رمضان في اليمن ... حرب وبؤس وقذائف وفقر!

المرصاد نت - متابعات

مع استمرارالحرب وتردّي الأوضاع الانسانية كيف يستقبل اليمنيون شهر رمضان؟ ظنّ محمد أبكر أنّه سيقضي شهر رمضان في منزله الذي نزح عنه قبل عام لكن رغم اتفاق الهدنة الذي تمّ Yemene Wer2019.5.6التوصل إليه منذ خمسة أشهر في الحديدة في غرب اليمن سيصوم مع أفراد عائلته في خيمة هذه السنة.

تستمرّ المواجهات المتقطعة قرب القرية التي كان يقطن فيها محمد جنوب مدينة الحديدة. وبدأ شهر رمضان في اليمن اليوم الاثنين 6 مايو2019 م في ظل أزمة انسانية هي الأكبر في العالم وفقا للامم المتحدة تسبّب بها نزاع بين قوات هادي والتحالف السعودي من جهة والحوثيين من جهة أخري مما دفع بملايين الأشخاص للنزوح عن منازلهم ووضع ملايين آخرين أمام خطر المجاعة.

في مخيم للنازحين بمديرية الخوخة (130  كلم جنوب الحديدة) الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية يحاول محمد الابتسام رغم الدموع في عينيه مؤكّدا "مضى علينا هنا حوالى سنة من شوال (حزيران/يونيو 2018) الى رمضان الحالي. عام كامل مرّ. سنة كاملة ونحن نازحون".

 تعيش العائلة المؤلّفة من سبعة أفراد في ظروف صعبة للغاية بسبب قلّة المساعدات الغذائية والحرّ الشديد الذي بدأ يضرب الخيمة المصنوعة من القماش الرقيق مع اقتراب الصيف.

يزيد من مصاعب محمد وعائلته أن أبناءه الثلاثة هم من ذوي الاحتياجات الخاصة، بينما يعاني هو من مشاكل في قدميه، ما يجعلهم غير قادرين على العمل.

في الأيام الاخيرة من رمضان العام الماضي في منتصف حزيران/يونيو 2018م شنّت القوات الموالية للحكومة اليمنية بدعم من قوات إماراتية مشاركة في تحالف عسكري بقيادة السعودية حملة شرسة للسيطرة على مدينة الحديدة الساحلية الاستراتيجية. دفعت المعارك مئات العائلات إلى النزوح عن منازلها القريبة من مواقع المواجهات وغالبيتهم من سكان قرية منظر الواقعة قرب الخطوط الأمامية للمواجهات ومطار المدينة المطلة على البحر الاحمر الذي كان أول أهداف العملية العسكرية.

بعد أيام من بداية المعارك واشتداد القصف على قريته التي كان يبلغ عدد سكانها 3500 شخص، غادر محمد أبكر وعائلته منزلهم بسرعة مكتفيا بحمل ملابسه وعكّازه، نحو مخيّم الخوخة.

يتذكّر الأب بحسرة "في رمضان كنا نأتي بجميع المأكولات من الحساء واللبن... وغيره. في كل سنة نشتري من كل الأصناف، لكن هذا العام نحن نازحون".

يتابع "هنا نحصل على مساعدات كل شهر أو كل نصف شهر. أنا معاق وأبنائي يعانون من الإعاقة أيضا، لذلك نحن لا نعمل. رسالتي للعالم أن ينظروا إلى حالتي أنا وأولادي".

بدأ النزاع في اليمن عام 2014م وتصاعد مع تدخل السعودية على رأس التحالف العسكري دعما للقوات الحكومية. تسبّبت الحرب بمقتل عشرات آلاف الأشخاص بينهم عدد كبير من المدنيين بحسب منظمات إنسانية مختلفة. ولا يزال هناك 3,3 ملايين نازح، فيما يحتاج 24,1 مليون شخص أي أكثر من ثلثي السكان، الى مساعدة.

توصّل طرفا الأزمة لاتفاق في السويد في كانون الأول/ديسمبر2018 م نصّ على سحب جميع المقاتلين من مدينة الحديدة ومن مينائها الحيوي ومن ميناءين آخرين تحت سيطرة الحوثيين في محافظة الحديدة. لكن الاتفاق لم يطبّق بعد، وسط اتهامات متبادلة بخرق وقف لإطلاق النار.

قال مسؤول في القوات الحكومية ومصدر في التحالف يوم السبت 4 مايو 2019 م إن الحوثيين قاموا في الأيام الماضية بحفر عشرات الأنفاق الجديدة تحت المدرج الرئيسي لمطار الحديدة وفي ميناءي الحديدة والصليف (شمال) وداخل مدينة الحديدة استعدادا لاحتمال استئناف المعارك وتتمركز القوات الحكومية عند الأطراف الشرقية والجنوبية لمدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ 2014م.

بالنسبة إلى هدى إبراهيم (39 عاما) وهي أم لأربع فتيات ومقيمة في وسط مدينة الحديدة فإن أمل السكان الوحيد هو ألا تندلع مواجهات في شهر رمضان وأن تستمر الهدنة. تقول : "نبحث باستمرار عن الغاز والوقود والكهرباء، ولم يعد لدينا الوقت لنعيش روحانيات هذا الشهر. رمضان هذا العام مليء بالقذائف، لكننا نتمنى ألا يسوء الوضع أكثر".

يخشى أن يترافق حلول رمضان كالعادة مع ارتفاع في أسعار المواد الغذائية التي يدخل معظمها عبر ميناء الحديدة ويتم توزيعها على المناطق الأخرى وبينها صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

يعاني الكثير من سكان اليمن من صعوبة في شراء السلع الغذائية نظرا لخسارة العديد من أرباب العائلات مورد رزقهم وعدم دفع رواتب الغالبية العظمى من الموظفين الحكوميين منذ نقل المصرف المركزي في آب/أغسطس 2016 من صنعاء إلى عدن مقر الحكومة المعترف بها.

يقول محمد حسين الحباري من سكان صنعاء "لم نعد نستطيع تجهيز الأشياء لرمضان مثلما كنا نفعل من قبل. القدرة الشرائية ضعيفة بشكل كبير من شدة الحصار وعدم دفع الرواتب".

إلى ذلك استعادت الأمم المتحدة القدرة على الوصول إلى مساعدات الحبوب المخزنة في مدينة الحديدة الساحلية اليوم الأحد 5 مايو/آيار 2019م وبدأت مهمة إنقاذ الغذاء الذي يمكن أن يبعد شبح المجاعة عن الملايين قبل أن يصيبه التعفن.

والمدينة نقطة دخول أغلب المساعدات الإنسانية والواردات التجارية لليمن لكن القدرة على الوصول إلى مخازن الحبوب التابعة لبرنامج الأغذية العالمي هناك انقطعت لمدة ثمانية أشهر مما عرض 51 ألف طن من القمح لخطر التعفن.

وقال متحدث باسم برنامج الأغذية العالمي إن فريقًا فنيًا تابعًا للبرنامج وصل إلى المشارف الشرقية للحديدة للبدء في تنظيف المعدات وصيانتها استعدادًا لطحن القمح وقال إيرفيه فيروسيل المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، ”إن الأولوية هي البدء في تنظيف معدات الطحن وصيانتها وتعقيم القمح“.

وتتوقع الأمم المتحدة أن تستغرق هذه العملية بضعة أسابيع قبل البدء في طحن القمح وتوزيعه على المناطق اليمنية الأكثر احتياجًا.

وخلص تقييم أجري في فبراير شباط، عندما سُمح للأمم المتحدة بدخول المطاحن لفترة وجيزة لأول مرة منذ سبتمبر أيلول إلى أن نحو 70 بالمائة من القمح يمكن إنقاذه.

لكن الأمم المتحدة قالت إن إنتاجية الطحين (الدقيق) ستكون أقل من المعتاد بسبب تفشي السوس في القمح وتعثرت المحادثات الرامية إلى السحب المتبادل للقوات من الحديدة رغم جهود الأمم المتحدة.

المزيد في هذا القسم: