يمني - يمني - ويمني إقليمي ساحته الجنوب - وليس الجنوبيين والشماليين على السواء بصراعهم في الجنوب إلا أدوات وقفازات بأياد قوى إقليمية ودولية… ففي الوقت الذي يؤدي فيه الرئيس هادي مهمة قفاز حزب «الإصلاح» وهذا الأخير يعد ذراعاً قطرية تركية، يبدو في المقابل أن «المجلس الإنتقالي» يؤدي الدور نفسه بيد الإمارات مع فارق أن «الانتقالي الجنوبي» يتحرك تحت راية الجنوب وباسم القضية الجنوبية ويرى في الدور والدعم الإماراتي فرصة للظفر بتطلعات مواطني الجنوب… هذا عالى الرغم من محدودية هذا الدعم السياسي وعدم تجاوزه بعد حدود تصريحات ضبابية مشوشة بين الفينة والأخرى أو في أحسن الأحوال تصريحات لا تعدو أن تكون أكثر من جرعات وحُقن تفاؤل مؤقتة يتم حقن العضل الجنوبي بها كلما اقتضت الحاجة لذلك وتصريحات لم تتعد بعد تماس دائرة تغريدات وسائل التواصل الاجتماعي!

المزيد في هذا القسم: