عدن وتعز لا تلينان: التعقيدات أكبر من قدرة أبو ظبي والرياض

المرصاد نت - متابعات

لم تطابق حسابات حقل الإمارات ومعها السعودية سواء في المرحلة التي بلغت فيها خلافاتهما في اليمن ذروتها أو في مرحلة التهادن التي تعيشانها راهناً حسابات البيدر اليمنيShabwah2018.1.16 شديد التعقيد والذي تتجاوز صعوبات العمل فيه بأشواط حدود ما تراءى لأبو ظبي والرياض مع بدء الحرب.


ولعل التطورات المتسارعة التي تشهدها محافظتا عدن وتعز تُعدّ أبرز مثال على ذلك ففي مدينة عدن التي وصلها قبل أيام العميد طارق محمد عبد الله صالح في إطار محاولة الإمارات بالتنسيق مع السعودية لملمة شتات الرئيس السابق لتدعيم الجبهة المناوئة لـ«أنصار الله» ..

يتصاعد التوتر في غير اتجاه منذراً بتطورات «سوداوية» بالنسبة إلى تحالف العدوان في مقبل الأيام.

إذ يجد تحالف العدوان صعوبة في الجمع بين الوجوه التي تمثل إرث صالح والتي ترى أنها أحق بالقيادة من حكومة المنفي العاجزة القابعة في الرياض وبين وجوه هذه الأخيرة التي تستشعر منذ بدء الحراك السياسي عقب مقتل الرئيس السابق ميلاً إلى تهميشها واستبعادها.

أطلالة طارق صالح على المشهد من جديد بعد غياب دام قرابة الشهر رافقه الكثير من التكهنات حول مصير ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ومع ظهوره الجديد بدأت الكثير من الأسئلة تتراود إلى الأذهان في الداخل اليمني وخارجه حول مدى تأثير طارق صالح على المشهد اليمني بشقيه السياسي والعسكري في المرحلة القادمة ولصالح من سيعمل لصالح الشعب اليمني أم سيكون ورقة رابحة بيد الإمارات لتأزيم الأوضاع أكثر فأكثر تحضيرا لفتنة جديدة تشبه تلك التي أحدثتها في صنعاء وهل سيتمكن طارق من بناء قوة ثالثة فاعلة وأي وجهة سيختار؟!.

وكان ظهوره مفاجأ للكثيرين خاصة بعد أن تضاربت الأنباء حول مصيره بعد اختفائه يوم مقتل عمه صالح وكشف رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي معلومات جديدة عن المرحلة التي اختفى فيها طارق قائلا: " تم تهریب طارق عبر محافظة البيضاء إلى منطقة يافع ومنها إلى محافظة عدن بحماية ما يسمى بـ"الحزام الأمني" وبعد ذلك إلى المقرات الإماراتية في منطقة بئر أحمد بعدن وهناك التقى طارق بقيادات سعودية وإماراتية وغادر بعدها إلى أبو ظبي قبل عودته مجدداً إلى عدن ومنها إلى محافظة شبوة.

أولاً: الجميع يتفق بأن المشهد اليمني يتعقد كل يوم أكثر من السابق نظرا لتدخل أطراف خارجية بهذا البلد الفقير والجميع يريد أن يقطتع لنفسه حصة على حساب الشعب اليمني الذي ضاق ذرعا بالعدوان السعودي عليه ولم يعد يحتمل مزيداً من الفتن التي أغرقته بها الإمارات، ليظهر على المشهد اليمني طارق صالح وتوكله الامارات قيادة مجاميع من المرتزقة في جبهة كرش بمحافظة لحج والمتوقفة على أمل مواجهة "أنصار الله" والاستعداد لاستعادة العاصمة صنعاء أوعلى الأقل احداث فتنة جديدة تثلج قلب أبو ظبي ومخططاتها داخل اليمن.

ثانياً: إن كان يريد صالح أن يشكل قوة ثالثة قوية قادرة على إحداث تغيير جديد في اليمن فهو واهم لأنه لايملك أي إمكانيات تمكنه من ذلك فإذا قلنا أنه يريد إعادة توحيد صفوف حزب المؤتمر أو احداث تغيير جديد داخله لن يستطيع ذلك لان حزب المؤتمر مقسم وممزق إلى ثلاث مؤتمرات مؤتمر هادي ومؤتمر احمد علي ومؤتمر الداخل وبما أن طارق لايملك أي روابط جيدة مع هادي والداخل فمن الممكن أن يصبح الحزب أربع مؤتمرات يضاف إليها مؤتمر طارق.

ثالثاً: إذا كان طارق يعول على ألوية الحرس الجمهورية لحثهم على الالتفاف حوله فسيكون ذلك بعيد المنال عنه لكونه لا يملك اي علاقة شخصية أو روابط مودة مع قيادات الحرس الجمهوري وما يؤكد ذلك أنهم لم يدافعوا عن عمه أثناء المواجهات وحينها كان فقط 200 جندي يدافعون عن صالح من حرسه الشخصي.

رابعاً: لم يستطع طارق أن يبني أي علاقة جيدة مع هادي بل على العكس هناك خلاف حاد بينهما وكذلك الامر مع الجنرال علي محسن وكان الاثنان يحمّلانه أسباب الخلاف مع عمّه الذي كان قائداً للواء حراسته الخاصة حين كان رئيساً للجمهورية وعقب خروجه منها.

وفي عدة مناسبات حصل تلاسن مباشر بينه وبين الحراس الشخصيين لهادي ووصلت الأمور بينهم في بعض الأحيان إلى حد تبادل التهم وكان لافتا جدا حديث طارق خلال ظهوره في شبوة حين دعا النظام السعودي وتحالفه العسكري إلى وقف العدوان والحرب ولكنه وبالرغم من كونه كان يدلي بتصريحاته من أماكن سيطرة مايسمى بـ"الحكومة الشرعية" إلا أنه لم يشير إليها لامن قريب ولا من بعيد.

وفي ظاهر الأمر فإن الأمور ستتجه إلى التصعيد مع هادي كون وزير خارجيته لمح في احدى تغريداته على تويتر إلى ضرورة اعتراف طارق صالح بشرعية هادي. وقال "كل من لا يعترف بالشرعية أو يتجاهلها وأصحاب المشاريع الصغيرة وكل من يعتقد أنه سيفرض سلطته من دون مشروعية وبالقوة كأمر واقع، نقول له ليس على أرض اليمن إلا سلطة شرعية واحدة بقيادة الرئيس هادي".

خامساً: الحائط الأخير الذي سيصطدم به طارق هو معارضة حزب الاصلاح لأي نشاط سيقوم به وربما محاربته وما يؤكد ذلك ما تناقلته وسائل الإعلام عن تحفظ إخوان اليمن على ظهور طارق صالح فهم لايريدون أن تتغير موازين القوى بالنسبة لما يسمى بالشرعية خاصة بعد سيطرة قيادات محسوبة على حزب الإصلاح على أهم الوحدات العسكرية والأمنية وخصوصا في مأرب والجوف وتعز.

بالمحصلة لابد من القول بأن أحمد علي يمكن أن يلعب دور مؤثر في حال قرر تحالف العدوان مع ابن عمه طارق وهذا ما تدفع إليه الإمارات ولكن حتى الآن لم يحسم أحمد علي أمره في هذا الموضوع بالرغم من الضغوط الاماراتية المستمرة عليه وقد تضطر الامارات إلى تقسيم المهمة بينهما بحيث يستلم أحمد علي الشق السياسي وطارق العسكري وهذا شبه مستحيل كما وضحنا في الأعلى والأمر الثاني الذي يبعد هذا الاحتمال أن السعودية ستعارض أي تسوية لايكون فيها حصة لابنها المدلل عبدربه منصور هادي.

يضاف إلى ذلك أن الشخصيات والمكونات الجنوبية تتجه هي الأخرى نحو تصعيد خطواتها المضادة لـ«التحالف» بعدما تأكد لها أن تشكّل أي جبهة تضم «الإصلاحيين» و«مؤتمريي الخارج» برضا أبو ظبي والرياض سيكون على حسابهم.

في الجنوب أيضاً وتحديداً في الشق الذي باتت تعتبره الإمارات «مستعمرة صافية» لها تتسارع التطورات المنبئة بانقلاب دراماتيكي في المزاج العام ضد أبو ظبي بعدما بات واضحاً لمن كانوا حتى فترة قريبة ينافحون عن السياسات الإماراتية ويرفضون أي مساس بأربابها أن أبو ظبي لا تريد لليمنيين الجنوبيين إلا البقاء «متسولين على أبواب الهلال الأحمر الإماراتي» على الرغم من امتلاكهم ثروات ومرافق حيوية وأيادي عاملة.

وعلى الحدود مع عمان التي تكتم خشية متقادمة من الوجود السعودي - الإماراتي في هذه البقعة يتزايد رفض «المهريين» (سكان محافظة المهرة) الذي يرفعون صور السلطان قابوس في مناطقهم ويحتفلون بالعيد الوطني العماني سنوياً لـ«غزو» الرياض وأبو ظبي لمحافظتهم باعثين برسالة واضحة إلى النظام السعودي والإماراتي الذي لم يعد تحريضها على عمان في الدوائر الأميركية مجرد تكهنات بل أضحى حقيقة تتحدث بها مراكز الدراسات الأميركية التي تقول إن ثمة «اتجاهاً متزايداً نحو إجبار الدول الخليجية على الانحياز إلى طرف ما في النزاع السعودي - الإيراني» وإن «سلطنة عمان لا تُستثنى من ذلك».

أما في محافظة تعز فتسود مخاوف من تزايد حدة الصراع بين التشكيلات المسلحة والميليشيات المتضاربة الأهداف والولاءات بعدما بدأت الإمارات ما يبدو أنها حملة «تطهير» ضد كل ما يحمل طابعاً أو هوية قطرية من إغلاق مكتب قناة «الجزيرة» في المحافظة إلى رفع السواتر الترابية من ساحة الحرية التي كانت قد شهدت تظاهرات «ثورة التغيير» في عام 2011 إلى ترتيبات سياسية وإدارية أخرى متوقعة.

ترتيبات يعزوها بعضهم إلى أن «الإصلاحيين» باتوا «محشورين في الزاوية» بفعل الضغوط السعودية - الإماراتية عليهم لكن آخرين يتوقعون انقلاب المشهد لغير صالح أبو ظبي مستندين في ذلك إلى «تمرّس الإصلاح في المراوغة السياسية» فضلاً عن أن فصائل متعددة لن تقبل بطبيعة الحال الهيمنة الإماراتية على تعز.

المزيد في هذا القسم: