المرصاد نت - متابعات
مع دخول الحرب عامها الخامس تحتفظ الأزمة السياسية في البلاد بأغلب عناصرها وتحالفاتها المختلفة على الرغم من التحول الكبير الذي أحدثه تفكك تحالف الحوثيين وفريق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح أواخر العام 2017. إلا أن التحولات خلال العام الماضي سارت غير بعيدٍ عن التوقعات باستثناء الإحباط الذي يتزايد يومياً داخل فريق مايسمي بالشرعية وإزاءها مع ظهورها غير قادرة على إحداث فعل نوعي يمكن أن يساهم بتخفيف وطأة الأزمة الإنسانية التي يعيشها الموطنين على الأقل.
وكإحدى النتائج المنطقية لأحداث صنعاء في ديسمبر/كانون الأول 2017 تصدر دخول شخصيات من حزب "المؤتمر الشعبي العام" في صف حكومة هادي أبرز التحولات السياسية العام الماضي.
مصادر سياسية مطلعة أكدت أن من أبرز ما تحقق لما يسمي بالشرعية كان إنضمام عشرات البرلمانيين من المحسوبين سابقاً على جناح صالح إلى ماتسمي بالشرعية بمن فيهم أعضاء غادروا صنعاء سراً (بسبب وقوع الغالبية منهم تحت إقامة جبرية تمنعهم من المغادرة إلى مناطق خارج سيطرة الجماعة). وعلى أثر ذلك توفر لماتسمي بالشرعية النصاب القانوني اللازم لعقد جلسة برلمانية (نصف الأعضاء) بما يؤدي إلى سحب ورقة البرلمان من أيدي الحوثيين وهو ما أثر بالفعل ودفع الجماعة للدعوة إلى تنظيم انتخابات لملء المقاعد البرلمانية الشاغرة في محاولة لسحب هذه الورقة وكذلك الضغط على البرلمانيين الذين غادروا أو يمكن أن يفلتوا من مناطق سيطرة الجماعة إذا ما أتيج لهم ذلك.
وشهدت الشهور الماضية حراكاً سياسياً في محاولة لتوحيد أجنحة حزب "المؤتمر" المتواجدة في الخارج (الجناح الموالي لهادي والآخر من المحسوبين على صالح سابقاً أو ممن اختاروا الحياد). وتكللت هذه الجهود باجتماع احتضنته العاصمة المصرية القاهرة في أغسطس/آب العام الماضي بحضور هادي إلا أن هذه الجهود انتهت تقريباً من دون أن تحقق نتائج ملموسة باستثناء أنه أصبح لما تسمي بالشرعية عموماً شخصيات لم تكن جزءاً منها في السنوات الماضية من ذلك على سبيل المثال تعيين القيادي في "المؤتمر" حافظ معياد مستشاراً اقتصادياً لهادي ورئيساً للجنة الاقتصادية وصولاً إلى تعيينه أخيراً محافظاً للبنك المركزي اليمني كأبرز شخصية ممن كانوا محسوبين في السابق على جناح صالح وتسلم مواقع مهمة في الشرعية.
وفي إطار ماتسمي بالشرعية أيضاً كان قرار الإطاحة برئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر وتعيين معين عبد الملك خلفاً له من أبرز التحولات التي شهدها العام الماضي إلى جانب تعيينات أخرى كان من أهمها إبعاد عبد الملك المخلافي من وزارة الخارجية وتعيين خالد اليماني خلفاً له. وكلها قرارات ارتبطت بصورة أو بأخرى بالأزمة مع دول التحالف من دون أن تترك آثاراً مباشرة أو إحداث تغيير على أرض الواقع بمستويات مختلفة.
على الجانب الآخر وكما كانت تذهب أغلب التوقعات سعى الحوثيون إلى الاحتفاظ بالتحالف مع ما تبقى من حزب "المؤتمر" في صنعاء (شكلاً) وترسيخ سيطرة الجماعة وشخصياتها في مختلف أجهزة الدولة خصوصاً منذ مقتل صالح الصماد بضربة جوية في إبريل/نيسان الماضي وتعيين مهدي المشاط رئيساً لما يُسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، واجهة سلطة الحوثيين بصنعاء. ويوماً بعد يوم تعزز ممارسات الجماعة ومختلف قراراتها كيف أنها باتت تنهمك ببناء سلطتها وقوانينها الخاصة بما في ذلك الحديث عن تدارس رؤية لـ"بناء الدولة" متجاهلة احتمالات أو دعوات الوصول إلى اتفاق سلام يُفترض أن يشمل تشكيل حكومة وحدة وطنية.
تحولات الموقف الأممي من تصعيد الحديدة
تمثل عودة المسار السياسي خلال العام الرابع للحرب في اليمن أحد أبرز التحولات التي عاشتها البلاد على مدى الشهور الماضية إذ برزت خلالها تحركات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي سعى لاقتناص التطورات في المواقف الدولية والتي ترافقت مع تحولات إقليمية ودولية أبرزها تأثير ما خلفه مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي على موقف الرياض من أزمات المنطقة، ضمنها اليمن.
وبدأ غريفيث أولى جولاته في المنطقة في مارس/آذار الماضي بعد جمودٍ لف العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة منذ اختتام مشاورات الكويت في أغسطس/آب 2016، والتي توقف المسار السياسي بعدها لفترة طويلة بلغت نحو العام. واستند غريفيث الذي خلف الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في فبراير/شباط 2018 إلى خبرته الدبلوماسية وعلاقاته الدولية ودعم غير محدود من مجلس الأمن والذي كان مواكباً للمبعوث الأممي خصوصاً مع تصعيد الحديدة في يونيو/حزيران الماضي.
وجاء غريفيث مُعززاً بالدعم القوي من مجلس الأمن ومن بلاده بريطانيا (حاملة القلم في الشأن اليمني في مجلس الأمن) ومن الموقف الدولي الذي بات ينظر في الغالب إلى الحرب اليمنية ونتائجها الكارثية من منظور التأكيد على أهمية الوصول إلى حل سياسي وأن السعودية والإمارات فشلتا في إلحاق هزيمة محورية بالحوثيين بل إن تدخلهما في الحرب اليمنية فاقم من الأزمة الإنسانية في البلد.
وحاول غريفيث منذ تدشين مهمته إخماد الجبهة العسكرية في الحديدة وفي الوقت ذاته تحريك المسار السياسي على الرغم من أن كل جهوده تبقى أقرب إلى “مسكنات” في ظل بقاء عوامل التصعيد وغياب الحل السياسي الشامل. وتحولت الحديدة إلى نقطة صدام وصراع إرادات بين الرياض وأبو ظبي من جهة وبين الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من جهة أخرى. ومع التصعيد العسكري في الحديدة، في يونيو/حزيران الماضي، وهي المحطة التي مثلت تحولاً محورياً تضاعفت على أثره الجهود الدولية الرامية لوقف المعركة عقد مجلس الأمن الدولي العديد من الجلسات ترافقت مع الجولات المكوكية لغريفيث بين صنعاء والرياض وغيرهما ما أدى في النهاية إلى فرض اتفاق وقف إطلاق النار الذي يبقى مهدداً في كل الأحوال.
وقد تدرج مسار تطور الموقف الدولي من تراجع بعض الدول عن الدعم المعلن للتدخل إلى إبداء تحفظات خجولة، ارتبطت إلى حد كبير بالحديدة وبالمجازر التي ذهب مدنيون ضحيتها بما في ذلك استهداف التحالف حافلة تقل عشرات الأطفال في مدينة ضحيان في صعدة في أغسطس/آب، وهي المجزرة التي أشعلت موجة من ردود الفعل الدولية، بما فيها، إعلان البنتاغون أنه يجري مراجعة لدعمه للتحالف.
كما استطاع غريفيث وفريق الأمم المتحدة عبر جولات ولقاءات مُكثفة وانفتاح على جماعة الحوثيين عبر زياراته المتكررة إلى العاصمة صنعاء واجتماعه مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي إيجاد مخرج سياسي، وتأجيل التصعيد في الحديدة والذي كان سيؤدي إلى إغلاق الميناء. في سبتمبر/أيلول الماضي كان غريفيث قد تمكن من انتزاع موافقة الحكومة الشرعية والحوثيين على الحضور إلى جولة مفاوضات جنيف3 لكنها تحولت إلى نكسة إثر غياب وفد الحوثيين وتعثر انطلاق المحادثات.
غير أن كل تلك العوامل ما كانت لتخلق تغيراً محورياً في مسار الحرب كما حصل بعد جريمة قتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول والتي أجبرت الرياض أملاً في تخفيف الضغوط، على التراجع عن تعنتها أمام التحركات البريطانية والأميركية لترجيح فرص الحل السياسي. وفي السياق يذهب العديد من اليمنيين إلى أن اتفاق السويد في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي لم يكن بعيداً عن التحولات التي أعقبت جريمة مقتل خاشقجي.
وتحدثت تسريبات جرى تداولها في الأوساط السياسية اليمنية عن أن موافقة الوفد الحكومي الذي رأسه خالد اليماني على الصيغة المقدمة لاتفاق الحديدة في استوكهولم كان بضغط مباشر من الرياض، على الرغم من الثغرات الكبيرة التي احتواها الاتفاق بما في ذلك أنه لم ينص بصورة واضحة على إلزام الحوثيين بالانسحاب من الحديدة وتسليمها لأي طرف من الأطراف بقدر ما جاءت بنوده قابلة للتفسير من قبل الطرفين. وسعت الرياض وأبو ظبي للتغطية على رضوخهما للضغوط التي أوقفت المعركة بعد أن اقتربت من وسط مدينة الحديدة عبر الحديث عن عدم التزام الحوثيين بتطبيق اتفاق استوكهولم. كما أن السلطات اليمنية الشرعية كانت قد تنازلت عن مطالبها بخطوات لـ”بناء الثقة” تسبق أي مفاوضات وذهبت إلى السويد دون حتى أن يتم الإفراج عن معتقل.
لكن في مقابل تصاعد دور الأمم المتحدة فإن جميع ملفات الحرب بينها الأزمة السياسية لا تزال مفتوحة على جميع الاحتمالات. كما أن تعثر تنفيذ الخطوات الخاصة بـ”إعادة الانتشار” في الحديدة تهدد بانهيار اتفاق الحديدة خصوصاً إذا تغير الموقف الدولي وفقاً لحسابات ومصالح الدول. وفي السياق تعكس المواقف التي صدرت عن الحوثيين الذين هاجم المتحدث باسمهم محمد عبد السلام المبعوث الأممي أو عن الحكومة التي صدرت عن مسؤولين فيها تصريحات ضد غريفيث أخيراً هشاشة الحلول التي ترعاها الأمم المتحدة والثغرات التي رافقت المسار السياسي خلال الشهور الماضية على غرار عدم إيجاد حل نهائي لقضايا الخلاف الجوهرية في الحديدة.
المزيد في هذا القسم:
- ضبط سيارة مفخخة في رداع ومسدسات تركية في إب وقاتل جندي في تعز سيارة مفخخة ضبطت الأجهزة الأمنية اليوم، سيارة مفخخة في رداع وعشرين مسدس تركي الصنع في إب، وقاتل جندي من منتسبي اللواء 35 في تعز . ونقل مركز الإعلام الأمني التا...
- التواجُد العسكري الإسرائيلي جنوب البحر الأَحمَر وباب المندب .. من مؤتمر تعز إلى احْتلَال ... المرصاد نت - عبدالله بن عامر كانت اليمنُ (الشطر الشمالي) تعيشُ مرحلةَ تحوُّل بدأت بحركة 13يونيو 1974م الذي قادت العقيد إبراهيم الحمدي إلى سُدّة السلطة ليبدأ حر...
- غريفيث يأمل كالعادة أن يكون 2021 عام إنهاء الحرب والسلام الشامل في اليمن المرصاد - متابعات قال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث اليوم الأحد أن الوقت قد حان لتجتمع الأطراف اليمنية من أجل التوصل إلى حل سياسي عبر المفاوضات. وقا...
- ناطق أنصار الله: توافق على استمرار تهدئة الحدود ووقف الاعمال العسكرية في عدد من المحافظات متابعات : أعلن الناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبدالسلام اليوم الثلاثاء استمرار التهدئة في جبهات القتال على طول الشريط الحدوديبما فيها جبهة ميدي الحدودية ...
- القيادي في الحراك حسين زيد بن يحيى ينفي مزاعم صالح حول موقف الحوثي من حرب 1994م نفى القيادي في الحراك الجنوبي الاستاذ حسين زيد بن يحيى مزاعم الرئيس اليمني السابق علي صالح حول مواقف السيد حسين بدر الدين الحوثي في حرب صيف 1994م التي شنه...
- مبادرات تحت القصف .. صنعاء تبادر والـرياض تغامر..! المرصاد نت - متابعات سواء قبلت الرياض أم لم تقبل، وسواء تعقلت أم لم تتعقل، فمبادرة صنعاء هي ضربة سياسية “ضربة معلم” كما يقولون وهي الموقف السياسي الذي يتناسب ...
- أطماع سعودية وتحرك عماني وحراك شعبي رافض في المهرة؟ المرصاد نت - متابعات تسارعت وتيرة الأحداث في محافظة المهرة شرقي اليمن، خلال الأيام الماضية بشكل غير مسبوق على المستويين السياسي والعسكري. فعلى الصعيد العسكري ...
- بحّاح يشن هجوماً عنيفاً على هادي وحكومته ويتهمه بالفشل المرصاد نت - متابعات شن رئيس الحكومة ونائب الرئيس السابق خالد بحاح اليوم الثلاثاء هجوماً عنيفاً على خصمه اللدود عبدربه منصور هادي في إطار العداء الذي يجمعهما ...
- تحالف العدوان يفاقم معاناة اليمنيين لتمثل أكبر كارثة في التأريخ المرصاد نت - متابعات فاقم تحالف العدوان السعودي معاناة اليمنيين عامةً وسكان الحديدة خاصةً من خلال قصف طريق كيلو16 الذي يعتبر شريان حياة للمحافظة وواصل غاراته ...
- تجدّد الاشتباكات في عدن وموجةُ الاغتيالات تتوسّع وتستهدفُ النساء! المرصاد نت - متابعات تجاوَزَ التوترُ في محافظة عدن المستوى الذي كان يعتبر فيه مؤشراً على تجدّد الصراع بينهما ودخل خلال الأيّام الماضية مستوىً أعلى بات فيه الص...