المرصاد نت - متابعات
سيكون من الصعب على السعودية تحمّل مسؤولية كذبة كبيرة حول حقيقة من استهدف منشآت «أرامكو». الأمر لا يتعلق بعدم قدرة الرياض على تحمّل مسؤولية ما ستقوله ولا في كون الغرب بقيادة أميركا ليس مهتماً الآن، بحرب واسعة وكارثية في المنطقة. بل يتصل أساساً في أن السعوديين يعلمون جيداً أن اليمنيين تجاوزوا مرحلة الصعوبات والعقوبات والحصار وأنهم قادرون ليس فقط على قصف هذه المنشآت بل وعلى فعل الكثير مما يعرف السعوديون قبل غيرهم نتائجه.
الجديد في سلوك النظام السعودي هو الاعتراف بما يحصل. التجاهل والتعتيم ومنع النشر وحجب الأخبار لم تعد تفيد في ملف الحرب ضد اليمن. أصلاً لا يمكن أحداً في العالم حجب خبر كالذي حصل. بل إن السعوديين صاروا يعلنون عن قتلى جيشهم في المعارك على الحدود اليمنية وإن بالتقسيط، لثقتهم بأن الطرف الآخر يوثق كل ما يحصل.
منذ تنفيذ الهجوم حتى مساء أمس لا يزال النظام السعودي متحفظاً في حديثه عن العملية البطولية للقوات اليمنية المشتركة. كل ما قاله إن السلاح يبدو إيرانيّ المنشأ علماً بأن بعض التدقيق يفيد بأن الايرانيين طوروا أسلحة غربية أو شرقية المنشأ وكذلك يفعل أطراف وقوى محور المقاومة في المنطقة. لكن المهم في البيانات الرسمية السعودية هو الاشارة الى «استمرار التحقيق لمعرفة نقطة انطلاق الهجمات».
الاميركيون سارعوا الى القول إن الهجمات لم تنطلق من اليمن. وهم قصدوا بدايةً الاشارة الى مواقع اخرى. وليس بين أيديهم من حيلة سوى إيران أو العراق. وبعد تدقيق سريع تبيّن لهم أن المصدر لا العراق ولا إيران. فمن أين انطلقت المسيّرات؟ هنا مفيدة العودة الى بيان صنعاء حول الهجوم وفيه: «نفذ سلاح الجوِ المسيّر عملية هجومية واسعة بعشرِ طائرات مسيرة استهدفت مصافي بقيق وخريص التابعتين لشركة أرامكو في المنطقة الشرقية صباح يومنا هذا وكانت الإصابة دقيقة ومباشرة (...) وتعتبر هذه العملية إحدى أكبر العمليات التي تنفذها قواتنا في العمق السعودي وقد أتت بعد عملية استخباراتية دقيقة ورصد مسبقٍ وتعاونٍ من الشرفاء والأحرارِ داخل المملكة».
في البيان ثلاثة عناوين:
الاول هو أن القوات اليمنية المشتركة هم من قاموا بالعمل وهذا غير قابل للنكران ولديهم من الوثائق ما يكفي لدحض أي كلام آخر عدا عن كون عمليات التصنيع والتطوير الجارية في اليمن للقوة الصاروخية والسلاح المسيّر شهدت قفزات نوعية فاجأت حتى حلفاء صنعاء في دول محور المقاومة وقواه.
الثاني ان العملية تمت بعد عملية استخباراتية دقيقة ورصد مسبق وهذا يعني مرة جديدة ان لدى أنصار الله وحلفائهم ما يفيدهم في تحديد الاهداف من خلال وسائل استعلام متنوعة بينها البشري والتقني ما يسمح ليس فقط بتحديد الاهداف بل بمتابعتها لمعرفة التوقيت الافضل لضربة من دون إيقاع خسائر في صفوف المدنيين.
الثالث ان العملية حصلت بتعاون مع الشرفاء والاحرار داخل السعودية وهنا يفترض بالجانب السعودي فهم ان هذا التعاون يمكن ان يكون واسعاً بأكثر مما يعتقد وهو في هذه الحالة لا يتعلق بمخبرين أو متصلين يوفرون المعلومات بل في كون السعوديين الذين يريدون نهاية الحرب أو سقوط نظام آل سعود لديهم الارض والطبيعة والمعرفة التي تتيح وصول أنصار الله الى أهدافها.
بقي السؤال المُلِح: هل تمت العملية بواسطة طائرات مسيرّة فقط أم بصواريخ مجنّحة (كروز) وهل انطلقت من مناطق سيطرة أنصار الله في اليمن؟
لن يطول الوقت حتى يخرج السعوديون، ومن خلفهم الاميركيون، بإعلان عن التحقيقات. وكل ما سيصلون اليه ولو كان الحقيقة بعينها سيعيدهم الى المربع الاول وهو ان أنصار الله يعرفون اليمن وحدود اراضيه وبحوره وسماءه، ويعرفون أن بمقدورهم اللجوء الى أماكن حدودية أو أكثر والى سواحل بحرية أو أكثر والى سماء إقليمية أو أكثر. أكثر من ذلك هم يعرفون ان بمقدورهم الوصول، من دون أي مقاومة من القوات السعودية الى عمق الاراضي السعودية نفسها ويمكنهم توفير العناصر الضرورية لنجاح العملية. وهم اعلنوا بطرق مختلفة انهم لجأوا الى نوع جديد من الطائرات التي تسيّرها محرّكات نفاثة وبمقدورها الطيران لمسافات أطول وأن تحمل مقذوفات أشد فتكاً وأكثر تأثيراً في الهدف المقرر. وكل ذلك يمكن أن يخرج الى العلن فوراً ودفعة واحدة متى قرر أنصار الله ذلك.
بالمناسبة يراعي أنصار الله الطرف الآخر بصورة دائمة:
هل يعرف السعوديون ما الذي حصل قبل مدة عندما استسلم أكثر من ألفي مقاتل بينهم 25 ضابطاً وجندياً سعودياً لقوات الجيش واللجان الشعبية ولماذا امتنعت صنعاء عن كشف التفاصيل «المذلة» لهذه العملية النوعية الكبيرة؟
هل فكّر النظام السعودي ومن خلفه داعموه في الغرب في سبب عدم كشف صنعاء عن محاولات حثيثة يقوم بها مسؤولون رسميون من السعودية للتواصل معهم والتواصل هنا ليس مع مقرّبين أو أصدقاء بل مع مسؤولين في أنصار الله والسعي معهم الى تفاهمات ما؟
هل كشف الحوثيون ما يعرفونه عن اتصالات وزيارات قامت بها وفود رسمية وأمنية ودبلوماسية من الإمارات العربية المتحدة الى إيران أكثر من أربع مرات، وفيها طلبات بتحييد أبو ظبي وبالاستعداد لحوار حول اليمن؟
هل كشف الحوثيون يوماً عن التواصل القائم بين سكان وفعاليات المحافظات الجنوبية من عسير الى جيزان ونجران معهم، لعقد ترتيبات تخرج بموجبها هذه المناطق عن سيطرة النظام السعودي؟
هل لجأ الحوثيون الى استخدام أسلحتهم الفتاكة ضد أبناء المحافظات اليمنية الجنوبية الذين ينخرط قسم منهم في الحرب على صنعاء؟ وهل قصفوا مرة واحدة مركزاً مدنياً أو حياتياً يخص مواطنين في السعودية؟
هل تملك الآلة الإعلامية الضخمة لآل سعود ومعها الاستخبارات الناشطة من أميركا وبريطانيا وألمانيا وإسرائيل أي صورة موثقة عن جريمة أو عن ضحايا مدنيين لهجمات الحوثيين داخل اليمن أو خارجه؟
المقصود هنا أن القرار بتنفيذ عملية أرامكو النوعية انطلق أولاً وأخيراً من قرار رفع مستوى الضربات للنظام السعودي حتى يعود الى صوابه ويوقف العدوان. وان الضرر الذي أصاب وسيصيب أكثر المنظومة العالمية للنفط لن يتوقف ما لم تتوقف الحرب على اليمن. وانه كلما مارس الشياطين في الرياض وواشنطن وأبو ظبي سياسة الانكار و«تكبير الرأس»، اضطر الحوثيون الى إسقاط المزيد من الخطوط الحمر التي وضعوها هم أمام عملهم.
اليوم لا خيارات أمام أعداء البشرية الا التوقف عن الحرب، أو السعي الى تصعيد ستكون نتائجه كارثية على من يراهن على قوته المالية والعسكرية لتحقيق انتصار لن يحصل.
هذا يمنياً. أما إقليمياً، وإيرانياً على وجه التحديد، فمن المفيد فهم مستوى وحجم الترابط بين دول وقوى المحور. السعودية تدفع اليوم ثمن التصاقها بالسياسة الاميركية. ومعادلة الوجع مقابل الوجع، تقف الى جانب معادلة أخرى اسمها الجوع مقابل الجوع والحصار مقابل الحصار... ومن عناوينها الفرعية البارزة اليوم: النفط مقابل النفط!
المسألة تتصل أولاً بالأزمة اليمنية لكنها اليوم وفي حالة أرامكو تتصل بالأزمة الأكبر، حيث نجح الاميركيون في جمع حلفائهم ضمن جبهة واحدة. أما إيران فنجحت هي أيضاً في جمع جميع حلفائها ضمن جبهة واحدة حيث يتساعد ويتخادم الناس عند الحاجة... خصوصاً عندما قررت طهران الانتقال من مرحلة الصبر الى مرحلة القتال الدفاعي... وهنا بيت القصيد!
قراءة : إبراهيم الأمين - الأخبار
المزيد في هذا القسم:
- مطار صنعاء وإطلاق سراح أسرى: حوافز سعودية للتهدئة مع صنعاء! المرصاد نت - متابعات حوافز جديدة تعزز مسار التهدئة العسكرية يمنياً وهذه المرة من قبل النظام السعودي بإعلان الإفراج عن مئتي أسير يمنياً إلى جانب إعادة فتح مطار...
- الحوثيون ينسفون الهدنة بشروط جديدة ومسقط تبحث مع واشنطن تمديدها المرصاد-متابعات بحثت سلطنة عمان مع الولايات المتحدة الامريكية، اليوم الأحد، استمرار الهدنة في اليمن، لتعزيز فرص السلام. وقالت الخارجية العُمانية إن وزير الخار...
- عشرات القتلى والجرحى من مرتزقة العدوان في ميدي المرصاد نت - متابعات كرست مديرية ميدي الحدودية صورتها كعقدة أمام تحالف العدوان السعودي الامريكي رغم ان تضاريسها الساحلية والصحرواية تصب في صالح امكانيات تح...
- الوصاية السعودية على اليمن .. شراء ذمم وتصفيات جسدية ! المرصاد نت - رشيد الحداد بعد اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي يوم الثلاثاء 11 أكتوبر 1977م وشقيقه عبدالله الحمدي في حفلة الغداء الدموية بالقرب من السفا...
- الحديدة : تفاصيل العمليات العسكرية خلال الساعات القليلة الماضية المرصاد نت - متابعات دمرت القوات البحرية والدفاع الساحلي بارجة حربية للعدو أثناء محاولتها تقدم أسطول بارجات حربية كانت تستعد لتنفيذ عملية انزال في الساحل الغر...
- ثمار قمة الرياض : مجازر أميركية وسعودية في مأرب وعدة محافظات المرصاد نت - متابعات كتبت صحيفة "كريستــيان ساينس مونيتور" في تقرير لها بأن صفقة التسليح الضخمة بين الولايات المتحدة والسعودية والتي تقدر بمبلغ 110 مليار دولا...
- عسكرة وادي حضرموت: السعودية على خُطَى الإمارات ! المرصاد نت - العربي قضية التحول للبحث عن وطن في تقوية الذات عسكرياً هي الحربة السامة التي توغلت في خاصرة وطن كان اسمه اليمن السعيد تلك الرغبة في التفرد ...
- فورين بوليسي: جنون العظمة يورط آل سعود وعليهم إنهاء الحرب في اليمن المرصاد نت - متابعات كتبت صحيفة فورن بوليسي في عددها الصادر يوم ٢٠ اكتوبر مقال عن كيف يتم انهاء جنون العظمة لدى السعودي وايقاف حربها المجنونة . وكانت...
- طيران العدوان السعودي يكثف غاراته الإجرامية مخلفاً شهداء وجرحى في عدة محافظات المرصاد نت - محافظات كثف طيران العدوان السعودي الأمريكي غاراته الإجرامية على محافظات الجمهورية مخلفاً شهداء وجرحى ودماراً كبيراً في الممتلكات العامة والخاصة خ...
- منتدى أمريكي: التواجد الإماراتي السعودي في سقطرى أنتهاكاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المت... المرصاد نت - متابعات أعتبر منتدى الأمن الأمريكي "جاست سيكيورتي" أن الخلافات الأخيرة الذي حدثت في جزيرة سقطرى أكدت محدودية سيطرة حكومة هادي على أراضيها. و لفت...