المرصاد نت - متابعات
عامان من العدوان والحرب في حضرموت أتت تداعياتهما مريرة و وخيمة على واقع المحافظة المسالمة الغنية بالثروات والموارد.
فبعد أيام من اندلاع العدوان في 26 مارس 2015، سُلمت حضرموت في 2 أبريل 2015م كرهينة سياسية لتنظيم “القاعدة” المخترق من أجهزة الإستخبارات الدولية والاقليمية بغرض حجز كعكتها بعيداً عن النزاعات المسلحة الدائرة هنا وهناك. وبعد انتهاء عهد “القاعدة” في العاصمة المكلا ظلت حضرموت رهينة سياسية بيد أطراف النزاع اليمني وحلفائهم الإقليميين والدوليين بشكل متفاوت حسب قوة هذا الطرف أو ذاك ودوره المؤثر على صعيد الواقع الميداني.
ففي حين تم تحرير ساحل حضرموت من “القاعدة” أضحت هذه المناطق من حضرموت مقسمة بين حكومة هادي ودولة الإمارات صاحبة الدور المحوري هناك منذ دخول المكلا في 21 أبريل 2016م.
و يقابل هذه المعادلة في الساحل صراع سياسي آخر في وادي حضرموت يتجسد في امتداد ذراع السعودية التي سعت إلى تمكين تيار حزب “الإصلاح” بقيادة علي محسن الأحمر من بسط السيطرة على آبار النفط بهضبة حضرموت وعلى المنشآت والسلطات الحكومية بموازاة دور خجول لحكومة هادي التي ينصب اهتمامها على بيع شحنات النفط الخام من ميناء الضبة النفطي، بين الفينة والأخرى.
نزعة الإستقلال
وبعد عامين من اندلاع العدوان علي اليمن لا يبدو الوضع في حضرموت على ما يرام سواء على المدى القريب أو البعيد. فعلى المستوى السياسي لا زالت نزعة الإستقلال التي تراود الحضارم منذ العام 1967م عائمة إذ لم تتبلور بعد في إطار رؤية سياسية ناضجة، تحدد ملامح خارطة حضرموت كإقليم مستقل في الدولة الإتحادية المرتقبة أو كيان خاص يندرج ضمن مشروع فدرلة جنوبية، يبدو أن إنجازها أصعب من الإنفصال ذاته.
و على الرغم مما تمر به هذه البقعة الجغرافية الاستراتيجية من مرحلة مفصلية إلا أن شيئاً من واقعها لم يتغير فإرادة حضرموت ما زالت مسلوبة وثروتها ما زالت بأيدي الغير أما مستقبلها فما زال مرهوناً بتحولات المشهد السياسي العام في اليمن ومآلات الصراع على النفوذ والهيمنة إقليمياً ودولياً.
مؤتمر حضرموت
و في خضم مفارقات هذا المشهد تغرق حضرموت اليوم في كمٍ من التجاذبات والتباينات الداخلية التي تنخر في مداميك البيت الحضرمي مؤخرة نجاح عملية التغيير في حضرموت وجاعلة منها لحظة مرهونة بأتون الصراعات الأهلية المتشكلة على قاعدة التكتلات الطائفية والعشائرية والقبلية التي تكاد أن تَئِد فكرة التداعي نحو عقد “مؤتمر حضرموت الجامع”.
فالمؤتمر الذي يعول عليه أن يوحد كلمة مواطني هذا الإقليم تجاه مستقبل حضرموت السياسي، أضحى ملهاة في زمن المعاناة كما يقول الأهالي إن لم يكن عبثاً وعبئاً سياسياً جديداً لن يعدو في آخر المطاف كونه مراهقة سياسية لا يعول عليها رجل الشارع البسيط كثيراً إن ظلت بصورتها الحالية التي أثخنتها الخلافات.
إتجاه معاكس
الخلافات التي لا زالت محتدمة برزت بعد الإعلان عن مكون مواز للمؤتمر تحت مسمى ” تصحيح المسار” الذي يتبنى اتجاهاً معاكساً لأعمال اللجنة التحضيرية لـ”المؤتمر الحضرمي الجامع”، والتي دُشنت نهاية 2016م حيث وجه جملة من الإنتقادات المتعلقة بآلية التحضير لعقد المؤتمر مطالباً بتصحيح مساره وهو الأمر الذي لا زال مثار جدل كبير بين الطرفين لاسيما في ظل فشل جهود الوساطة للتوفيق بينهما بغية الوصول لقواسم مشتركة بمنتصف الطريق.
وفي خضم هذا الصراع الداخلي دخل على الخط اتجاه آخر معاكس لخط “الجامع” يتمثل في “الائتلاف الوطني الجنوبي بحضرموت” (أوج) الذي عقد مؤخراً مؤتمره التأسيسي بحضور 2200 مندوب من مختلف مناطق حضرموت.
و يتكون الإئتلاف الذي دعا بيانه الختامي إلى إقامة دولة جنوبية فدرالية جديدة على حدودها ما قبل 22 مايو 1990م من عدد من قطاعات “المقاومة الجنوبية” وجمعية المتقاعدين العسكريين وأحزاب سياسية واتحادات نقابية ومهنية واجتماعية وشعبية ومنظمات مجتمع مدني.
وأثار توقيت ظهور الإئتلاف علامات استفهام كثيرة حول الغايات والأهداف من ورائه حيث يتهمه كثيرون بالسعي إلى إفشال “المؤتمر الجامع”، بدعم مباشر من أطراف إقليمية ومحلية.
و كان ملفتاً الإعلان عن مؤتمر “الإئتلاف” بُعيد انعقاد المؤتمر الأول لـ”المجلس الأعلى للحراك الثوري” في حضرموت الذي يتزعمه القيادي الجنوبي البارز حسن باعوم المتمسك بمشروع استعادة الدولة الجنوبية ما يضع تساؤلات أخرى حول استهداف هذا التيار من قبل “الإئتلاف” ومن يقف وراءه خلطاً للأوراق المبعثرة أصلاً.
النفط
و في خط مواز يتجدد يومياً الصراع على ثروات حضرموت النفطية بين الحكومة والسلطات المحلية لاسيما عقب زيارة هادي للمنشآت النفطية نهاية العام الفائت وسيلان لعاب حكومة هادي على حصد المزيد من عائدات ميناء الضبة النفطي دون الإيفاء بالتزاماتها تجاه السطات المحلية وملفات إعادة الإعمار والتنمية والمشاريع الخدمية، علاوة على تملصها من منح المحافظة حصة من عائدات النفط الخام والتي لم يصل السلطات المحلية منها سوى 25 مليون دولار فقط هي حصة المحافظة من عائدات تصدير شحنة واحدة فقط من بين خمس شحنات تم تصديرها حتى الآن من أغسطس 2016م.
الأمر الذي حدا بالمحافظ أحمد بن بريك إلى التلويح بالاستقالة وإيقاف عمليات الإنتاج النفطي وقطع جميع الإيرادات المالية المحلية عن مركز الحكومة في عدن غير أن التهديد لم ينفذ حتى اليوم بعد تلقي المحافظ وعوداً رئاسية بمعالجة هذا الملف المعقد المرتبط بتحديد صلاحيات السلطات المركزية والمحلية تجاه إدارة الملف النفطي في إطار التأهب إلى الإنتقال نحو نظام حكم اتحادي يمنح صلاحيات أوسع للسلطات المحلية في إدارة شؤون وموارد مناطقها.
الوضع العسكري والأمني
يشهد الوضع الأمني في حضرموت حالياً استقراراً نسبياً على صعيد مديريات ساحل حضرموت لاسيما بعد إعلان تحرير مدينة المكلا على يد قوات “النخبة الحضرمية” المدعومة من “التحالف”. إذ تمكنت تلك القوات التابعة للمنطقة العسكرية الثانية من السيطرة على حاضرة المحافظة المكلا إضافة إلى مديريات وقرى ساحل حضرموت، واستطاعت حتى الآن وفقاً لما تقول القبض على حوالي 80% من عناصر وأنصار تنظيم “القاعدة” من جنسيات عربية وأجنبية تم إدخالهم السجون فيما يجري البحث عن فرنسيين ينتميان للتنظيم على خلفية معلومات استخباراتية تفيد بتواجدهما في حضرموت.
و في الأثناء تظل الحرب ضد الإرهاب في حضرموت مستمرة ومفتوحة على كل الإحتمالات خصوصاً مع استئناف بعض خلايا “القاعدة” النائمة نشاطها في مناطق دُوعَن ورأس حُويرة التي شهدت مؤخراً مواجهات بين الطرفين أسفرت عن خسائر بشرية ومادية، في الوقت الذي تعمد فيه “القاعدة” إلى استهداف ضباط وجنود جيش “النخبة الحضرمية” بواسطة تنفيذ العديد من عمليات الإختطاف والاغتيالات في مناطق مختلفة، كان أبرزها العمليات التي شهدتها مديريات القطن وحُورة ووادي العَين.
إلى ذلك تسود المحافظة تشديدات أمنية وإجراءات معقدة تشير إلى مدى قوة القبضة الأمنية في هذا الجزء من المحافظة المترامية الأطراف. قبضة ينظر إليها البعض بارتياح كونها حققت الحد الأدنى من مطالبه الداعية إلى إسناد المهام الأمنية إلى أبناء المنطقة وتمكينهم من إدارة شؤون الملف الأمني في المحافظة التي عانت خلال السنوات الماضية الأمرين نتيجة تهميش الكوادر العسكرية المحلية في هذا المجال وإسناد تلك المهام الأمنية إلى قوات قَدِم غالبية أفرادها من خارج حضرموت.
المنطقة الأولى
وبالرغم من هذا الإرتياح تجاه تواجد قوات “النخبة الحضرمية” في الساحل تظل تطلعات الشارع نحو عملية التغيير ومرحلة ما بعد التحرير منقوصة بالنسبة للشق الآخر من المحافظة (وادي حضرموت) الخاضع لسيطرة قوات المنطقة العسكرية الأولى.
و يعزز الإنفلات الأمني الذي تشهده مديريات وادي حضرموت تحفظات الأهالي على استمرار تواجد تلك القوات التي تناط بها إدارة الملف الأمني في مناطق الوادي المصنف بالتبعية لتيار حزب “الإصلاح” الذي يدين بالولاء لعلي محسن الأحمر وهو التيار المدعوم من قبل السعودية التي تحاول تعزيز دورها في وادي حضرموت عبر “الإخوان المسلمين” بوتيرة عالية في خط مواز للدور الإماراتي في ساحل حضرموت والذي يحظى بتقبل أكثر من الدور السعودي في الوادي.
المنافذ والموانئ والمطارات
و ليست المنافذ الجوية والبحرية بأحسن حالاً خاصة مع استمرار إغلاق مطار المكلا بذرائع أمنية منذ مارس 2015م وعدم قدرة مطار سيئون الصغير على استيعاب الضغط الهائل الناتج من الرحلات الخارجية بوصفه المنفذ الجوي الوحيد في ما تسمى “المحافظات المحررة” عقب أحداث مطار عدن مطلع فبراير والتي أدت إلى إغلاقه بشكل جزئي أمام الرحلات الخارجية الخاضعة لمراقبة غرف عمليات “التحالف " الذي يقوم بمنح التراخيص لها بين الفينة والأخرى في حين تم حظر جميع الرحلات الداخلية بين المحافظات بشكل كلي منذ عامين، عدا بعض الرحلات الإستثنائية خلال الفترة التي تلت تحرير مدينة عدن بغرض نقل النازحين.
و في الأثناء يظل الوضع في منفذ الوديعة الحدودي كما هو إذ لا زال خاضعاً لسلطة الجنرال هاشم الأحمر وقوات اللواء 141 التابع له والمتمركزة في مديرية العبر على تخوم الأراضي السعودية، مدعومة من قيادات عسكرية محسوبة على حزب “الإصلاح”. وفي حين فشلت محاولات حكومة هادي السيطرة على العائدات المالية في المنفذ لاسيما بعد نقل البنك المركزي إلى عدن تتزايد المطالب الشعبية للأهالي بتسليم المنفذ لأبناء حضرموت والسلطة المحلية فيها كونه يقع في نطاقها الجغرافي.
الخدمات
و في الجانب الخدماتي يعد واقع حضرموت هو الأفضل نسبياً من بين بقية المحافظات اليمنية التي اكتوت بتداعيات الحرب وسعير الأزمة الإقتصادية بالرغم من الأزمة الخانقة في جانب المشتقات النفطية وعودة التيار الكهربائي إلى الإنقطاع مجدداً نتيجة الأوضاع التي تمر بها مؤسسة الكهرباء والمرشحة للتدهور لاسيما مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف. وتعد المحافظة ملاذاً آمناً للعديدين من النازحين إليها من عموم المحافظات اليمنية بسبب الإستقرار النسبي الذي تشهده في هذا الجانب.
المزيد في هذا القسم:
- الأنفلات الأمني يفتك بأبناء الجنوب .. تفجير مبني الأمن بشبوة وإنفجار يهز مدينة الحوطة بـ ... المرصاد نت - متابعات فجر مسلحين مجهولين يشتبه بانتمائهم لتنظيم “القاعدة” اليوم الاثنين 23 يناير/كانون ثان 2017 مبنى تابع لقوات الأمن بمحافظة شبوة....
- الوفد الوطني يشدد على ضرورة الحل السياسي الشامل بما فيها الرئاسة والحكومة المرصاد نت - متابعات شدد الوفد الوطني في مفاوضات الكويت اليوم السبت على أن الحل الشامل سياسي وأمني واقتصادي وإنساني يتمثل في تشكيل مجلس رئاسي من القوى الوطنية...
- اليمن 2019.. أزمات إنسانية مستمرة ! المرصاد نت - متابعات ضربت قذائف مدفعية مطاحن البحر الأحمر التابعة لبرنامج الأغذية العالمي في مدينة الحديدة الساحلية، غربي اليمن، فتوقّفت عملية طحن الحبوب المخ...
- إطلاق صاروخ باليستي على تجمعات المرتزقة والمعتدين الغزاه بالجوف المرصاد نت - سبأ أطلقت القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية اليوم صاروخ باليستي على تجمعات للغزاة والمرتزقة بمعسكر اللواء 115 بمدينة الحزم محافظة الجوف. ون...
- انهيار العملة وغلاء المعيشة يقودان لاحتجاجات غاضبة في عدن المرصاد نت - متابعات نفذ محتجون غاضبون احتجاجات متفرقة بحي كريتر بعدن يوم الاحد واضرم المحتجون النار في اطارات تالفة ومنعوا حركة المرور وجاءت الاحتجاجات في كر...
- الفاو تهتم بأخبار الجراد اكثر من اخبار عدوان التحالف الذي قتل البشر والحجر. المرصاد-متابعات أفادت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) بتأثر سبل عيش المزارعين والرعاة في اليمن، بشدة، جراء الانتشار المستمر ...
- الموت للأعداء .. وإرادة الحياة والأنتصار لليمن المرصاد نت - خاص جددت منظمات دولية غير حكومية الأربعاء تحذيرها من الوضع الإنساني الكارثي في اليمن الذي بات الاخطر في العالم بعد 3 أعوام من العدوان السعودي الم...
- تحالف العدوان يحتجز 5 سفن محملة بمشتقات نفطية في طريقها إلى الحديدة المرصاد نت - متابعات منعت قوات تحالف العدوان السعودي أمس الأحد 12 فبراير/شباط، 5 سفن محملة بالمشتقات النفطية من الوصول الى مينائي الحديدة ورأس عيسى في محافظة ...
- جديد اتفاقات الحديدة: اختراق متأخر أم حيلة لإخفاء الفشل؟ المرصاد نت - متابعات بعد الجمود السياسي الذي ساد على مدى الأشهر الماضية، جاءت اجتماعات لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة غربي اليمن برعاية الأمم المتحدة لت...
- رسالة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي للشعب اليمني بمناسبة عيد الفطر المبارك المرصاد نت - خاص بمناسبة عيد الفطر المبارك بعث قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي مساء اليوم الثلاثاء رسالة بارك فيها للشعب اليمني وأبطال ال...