في ذكرى الاستقلال.. التأريخ يعيد نفسه في اليمن!

المرصاد نت - متابعات Novambar2019.11.29

يصادف اليوم الذكرى الثانية والخمسين لعيد الاستقلال الوطني والذي تم الإعلان فيه عن قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.

مسيرٌ اقتفى اليمانيون أثرَه جيلاً بعد جيل، في التفلت من أغلال قاهرِه حين سطّر أمجادًا تكتب بماء الذهب عن ثوارٍ انطلقوا كالطود الشامخ في وجه إمبراطورية بريطانية كانت قشّةً أمام صمود وعنفوان يماني سطّر شموخاً يعانق تربةً ارتوت من دماء صناديدَ رفضوا الخنوعَ لسياط جلاد محتلّ غازٍ، فكانت جذوة قد أُوقدت بسواعدَ تأبى الذلَّ والانكسارَ، فكان لها أن نالت الاستقلالَ واندحر المستعمر الجاثم لعقود طويلة، وخرج آخرُ جندي بريطاني في 30 من نوفمبر المجيد..

لم ينثنِ عزمُ اليمانيين فكان أن بُوركت وكُللت تضحياتُهم بانبثاق فجر وميلاد جديد فرض على المستعمر خروجه مذلولاً..

ما أشبهَ اليومَ بالأمس!، فبين محتلٍّ بريطاني قد ظهر بوجه إمبراطورية قوضت أركانها على السطو والقتل والاستبداد والإذلال والمتهان لأبناء الجنوب، إلى محتلّ أمريكي بريطاني أَيْـضاً لكن بوجه سعودي إماراتي بغيض، جعل من شرعية مزعومة لرئيس لا شرعيةَ له سوى بتقديم فروض الولاء والطاعة لمن دنّس أرضَه هي الذريعة لمشروع احتلال معلّب بسيناريو “من أجلكم أنشأنا عشرات السجون لتعذيبكم وامتهان كرامتكم ولأجلكم أنتم تقتلون”..

بين محاولةِ الفرار من واقع كان ممكناً إصلاحُه بالتجاوب مع المحاولات الصادقة لإعادة الاعتبار للقضية الجنوبية بأيادي يمنية خالصة صادقة في مؤتمر الحوار الوطني، وجد المواطنُ اليمنيُّ نفسه واقعاً في براثن شركاء كُثُر، كلُّ واحد منهم قد حَــدَّ شفرتَه لانتزاع روح من يعارِضُ تواجُدَ قوات وجنسيات عديدة غير يمنية على أراضٍ يمنية.

نيران قد أضرمت لإشعال فتيل حرب أهلية، بات أبناءُ الجنوب على موعد ومقرُبَة من انفجارها وسط تداعيات فرضها المحتلّون الجُدُد بلعبة تحريك الفصائل المسلحة، تحت عنوان بريطاني جديد قديم لطالما كان ورقةً جنى الغزاةُ ثمارَها تحت شعار “فرّق تسد”.

كانت الصدمةُ التي استفاق على وقع تفجيراتها واغتيالاتها وغياهب سجونها أبناءُ الجنوب، هي مد أنبوب لشفط نفط يمني إلى آبار سعودية، وسط استعار قيمة الريال السعودي واندثار الريال اليمني لاستمرار مسلسل التجويع الذي يمارسه المحتلُّ بمباركة دنبوع وحكومة فنادق، يصل راتبُ عناصرها آلاف الدولارات مقابل هلاك آلاف من أبناء الجنوب في معارك الساحل الغربي في الحديدة، وحماية الحدود السعودية في وجه يمنيٍّ آخرَ كان هو من أدرك فصولَ المسرحية، فمضى في درب مبارك للتصدي للمحتلّ الغازي، فكان له ما أراد بَعيداً عن من ارتضى الذلَّ لمن ارتضاه.

وبهذه المناسبة انطلقت في هذه المناسبة مسيرة دعا لها التحالف الوطني للقوى السياسية الذي أكد على وحدة قوى تعز وأبنائها لإنجاز أهداف الثورات اليمنية في مقدمتها 26 سبتمبر و14 أكتوبر فضلا عن التمسك بروح 30 نوفمبر و11 فبراير.

أستمر نضال اليمنيين سنوات عديدة للخلاص من المستعمر البريطاني حتى تمكنوا من طرد آخر جندي بريطاني من عدن في التاسع والعشرين من نوفمبر 1976م جاءت هذه المناسبة اليوم واليمن يعيش في ظل  "احتلالاً" قامت به دول تدخلت في البلاد تحت ذريعة استعادة سلطة هادي. فما هي إلا أشهر قليلة حتى بدأت الإمارات في السيطرة على محافظات معينة تحديداً الساحلية، وجزر وموانئ اليمن وتقاسمت النفوذ إلى جانب السعودية التي تمددت شرقا باتجاه المهرة التي ترغب عبرها مد أنبوب نفطي إلى بحر العرب.

 ويقارن كثير من المتابعين بين ممارسات السعودية وتحديداً الإمارات في جنوب اليمن مع نهج بريطانيا سابقاً، ليتضح لجوء كل تلك الدول إلى تكريس المناطقية، وتغذية الهويات الفرعية ليسهل السيطرة على البلاد.

 وفي ذكرى عيد الاستقلال قالت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان إنه ينتظرنا واجب وطني مقدس، يتمثل بالاصطفاف مجددا لطرد وإسقاط الهيمنة والوصاية والاحتلال السعودي الإماراتي للبلاد. وأكدت أن ذلك "واجب وطني لا يسبقه شيء ولا يعلو عليه شيء".

بينما يعترف الإعلامي سعيد ثابت أننا نعيش لحظة كابوسية مقتطعة من تاريخ وطن يمرض ولا يموت، في إشارة إلى الوضع الصعب الذي ازداد قتامة بعد تدخل التحالف العسكري السعودي. وذكر أن لحظة "الاعتلال والانحطاط والسقوط" تلك مجرد لحظة ستأخذ مداها الزمني، ثم يجرفها تيار الحركة الوطنية الجبار، باستعادة الوعي بالذات وبالآخر، واستئناف وظائف الفعل النهضوي.

 فيما يشعر نائب رئيس الهيئة الوطنية لحماية السيادة ودحر الانقلاب "سيادة" فيصل الحذيفي بالأسف لرزوح اليمن تحت الاحتلال السعودي الإماراتي. واستطرد: "لم يعد لأعيادنا الوطنية أي معنى في ظل شرعية فرطت بالسيادة اليمنية، وأحزاب ونخبة حاكمة اكتفت بالغنيمة على شكل مناصب واللجنة الخاصة السعودية لتوسع قاعدة العملاء ​​​وكذلك بسبب الإمارات التي بنت مليشيات توازي قوام جيش كامل لتتحكم المشهد بكل "دناءة"، وأمم متحدة تشتغل شاهد زور وتغمص عينها عن كل تلك الانتهاكات".

 وطالب بضرورة إعادة الوعي الثوري لدى جمهور الشباب بقدح شرارة النضال ضد كل هؤلاء دون استثناء مستطردا "لم يعد الحوثي بعد كل هذه الكوارث المتسعة سوى كارثة مثل غيرها". وقال إننا نحتاج إلى موجة أخرى من الثورة بعيدا عن الوصاية الحزبية، التي تمارس التضليل والنفاق، كما فعلت اليوم بتعز بالتظاهرة التي بلا معنى.

 أما وزير الثقافة الأسبق خالد الرويشان فأكد أن الأمة التي لا تحتفل باستقلالها تزرع العبودية في أجيالها. ولذلك حث على ضرورة الاحتفال بعيد الاستقلال، حتى لا نصبح عبيداً في الغد.

 بدوره قال وزير الشباب والرياضة نايف البكري إن 30 نوفمبر مشكاة الحرية والاستقلال عيد الجلاء العظيم يحل علينا في ذكراه الـ52 نحتفي بهذه الذكرى العظيمة ثورة الآباء والأجداد، لتخلد فينا روح الحرية والاستقلال.

أما الشاعر والكاتب محمد يحيى المنصور فأشار إلى قدرة عدن والمحافظات الجنوبية سابقاً على التحرر من هيمنة الاستعمار البريطاني بعد مرور أكثر من قرن. وأضاف "ستتحرر عدن وكل مناطق اليمن من المستعمرين الجدد السعوديين والإماراتيين صنائع بريطانيا وعملاء الصهيونية وأمريكا قريبا جدا، رغم أنف المرتزقة الجدد الذين خانوا ثورة أكتوبر ونوفمبر".

 أما رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر، فأكد أنه ليس هناك ما هو أعظم من لحظات الشعور بالحرية، والانعتاق من التسلط والقهر والعبودية.وقال "كان يوم الثلاثين من نوفمبر من العام 1967 يوماً مختلفاً في جنوب اليمن تنفس أبناء الجنوب الصعداء بتحرير أرضهم من الاستعمار البريطاني بعد احتلال دام 129 عاماً".

 

 

ولفت إلى أن حلم التحرير كان ممهوراً بأمل التغيير والتقدم الاجتماعي والوحدة، وأردف "كانت الوحدة قبلة القادة المناضلين جزءاً أصيلاً في تفكيرهم وفي عقيدتهم الوطنية، وكان فكر التنوير والمساواة قد تملك عقولهم، متأثربن بقيم مرحلة النهوض القومي العربي، واحتدام المواجهة مع العدو الصهيوني ومن خلفه أعداء الأمة".

المزيد في هذا القسم: