المرصاد نت - جمال جبران
تأتي خطوة إنكار حزب الإصلاح انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين إرضاءً لـالهوى الإماراتي الغالب حالياً على جبهات يمنية عدة لتُذكّر بنماذج من شخصيات انتمت إلى هذا الحزب
واتسمت بالميل كيفما مالت رياح المكاسب الشخصية في «الأزمنة السعودية» و«توجّت» سيرتها بالاستفادة من الحرب السعودية الراهنة فحين ضافت الدنيا بالرئيس المستقيل هادي ووجد نفسه معزولاً في أحد فنادق الرياض بعيداً عن الأضواء قال بصوت مرتفع: «هاتوا لي نصر طه مصطفى!». لقد أجاد هادي في اختياره.
هو يعرف قدرات هذا الصحافي الموهوب في «تلميع الرداءة» وتسويقها وتكوين «لوبيات» صحافية والصرف على أفرادها بسخاء ودفعهم لمسح بلاط السلطان وتقديمه على العكس من صورته الحقيقية لم يكن ذلك الاختيار عشوائياً فهادي على معرفة قديمة بمصطفى يوم كان نائباً لعلي عبدالله صالح طوال سنوات حينها كان مصطفى يلعب دور «جليس السلطان» ورفيقه الدائم.
يمثل مصطفى نموذجاً لشخصيات عامة كثيرة في اليمن تعلم كيف تنقل البندقية من كتف إلى آخر، بحسب ظروف المرحلة و«أسيادها»، ويميلون كيف تميل الرياح لتحقيق أكبر استفادة ممكنة، من دون أي اعتبارات وطنية أو مبدئية.
لم ينسَ يمنيون كُثر الناصريون منهم على وجه الخصوص المقالة التي كتبها مصطفى في ذمّ سيرة الرئيس اليمني الراحل ابراهيم الحمدي (السعودية متهمة في تدبير عملية قتله عام 1977). لقد أهانت تلك المقالة ذكرى زعيم اجتمع أهل اليمن على حبه وقد جمع النزاهة والتواضع ونظافة اليد وحب البلاد التي نجح خلال فترة حكمه القصيرة في أن يمشي بها نحو طريق حديث بعيداً عن العُصبة القبلية وهذا أمر لم تكن السعودية لترضاه بأي حال من الأحوال.
من هنا جاءت مقالة مصطفى مُسيئةً لتاريخ الحمدي الذي لا يزال يحتفظ لنفسه بمكانة خاصة لدى اليمنيين لكن مصطفى لم يأخذ هذا الأمر في حساباته وهو الذي نضج شاباً في صفوف جماعة «الإخوان المسلمين» السائرين، مثلما أوضحت التجربة في اليمن وفي دول عربية أخرى على قاعدة تقديم المصلحة قبل أيّ مبدأ.
قبل أن يكتب مقالته الشهيرة رمى مصطفى بعضويته في حزب «الإصلاح» خلف ظهره ملتحقاً بصفّ الرئيس السابق علي عبدالله صالح يشبه الصحافي بفعلته «الفردية» إنكار رئيس «الإصلاح» قبل أيام انتماء الحزب الإسلامي إلى «الإخوان» في خطوةٍ ترمي إلى كسب رضى الإمارات ودخول الحزب الموالي للتحالف السعودي «منطقة الأرباح» من أوسع أبوابها.
وليس سرّاً أن المقالة المنشورة في جريدة «الجيش» آنذاك جاءت بطلب من صالح، ولم يمتنع مصطفى فيها عن عقد مقارنة بين الحمدي وصالح، لمصلحة الأخير. لقد كان مصطفى يقوم بكل ذلك على أمل نيله كرسي وزارة الإعلام... حلمه الكبير. لكن صالح كان يتمتع بحنكة تجعله مدركاً لطموحات الجوقة المحيطة به وبالمناصب التي يسعون إليها، ولذلك كان يعمد الى إذلالهم وإهانتهم ويبقيهم نائمين على حلم دائم لن يتحقق أبداً وإذا أعطاهم شيئاً فإنه يكون أقل بكثير مما يطمحون إليه.
بقي مصطفى منتظراً وزارته ومع كل حكومة جديدة كان يتعرّض لـ«صدمة» غياب اسمه من قائمة الوزراء ليتضاعف في داخله حقد لم يفصح عنه مؤجلاً ترجمته إلى «الوقت المناسب».
وفي واحدة من تلك المرات التي غاب فيها اسمه عن الوزارة، منحه صالح من باب الترضية منصب رئاسة وكالة «سبأ» للأنباء. وبعد هذا المنصب دعمه للاستحواذ على منصب نقيب الصحافيين. إلا أن الأمل ظلّ يداعب قلب هذا الصحافي المُخلص لـ«البلاط» وبقي مستمراً في تلميعه حتى مثّل مصطفى سابقة في أنه كان نقيب الصحافيين الوحيد في تاريخ اليمن الذي لم يوقع على بيان تضامني مع صحافي مختطف أو معتقل!
لقد فعلها الإخواني السابق كي لا يُغضب صالح الذي بقي على رفضه منحه وزارة الإعلام وهي مسألة لم يقدر على تجاوزها وقد بذل من أجلها كل غالٍ وسكب ماء وجهه ولم يدّخر نقطة واحدة. لكن مصطفى ينتمي إلى نوعية الأشخاص التي لا تحب أن تبقى على الضفة الخاسرة ولا تجد ما يردعها عن الانتقال من جهة إلى أخرى ومن عقيدة إلى غيرها ما دام ذلك التحوّل سيدفعه ليكون في الواجهة.
على هذا لم يكن مُستغرباً أن يكون طه من أوائل الذين قفزوا من سفينة صالح في منطلق «انتفاضة فبراير» عام 2011 لينتقل إلى حضن الجنرال علي محسن الأحمر هكذا نجح في إعادة حبل الودّ مع «الإخوان المسلمين» ليحصل على منصب مدير مكتب الرئيس وهي الفترة التي استغلها بفداحة من خلال دعم كوادر حزب «الإصلاح» الإعلامية ووجودها في جهات مختلفة بالتوازي مع حالة السيطرة الإصلاحية على معظم المناصب.
لكن مصطفى لم يجد قبولاً لدى جلال عبد ربه منصور هادي الذي كان في بداية مرحلة تقديم نفسه كوريث لأبيه ليتم إبعاد ذلك الإخواني من منصبه وهو أمر لم يعجب قيادة «الإصلاح» الذي أصدر قرار الترضية للرجل بمنصب وزارة الإعلام هكذا أخيراً تحقق حلم مصطفى الأثير بعد كل هذه السنوات على الرغم من كون هذا القرار مهيناً في حقه. لكن يبدو أنه لم يكن يهتم فقد صار وزيراً.
مع ذلك لم يستمر الرجل في وزارته طويلاً إذ جلس عاطلاً من العمل إلى أن جاءت مرحلة الرياض وبيئتها الملائمة لوجود شخصيات من نوعيته فصار مستشاراً إعلامياً لهادي ويده اليمنى التي تعرف جيداً التقاط العناصر القادرة على تلميع صورة الرداءة وإقناع صاحب هذه الصورة بأنه رئيس حقيقي وحاكم فعلي حتى لو كانت حدود تلك الرئاسة لا تتجاوز مساحة فندق من فنادق الرياض.
المزيد في هذا القسم:
- عن 40 شهرا حكم فيها الرئيس الشهيد “ابراهيم الحمدي” المرصاد نت - متابعات حتى الذين كانوا صغاراً تحت سن الرابعة يتذكرون الآن جيداً مروحيات الهيلوكبتر التي كانت في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي تحلق فوق رؤوسهم وتفرغ ...
- معركة الساحل الغربي: حين استجدت أبوظبي المهزومة وتنصّلت واشنطن المرصاد نت - علي مراد لا تزال فصول هزائم تحالف العدوان في معركة الساحل الغربي لليمن تتوالى، فبعد الهزيمة العسكرية التي منيت بها القوات الغازية التي تقودها الإ...
- اليمن في الصحافة الغربية : تبادل أقنعة بين حزب الإصلاح والتنظيمات الإرهابية ! المرصاد نت - متابعات نشر مركز الأبحاث الأوروبي (European Eye On Radicalization) المختص بالدراسات الراديكالية، تقريراً حول تطرف حزب الإصلاح وإرهابه في شمال الي...
- تطورات اليمن .. من حرّك ورقة قطر؟ وماذا عن لقاء بن سلمان بليبرمان؟ المرصاد نت - حامد البخيتي منذ إعلان التهدئة المزعومة قبل أكثر من شهرين تصاعدت وتيرة التحركات الدولية فيما يخص الملف اليمني.. كيف بدأت هذه التحركات، وماذا ح...
- باحث في العلاقات الدولية: تطورات المنطقة تصب في خانة انهيار النظام السعودي وصعود الحوثيين ... المرصاد نت - متابعات يشهد إقليم الشرق الأوسط حالة من عدم الاستقرار أو الاشتباك المستمر سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا «يقتصر على فواعل من غير الدول أ...
- عودة المبادرات والحديث عن السلام .. اليمن مستعد لجميع الاحتمالات ! المرصاد نت - متابعات قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إنّ محادثات السلام اليمنية ستعقد مطلع شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل في السويد. وأشار ماتيس إلى ...
- موقع فرنسي : في اليمن.. سجل فظيع لحرب لا تنتهي ! المرصاد نت - متابعات تساءل موقع “أوريان21” الفرنسي ما الذي تغير في اليمن بعد أربع سنوات من دخول الشعب اليمني في حرب أصبحت الآن دولية؟ وللرد على هذ...
- عدن:أشتباكات عنيفة بين مليشيات موالية لـ”هادي” وأخرى موالية للإمارات المرصاد نت - متابعات تشهد المنطقة المنطقة الممتدة من ملعب 22 مايو و حتى قرب منفذ العلم أشتباكات عنيفة بين الحماية الرئاسية الموالية لـ”هادي” والحز...
- العدوان ومرتزقته يواصلون خرقهم لوقف النار لليوم الـ55 على التوالي المرصاد نت - محافظات واصل طيران العدوان السعودي الأمريكي ومرتزقته اليوم السبت خرقهم لوقف إطلاق النار لليوم الـ55 على التوالي. ففي محافظة شبوة استهدف طيرا...
- 21 سبتمبر ثورة شعبية حيرت الاعداء بصمودها المرصاد نت - متابعات حلت علينا الذكرى الثالثة لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المباركة التي قام بها الشعب اليمني ضد الظلم والعدوان حيث انطلقت الوفود الشعبية و...