المرصاد نت - متابعات
تعيش المناطق التي تسيطر عليها السعودية والإمارات في اليمن حالة من الفوضى والصراعات السياسية والعسكرية في دلالة واضحة على المشروع الذي يسوق له السعوديون والإماراتيون لليمن.
فبعد الصراعات والاقتتال وعدم الاستقرار الذي عاشته وتعيشه محافظات الجنوب خاصة مدينة عدن انتقل الصراع بين مكونات قوى العدوان الى مدينة تعز وشهدت المدينة صراعاً مريراً على مدى عامين كاملين بين ما يعرف بكتائب “أبي العباس” السلفية المدعومة من الامارات ومليشيات تابعة لحزب الاصلاح الاخواني التابعة للسعودية والموالية لقطر. وقد أدى الصراع الى مقتل العشرات من الجانبين وشهدت المدينة حالة من الفوضى والاقتتال والاغتيالات المتواصلة ويسعى الطرفان الى الادعاء بأنهما يمثلان ما يسمى بالحكومة الشرعية التابعة لقوى العدوان والقابعة في الرياض ويشغل عادل عبده فارع المشهور بلقب “ابو العباس” والموضوع على اللوائح الامريكية للإرهاب، منصب مستشار لعبد ربه منصور هادي وقائداً لما يسمى باللواء 33 مدرع بينما يقود الطرف الاخر وكيل محافظة تعز عن حكومة المرتزقة عبدالقوى المخلافي وتسمى القوات التابعة له بقوات الامن او الجيش الوطني.
الجانبان اتفاق لأكثر من مرة ووقعت بينها عدد من الاتفاقيات غير انها لم تصمد طويلاً وتعود من جديد الاشتباكات الى الواجهة غير ان الاتفاق الجديد الذي وقع يوم الجمعة الماضي قضى بخروج قوات وافراد وعوائل ما يسمى بكتائب “ابو العباس” السلفية من المدينة وتمركزهم في منطقة الكدحة في ريف تعز وقد غادرت هذه القوات المدينة ليل الجمعة حسب ما اكدت في بيان لها ونشر فيديو لخروجها. وكان السلفيون قد وافقوا سابقاً على مغادرة المدينة لكن هناك من يقول ان الإمارات رفضت خروجهم ومارست ضغوطاً كبيرة على هادي وقادة حزب الإصلاح لبقاء الكتائب بالمدينة ما أدى الى تجدد الاشتباكات لإرغام السلفيين على الخروج.
وتعود جذور الصراع بين الطرفين الى المشروع الذي يسوقه السعوديون والإماراتيون في اليمن حيث عملت قوى العدوان في البداية الى حشد جميع المليشيات والقوى التكفيرية والعصابات والجماعات الارهابية ومليشيات حزب الإصلاح وكل من هب ودب في اطار عدوانها للحرب ضد اليمن وقواه الوطنية تحت غطاء ما آسموها الشرعية. وبعد ان استطاعوا اسقاط بعض المناطق مثل عدن وتعز وغيرها من مدن الجنوب بدأت هذه القوى المنضمة والمجتمعة تحت مظلة “الشرعية” تختلف فيما بينها وتسعى الى الدفع برؤيتها ومشروعها التفتيتي لليمن الى الواجهة وعملت الإمارات على اجتثاث من تسميهم قوات الإخوان المسلمين وانشأت مليشيات كثيرة من الجماعات السلفية وبعض القوى الجنوبية والمرتزقة من الجماعات التي تدعي الناصرية والاشتراكية وشكلت الإمارات هذه القوات ودربتها واطلقت عليها اسماء متعددة وبدأت بطرد كل قوة اساسية تمثل خطراً على مشروعها أو تختلف معها حول التكتيك او الاسلوب.
ورغم مساعي الإصلاح لكي يكون يد الإمارات في الجنوب وعضدها إلا أن الإمارات لم تأمنه لذلك شنت ضده حرب اجتثاث واسعة وطردت جميع كوادره من عدن وسجنت المئات منهم وبالفعل استطاعت اجتثاثه من العديد من المدن الجنوبية وحملته جميع الازمات والمشاكل والفشل الذي رافق هجومها ومشروعها في اليمن.
ومع ان السعودية لا تريد الإخوان ولا ترغب فيهم باعتبارهم تياراً عقائدياً يناهض آل سعود الا انها ظلت تدعمه كونه العمود الفقري الذي تعتمد عليه في أطار عدوانها وحربها في اليمن ويشكل الإخوان خاصة في مأرب وتعز والعديد من المناطق العصب الاساسي للقوة السعودية في اليمن ورغم اعتمادها على الجانب القبلي والعشائري في اطار حزب الإصلاح الا انها استمرت في دعم الإصلاح لتشكيل مليشيات عسكرية موالية له باسم الجيش الوطني لكي يستطيعوا الاستمرار في القتال والدفاع عن اراضي السعودية التي تتعرض وتعرضت لاجتياح كبير من قبل الجيش واللجان الشعبية.
السعودية ورغم دعمها لإخوان اليمن ودفع ميزانية كبيره لهم في اطار مرتبات الجيش التي تبلغ مئات المليارات بالعملة اليمنية تعلم جيداً ان ولاءهم خاصة الشخصيات العلمائية وكذلك القيادات غير القبلية هي لقطر اكثر منها للسعودية لذلك عملت على مسك العصى من الوسط وغضت الطرف بشكل كبير عن السياسة الاماراتية في تضعيف الاصلاح واقتلاعهم واجتثاثهم على الاقل من المناطق الجنوبية وكذلك تضعيفهم في تعز من خلال انشاء طرف منافس لهم في هذه المدينة.
وفي اطار دوامة الصراع وتعارض المصالح نقلت الامارات حربها ضد الاخوان الى تعز والتي تعتبر المركز الفكري الاكبر في اليمن للإخوان كما انها تشكل رافداً بشرياً كبيراً للإخوان وكذلك لقوات التحالف السعودي للعمل كمرتزقة في الجبهات خاصة جبهات الحدود السعودية اليمنية. وتخشى الإمارات من الإصلاح بشكل كبير خاصة في تعز باعتبار الإخوان هناك يعود ولاؤهم لقطر اكثر من السعودية وليس وقوفهم مع السعودية الا مجرد شعار يرفعونه للاستفادة من الغطاء السعودي. وتربط الإخوان خاصة في تعز علاقات كبيرة مع قطر بالرغم من الدعم السعودي الذي يتلقونه باسم دولة منصور هادي والشرعية. وعملت أبوظبي خلال العامين الماضيين الى انشاء قوات تابعة لها في تعز ودعمت جماعات سلفية واخرى تنتمي الى الناصريين وقدمت لهم الدعم الكامل بهدف التضييق على حزب الاصلاح في تعز واجتثاثه لاحقا ان امكن او على الاقل السيطرة على بعض مناطق المدينة وعدم تمكين الاخوان من الاستحواذ بشكل كامل عليها على الاقل. غير ان الإصلاح كان يدرك الخطة الإماراتية خاصة مع التطورات التي حصلت في الجنوب وعملية الاجتثاث الواسعة له في جميع مدنه بالرغم من مساعيه الكبيرة للتقرب من الإمارات لذلك نشبت الاشتباكات بين الجانبين منذ عامين تقريباً.
ويدعي الإخوان في تعز انهم يشنون هجومهم على مناطق السلفيين بغية القبض على من اسموهم مطلوبين وارهابيين قاموا باغتيال العديد من افرادهم لكن الحقيقة ان الإصلاح كان و لايزال يهدف الى اجتثاث السلفيين ومن يوالي الإمارات خوفا من اشتداد عودهم والقضاء عليه كما حصل بالجنوب لذلك قرر اخراجهم اولا من المدينة وفي المرحلة الثانية من المحافظة وقد نجح الاصلاح في نهاية المطاف من تنفيذ خطته الاولى وغادرت على ما يبدو قوات “ابوالعباس” بعرباتها الاماراتية المدينة على ان تتمركز في منطقة الكدحة. غير ان الصراع بين الطرفين لن ينتهي هنا ويعتقد العديد من المحللين ان خروج السلفين سيكون مقدمة لحرب اكبر واشد ضراوة بين الاصلاح والسلفيين في المستقبل.
ويشبه بعض المحللين السياسيين الوضع في تعز بما يجري في ليبيا باعتبار جميع المتقاتلين يمثلون صراع الامراء الخليجيين فيما بينهم.
وتعتبر تيارات في الشارع اليمني الاقتتال بين المرتزقة في تعز وعدن وغيرها دليلاً واضحاً على ما تريده دول العدوان لليمن. وان ما يحصل هو المشروع السعودي – الاماراتي الفاشل الذي ينوون تسويقه لجميع اليمنيين مضيفة ان السعودية والامارات لو استطاعتا اسقاط اليمن لكان الاقتتال في كل مدينة وقرية بهذا الشكل الموجود الان.
ويرى العديد من المختصين في الشأن اليمني ان ما يحدث من قتال بين فصائل المرتزقة في تعز يعبر عن مشروع دول تحالف العدوان بادخال اليمنيين في صراعات وحروب مستمرة خصوصاً في المدن والمناطق السكنية الاخرى وصولا باليمن الى مرحلة اللا دولة او مايسمى بالدولة الفاشلة وذلك لاشغال الشعب عن تحركاتهم الاستعمارية واستكمال سيطرتهم على المناطق الساحلية والنفطية كما يرى العديد من اليمنيين ان الصراع والاقتتال بين فصائل المرتزقة يبرهن على أن العدوان جاء من أجل مصالح هذه الدول وان القتال ليس بين ما يسمى شرعية وانقلاب كما يروجون أو بين زيدي وسني أو شمال وجنوب كما يزعمون وانما من أجل مصالحهم وخطتهم التفتيتية لليمن بشكل عام.
قراءة : د . عبدالرحمن راجح
المزيد في هذا القسم:
- محادثات الكويت تُبدّل في المزاج الدولي ... واتهامات متبادلة بين الأمم المتحدة و'التحالف' المرصاد نت - الأخبار وصلت المشاورات اليمنية اليمنية في الكويت إلى مرحلةٍ مفصلية بعد وصول النقاشات بين طرفي الأزمة إلى صلب القضايا الأساسية تحت ضغط دولي وإق...
- مصدر عسكري ينفي اقالة الصوملي نفى مصدر عسكري في مكتب قائد المنطقة العسكرية الأولى، اللواء الركن محمد الصوملي، صحة الأنباء التي تتحدث عن إقالة اللواء الصوملي من منصبه. واستغرب المصدر ، تداول...
- انتفاضة المهرة بوجه الاحتلال: القبائل تسقط أطماع السعوديّة! المرصاد نت - أحمد الحسني لم يكن سهلاً على السعودية هذه المرة إمرار قراراتها الرامية إلى فرض قيود جديدة على البضائع التي تدخل الأراضي اليمنية عبر منفذ شحن في م...
- المهرة تقاوم المشروع السعودي وترفض التواجد العسكري! المرصاد نت - رشيد الحداد أخيراً استغلت الرياض سقوط طائرة عمودية في صحراء محافظة المهرة (شرقي البلاد) مدعية أن الطائرة كانت في مهمة مطاردة إرهابيين. يشكّك الكث...
- استراحة للمفاوضات في الكويت على وقع احتدام الجبهات المرصاد نت - السفير ترفع غداً جلسات مفاوضات السلام اليمنية في الكويت لتأخذ استراحةً طويلة لمناسبة العيد بعد فشلها في إحداث أي خرق على المستوى السياسي رغم الضغ...
- صنعاء : مسيرة جماهيرية حاشدة تحت شعار "أمريكا والسعودية صناع الغلا" المرصاد نت - متابعات شهدت ساحة باب اليمن في العاصمة صنعاء عصر اليوم الجمعة مسيرة حاشدة تحت شعار "أمريكا والسعودية صناع الغلاء وارتفاع الدولار " حمل فيها المشا...
- دعوات أوروبية للتعاطي الإيجابي مع مقترح تمديد الهدنة المرصاد-متابعات حثت البعثات الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء المعتمدة لدى اليمن، اليوم، الحوثيين على التعاطي بشكل بناء مع المبعوث الأممي إلى اليمن، و...
- تعز : صراعات ومواجهات وتصفيات وتفكك يترجم هشاشة العدوان ومرتزقته المرصاد نت - متابعات تشهد مدينة تعز حاليا صراعات واشتباكات وتصفيات عالية الوتيرة داخل صفوف المرتزقة من منافقي العدوان كاشفة التباينات العميقة بين تلك الاطراف ...
- الهدايا الفاخرة سلاح أبوظبي والرياض في بريطانيا المرصاد نت - متابعات انتقد أندرو سميث منسق حملة مناهضة الاتجار بالسلاح " CAAT" البريطانية استخدام قادة النظام السعودي والاماراتي الهدايا الفاخرة وسيلة واضحة ل...
- رحيل عملاق من عمالقة الشعر والأدب اليمني الأستاذ علي عبد الرحمن جحاف المرصاد نت - خاص رحيل الشاعرالكبير فاجعة كبرى في الوسط الثقافي والادبي فمن منا لايعرف الشاعر الكبير علي عبد الرحمن جحاف وما قدمه من عطاء متميز ...