المرصاد نت - متابعات
التحق اليمن الجنوبي عقب استقلاله عن التاج البريطاني بثلاث سنوات بالمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي. قبل ذلك شهد اليمن الجنوبي فور نيله الاستقلال الوطني من الاستعمار البريطاني قيام جمهورية اليمن الجنوبية في 30 نوفمبر 1967م.
مع نهاية الجمهورية الجنوبية الأولى وقيام(جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) في 1 ديسمبر 1970م التحق جنوب اليمن بالمعسكر الاشتراكي بقيادة السوفييت وأصبح نظام الحزب الواحد المهيمن على كافة مفاصل البلاد لفترة طويلة امتدت حتى تداعي النظرية الاشتراكية في عقر دارها "الكرملين) وسقوط الستار الحديدي الذي كان الاتحاد السوفيتي يطوق به دول أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وخمس دول عربية هي سوريا والعراق وليبيا والجزائر فيما كان اليمن الجنوبي الدولة العربية الاشتراكية الخامسة الأكثر أهمية من سابقاتها لما تشكله من موطئ قدم وحيد لـ (الدب الروسي) في عمق الجزيرة العربية ومنطلق جيواستراتيجي للمد الاشتراكي صوب أفريقيا.
تفاصيل دخول الاتحاد السوفيتي إلى الخارطة الجنوبية بدأت عمليا في 16 يونيو 1969، وهو التاريخ الذي قام فيه أول رئيس لجنوب اليمن عقب استقلاله قحطان الشعبي بإصدار قرار بفصل وزير الداخلية آنذاك محمد علي هيثم،فقامت القوى اليسارية باعتقال الرئيس قحطان ووضعه رهن الإقامة الجبرية في 22 يونيو من نفس العام وتم تشكيل لجنة رئاسية من خمسة أشخاص وهم: سالم رُبيِّع علي الذي أصبح رئيسا ومحمد صالح العولقي وعلي عنتر وعبد الفتاح إسماعيل ومحمد علي هيثم الذي أصبح رئيسا للوزراء.
منذ ذاك اتخذ النظام السياسي خطاً يساريا متطرفاً وقوى علاقته مع الاتحاد السوفييتي، فقطعت ألمانيا الغربية علاقتها بالدولة لاعترافها بألمانيا الشرقية وقطعت الولايات المتحدة علاقتها كذلك بجنوب اليمن في أكتوبر عام 1969 وقامت القوى الجديدة بإصدار دستور جديد، وتأميم البنوك الأجنبية وشركات التأمين وغيروا اسم الدولة إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تماشيا مع منهج الماركسية اللينينية الذي انتهجوه. وتم تأسيس اقتصاد مخطط مركزيا.
ولكن كان لجنوب اليمن نظامه الخاص من الماركسية والذي خضع لعدد من الظروف والعوامل المحلية فكانت الدولة الماركسية الوحيدة في العالم بدين رسمي وهو الإسلام وكانت أهداف أجندة الإتحاد السوفييتي في جنوب اليمن على الصعيد العسكري تتمثل في استغلال المرافق البحرية والجوية وحصر مشتريات السلاح والمعدات العسكرية على الصناعة الروسية، فيما على الصعيد الاقتصادي فقد استأثرت موسكو بمقدرات الجنوب خاصة ثروته البحرية، وسياسيا سيطر الخبراء الروس الذين تم ايفادهم إلى عدن على كواليس القرار السياسي في الجنوب، وهو الأمر الذي عارضه الرئيس سالم ربيع علي وسعى لتخليص الجنوب منه عبر الانفتاح على الدول الغربية وتأسست في عهده العلاقات بين اليمن الجنوبي والسعودية عام 1976 لكن سرعان ما تم الإطاحة بـ (ربيع) وخضع لمحاكمة سريعة انتهت بإعدامه وتولي عبد الفتاح إسماعيل رئاسة اليمن الجنوبي. وشهدت فترة الرئيس فتاح تعاظم العلاقات مع الإتحاد السوفييتي على نحو غير مسبوق.
كيف سقطت الاشتراكية في الجنوب وأسقطت معها الدولة الجنوبية؟
لتأتي بداية النهاية للحقبة الاشتراكية والسيطرة الروسية على جنوب اليمن بأحداث 13 يناير التي ختمت فترة حكم الرئيس علي ناصر محمد، الذي خلف عبدالفتاح إسماعيل في حكم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والتي لايزال المواطنين الجنوبيين يتذكرونها كأفضل مرحلة عرف فيها الجنوب استقرارا سياسيا وتنمية، ليكون بعد ذلك سقوط المنظومة الاشتراكية في موسكو مع حلول العام 1987م ونهاية الاتحاد السوفيتي في 1989م القشة التي قصمت ظهر النظام الاشتراكي في جنوب اليمن، وسرعان ما هرول قادته إلى تسليم الجنوب إلى الشمال بوحدة اندماجية لازالت أثارها على الجنوبيين تشكل قضية مشتعلة في الجنوب.
أطماع روسيا تتجدد في الجنوب
حاليا مع نهوض الدب الروسي مجددا واستعادته لنفوذه القوي على صعيد السياسة الدولية وعودته كلاعب أساسي في الأحداث والصراعات والأزمات التي تشهدها المنطقة العربية بما فيها الصراع اليمني استأنفت اليوم روسيا الاتحادية تحركاتها السياسية والدبلوماسية التي تكشف عن اطماعها القديمة – الجديدة في جنوب اليمن.
وبثت قناة روسيا اليوم يوم الخميس مقابلة مع خبير روسي عسكري بارز خدم لسنوات طويلة في مدينة عدن خلال فترة تواجد السوفييت في جنوب اليمن.
خبير روسي يكشف تفاصيل هامة عن الحقبة الاشتراكية في الجنوب
وفي مقابلة جديدة ببرنامج رحلة في الذاكرة) بقناة (روسيا اليوم) كشف ألكسي فاسيليف وهو خبير روسي عمل في مدينة عدن ضمن القوات السوفيتية، تفاصيل هامة عن العلاقة السياسية والاقتصادية والعسكرية التي جمعت جنوب اليمن بالسوفييت يومها.
وقال فاسيليف ان العلاقة بدأت بين الدولة القائمة جنوبا والسوفييت بعلاقة سياسية حيث استخدم السوفييت صوت (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) في الامم المتحدة مقابل بعض الدعم الاقتصادي والعسكري الضئيل. وقال ان هذا الدعم يتم شرائه مقابل صوت جنوب اليمن في الامم المتحدة. واوضح ان الروس كان تعجبهم العلاقة في عدن، لكنه قال ان هذه العلاقة كانت تتضمن عنصر هزيمة للإتحاد السوفيتي. واشار فاسيليف ان العلاقة كانت قائمة على استلام السلاح مقابل الحصول على صوت اليمن الديمقراطي في الامم المتحدة.
خدعة روسية..
وكشف فاسيليف ان الروس لم يسلموا جنوب اليمن الا سلاح لم يكونوا بحاجة اليه اصلا وهو سلاح تم استخدامه في الحرب العالمية الثانية. واشار الى ان الروس عانوا من تطرف القيادات اليسارية في جنوب اليمن، موضحا ان الروس قالوا بوضوح ان لا حاجة لبناء الاشتراكية في جنوب اليمن.
واكد فاسيليف ان القيادات التي حكمت الجنوب كانت متطرفة وتريد تطبيق الشيوعية بشكل كامل رغم معارضة الروس ورؤيتهم بانها غير قابلة للتطبيق. وقال فاسيليف ان الثوار الاشتراكيين كانوا يريدون اشهار حزب شيوعي يمني الا ان السوفييت قاموا بكبح تطرف القيادات الجنوبية التي حكمت جنوب اليمن عقب الاستقلال.
واشار الى ان هذه القيادات ارادت تكوين جمعيات تعاونية زراعية مثلما هو موجود في روسيا والتي قامت بتأميم الاراضي الا ان الروس ابلغوهم ايضا ان عمل هذا يمكن ان يطبق في روسيا وليس في اليمن لكنهم نفذوه.
وقال فاسيليف ان الروس ابلغوا القيادات الجنوبية ان الاشتراكية العلمية لم تكن صالحة للتطبيق في جنوب اليمن كون ان 80% من السكان كانوا اميين لكن القيادات التي حكمت رفضت ذلك.
واوضح ان الروس قاموا ببناء محطة كهرباء ومرفئ صيد لكن مرفئ الصيد وتعاونية للثروة السمكية لكنه لم يعد مجديا.
خذلان روسي للجنوب
وقال فاسيليف ان الروس حينما بدأ الاتحاد السوفيتي بالتفكك نسوا مؤقتا حليفهم في جنوب اليمن. وان الاهتمامات الروسية الحديثة بجنوب اليمن برزت مؤخرا عبر مؤشرات وأطماع كثيرة، منها ما قاله السفير الروسي في اليمن «فلاديمير ديدوشكين» للمراسلين قبل شهر أن جنوب اليمن منطقة مهمة في البلاد يجب تمثيلها «كما يجب» في تسوية سلمية محتملة.
وإذا عدنا للوراء قليلاً،فقد أبدت وزارة الخارجية الروسية رسمياً اهتمامها بالتوسط لوقف المواجهة بين المجلس الانتقالي في جنوب اليمن والرئيس هادي في مطلع العام الماضي عقب هجوم عسكري شنّته القوات الموالية لهادي ضد المجلس الانتقالي الجنوبي. يضاف أيضاً إلى المؤشرات السابقة احتفاظ موسكو بسفارة لها في العاصمة صنعاء حتى أواخر العام 2017.
ان الأطماع الروسية في جنوب اليمن ليست وليدة اللحظة إذ نجح الرئيس السايق علي عبدالله صالح بكسب رضا موسكو وتعهّد بالسماح لروسيا ببناء قاعدة في جزيرة سقطرى في البحر الأحمر، وهو الأمر الذي كشفت عنه روسيا مؤخرا صراحة.
وكانت العلاقة طيبة بين الطرفين ما جعل موسكو ترسل فريقاً من الأطباء لمعالجة صالح خلال إصابته بوعكة صحية في أكتوبر 2017. كما تبرز الأطماع الروسية في اهتمام موسكو بإنشاء قاعدة عسكرية على مقربة من مضيق باب المندب والذي يربط بدوره البحر الأحمر بخليج عدن فذلك هدف استراتيجي روسي بعيد المدى في اليمن. وقد دعا القائد السابق لسلاح البحرية الروسي فليكس غروموف إلى إنشاء قاعدة بحرية روسية على مقربة من الطرقات التجارية في خليج عدن في أغسطس 2017.ووصف معهد الدراسات الشرقية في موسكو جزيرة سقطرى بأنها المكان المثالي لبناء قاعدة روسية في اليمن.
يضاف إلى ذلك تنامي العلاقة بين المجلس الانتقالي الجنوبي وموسكو،والتي أكدتها تصريحات السفير الروسي في اليمن «ديدوشكين» عندما دافع عن حق الجنوبيين في تمثيل «كما يجب» في أي تسوية سلمية محتملة.
تقرير : محمد فضل مرشد
المزيد في هذا القسم:
- القاعدة تهاجم مواقع عسكريه بحضرموت وأبين المرصاد نت - متابعات هاجمت عناصر القاعدة معسكر لقوات النخبة بوادي حضرموت شرق البلاد فجر الاثنين 12 يوينو/حزيران 2017. وقالت مصادر محلية ان عناصر القاعدة ها...
- وثيقة سرية للأمم المتحدة: لا دليل على صواريخ إيرانية في اليمن ولا مبرر للحصار السعودي المرصاد نت - متابعات ذكر موقع "ذي انترسبت" أنّ وثيقة أعدتها لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة وَجدَت أنّ النظام السعودي يعرقل إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن...
- الإمارات تتحرك خفية لتشكيل “نخبة مأربية” و”حزام أمني” لتعز المرصاد نت - متابعات في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال الإماراتي تحركاته العسكرية في محافظة شبوة لاستكمال فرض سيطرته على بقية المناطق التي تتواجد فيها حقول الن...
- حركة 20 مايو تؤكد الأستمرار في النضال الوطني وبناء الدولة اليمنية الحديثة المرصاد نت - خاص أكدت حركة 20 مايو في بيان لها بمناسبة الذكري ال13 يونيو التصحيحية الوفاء لهذه الذكرى وللشهيد الكبير ابن اليمن البار إبراهيم الحمدي وإنها ع...
- المبعوثون الدوليون: سنوات من الإخفاق والفرص الضائعة باليمن! المرصاد نت - متابعات تضاعف انعدام ثقة اليمنيين بالمبعوثين الدوليين وإمكانية تحقيق اختراق في الأزمة مع كل مبعوث جديد يأتي إلى اليمن ومع كل تعثر يصيب محاولات ال...
- بالأرقام .. هكذا تحرر السعودية اليمن .. ومن الحب ما قتل المرصاد نت - متابعات عدد القتلى الشهداء 2397 طفل شهيد 1751 إمراءة شهيدة 6414 رجل شهيد المجموع 10560 ربما يصعب على من لا إنسانية له قراءة الرقم اكتبوه بالأح...
- شرعية السعودية تعجز عن فرض وجودها في عدن فكيف ستستعيدها في صنعاء؟ المرصاد نت - متابعات لا اومن بوجود شرعية لمجلس نواب انتهت فترة ولايته منذ اكثر من 10سنوات من ناحية وعجز من ان يتحرر من القيود التي قيدته بها مبادرة سعودية وبا...
- صاروخ زلزال 3 يدك تجمعات المرتزقة في معسكر تداوين بمأرب المرصاد نت - المسيرة وزع الإعلام الحربي اليوم الثلاثاء مشاهد لأول مرة لإطلاق صاروخ الزلزال 3 محلي الصنع على تجمعات مرتزقة العدوان في معسكر تداوين بمحافظة مأرب...
- منظومة الصواريخ واستراتيجة الردع المتبادل المرصاد نت - إسماعيل المحاقري أربك الإعلان عن منظومة صواريخ البركان واحد المطورة محليا حسابات وتكتيكات المعتدي السعودي وخلط أوراقه وأجبرته على التزام ال...
- السعودية والإمارات... تخبط عسكري وإفلاس اخلاقي المرصاد نت - متابعات تبين معركة الحديدة أن النظام السعودي والإماراتي ومن ورائهما حريصون أشد الحرص على أي مكسب ميداني للتغطية على أكثر من ثلاث سنوات من عدوان و...