المرصاد نت - متابعات
قبيل نحو خمس سنوات وتحديدًا في منتصف ليلة 26 مارس (آذار) 2015م اعتقد اليمنيون أن خبر تدخل دول التحالف السعودي هو بمثابة طوق النجاة من "الانقلاب الحوثي" في اليمن.
واستمر هذا الاعتقاد لدى اليمنيين فترةً ما؛ حتى لمسوا على أرض الواقع ما يفند المعلن من هدف تدخل التحالف، فقد رأوا أن السعودية والإمارات يتسابقان للسيطرة على مناطقهم.
وكانت أبوظبي على وجه التحديد تلعب الدور الأخطر على أرض الواقع فتدعم الانفصاليين في جنوب اليمن؛ لأن تقسيم البلاد -برأي البعض - يحقق أطماعها في السيطرة على الجنوب بموانيه وسواحله وكنوزه الاستراتيجية وتحارب «حزب الإصلاح» اليمني وتعتقل وتغتال رجاله بل إنها تقوض النفوذ السعودي في الفناء الخلفي التقليدي للمملكة كما يفعل الحوثيون أنفسهم.
تقسيم اليمن: الجنوب للإمارات والشمال للحوثيين
يخوض الحوثيون معركتهم في اليمن مرتكزين على جهودهم العسكرية والسياسية لتعميق الانقسامات الداخلية بين الجهات التي تحاربهم وذلك لتقوية جبهتهم الداخلية واستغلال خلافات خصومهم في تحسين وضعهم التفاوضي، أو العسكري أو على الأقل ضمان استمرار الحرب، والأهم بقاء مناطق سيطرتهم بعيدًا عن أيدي أعدائهم.
ليبدو مع مرور السنة الخامسة للحرب اليمنية أن الأمر ينطبق أيضًا على الإمارات ثاني أكبر دول التحالف السعودي بهدف استعادة اليمن من «الانقلاب الحوثي» فالإمارات التي أحيت في نفوس الانفصالين الجنوبيين آمال تقسيم اليمن من جديد ومباشرة بعد انتهاء سيطرة الحوثيين على عدن في يوليو (تموز) 2015م اتجهت نحو السيطرة على الجبهة الجنوبية بأيدي الجنوبيين الذين أغدقت عليهم بالسلاح والمال بسبب كراهيتهم للحوثيين والإخوان المسلمين في اليمن.
عمدت أبوظبي إلى تكوين ستة جيوش في جنوب اليمن يقودها «جنرالات حرب» لديهم ولاء كبير للإمارات ويعملون تحت قيادة القائد العام الإماراتي مباشرةً أبرزها ميليشيات «قوات الحزام الأمني» في عدن والنخبتان الحضرمية والشبوانية في كل من حضرموت وشبوة وهي الميليشيات التي أسست ما يمكن اعتباره دولة موازية لها أجهزتها الأمنية الخاصة بها ولا تخضع للمساءلة أمام الحكومة الشرعية.
كذلك سيطرت أبوظبي ووكلاؤها على معظم الخطوط الجوية والقواعد والمواني البحرية على طول الساحل الجنوبي الاستراتيجي لليمن فباتت تسيطر على مواني عدن وحضرموت والمخا وتتحكم بحقول ومنشآت النفط وخطوط التصدير في شبوة وشكلت أيضًا ما يشبه المقاطعة الإماراتية في جزيرة سقطرى حيث ينتشر فيها عسكريون إماراتيون.
وفي فبراير (شباط) 2019م تحدثت مصادر إعلامية عن أن الإمارات تسعى لتكوين «دولة جنوبية» تحت الانتداب أو انفصال على مرحلتين بجدول زمني يبدأ بيمن اتحادي من إقليمين يستمر لعام أو عامين قبل إعلان الانفصال وكشفت هذه المصادر أن شقيق ولي عهد أبوظبي مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد قال لرئيس جهاز المخابرات السعودية الفريق خالد الحميدان: إن «أبوظبي ستبذل جهدها من أجل انفصال جنوب اليمن تلك رغبة السكان هناك» وذلك في اجتماع سعودي إماراتي وقع نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2018م.
ولذلك قدمت دراسة حديثة عنونت بـ«عام خامس في جحيم عاصفة الحرب.. اليمن بين التقسيم والفوضى» سيناريو التقسيم بوصفه احتمالية أولى في اليمن في ظل تصادم أهداف الفاعلين إقليميًّا ودوليًّا، وذكرت الدراسة أن «تقسيم اليمن قد يكون كما كان إلى دولتين بحيث يحكم المجلس الانتقالي - تشكل بدعم من دولة الإمارات في أواسط عام 2017م - محافظات الجنوب بينما ستخضع الدولة في الشمال لحكم الحوثيين».
كما أن الدراسة التي أصدرها مركز «أبعاد للدراسات والبحوث» لم تستبعد أن تقسم اليمن إلى أكثر من ثلاث دول بحيث تضمن الجماعات التي تبحث عن الانفصال والتقسيم تحقيق مصالح الإقليم والخارج وهو مخطط تسعى له جماعات مناطقية ومذهبية مثل الانفصاليين في الجنوب والحوثيين في الشمال؛ لضمان استمرار السيطرة.
الإمارات «لا تبالي» بالمصالح السعودية في اليمن
انطلقت السعودية في حربها باليمن تحت ذريعة مواجهة النفوذ الإيراني المتنامي في الشرق الأوسط فقد وجدت في سيطرة الحوثيين على مناطق يمنية صورة من صور هذا النفوذ بل أخطره لقربه الجغرافي هذه المرة من حدها الجنوبي. وشاركت الإمارات السعودية في رؤية نفوذ إيران يهدد الخليج لكن موقف أبوظبي من هذا التهديد كان مختلفًا إذ إنها ولعوامل ديموغرافيّة وجغرافيّة ولخلافها التاريخي مع السعودية قررت ألا تذهب في صراعها مع إيران إلى نقطة اللاعودة بدليل أنها تتبنى سياسات مختلفة تجاه طهران كأن تستفيد منها اقتصاديًّا؛ فتصبح المصدّر الأهم للبضائع في إيران.
ولذلك يرى المراقبون أن الإمارات التي تحالفت مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح (حليف الحوثيين) لم يكن هدفها من دخول حرب اليمن مواجهة النفوذ الإيراني فتحركاتها تؤكد أنها مستعدة لتسليم اليمن أو شطره الشمالي -على الأقل- إلى الحوثيين، مقابل أن تسيطر هي على الساحل اليمني في الجنوب وتخضع عدن -المدينة الاستراتيجية - كليًّا تحت سيطرتها وتؤمن مضيق باب المندب والذي تمر عبره 12% تقريبًا من التجارة العالمية.
وبرأي البعض فقد أدركت السعودية حقيقة الموقف الإماراتي فخشيت أن تنتزع الإمارات مواطئ قدم استراتيجية في اليمن ومن ثم تقوض النفوذ السعودي في الفناء الخلفي التقليدي للمملكة كما أن الرياض ودون استراتيجية لمواجهة التغوّل الإماراتي في اليمن تدرك أن جهد الإمارات في دفع الجنوبيين نحو اغتنام فرصة فشل التحالف السعودي في تحقيق أهدافهم بالانفصال عن الشمال سيكون له تداعياته السلبية على المملكة.
فالرياض التي ينصب جهدها على حماية حدود المملكة الجنوبية مع اليمن من الحوثيين تعي أن أهل الجنوب اليمني لم يعودوا معنيين بالحرب ودعم السعودية بعد أن سيطروا على الجنوب مما يعني تصاعد تهديد الحوثيين تصاعدًا أكبر على حدود السعودية وتضاعف المشاكل الأمنية للسعودية في حدها الجنوبي والمنطقة الشرقية التي تقمع فيها الطائفة الشيعية والذي قد يصل بها إلى خلق دعوات للانفصال بحراك إيراني طائفي ﻷبناء المناطق الجنوبية والشرقية، يدعم آمال الحوثيين في دولة شيعية المذهب في المنطقة.
كما أن حزب الإصلاح الذي تدعمه الرياض حليفًا ثابتًا على الأرض وتحاربه الإمارات هو حزب سياسي إسلامي يؤدي دورًا بارزًا في الحكومة نفسها التي ادعت الإمارات أنها أرسلت قواتها لحمايتها، فالإمارات في حربها بالوكالة مع السعودية في اليمن لا تنفك عن دعم الاشتباكات التي تخوضها ميليشياتها مع القوات الحكومية اليمنية الموالية للسعودية وهو في المحصلة اقتتال داخلي يعرقل بشكل أو بآخر جهود قتال الحوثيين ويخفف كثيرًا من الضغط على الحوثيين في بعض المناطق اليمنية.
الإمارات أكثر عداءً لـ«حزب الإصلاح» من الحوثيين
«الحوثيون لم يعودوا أولويتنا ولا ألد أعدائنا» هذه الجملة قالها جنرال إماراتي لأحد الشيوخ القبليين في مدينة البيضاء اليمنية (الجنوب الشرقي للعاصمة صنعاء) حين ذهب يطلب دعمًا من الإمارات في معركته ضد الحوثيين. لم يكتفِ الجنرال الإماراتي بذلك بل حدد للشيخ شروطًا إذا ما أراد أسلحةً من الإمارات وهي أن عليه أن يقاتل «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)» أو «تنظيم القاعدة» أو «حزب الإصلاح» الذي يعد فرع «الإخوان المسلمين» في اليمن.
فالإمارات التي يفترض أنها قدمت إلى اليمن من أجل دعم الحكومية الشرعية التي يؤدي «حزب الإصلاح» دورًا بارزًا فيها التقت مع الحوثيين (المنتمين إلى التيار الشيعي) في محاربة هذا الحزب الذي يمثل أحد فروع التيار السني فالحوثيون خلال الحرب اليمنية استولوا على مؤسسات الحزب وزجوا بأعضائه في سجونهم وقتلوا المئات منهم في المواجهات المسلحة فيما جندت أبوظبي الكثير من طاقتها لمحاربة الحزب الذي كان أول هدف للحوثيين وقوات علي عبد الله صالح بعد الانقلاب مباشرة.
وقد قادت أبوظبي بعد تحرير مدينة عدن في يوليو 2017م معركة واضحة المعالم ضد «حزب الإصلاح» ارتكزت على اغتيال قادته وعناصره فأكدت المصادر اليمنية أن عدد قادة الحزب الذين اغتيلوا على يد الإمارات والتحالف السعودي في مختلف الجبهات منذ بدء ملتسمي ب «عاصفة الحزم» العسكرية وحتى الآن أكثر بكثير من القادة الذين قتلهم الحوثيون وقد وصل الأمر بأبوظبي إلى استئجار مرتزقة أجانب اغتالوا قيادات بارزة في الحزب فيما تولت الميليشيات اليمنية التي مولتها الإمارات تعذيب عناصر الحزب في شبكة السجون السرية التي تديرها الإمارات.
فالإمارات التي تحذر بين الحين والآخر من «دور مشبوه للإصلاح في المشهد اليمني» لا ترى في الحزب إلا عقبة كبيرة أمام مشاريعها الانفصالية في اليمن فالحزب وهو قوة سياسية واجتماعية مؤثرة يمثل نموذجًا للإسلام السياسي الذي تحاربه أبوظبي في جل الدول العربية.
يقول رئيس منظمة «سام» للحقوق والحريات توفيق الحميدي إن جهود الإمارات والحوثيين تلتقي في نقطتين باليمن: الأولى غياب الدولة وضعفها إذ تعمل الإمارات على إنشاء ميليشيات مسلحة وكيانات سياسية تعمل لصالحها وتقف في وجه الحكومة الشرعية ولو بالمواجهة المسلحة كما حدث في يناير (كانون الثاني) 2018 م في عدن وهذه القوى والكيانات هي الأداة التي تسيطر من خلالها الإمارات على المؤسسات السيادية في الجنوب، وتستمد منها تصرفها بحكم أنهم يمنيون.
ويضيف الحميدي «أما الثانية فهي خطر الإسلاميين بجميع توجهاتهم ذات النزعة الاستقلالية وخاصة حزب الإصلاح ولذا يعمل الطرفان على إقصائه وملاحقته في الشمال تحت حكم الحوثي أو الجنوب تحت سيطرة الإمارات».
نقلاً عن ساسة بوست
المزيد في هذا القسم:
- اليمنيون يستقبلون شهر رمضان بالجوع وَلَحمُ الضَأنِ يرمي لسعاودة! المرصاد نت - متابعات فيما تزداد مظاهر الصرف البذخي للمجتمع السعودي خلال شهر رمضان بانفاق 48 مليار ريال على المواد الغذائية يستقبل اليمنيون شهر رمضان مع استمرا...
- الإمارات والحرب على اليمن.. سحبت قواتها وأبقت عدوانها وأدواتها! المرصاد نت - متابعات حين نظمت أبو ظبي في 8 فبراير الجاري احتفالا لاستقبال جنودها العائدين من اليمن، فإنها قد أرادت بذلك الإعلان على نحو رسمي عن سحب قواتها، بع...
- المعارضة البريطانية تتهم "ماي" بدعم العدوان السعودي على اليمن المرصاد نت - متابعات وجّه زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربن أصابع الاتهام نحو رئيسة الوزراء تيريزا ماي بتضليل البرلمان بشأن الأساس القانوني لحرب ...
- عضو في مجلس أنصار الله السياسي في بلاغ صحفي : 10 أيام ونحن نطالب القائمين على قناة سهيل بإ... قال عضو المكتب السياسي لأنصار الله الأستاذ علي العماد أن القائمين على قناة سهيل يُماطلون في استلام مبنى القناة ومعداتها رغم استمرارهم منذ 10 أيام في المطالبة بإ...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد اليمني المرصاد نت - متابعات اغتال مسلحون مجهولون مساء أمس الأحد العقيد في الاستخبارات ومدير أمن مطار عدن الدولي السابق في حي أكتوبر في خور مكسر وقالت وسائل إعلام قري...
- الأمم المتحدة تعين قائداً جديداً لمراقبيها في الحديدة! المرصاد نت - متابعات أعلنت الأمم المتحدة، اليوم الخميس أن أبهيجيت جها الملازم أول المتقاعد من الجيش الهندي سيكون القائد التالي لبعثة مراقبي الأمم المتحدة في م...
- بعد فشل مخططاتها المتكرّرة.. غارات سعودية هستيرية وجرائم حرب علنية المرصاد نت - متابعات تضاعفت هستيريا العدوان السعودي على اليمن خلال الأيام الأخيرة إثر احتراق آخر أوراق التحالف على الارض والمتمثلة في مقتل الرئيس الأسبق علي ع...
- «اللجنـة المشتركـة» تتبـادل الإتهامـات والإمـارات تصعّـد عسكريـاً فـي الحديـدة! المرصاد نت - متابعات تأجل تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق إعادة الانتشار بمدينة الحديدة اليمنية بسبب تعنت تحالف العدوان السعودي ومرتزقته حيث صعدوا بشن زحوفات عش...
- تسرب كميات كبيرة من النفط الخام في القطاع 9 بوادي حضرموت المرصاد-متابعات افادت مصادر إعلامية اليوم الثلاثاء، بحدوث تسرب كبير للنفط من احدى الخزانات في القطاع 9 بمديرية خريصة بوادي حض...
- وفد القوى الوطنية بمفاوضات الكويت يسلم رؤيته لمسار الحلول السياسية والامنية المرصاد نت - الكويت سلم وفد القوى الوطنية في مشاورات الكويت اليوم السبت رؤيته للاطار العام للحل السياسي والأمني لمبعوث الامين العام للامم المتحدة اسماعيل و...