الإمارات... قوة احتلال بلا مبادئ ولا أخلاق

المرصاد نت - لقمان عبدالله

تخالِف الإمارات، في احتلالها المحافظات الجنوبية أبسط المبادئ التي نصّ عليها القانون الدولي الإنساني وألزم بها أي احتلال تجاه السكّان الواقعين تحت سيطرته وفوق ذلك لا Almokalla2018.4.21تتحرّج أبو ظبي في تمويه تلك الممارسات بخطوات دعائية تستهدف التغطية على الواقع في المناطق التي تدعي انها «المُحرّرة»..


يزور وفد ممّا يسمّى «هيئة البيئة» في أبو ظبي برئاسة أمينها العام رزان خليفة المبارك وعضوية عدد من الخبراء المتخصصين في شؤون البيئة جزيرة سقطرى اليمنية بهدف «رفع رؤية متكاملة حول تعزيز مفاهيم البيئة والمحافظة عليها واستدامتها» وفق ما أُعلن رسمياً.

يأتي ذلك بعدما تسارعت الأنباء عن قيام الإمارات بسرقة الأشجار المعمّرة والنادرة من الجزيرة وقبلها سرقة كميات كبيرة من أحجار الشعاب المرجانية والطيور النادرة وغيرها من الأرخبيل وتترافق الخطوة الجديدة مع تفاقم الأوضاع الإنسانية الصعبة في بقية المحافظات المُسمّاة «محرّرة» جراء تدهور الخدمات وترهّل البنية التحتية.

وعليه لم يبدُ مستغرباً أن يعلّق ناشطون على خبر الزيارة بالإشارة إلى المفارقة المتمثلّة في «ترف» إرسال وفد بيئي إلى جزيرة لا يتعدى عدد سكانها الآلاف (بهدف تلميع صورة أبو ظبي) في وقت يعاني فيه سكان عدن والمحافظات المجاورة من شحّ الاحتياجات الأساسية لمواصلة الحياة وغرق مدنهم في مياه الصرف الصحي والقمامة.

إلا أن ذلك لا يعود مستهجناً إذا ما نُظر إلى الإمارات كدولة تتصرف في شؤون جنوب اليمن الذي يحوز موقعاً استراتيجياً وحيوياً من منطلق أن هذه المحافظات هي ملك يدها وأنها الموكَلة إليها إدارتها بتفويض من الولايات المتحدة راعية تحالف العدوان. وبالتالي تقوم أبو ظبي ــ مُعتقِدةً أن الحرب تَشغل اليمنيين وتَصرِفهم إلى الالتهاء بهموم معيشتهم ــ بما ينسجم مع مصلحتها وترسيخ قوتها ونفوذها على الأمد البعيد مُستغلّةً ثروات المحافظات الجنوبية ومُسخّرةً شبابها في عملية التجنيد وغير مُكترثةٍ لواقع قطاعات أساسية كالصحة والتعليم والكهرباء تُعتبر شبه متوقفة ولا تلبّي إلا نزراً يسيراً من احتياجات المواطنين علماً بأن المبادئ التي تحكم أي احتلال والتي نصّ عليها القانون الدولي الإنساني تُلزِم المحتل بتوفير «الغذاء والرعاية الطبية» للسكان وضمان «النظام والسلامة العامة».

ولا يتوقف الأمر عند الإحجام عن إعادة تأهيل البنية التحتية والمرافق المتهالكة جراء الحرب وما قبلها بل إن سلطات أبو ظبي تعمد إلى تعطيل الموانئ الرئيسة في اليمن خصوصاً ميناءي عدن والمكلا من خلال عرقلة رسوّ السفن المحملة بالبضائع التجارية. وقد نشرت وسائل إعلام في جنوب البلاد مراراً مشاهد تظهر قيام التجار بإتلاف بضائعهم بسبب انتهاء صلاحيتها بعد رفض الإمارات السماح لهم بإفراغها في الوقت المحدد بذرائع مختلفة مع الإشارة إلى أن كثيراً من هذه السفن تأتي من ميناء جدة السعودي.

كذلك تعطّل سلطات الإمارات أهم مطار في المحافظات الشرقية وهو مطار الريان في المكلا الذي تحوّل إلى قاعدة عسكرية إماراتية تتمركز فيها أيضاً قوة أميركية مختصة في الشؤون الاستخبارية وإدارة الطائرات من دون طيار تتولى الإشراف على عمل القوات الإماراتية. كذلك تحوّل جزء من المطار إلى سجن سرّي يُعتقل فيه المئات من سكان حضرموت. وعلى الرغم من صدور أحكام من الأجهزة القضائية اليمنية بالبراءة الأمنية للمعتقلين إلا أن الحاكم العسكري الإماراتي يرفض إطلاق سراحهم.

ويتركز الحضور الإماراتي سواء بشكل مباشر أو عبر قوات «النخبة الحضرمية» و«النخبة الشبوانية» التابعة لأبو ظبي في المديريات الساحلية والمناطق النفطية الحيوية من كل شبوة وحضرموت إذ تتحكم الإمارات في طرق أنابيب النفط والغاز الممتدة بين مأرب وحضرموت وشبوة وصولاً إلى بحر العرب وتُعزّز علاقاتها ببعض القبائل المحلية في تلك المناطق تحت غطاء العمل الإغاثي والإنساني في ما يبدو أنه يستهدف تمويه عمليات إنتاج النفط وتصديره والتي تفيد المعلومات بأن أبو ظبي استأنفتها منذ فترة بعدما توقفت بسبب الحرب علماً بأن اليمن كان يُصدّر قرابة ثلاثمئة ألف برميل من النفط قبل العدوان.

تعذيب وإعدام أفارقة: جديد انتهاكات الإمارات في جنوب اليمنShabwah2018.4.21

الوصول إلى الشواطئ اليمنية في قارب معبّأ بالمهاجرين الأفارقة جحيم لا يطاق خاصة من منطقة القرن الإفريقي التي يدفع الشباب فيها آلاف الدولارات للمهربين كفدية، ويتعرضون للقتل أحياناً في حالة عدم الدفع ورغم العدوان والحرب على اليمن لا يزال يقصدها نحو ستة آلاف مهاجر كل شهر وفق مفوضية الأمم المتحدة وينطلق هؤلاء غالباً من إثيوبيا أو الصومال على أمل أن يجدوا فرصة لجوء أو سفر إلى بلدان مجاورة لكنهم لا يلبثون أن يقعوا في قبضة الحياة شديدة البؤس بعد أن أصبحت مدينة عدن جنوب اليمن مقبرة للمهاجرين حيث يتم قتل ودفن أي مهاجر يتأخر عن الدفع، حتى أصبح الوضع كابوساً يؤرّق كل المهاجرين.

مستجير بالرمضاء

يتدفق المهاجرون من القرن الإفريقي إلى اليمن بمعدلات متزايدة رغم العدوان والحرب على اليمن التي تدخل عامها الرابع والتي ألقت البلاد في أزمتها الإنسانية الخاصة من الجوع والتشرد ورغم ذلك يلجأ إليها المهاجرون هرباً من الجفاف والفقر في وطنهم ويأملون في عبور اليمن والوصول إلى السعودية الدولة المجاورة الغنية بالنفط والتي تستغل مثل هؤلاء المهاجرين لتجنيدهم كمرتزقة ضد الجيش اليمني ولجانه الشعبية وذلك بالتنسيق مع قيادات أمنية وعسكرية رفيعة في مدينة عدن وبقية مدن الجنوب.

هيومن رايتس تفضح

قالت "هيومن رايتس ووتش" إن بعض المسؤولين الحكوميين اليمنيين عذبوا واغتصبوا وأعدموا مهاجرين وطالبي لجوء من القرن الإفريقي بمركز احتجاز بمدينة عدن الساحلية جنوبي اليمن. وحرمت السلطات التي تتبع حكومة هادي طالبي اللجوء من فرصة طلب الحماية كلاجئين ورحّلت مهاجرين بشكل جماعي في ظروف خطيرة عبر البحر. ووفقاً لـ "هيومن رايتس" فإن محتجزين سابقين أفادوا أن الحراس ضربوهم بقضبان حديدية وهراوات وسياط وركلوهم ولكموهم وهددوهم بالقتل والترحيل واعتدوا عليهم جنسياً، وأطلقوا عليهم النار فقتلوا منهم، وأجبر حراس ذكور النساء على خلع عباءاتهن وحجابهن كما صادروا نقود المهاجرين وأغراضهم الشخصية ووثائقهم الممنوحة لهم من وكالة الأمم المتحدة للاجئين.

بطولة إماراتية

قال بيل فريليك مدير برنامج حقوق اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "اعتدى حراس مركز احتجاز المهاجرين في عدن - تديره الإمارات - على الرجال بالضرب الشديد واغتصبوا النساء والصبية ورحّلوا المئات عبر البحر في قوارب مكتظة لا تمثل الأزمة في اليمن أي مبرر لهذه القسوة والوحشية وعلى السلطات أن تنهي هذه الممارسات وتحاسب المسؤولين عنها وأوضحت المنظمة أن موظفين حكوميين تابعين لهادي قاموا بتعذيب مهاجرين من القرن الإفريقي والاعتداء عليهم وإعدامهم داخل مركز احتجاز في مدينة عدن جنوبي اليمن، وأكدت أن قوات مدعومة من الإمارات تقوم باعتقال المهاجرين والاعتداء عليهم بممارسات تخالف كل القوانين والأعراف والمواثيق وأصدرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقريراً مماثلاً يستند لشهادات ناجين وثّقوا عمليات ضرب واعتداء وإعدام وتجويع بحق المهاجرين.

حكومة هادي تعترف

اعترفت حكومة هادي بهذه الانتهاكات حيث أصدر وزير الداخلية أحمد الميسري أمراً بتوقيف ضابط برتبة عقيد كان يدير مركزاً للمهاجرين الأفارقة في عدن وذلك بعد اتهامات منظمة هيومن رايتش ووتش مسؤولين بتعذيب واغتصاب نساء وأطفال في المركز وقالت وزارة الداخلية في بيان نشرته الخميس على موقعها إن الوزير اليمني "وجّه الأجهزة الأمنية المعنية بإلقاء القبض فوراً على العقيد خالد العلواني مدير مركز اللاجئين الأفارقة السابق وإحالته للتحقيق" وأضافت إن أمر القبض صدر على خلفية "اتهامه بانتهاكات حقوق الأنسان وقضايا اغتصاب لمهاجرين أفارقة كانوا محتجزين بالمركز".

وكان العلواني يشغل منصب مدير مركز اللاجئين الأفارقة في مديرية البريقة في السابق وقال بيان وزارة الداخلية إنه يشغل حالياً منصب مدير شرطة مديرية المعلا في عدن. إلى ذلك قالت الوزارة أيضاً أنه تم توجيه أوامر بوقف مركز احتجاز اللاجئين في البريقة في عدن عن العمل واخلائه وتسليمه إلى "هيئة الأحياء البحرية" التابعة لوزارة الثروة السمكية اليمنية، ووجه الميسري الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس الوزراء، بتشكيل لجنة لترحيل المحتجزين في المركز إلى مخيم آخر للمهاجرين.

إجراءات سابقة

وكانت وزارة الداخلية التابعة لحكومة هادي قالت في رسالة بتاريخ 2 أبريل/نيسان ردّاً على نتائج "هيومن رايتس ووتش" الأولية إنها عزلت قائد المركز وبدأت في إجراءات نقل المهاجرين إلى موقع آخر واعدة بالتحقيق في الشكاوى أو الأدلة الخاصة بالإساءات وفي مطلع أبريل/نيسان، وضعت السلطات الجديدة بالمركز ما تبقى من الإثيوبيين – نحو 200 شخص – في شاحنات ونقلتهم إلى باب المندب على الساحل على مسافة نحو 150 كيلومتراً من عدن حسب قول الشهود وأنزل الحراس نحو 100 إثيوبي في قارب إلى البحر وكان محرك القارب الثاني معطلاً فأجبر الحراس الإثيوبيين الباقين على العودة إلى فناء كبير عليه حراسة قرب الشاطئ وبعد يوم في الفناء بلا طعام تمكّن بعض المحتجزين من الهرب.

المزيد في هذا القسم: