انتفاضة المهرة في عامها الثاني :هل يدفع التعنت السعودي أبناءها إلى التصعيد المسلح؟

المرصاد نت - متابعات

خرجت حشود كبيرة في المهرة يوم الجمعة الماضية لتعلن من جديد رفضها القاطع للوجود العسكري السعودي والميليشيات التي أنشأها في المحافظة لإثارة الفوضى واقلاق السكينة العامة.ALmahraah2019.7.9 ورفع المحتجون الأعلام اليمنية ولافتات كتبوا عليها عبارات بينها “المهرة ترفض الاحتلال السعودي الإماراتي“ و”نعم للسيادة اليمنية”.

ومع دخول الاحتجاجات التي تشهدها المحافظة عامها الثاني توعد المحتجون بالتصعيد ضد الوجود السعودي حتى يغادر المهرة ويترك أهلها يعيشون بسلام. ومنذ أكثر من عام يواصل أبناء المهرة احتجاجات واعتصامات مستمرة تطالب بإنهاء تواجد القوات السعودية غير المبرر في المحافظة، وإقالة المحافظ راجح باكريت. وجدد بيان صادر عن اللجنة المنظمة للاعتصام عقب الفعالية التمسك بمطالب أبناء المهرة والتي على رأسها رحيل القوات السعودية وتسليم المنافذ البرية والبحرية وخروج كافة القوات من مطار الغيضة”.

ووفق البيان طالب المحتجون بإقالة محافظ المهرة راجح باكريت، متهمين الأخير بـ”تمرير وتنفيذ أطماع السعودية في السيطرة على المحافظة والعبث بالمال العام”. وطالبت الوقفة المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتدخل وإنهاء الحرب التي أعلنتها السعودية.

 يقول وكيل المحافظة السابق "علي سالم الحريزي" إن أبناء المحافظة خرجوا في مسيرات تصعيدية ضد قوات الاحتلال السعودي والتدخلات الإماراتية في اليمن بشكل عام والمهرة بشكل خاص. وأضاف الشيخ البارز في المحافظة أن المسيرات التي شهدتها المحافظة تؤكد لكل من يهتم بالشأن اليمني في الداخل والخارج أن أبناء المهرة لا يقبلون بالاحتلال إطلاقاً. ولوح الحريزي إلى لجوء أبناء المحافظة في تصعيدهم إلى استخدام وسائل أخرى في حال لم يجدِ الاعتصام السلمي لدى الاحتلال السعودي من أجل إرغام تلك القوات على الرحيل من المحافظة.

ولفت إلى ان أبناء المهرة سيدحرون الاحتلال سواء كان احتلالاً أو بشرعية مزورة وطالما عجز هادي عن العودة إلى عدن فسيعجز عن اتخاذ أي قرار ولهذا فعلى الشعب الاستعداد للمعركة القادمة سلمية أو مسلحة. وحذر القوات السعودية ومليشياتها في المهرة من التمادي في انتهاكاتهم قائلا إن "عليهم الرحيل قبل أن تطالهم يد الشعب ويرحلون بالتوابيت ونحن جاهزون لأي مواجهة".

 وحول الموقف الحكومي تجاه ممارسات السعودية قال الناشط وعضو اللجنة التنظيمية لاعتصام المهرة أحمد بلحاف إن حكومة هادي تعاني من ضغوطات تمنعها من إبداء موقف واضح من السعودية وانتهاكاتها في المهرة. وأوضح أن أبناء المهرة مستمرون في اعتصاماتهم وتظاهراتهم حتى رحيل القوات السعودية من محافظتهم. وأضاف بلحاف أن القوات السعودية قدمت في أواخر 2017 إلى المهرة وإلى مطار الغيظة بناء على اتفاق مع الجنرال على محسن الأحمر لاعادة تأهيل المطار إلا أنها لم ترحل حتى الان وحولت المطار إلى ثكنة عسكرية إضافة إلى أكثر من 30 معسكراً لها ولميلشياتها في المحافظة وهذا ما يخالف الاتفاق.

وأوضح بلحاف أن أبناء المهرة مستمرون في اعتصاماتهم ويتفهمون موقف حكومة هادي لكننا نتطلع إلى أن تتخذ قرارا بشأن ما يحدث في المهرة ولا ننسى تعليقات وزير الداخلية ووزير النقل من ممارسات السعودية والإمارات. وأشار بلحاف إلى أن السعودية تنتهج في المهرة نهج دعم المليشيات الخارجة عن القانون عبر محافظ المهرة الذي نهب الأموال العامة ويعمل على شق الصف المهري. وكانت اللجنة المنظمة للإعتصام قد أفادت في بيانها الجمعة أنه رغم تلمسها الأعذار للقيادة والحكومة إلا أن التخاذل والصمت المريب ضد الممارسات والانتهاكات التي تستهدف سيادة وشرعية ومشروعية أصحاب الأرض والذي لقيناه في المهرة وسقطرى بل وعموم اليمن يجعلنا جميعا لا نعول عليها ولا على شخوصها.

وأكد البيان أن تخلى الحكومة عن مسؤوليتها جعلنا نتيقن أن الشعب وحده وأبناء اليمن من جميع المحافظات هم الوحيدين القادرين على مناهضة المشاريع والاجندات السعودية والإماراتية.  وخلف الحراك الشعبي في المهرة ردود أفعال واسعة في الأوساط الإعلامية والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي والذين أشادوا بالمطالب التي يرددها أبناء المحافظة منذُ أكثر من عام بأسلوب حضاري وسلمي رغم أساليب الاستفزاز السعودية وميليشياتها.

اجتمع سكان “المهرة” على إنهاء الوجود السعودي في هذه المحافظة التي بقيت آمنة هي وسكانها حتى دخول القوات السعودية إليها في شهر نوفمبر لعام 2017، وانتفض الشعب مجدداً عبر مظاهرات تعمّ شوارع  المحافظة تطالب بخروج القوات السعودية من المحافظة فوراً وإقالة المحافظ، في حين لوح أحد قادة الحراك بخيارات أخرى تصعيدية لإجبار القوات السعودية على الرحيل.

أهالي “المهرة” لم يعودوا قادرين على تحمل جرائم قوات التحالف في محافظتهم لدرجة أن ما يسمى بالحكومة الشرعية والتي تتلقى دعمها من السعودة مباشرة، لم تعد تريد بقاء القوات السعودية في محافظة المهرة التي دخلتها بحجة مكافحة تهريب السلاح والمخدرات، وضبط الأمن في المحافظة، الأمر الذي رفضه الأهالي حينها، وهذا الامر كان واضحاً في كلام وزير الداخلية في حكومة ما يسمى “الشرعية” أحمد الميسري الذي وجّه ضربةً قاضية للتحالف السعودي.

لم تتمكن السعودية بأي شكل من الأشكال بأن تكسب سكان “المهرة” إلى جانبها وفشلت في هذا الأمر كما فشلت في إجبار الشعب على الرضوخ للسياسة التي كانت تسعى السعودية لفرضها في اليمن وبينما حصدت الإمارات بعض المزايا جنوب اليمن حاولت السعودية أن تحظى بنفس الأمر وأن تتقاسم خيرات اليمن مع أولاد زايد عبر الدخول إلى محافظة “المهرة” الاستراتيجية والحصول على مزايا هذه المحافظة برّاً وبحراً وجوّاً إلا أن سكان “المهرة” قضوا على أحلام السعودية حيث رفضوا الوجود السعودي وطالبوا بخروج القوات السعودية من المهرة على الفور.

مطالبات سكان المهرة بإنهاء الوجود السعودي فيها ليست بالأمر الجديد ففي نهاية العام 2017 وبالتزامن مع دخول قوات سعودية إلى “المهرة” تحت ذريعة محاربة التهريب والإرهاب في المحافظة إلا أن المحافظة كانت هادئة طوال سنوات الحرب ولم يتعكّر صفوها حتى جاءت القوات السعودية وعاثت فساداً فيها .

المظاهرات التي خرجت سابقاً وخرجت اليوم غايتها الأساسية إنهاء وجود القوات السعودية وسيطرتها على المطارات والمنافذ في محافظة المهرة الاستراتيجية شرقي اليمن وخروج المدرعات والآليات العسكرية السعودية والمليشيات التي تتبعها من منافذ صرفيت وتسليمه إلى القوات الشرعية من مؤسسة الجيش والأمن وإقالة المحافظ راجح باكريت وفتح تحقيق شفاف في قضايا الكسب غير المشروع والعبث بالمقدرات والأموال العامة، التي يتهم المحتجون المحافظ بالتورط فيها.

ماذا تريد السعودية من “المهرة”؟

أولاً: تتمتع محافظة المهرة بموقع استراتيجي مهم شرق اليمن وتربطها مع سلطنة عمان حدود مشتركة فضلاً عن كونها تطلّ على المحيط الهندي ولم ينخرط سكان هذه المحافظة في الحرب ولم يحملوا السلاح في وجه أحد لذلك جاءت قوات بني سعود لإجبارهم على الدخول في هذه المعارك وإحداث بلبلة في هذه المدينة بعد أن فشلت في إحراز أي تقدّم في أي مكان آخر.

ثانياً: السعودية تريد مدّ أنابيب نفطية عبر محافظة “المهرة” ولذلك فإن السيطرة عليها والتحكم بمنافذها البحرية يعتبر أمراً مهمّاً وفي حال تمكّنت من مدّ أنبوب نفطي عبر المهرة سيسمح لها هذا الأمر بالوصول إلى المحيط الهندي دون المرور بمضيق هرمز.

ثالثاً: بعد فشل التحالف السعودي في تحقيق أي نصر عسكري وجدت السعودية أن “المهرة” مكان جيد لإحراز انتصار على المستوى السياسي أو العسكري أو الاقتصادي إلا أنه لم ينجح أي من هذه الخيارات بفضل وعي الشعب هناك، والذي يرفض أي وجود لأي قوات عسكرية بالإكراه.

وامتدح الناشط إبراهيم عبدالقادر في تغريدة بصفحته على موقع التدوين المصغر تويتر الإحتجاجات التي شهدتها المهرة بقوله: تظاهرة شعبية ضخمة في محافظة المهرة ابتدأت بالنشيد الوطني (لن ترى الدنيا على أرضي وصيا) وتزينت بالأعلام الوطنية وصور الرئيس هادي؟ وأضاف: كما رفضت ملشنة المحافظة بالأحزمة والنخب وتهديد كيان الدولة وهيبتها وطالبت بإقالة المحافظ راجح باكريت وإحالته للتحقيق نظير عبثه بالمال العام.

من جانبها قالت الناشطة "سهام باشراحيل" إن المهرة تلتحق بسقطرى وستخرج كل المحافظات الجنوبية ضد الامارات والسعودية. وأضافت "باشراحيل" أن المهرة مشكلتها مع السعودية بالذات التي أنشأت معسكرات وقواعد وثكنات عسكرية دون اي مبرر، واصفة إياه بالاحتلال الذي سيدفع الناس للتظاهر والخروج اليومي حتى رحيل كل القوات السعودية وميليشياتها الغير قانونية.

 

المزيد في هذا القسم: