المبعوث الجديد لن يتجاوز رغبات أمريكا وقوي العدوان في تأمين أهدافها

المرصاد نت - متابعات

أنهت الأمم المتحدة بتعيينها للبريطاني مارتن غريفيث مبعوثا جديدا لليمن حقبة عمل سلفه إسماعيل ولد الشيخ أحمد بكلّ ما ميّزها من فشل وتؤطو وعدم إنحيازMartian2018.1.25


وفتحت باب في إطلاق حقبة جديدة للعمل السياسي خصوصا وقد تزامن هذا التعيين مع دخول الأزمة اليمنية منعطفا جديدا تميّزت بحدوث تقدّم كبير في سير المعارك علي الأرض وتحقيق أنتصارات عظيمة يسطرها أبطال الجيش واللجان الشعبية مصحوبة بفشل ذريع لتحالف العدوان السعوصهيوأمريكي.

وأي مبعوث أممي أياً كانت قدراته الشخصية ومواهبه وخبراته في نهاية المطاف هو منفذ لأهداف ومصالح وتوجهات أمريكا وقوي العدوان ومجلس الأمن وخاصة " أمريكا - بريطانيا - فرنسا لديهم أهداف ومصالح وصفقات أسلحة بمليارات الدولارات مع قوي العدوان" ولا يستطيع أن يخرج عن رغباتهم وتأمين مصالحهم وبالتالي قد يكون المبعوث الأممي الجديد مؤثراً في طريق العرض والاقناع لكن نهاية الأمر المسألة متعلقة بمصالح وأهداف أمريكا بالمنطقة وقوي العدوان  فإذا كانت هناك إردة أمريكية صادقة وثقة في المبعوث الاممي ستسهل عليه المهمة وإذا كان هناك طرف يشكك في نواياه وفي ارتباطاته فهذا إعلان فشل مسبق لمهمة المبعوث الأممي الجديد".

وبعد ساعات من اعلان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد استقالته من منصبه بدأ اسم البريطاني مارتن غريفثت يتداول بكثرة في وسائل الاعلام كخليفة محتمل لولد الشيخ الذي فشل باعترافه في إيقاف الة الموت التي تعصف بالشعب اليمني.

استقالة ولد الشيخ لم تكن مفاجئة للكثيرين ماعدا تحالف العدوان السعودي خاصة أن المبعوث الدولي اعرب في أكثر من مرة نيته تقديم استقالته لكثرة الضغوط التي يتعرض لها ولعجزه عن ايقاف سفك الدم اليمني فهل ياترى خجله من هذا الدم هو الذي دفعه الى قراره هذا؟، وكيف ستكون مهمة من سيخلفه؟.

ورغم أن لاسماعيل ولد الشيخ أحمد (موريتاني الجنسية) تجربة واسعة في أروقة الأمم المتحدة الا ان تجربته في اليمن كانت فاشلة بكل معنى الكلمة، اذ سبق أن شغل منصب المنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن بين عامي 2012 و2014، كما شغل المنصب ذاته في سوريا بين عامي 2008 و2012، وشغل منصب نائب لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا عام 2014. وقبل ذلك، تنقّل بين العديد من المناصب الأممية على مدى ما يقرب من 28 عاماً في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا عموماً. لكن بالنسبة لمهمته اليمنية الأخيرة، فهي الأولى من نوعها، وفي إحدى أكثر لحظات التاريخ تعقيداً في البلاد، أي انه يفتقر لخبرة الوساطة الدولية، ولم يستطع انجاز مهمته في هذا البلد العربي الفقير واحلال السلام فيه ووقف العدوان السعودي الاماراتي عليه أو حتى مهمة رفع الحصار الظالم ودخول المساعدات الانسانية الى اليمن الذي اصبح يعاني من مشاكل صحية كبيرة ناهيك عن المجاعة التي أصبحت تهدد الملايين من أبنائه.

خلال مسيرته الفاشلة في اليمن قاد إسماعيل ولد الشيخ ما بين عام 2015 الى عام 2016 ثلاث محطات أساسية للمفاوضات اليمنية الأولى في جنيف في يونيو/ حزيران 2015، والثانية في بيل السويسرية في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه أما المرحلة الثالثة والتي تعدّ الأكبر والأهم في مهمته فكانت مشاورات الكويت، التي انعقدت لما يزيد عن ثلاثة أشهر بين إبريل/ نيسان وأغسطس/ آب 2016 وجميعها باءت بالفشل.

انحياز ولد الشيخ لقوى العدوان تجلى بأوضح صوره في مفاوضات الكويت وتعرض مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إلى انتقادات حادة من أكثر من جهة على خلفية إدارته المنحازة لملف الأزمة اليمنية فبدل أن يقوم ولد الشيخ بدور حيادي وشفاف في إدارة المفاوضات احتراما للدم اليمني تصرف الأخير كأداة بيد قوات تحالف العدوان لتحقيق اهدافهم، وتبنى وجهة النظر السعودية بالكامل خلال مؤتمراته الصحفية التي كانت تعقب كل اجتماع لكن صمود القوى الوطنية في ساحات المفاوضات سواء في الكويت أو جنيف او عمان كان لافتا ولم تفلح السعودية في تحقيق أهدافها ولم تتمكن ان تأخذ بالمفاوضات ما عجزت أن تأخذه بالحرب والعدوان.

ولد الشيخ فشل فشلاً ذريعاً في اليمن ونستطيع أن نقول ابعد من ذلك ولد الشيخ لم يكن حياديا في عمله ولم ينجز مهمته بأمانة ولكن الحق يقال مجريات الأمور وسير الوقائع لم تكن بيد المبعوث الأممي ولا بيد الأمم المتحدة ذاتها ولماذا نحمل شخصا بعينه سبب الأزمة في اليمن؟، فأصل الكارثة هو العدوان وفي ظل عجز مجتمع دولي بأكمله عن وقف مجازره وانتهاكاته المتواصلة بحق اليمنيين يجب علينا ألا نتوقع لا من ولد الشيخ ولا حتى غريفثت أن ينجح في مهمة لا يراد لها دوليا أن تنجح.

فعندما يتجاهل العالم بأسره معاناة أكثر من 20 مليون يمني ويبرر حصارهم وتشريدهم وتجويعهم وتدمير بناهم التحتية ومرافقهم الحيوية ولا يرف له جفن عن وضعهم الصحي السيء ويتعامى المجتمع الدولي عن تقارير صادرة عن منظمات حقوقية دولية متعددة تؤكد أن العدوان السعودي والاماراتي ارتكب ومازال جرائم حرب بحق المدنيين  فعلينا أن نكون واثقين أنه مهما كان اسم المبعوث الدولي ومهما كانت جنسيته فانه سيفشل طالما أنه لا يوجد رغبة دولية صريحة للجم العدوان السعودي وايقافه عند حده وطالما أن هناك مالاً يدفع لكمّ الأفواه ورشوة بعض الدول للسكوت عن نزيف دم الشعب اليمني الذي اصبح "حلالا" يسفك ليل نهار باسم "الشرعية" أو غيرها.

هل استقال ولد الشيخ خجلاً من دم الشعب اليمني النازف أم لا؟ لماذا اختار هذا التوقيت الآن لاعلان الاستقالة؟ كل تلك الأسئلة ليست مهمة الآن السؤال الأهم هل استقالة المبعوث الاممي هي خطوة أولى لتصحيح الفضيحة التي لحقت بالأمم المتحدة نتيجة الازمة اليمنية وهل تتوقف آلة الموت والدمار السعودية عن حصد أرواح اليمنيين؟ نتمنى ذلك.

لم يمض وقت طويل على إعلان المبعوث الأممي عن قبول الأطراف اليمنية باستئناف مشاورات السلام حتى أعلنت الأمم المتحدة عن تعيين البريطاني غريفيث مبعوثا جديدا لليمن خلفا لولد الشيخ الذي عبر عن رغبته في عدم مواصلة فترة عمله في اليمن التي تنتهي في نهاية فبراير القادم.

واعتبر مراقبون أن موقف ولد الشيخ لم يكن مفاجئا في ظل حالة التعثر وانسداد الأفق السياسي في الملف اليمني واتسمت فترة عمل ولد الشيخ بسلسلة من الإخفاقات باستثناء نجاحه في جمع الفرقاء اليمنيين على طاولة الحوار في جنيف والكويت دون الوصول إلى أي نتيجة.

وبرزت العديد من الصعوبات التي واجهت عمل المبعوث الأممي ولد الشيخ في الأشهر الأخيرة من مهمته في اليمن التي استمرت 36 شهرا حيث وجهت له أصابع الاتهام بعدم الانحياز وعدم المهنية الأمر الذي توج بإعلان السلطة بصنعاء بشكل رسمي رفض التعامل معه أو استقباله وهو ما أكده قيام ولد الشيخ بإرسال نائبه معين شريم إلى صنعاء بدلا عنه وذهابه هو إلى الرياض في آخر جولة له في 21 يناير الجاري ليخرج بعدها بإعلانه عن قبول الأطراف اليمنية بالعودة إلى طاولة الحوار مجددا في موقف رأى العديد من المحللين أنه مفرط في التفاؤل.

ويبدي عدد من الخبراء في الشأن اليمني تفاؤلا حذرا بأن يكون غريفيث أوفر حظا من سابقه في ظل التحولات العسكرية الأخيرة وميل قوي العدوان والمجتمع الدولي الواضح أكثر من ذي قبل لتقديم بعض التنازلات حتى وإن بدت تكتيكية للخروج من المستنقع اليمني بأقل الخسائر .

ففي نوفمبر الماضي عقدت في العاصمة السعودية الرياض ندوة خاصة باليمن وقد شارك في الندوة المبعوث الأممي الجديد “مارتن غريفيثس” وخلال الندوة تحدث مارتن عن الوضع في اليمن معتبراً ما يحدث أنه صراع بين أطراف تقاتل نيابة عن قوى خارجية في إشارة منه إلى أن الصراع في اليمن هو سعودي إيراني حسب ما يفهم من طرحه أثناء الندوة.

ففي الوقت الذي اعتبر فيه مارتن أن الحل في سوريا أمر ممكن ذهب إلى القول بأن الحرب في اليمن تختلف عن سوريا وأن “فرص الحل تتضاءل في اليمن مع مرور الوقت”، واصفاً “الأزمة الاستثنائية في اليمن ذات بعد إنساني” وأن مأساة اليمن زادها تفاقماً “وجود نزاع بين أطراف تحارب بالوكالة” في إشارة إلى أن أطراف الداخل تحارب نيابة عن أطراف خارجية ولم يشر الي العدوان والحرب علي اليمن والحصار والجرائم والمجازر التي ترتكب بحق اليمنيين من قبل تحالف العدوان السعوأمريكي وهو مؤشر يراه مراقبون بداية فشل في توصف الوضع في اليمن سيقود إلى فشل في آخر المطاف كما فشل سلفه اسماعيل ولد الشيخ.

مارتن أشار أثناء حديثه في ندوة الرياض أن الأزمة في اليمن رغم أنها استثنائية إلا أنه يمكن حلها “إذا كان الحل بين اليمنيين أنفسهم” أي دون تدخل خارجي مضيفاً ضرورة أن تكون الأطراف مستعدة للمفاوضات.

في الوقت ذاته لا يرى مارتن أن وقف إطلاق النار شرطاً ضرورياً لبدأ مفاوضات جادة إلا إذا كان قرار وقف النار يأتي بتأييد سياسي.

ومن وجهة نظر المبعوث الجديد ضرورة إشراك القبائل في الحل وليس فقط الجنوب فقط ويشدد على هذه النقطة ويعتبرها مهمة وضرورية ويحذر في الوقت ذاته من عزلة “أنصار الله”، فمن وجهة نظره أن ذلك يؤدي إلى تعنتهم في اتخاذ المواقف في إشارة منه إلى ضرورة فتح المجال للتواصل الدبلوماسي مع سلطات صنعاء كحكومة أمر واقع يجب الاعتراف بها دولياً كما يرى أن “اليمن تحتاج إلى بناء بيئة سياسية جديدة تضم المؤسسات السياسية وجماعات المصالح والأحزاب”.

وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن المبعوث الجديد سيكون له دور فاعل في تحريك مسار الأزمة اليمنية نحو أفق السلام خلال العام الأول له يرى البعض أن مجرد التوصيف الخاطئ للمبعوث لما يحدث في اليمن واعتباره القوى المناهضة للتحالف أنها تقاتل نيابة عن الخارج فهذا بحد ذاته يعد فشلاً له من البداية فالتشخيص الخاطئ سيقود إلى حلول خاطئة.

بالمقابل يمتلك المبعوث الأممي الجديد سجلا حافلا في مجال الدبلوماسية وعقد الحوارات بين الأطراف المختلفه بصفته أول مدير تنفيذي للمعهد الأوروبي للسلام كما شغل منصب المدير المؤسس لمركز الحوار الإنساني في جنيف وهو المركز الذي عمل على تطوير الحوار السياسي بين الحكومات والمعارضيين في مجموعة من بلدان العالم الثالث. وهو ما يعد ميزة جيدة لصالح المبعوث الجديد إلى اليمن الذي تمتلك بلاده بدورها خبرة واسعة في الشأن اليمني كدولة ظلت تسيطر على جنوب اليمن لما يزيد عن المئة عام.

ويشير مراقبون إلى أنه قد لا يكون من قبيل الصدفة احتضان وزارة الخارجية البريطانية لاجتماع الرباعية الخاصة باليمن في اليوم الذي تم فيه تعيين دبلوماسي بريطاني سابق مبعوثا أمميا إلى اليمن في رسالة عن الدعم الذي قد تحظى به تحركاته لإحياء العملية السياسية في البلد الذي يشهد حربا منذ ثلاث سنوات.

ويمتلك مارتن غريفيث خبرة واسعة في مجال حل النزاعات والتفاوض وعقد الحوارات إلى جانب عمله في فترة سابقة في واحد من أكثر الملفات العربية سخونة وتعقيدا، حيث عمل في مكاتب مبعوثي الأمم المتحدة في سوريا.

كما يستند الدبلوماسي البريطاني إلى خبرة جيدة في الشأن اليمني حيث سبق له زيارة العاصمة اليمنية صنعاء في أكتوبر 2017 تحت مظلة الاتحاد الأوروبي والتقى خلال زيارته تلك بعدد من القيادات الوطنية اليمنية قبل أن يقوم بزيارة مماثلة للعاصمة الرياض اشتملت على لقاءات مع هادي وحكومة المنفي ومسؤولين سعوديين.

وساهم غريفيث في التنسيق لعقد سلسلة من اللقاءات القبلية برعاية الاتحاد الأوروبي في عدد من العواصم الغربية انطلاقا من رؤية تهدف إلى إشراك القطاعات الفاعلة في المجتمع اليمني في حل النزاع الدائر في البلاد.

ورغم التفاؤل لا تخلو الساحة اليمنية من متشائمين بشأن مهمة غريفيث حيث أن الرجل لن يستطيع تقديم أكثر مما قدمه سلفه على اعتبار أن إنهاء العدوان والحرب علي اليمن أفقها مسدود انطلاقا من الأهداف الخفية للعدوان والعنجهية والغرور الذي ينتهجه نظام بني سعود وتحالفه العسكري المأجور ولا يمكن أن يقبل أي أعتراف بالهزيمة والانكسار أوالجلوس علي طاولة المفاوضات إلا في حال وأجهت ضغوطات كبيرة وإرادة صادقة من القوي الأستكبارية الإستعمارية وأن أي حديث عن تسوية قادمة في اليمن هو مضيعة للوقت حتى لو تم الاتفاق على بدء جولة جديدة من المفاوضات فالعدوان والحرب والحصار الشامل لم يتوقف .

 

المزيد في هذا القسم: