قبائل شبوة تفاجئ «التحالف»: تحوّل نوعي في مسار مواجهة الاحتلال !

المرصاد نت - أحمد الحسني

تبدو الشراسة التي واجهت بها قبائل شبوة متكاتفةً الأسبوع الماضي مداهمات الميليشيات المدعومة إماراتياً في منطقة مرخة كأنها تحوّل نوعي في مسار مواجهة الاحتلال وحلفائه. مسارٌ لا يفتأ Shabowaah2019.1.9يكتسب مزيداً من الالتفاف والتعاطف الشعبيين في ظلّ قتامة النموذج الذي قدّمته الرياض وأبو ظبي لحكم الجنوب ..

أعادت الأحداث التي شهدتها منطقة مرخة في محافظة شبوة الأسبوع الماضي تسليط الضوء على ممارسات الميليشيات المدعومة إماراتياً في جنوب اليمن وخصوصاً منها «النخبة الشبوانية» التي سيطرت على معظم محافظة شبوة الغنية بالنفط والغاز في آب/ أغسطس 2017 وتمارس مذّاك تعسفاً ضدّ أهاليها بدواعي «مكافحة الإرهاب» إذ إنها تداهم منازل المواطنين في ساعات متأخرة من الليل من دون سابق إنذار وتنفّذ عمليات قتل من دون محاكمات، إضافة إلى حرق المنازل أو هدمها.

وتأسّست «النخبة الشبوانية» كرديف لـ«النخبة الحضرمية» و«الحزام الأمني» وجهاز «مكافحة الإرهاب». وهي تشكيلات تتكوّن جميعها من مقاتلين من المحافظات الجنوبية وتنفّذ أجندة أبو ظبي في اليمن وتحظى بدعم أميركي في ما يتصل بملف «مكافحة الإرهاب». هذا الملف تحديداً بات يمثّل كابوساً بالنسبة إلى اليمنيين بالنظر إلى كمّ الانتهاكات التي تُرتكب تحت لافتته سواءً بحق المعتقلين أو أثناء المواجهات مع مشتبه فيهم.

والجدير ذكره هنا أن الميليشيات المدعومة إماراتياً زجّت ــــ منذ تأسيسها بعد خروج «أنصار الله» من الجنوب في آب/ أغسطس 2015 ـــ بالآلاف في المعتقلات وقامت بتصفية عناصر من «القاعدة» بعد أسرهم من دون محاكمات، الأمر الذي أثار شكوكاً حول علاقة تلك العناصر بأجهزة «التحالف» الأمنية.

وعلى رغم تنفيذ الميليشيات عمليات عسكرية ضد تنظيمَي «القاعدة» و«داعش» بإسناد من سلاحي الطيران الإماراتي والأميركي إلا أنها لم تخض معارك مباشرة مع التنظيمين اللذين سرعان ما يقومان بتسليم المدن الواقعة تحت سيطرتهما للقوات المدعومة من أبو ظبي ضمن تسويات وتفاهمات ترعاها شخصيات قبلية، وتفضي إلى خروج عناصر «القاعدة» و«داعش» إلى المناطق الجبلية والريفية في كلّ من أبين وشبوة وحضرموت والبيضاء.

وبعيداً من لافتة «مكافحة الإرهاب» بات واضحاً لدى أهالي المحافظات الجنوبية أن الهدف من نشر الميليشيات المدعومة إماراتياً هو السيطرة على المناطق الغنية بالثروة في أراضيهم. وفي هذا الإطار يُشار إلى أن أكثر من 6000 عنصر من «النخبة الشبوانية» أوكلت إليهم مهمة تأمين المناطق الساحلية على شريط البحر العربي في رضوم وحبان وميفعة وعزان في محافظة شبوة. كما أن هذه الميليشيا أنشأت مقرّاً لقوات «التحالف» في مؤسسة بلحاف الغازية والتي تُعدّ أكبر منشأة يمنية لتصدير الغاز إلى الخارج. ويُضاف إلى ما تقدم أن عداد «النخبة الشبوانية» اقتصر على مقاتلين من أبناء قبائل سلطنة الواحدي التي كانت قائمة أيام الاحتلال البريطاني للجنوب قبل عام 1967 فيما تمّ استثناء قبائل العوالق من تشكيلها وهو ما عدّه مراقبون استنساخاً للتجربة البريطانية في التعاطي مع ملف الجنوب.

أسلوب مواجهة جديد
لم تكن أحداث مرخة التي وقعت الجمعة الماضي والتي سقط فيها 9 من أبناء آل المحضار برصاص «النخبة الشبوانية» في منطقة مرخة استثناءً، إذ إن «النخبة» مارست، خلال العامين الماضيين انتهاكات متعددة تركّزت في منطقة الحوطة في مدينة عزان حيث أحرقت منازل بعض المطلوبين ودمّرت منزل أحد المشائخ القبليين بعد اتهامه بالانتماء إلى «القاعدة» ومارست التعذيب بحق سجناء سياسيين منهم رئيس «المجلس الثوري» في المدينة محسن عزان الذي اعتقلته في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بسبب تنظيمه تظاهرة تطالب برحيل قوي تحالف العدوان من الجنوب. كما أوصلت في الشهر نفسه أيضاً جثة المعتقل سرحان أبو مشعل إلى منزل أهله في الحوطة بعد اعتقال دام 3 أيام، تخلّله تعذيب حتى الموت.

 غير أن الجريمة التي ارتكبتها «النخبة» بحق آل المحضار في مرخة جاءت في وقت بات فيه الشارع الجنوبي يغلي غضباً ضد سياسات تحالف العدوان وهو ما يتجلى في تظاهرات تخرج من حين إلى آخر للمطالبة برحيل الاحتلالين السعودي والإماراتي فضلاً عن تشكّل حراك سياسي وقبلي رافض لوجود الرياض وأبو ظبي في الجنوب. هذا الواقع جعل من أحداث مرخة تظهر كأنها تحول نوعي في مواجهة تحالف العدوان خصوصاً أن أعداداً قليلة من المسلحين القبليين كسروا زحف قوة كبيرة من «النخبة» مدعومة بطائرات الـ«أباتشي» الإماراتية وقتلوا قائدها في محور بلحاف جلال بن عجاج إضافة إلى 6 آخرين وأسروا عدداً من المهاجمين، وأحرقوا عربات عسكرية لهم. وأفادت مصادر محلية بأنه «بعد ساعات من استمرار المعارك استنفرت قبائل النسي وآل طالب وساندت آل المحضار في مواجهة النخبة الأمر الذي جعل التحالف يوجّه بوقف المعارك».

واستدعت أحداث مرخة ردود فعل غاضبة في أوساط اليمنيين بلغت حدّ وصفها من قِبَل البعض بأنها «معركة الكرامة». ردود يعزوها الصحافي محمد فهد الجنيد إلى «الأخطاء شبه اليومية التي ترتكبها النخبة بحق المواطنين والتي ولدت غضباً شعبياً متصاعداً» واصفاً مواجهة القبائل لقوات تحالف العدوان بـ«الأسلوب الجديد الذي يضاف إلى النشاط الشعبي والسياسي المناهض لتلك القوات».

تعمّد إشعال الفتنة؟

على مقلب حكومة هادي برزت بعض القراءات التي لم تخلُ من تصويب مبطن على الإمارات إذ اعتبرت التطورات في مرخة أحداثاً تديرها قوى خارجية بأدوات محلية من دون علمها لتسجيل حضور في ملف «مكافحة الإرهاب» خصوصاً أنها جاءت بعد ساعات من مصرع القيادي البارز في «القاعدة» المتهم بتدمير البارجة الأميركية «يو إس إس كول» في عام 2000 بالقرب من ساحل عدن جمال البدوي الذي قُتل بغارة أميركية في مدينة مأرب.

كذلك وجّهت حكومة هادي بتشكيل لجنة للتحقيق في أحداث مرخة. وضمّت اللجنة قيادات أمنية بارزة إضافة إلى عضوية ممثّل عن تحالف العدوان. غير أن «النخبة الشبوانية» منعت وصول اللجنة إلى مدينة مرخة وأوقفتها في مدينة عتق مركز محافظة شبوة. ووفقاً لمعلومات فإن قائد «النخبة» سالم البوحر رفض نزول اللجنة إلى مرخة مهدّداً بـ«قصف أهالي مرخة في حال لم يُسلّموا المطلوبين». وأكدت المعلومات «استمرار قوات النخبة في تمركزها على مداخل مدينة مرخة ووصول تعزيزات ضخمة لمساندتها».

في المقابل أفاد أحد أقارب عبيد الله المحضار الذي أدت محاولات «النخبة» اعتقاله إلى اندلاع مواجهات مرخة بأن «عبيد الله لم يكن يوماً مع القاعدة» وأنهم «تفاجأوا بقدوم قوات النخبة لمداهمة قرية هجر آل المحضار رغم أن عبيد الله يمكن القبض عليه خارج البيت من دون مواجهات». لكن بعض المتابعين يرون أن «التحالف» تعمّد إيقاع المواجهة بين القبائل و«النخبة» بهدف إشعال فتيل حرب في شبوة.

وهو ما ذهبت إليه «الهيئة الشعبية» التي يتزعمها السياسي اليمني البارز اللواء أحمد مساعد حسين الذي يخوض منذ أشهر حراكاً قبلياً وسياسياً مناهضاً لـتحالف العدوان إذ أشارت إلى أن «الضحايا من الطرفين جميعهم أبناء شبوة وعناصر النخبة جنود مأمورون جاؤوا من مناطق بعيدة لا يعرفون شيئاً عن مرخة» مُحمّلةً «التحالف» المسؤولية بصفته من أعطى الأوامر ومؤكدة «وقوف الهيئة مع الأهالي في الدفاع عن أنفسهم وديارهم». من جانبه وصف اللواء عوض بن فريد العولقي وهو إحدى الشخصيات القبلية البارزة في شبوة أحداث مرخة بـ«الجريمة الدنيئة» داعياً إلى «تشكيل جبهة وطنية في المحافظات الجنوبية والشرقية لمواجهة الاحتلال».

الكويت: قد نستضيف الجولة التفاوضية المقبلة
أعلنت الكويت أمس أن الجولة المقبلة من مشاورات السلام اليمنية قد تنعقد على أراضيها. وقال مساعد وزير الخارجية الكويتي فهد العوضي في تصريحات صحافية إن «هناك جولة أخرى من المحادثات اليمنية قد تكون في الكويت» آملاً أن تُكلّل بـ«التوقيع على اتفاق لإنهاء هذه الأزمة».

وأشار إلى أن «تحديد موعد لذلك يعتمد على تطورات الأمور في اليمن وتنفيذهم ما تم الاتفاق عليه في محادثات السويد». وجاء هذا الإعلان في وقت توجّه فيه المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى الرياض لإجراء مباحثات مع ممثلي حكومة هادي بعدما أجرى محادثات مماثلة مع قادة صنعاء. وأفاد الناطق باسم أنصار الله ورئيس وفدها التفاوضي محمد عبد السلام بأن قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي استنكر خلال لقائه غريفيث أول من أمس المماطلة في تنفيذ اتفاقات السويد مشدداً على ضرورة الإسراع في تحقيق ذلك. ولفت إلى أن اللقاء تناول الاستعدادات اللازمة لعقد الجولة الثانية من المفاوضات والتي قد تسبقها «مشاورات اقتصادية» في عمّان وفق ما أعلن رئيس «اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي.

المزيد في هذا القسم: