المرصاد نت - متابعات
مع فشل السعودية في تسويق روايتها بشأن مقتل الصحافي جمال خاشقجي انفتحت القضية على مسارات جديدة لا يزال احتمال «اللفلفة» قائماً من بينها. حتى الآن وباستثناء التصريحات الصادرة عن بعض وجوه حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا لا مؤشرات تركية أو أميركية تحمل على استبعاد خيار التسوية التي تحفظ ماء وجه الرياض بل إن دونالد ترامب ذهب إلى أبعد من ذلك بدفاعه عن بقاء محمد بن سلمان على رأس ولاية العهد.
هذه التصريحات التطمينية لابن سلمان عزّزت دلالاتها عودة عادل الجبير إلى المشهد بـ«نبض قوي»، ليقول إن «السعودية هي التي تقرّر من يقودها». لكن ميل ترامب وربما إردوغان إلى إبرام صفقة من هذا النوع لا يزال يواجَه بعقبات؛ أبرزها تصاعد الضغوط الأوروبية على السعودية وتزايد الأصوات الأميركية المطالِبة بمعاقبة المملكة، حتى داخل الحزب الجمهوري. من هنا، لا يبدو أن موعد الثلاثاء المقبل الذي حدّده ترامب وإردوغان لمنح العالم «إجابة» شافية سيكون ــ على أهمّيته ــ المفصل الحاسم في القضية التي يبدو أنها ستظلّ تتفاعل وتولّد تداعيات وخصوصاً بعد تحوّلها إلى مادة تجاذب في الانتخابات الأميركية المرتقبة الشهر المقبل.
خلافاً لما أرادته السعودية من بيان الاعتراف الذي أصدرته ليل الجمعة - السبت لم تلقَ الرواية الرسمية لحادثة مقتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، ردوداً مُرحّبة على المستوى الدولي. بيانات متتالية من قِبَل الحكومات والمنظمات الغربية شكّكت في رواية المملكة وطالبت الرياض بمزيد من التحقيقات وبأدلّة مقنعة. وعلى رغم أن ذلك التشكيك شمل أيضاً إدارة الرئيس دونالد ترامب إلا أن الأخير ظلّ محاذِراً في ما يتّصل بعلاقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالجريمة. محاذرة يُفترض أن تتضح مآلاتها يوم الثلاثاء المقبل، الموعد الذي ضربه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكشف «الحقيقة كاملة»، وهو اليوم نفسه الذي حدّده ترامب لِمَا احتمل أنها «إجابة ستكون لدينا» ما يشي بأن ثمة ارتباطاً بين التكتيكَين التركي والأميركي سينكشف إمّا عن تعزيزٍ لمسار «اللفلفة» وإمّا عن تعقيدات إضافية في القضية.
وبعدما اعتبر أن الرواية السعودية «جديرة بالثقة»، واصفاً إياها بأنها «خطوة أولى مهمة»، عاد ترامب وتراجع ليقول أمس إن تلك الرواية تضمّنت «خداعاً وكذباً» وإن هناك «تخبّطاً في روايات السعوديين». لكن تلك النبرة الحادّة في التعليق على اعتراف الرياض لم تنسحب على موقف الرئيس الأميركي من صلة ابن سلمان بالجريمة. إذ أشار ترامب، في مقابلة مع «واشنطن بوست»، إلى أنه «لم يقل لي أحد إنه مسؤول عما جرى. كما لم يقل أحد إنه ليس مسؤولاً» معرباً عن تمنّياته بـ«ألا يكون (ولي العهد) مسؤولاً... أعتقد أنه حليف هام جداً لنا خصوصاً في ظلّ أنشطة إيران التخريبية حول العالم. إنه يشكل ثقلاً موازناً». وإلى أبعد من ذلك ذهب الرئيس الأميركي لدى تعبيره عن رغبته في ألا يتمّ استبدال ولي العهد إذ إن الأخير هو «الرجل الأقوى حتى الآن، وهو يحبّ وطنه حقاً، ويمتلك قدرة جيدة على السيطرة». موقف صريح ينبئ، بوضوح، بأن ليس ثمة استعداد لدى إدارة ترامب ـــ إلى الآن ـــ لتزكية عملية تغيير تطاول ابن سلمان، على رغم حديث وسائل إعلام أميركية عن أن أجهزة استخبارات غربية تناقش تغيّراً محتملاً في خط الخلافة في السعودية.
انطلاقاً مما تقدم يعود خيار لفلفة قضية خاشقجي استناداً إلى الرواية الهشّة التي قدّمتها السعودية ليتصدّر المشهد، خصوصاً أن ترامب ونظيره التركي اتفقا على تحديد يوم الثلاثاء كموعد جديد لما وصفها الرئيس الأميركي بـ«الإجابة» وما قال أردوغان إنها «جميع التفاصيل». فهل ستشمل تلك التفاصيل تحديد مسؤوليات مغايرة لما ورد في بيان الاعتراف السعودي؟ حتى يوم أمس، اقتصرت الردود التركية المُشكّكة في ذلك البيان على مسؤولين حزبيين فيما استمرّت التعليقات الرسمية في التشديد على ضرورة انتظار نتائج التحقيق الذي تقوم به أنقرة. تريّث ينبئ، إلى جانب تركّز التحقيق التركي على الشقّ الجنائي من القضية دون السياسي بأن تركيا لا تزال تترك الباب موارباً أمام تسوية ترضي واشنطن وتحفظ ماء وجه الرياض. لكن تسوية من هذا النوع لا يبدو طريقها مُعبّداً في ظلّ تواصل المواقف الدولية المُندّدة بالسعودية وتزايد ضغوط الكونغرس الأميركي على إدارة ترامب.
هذه المواقف والضغوط بلغت ذروتها أمس مع إعلان المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل أن بلادها ستمتنع عن تصدير الأسلحة إلى السعودية في ظلّ الظروف الحالية. وجدّدت ميركل إدانتها مقتل خاشقجي مُشدّدة على ضرورة «توضيح ما حدث ومحاسبة المسؤولين». وجاء موقف ميركل بعد صدور بيان مشترك عن وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا طالبوا فيه بـ«إجراء تحقيق دقيق إلى حين تحديد المسؤولية عما حدث والمحاسبة واتخاذ الإجراءات المناسبة».
وعلى المقلب الأميركي أعرب السيناتور الجمهوري البارز، بوب كوركر، عن اعتقاده بأن ولي العهد السعودي هو المسؤول عن الجريمة. وهو ما ذهب إليه أيضاً السيناتور الديموقراطي البارز ديك دوربين، الذي رأى أن «بصمات ولي العهد موجودة في كل هذا»، معتبراً أنه «لا بد من عقاب وثمن لذلك». وكان السيناتور الجمهوري راند بول طالب بوقف مبيعات الأسلحة للسعودية، في حين فضّل كوركر «الاتفاق على رد جماعي بالتعاون مع الحلفاء الأوروبيين» من دون التطرّق إلى قضية الأسلحة. ومن شأن هذا الانقسام أن يعزّز موقف إدارة ترامب التي تتمسّك بعدم فرض عقوبات تطاول صفقات التسلّح بل وتعتبر أن من المبكر الحديث عن فرض عقوبات وفق ما كرّر أمس وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين الذي أكّد أنه لن يحضر مؤتمر «دافوس في الصحراء» المرتقب انطلاقه غداً في السعودية ولكنه أعلن أنه سيزور الرياض لإجراء محادثات بخصوص جهود «مكافحة الإرهاب»، وخطط إعادة فرض العقوبات على إيران.
هذا «الارتخاء» الأميركي هو ما أنعش على ما يبدو السلطات السعودية التي أعادت أمس تصدير رأس دبلوماسيتها عادل الجبير بعدما «اختفى» طيلة ما يزيد على أسبوعين منذ وقوع حادثة القنصلية. وقال الجبير في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن بلاده «تجهل مكان وجود جثة» خاشقجي مكرّراً أن ولي العهد «لم يكن على علم» بالعملية، مضيفاً أن الملك سلمان «مصمّم على محاسبة المسؤولين». ورأى أن العلاقات بين واشنطن والرياض «ستتجاوز» هذه الأزمة، مخاطِباً المشرّعين الأميركيين المطالبين برحيل ابن سلمان بالقول إن «السعودية هي من تقرّر من يقودها». وكانت السعودية حاولت تلافي الثغرات التي شابت روايتها الأولى برواية أخرى أوردتها على لسان مسؤول سعودي تحدث إلى «رويترز»، لم تبدُ أكثر منطقية من سابقتها إلا في الزعم بأن تصرّف مسؤول العملية «اعتمد على توجيه سابق بمفاوضة المعارضين للعودة».
الرواية روايات!
تحوّلت الرواية السعودية حول مقتل خاشقجي إلى روايات متناقضة أحدثها كان أمس على لسان مسؤول سعودي تحدث إلى «رويترز» طالباً عدم الكشف عن هويته. ونفى المسؤول وجود «نية قتل» لدى عناصر الاستخبارات السعودية، وقال إن فريقاً مؤلفاً من 15 سعودياً من أفراد الاستخبارات والأمن أرسلهم نائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد عسيري لمقابلة خاشقجي في القنصلية ومحاولة إقناعه بالعودة وذلك بمعاونة موظف يعمل مع مستشار الديوان سعود القحطاني «كان يعرف جمال جيداً».
إلا أن عناصر الفريق هدّدوا خاشقجي بتخديره وخطفه، قبل أن يقتلوه إثر مقاومته لهم. وروى المصدر أنه بعدما رفض خاشقجي طلب أحد العناصر، رافعاً صوته، خاف هؤلاء وحاولوا أن «يسكتوه وكتموا أنفاسه» فمات مضيفاً أنه «تم لفّ الجثة في سجادة وتسليمها لمتعاون محلي للتخلّص منها»، نافياً التسريبات التركية حول التعذيب وتقطيع الجثة. وعرض المصدر، بحسب «رويترز» وثائق للمخابرات السعودية تكشف عن خطة لإعادة المعارضين إلى البلاد.
ترجيحات جديدة بشأن الجثة والأميركيون يستبعدون العقوبات
في وقتٍ يتواصل التحقيق مع موظفين أتراك في القنصلية السعودية في إسطنبول لكشف ملابسات مقتل الصحافي جمال خاشقجي برزت معلوماتٍ جديدة عن جثة خاشقجي التي لا تزال مختفية، على رغم اعتراف السعودية يوم السبت بمقتل الصحافي داخل قنصليتها. وتفيد المعلومات التي نقلها موقع «ميدل إيست آي» البريطاني بأنّ جزءاً من جثة خاشقجي قد يكون نُقل إلى الرياض بواسطة العقيد السابق في الاستخبارات السعودية ماهر مطرب في الثاني من الشهر الجاري. هذه المعلومات تتكشف في ظلّ تصاعد في حدة نبرة مشرعين أميركيين ضد السعودية وولي العهد محمد بن سلمان على خلفية هذه القضية.
نقل موقع «ميدل إيست آي» يوم أمس عن مصادر قولها إن السلطات التركية تعتقد بأنه تم نقل جزء من الجثة خارج تركيا بواسطة الحراس الشخصيين لولي العهد محمد بن سلمان تحديداً ماهر عبد العزيز مطرب، العقيد السابق في الاستخبارات السعودية. وأضافت المصادر أنّ مطرب أحد المشتبه بتورطهم في مقتل خاشقجي قد يكون حمل جزءاً من الجثة في حقيبة كبيرة، شوهدت بحوزته عند مغادرته مطار أتاتورك في إسطنبول يوم وقوع الحادثة.
وبحسب المصادر لم يتم فحص حقائب مطرب أثناء مروره بقاعة كبار الشخصيات في مطار أتاتورك كما لم تخضع طائرته الخاصة للتفتيش لحمله جواز سفر دبلوماسياً. وأشارت المصادر إلى أنّ مطرب كان على عجلة من أمره خلال مغادرته المطار ذلك اليوم.
الشبكة استندت في معلوماتها على مصدر تقول إنه «مقرّب من التحقيق التركي في تلك القضية»، إضافة إلى شريط مصور نقلت فحواه وكالة «أسوشيتيد برس» أظهر تواجد مطرب في قنصلية بلاده في اسطنبول يوم اختفاء خاشقجي، ووصوله إلى القنصلية، قبل نحو ثلاث ساعات من وصول الصحافي السعودي.
في هذه الأثناء ذكر تلفزيون «أن تي في» التركي اليوم أن خمسة موظفين أتراك في القنصلية السعودية في إسطنبول يدلون بشهاداتهم في تحقيق في شأن مقتل خاشقجي. وسبق أن قال التلفزيون إن 20 من موظفي القنصلية أدلوا بشهاداتهم أمام المدعين في ما له صلة بالواقعة الأسبوع الماضي. وكان ولي العهد محمد بن سلمان قد أجرى اتصالاً هاتفياً بصلاح ابن خاشقجي في وقتٍ متأخر من مساء أمس «لتعزيته في وفاة والده» بحسب وكالة الأنباء السعودية.
السعوديون فقدوا كل المصداقية
في هذا الوقت، تصاعدت حدّة الأصوات المطالبة بفرض عقوبات على السعودية داخل الكونغرس الأميركي. طبيعة العقوبات المقترحة من جانب أعضاء الكونغرس تفاوتت ما بين طرد السفير وحظر بيع الأسلحة للمملكة وصولاً إلى الضغط لإقصاء ولي العهد محمد بن سلمان عن منصبه.
وذكر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري بوب كروكر أنه يعتقد بأن ولي العهد يقف وراء مقتل خاشقجي مضيفاً أن السعوديين فقدوا كل المصداقية في تفسيراتهم لموته.
كذلك جاء تشديد السيناتور الديموقراطي ريتشارد دوربين على ضرورة طرد السفير السعودي في واشنطن من بلاده بطريقة رسمية في الوقت الذي أكد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام هذا الموقف. وكان غراهام قد دعا الثلاثاء الماضي إلى إقصاء محمد بن سلمان عن الحكم على خلفية اختفاء خاشقجي. من جهته اعتبر السيناتور الديموقراطي جيري كونولي أن الرواية السعودية «محاولة تستر» مؤكداً ضرورة «محاسبة» السعودية.
أما السيناتور الجمهوري راند بول فقد أكد أنه لا يصدّق التفسيرات السعودية في ما يتعلق بظروف مقتل خاشقجي، واصفاً إياها بـ«المهينة»، بحسب شبكة «فوكس نيوز». وسبق أن طالب راند بول بوقف مبيعات الأسلحة للسعودية.
على رغم ذلك قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين إنه من السابق لأوانه مناقشة أي عقوبات على الرياض معتبراً إقرار السعودية بمقتل خاشقجي، «خطوة أولى جيدة لكنها غير كافية».
منوتشين لن يحضر مؤتمر الاستثمار السعودي غداً، لكنه سيزور الرياض كما هو مقرر لإجراء محادثات مع نظيره السعودي بخصوص الجهود المشتركة لمكافحة تمويل الإرهاب.
تطبيع العلاقات بين أنقرة وواشنطن
عقب اتصال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الأميركي دونالد ترامب، والذي أكدا خلاله ضرورة كشف ملابسات الجريمة أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الأميركي مايك بومبيو محادثات هاتفية شملت قضية خاشقجي إلى جانب قضايا أخرى مثل التطورات في سوريا.
وكان بيان رئاسي عن اتصال أردوغان بترامب قد أشار إلى أن الزعيمين تطرقا خلال المكالمة نفسها إلى المسار القانوني بخصوص قضية القس أندرو برونسون وأكدا عزمهما على تطوير التعاون بين البلدين، وتطبيع العلاقات في كافة المجالات إلى جانب التعاون في «محاربة الإرهاب بما فيها منظمة غولن».
في سياق متصل بجريمة خاشقجي أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس الأميركي بحث مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مكالمة هاتفية مساء أمس، في قضية مقتل الصحافي. وقالت الناطقة باسم الرئاسة الأميركية سارة ساندرز إنّه خلال المكالمة تطرّق الرئيسان إلى «الظروف المحيطة بالموت المأسوي للصحافي السعودي جمال خاشقجي».
اللوبي السعودي في واشنطن يعيد النظر بتمويله؟
لكأن قضيّة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول والتورّط المحتمل للرياض في هذه الجريمة جاءا ليطلقا العنان للإعلام الأميركي الذي يواصل الإضاءة على مسائل تتعلّق بالسعودية من كل حدب وصوب خصوصاً تلك التي ترتبط بالعلاقة المتشابكة بين واشنطن والرياض. و من آخر ما جرى التركيز عليه في هذا الإطار هو النفوذ السعودي المتنامي في واشنطن والذي يتمثّل بشكل رئيسي بضخ الأموال لدى جماعات الضغط المؤثرة في مختلف المؤسسات الأميركية الرسمية.
من هذا المنطلق أفردت صحيفة «واشنطن بوست» أمس تقريراً مطوّلاً عن هذا النفوذ وعن اضمحلاله في الأسابيع الأخيرة في ظل أزمة مقتل خاشقجي. الصحيفة شرحت ما حققته الأموال السعودية الطائلة التي ضُخّت لدى جماعات الضغط، خصوصاً في الأعوام الأخيرة. وأشارت، في هذا المجال إلى الضغط من أجل تعديل قانون محاسبة الحكومة السعودية بسبب أحداث 11 أيلول، والضغط من أجل منع تمرير قوانين تمنع بيع السلاح للسعودية على خلفية عدوانها على اليمن إضافة إلى غيرها من الأمور التي قامت بها السعودية على مدار الأعوام الماضية.
وبحسب الصحيفة كثّف السعوديون من جهودهم خلال العامين الماضيين، لتعزيز العلاقة مع الولايات المتحدة. وقد عزّز اللوبي السعودي هذه الجهود تحديداً بعد نكسة كبيرة في خريف عام 2016 ــ أي بعد نجاح عائلات ضحايا هجمات 11 أيلول بالحصول على حقّها بمحاسبة الحكومة السعودية، بسبب «دعمها المزعوم» للهجمات.
«واشنطن بوست» أوضحت أن «إنفاق المملكة على أعمال الضغط في الولايات المتحدة التي انخفضت من 14.3 مليون دولار في عام 2015 إلى 7.7 مليون دولار في عام 2016، عادت لترتفع إلى 27.3 مليون دولار خلال العام الماضي وفقاً لسجلات عامّة». بالتوازي جرى تسجيل أسماء أكثر من 200 شخص ضمن مجموعات الضغط تلك على أنهم «وكلاء عن مصالح السعودية»، خلال عام 2016.
«القوة السعودية تخضع لاختبار حاسم»
ولكن الصحيفة تشير، في المقابل إلى أن «القوّة السعودية تخضع الآن للاختبار، وسط الإدانة العالمية لمقتل خاشقجي». وقد أعلنت مجموعة من مراكز الأبحاث وجماعات الضغط، أنها لن تقبل بالأموال السعودية بعد الآن. لكن بحسب «واشنطن بوست» «ليس من المعروف بعد ما إذا كان ذلك يمثل نقطة تحوّل في علاقات واشنطن بالرياض، أو مجرّد تهدئة قبل أن تعود الأعمال إلى طبيعتها».
في هذا السياق تشير الصحيفة إلى مجموعة من جماعات الضغط التي أنهت عملها لمصلحة السعودية. مثال على ذلك كل من مجموعة «بي جي آر»، وهي شركة أسّسها الجمهوريان البارزان إد روجرز وهالي باربور ومجموعة «ذي غلوفر بارك» التي أسسها استراتيجيون ديموقراطيون، بمن فيهم جو لوكهارت وكارتر إيكوو. رودجرز وإيسكو كلاهما يكتبان مقالات في صحيفة «واشنطن بوست». وقد أعلنت شركتاهما، الأسبوع الماضي، أنها ستتخلى عن تمثيل السعودية. كذلك، أخبرتهما صحيفة «واشنطن بوست» بأنهما لا يمكنهما مواصلة الكتابة لديها، والاستمرار في أعمال الضغط لمصلحة السعودية.
فضلاً عمّا تقدم الأموال السعودية ــ والتمويل من قبل حلفائها المقرّبين أي الإمارات العربية المتحدة ــ تدفّقت على معاهد الأبحاث في واشنطن بما فيها «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، ومعهد «بروكينغز» و«معهد الشرق الأوسط». هذه المعاهد الثلاثة أعلنت الأسبوع الماضي حسب «واشنطن بوست» أنها «تنهي أو تعيد النظر في المنح المالية السعودية».
من بين هذه المعاهد الثلاثة التي استفادت من الأموال السعودية، كان «معهد الشرق الأوسط»، الذي روّج لنفسه على أنه «مصدر غير متحيّز للمعلومات والتحليلات عن المنطقة الحرجة». بين عامي 2016 و2017 تلقّى المعهد ما بين 1.25 مليون دولار و4 ملايين دولار ضمن تمويل المصالح السعودية وفقاً لسجلاته العلنية. وفي عام 2016 تلقى المعهد 20 مليون دولار من الإمارات، وذلك لتجديد مراكزه.
يوم الجمعة الماضي أعلن «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» أنه لن يواصل الحصول على منحة من الحكومة السعودية مقدارها 900 ألف دولار وذلك في مقابل توفير التدريب على تطوير المهارات للسفارة السعودية في واشنطن.
أيضاً خلال الأسبوع الماضي أخبر معهد «بروكينغر» موقع «بازفيد» أنه سينهي منحة البحث الوحيدة التي حصل عليها من السعوديين.
في غضون ذلك، تعيد العديد من المؤسسات النظر، في علاقاتها مع السعودية. وبالنسبة لمراكز الأبحاث وأيضاً بالنسبة للجامعات والمتاحف فإن «أخذ المال السعودي سوف يترك وصمة عار لبعض الوقت في المستقبل» وفق ما أشار إليه دانيال بنجامين، مدير إحدى الجامعات والذي كان قد عمل في معهد «بروكينغز» و«مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية».
المزيد في هذا القسم:
- مجلس التعاون الخليجي بمهب الريح وترامب يحلب على طريقته! المرصاد نت - متابعات وسط إشادة واسعة من سياسيين وإعلاميين سعوديين وإماراتيين بالاجتماع الأول بما يسمى مجلس التنسيق السعودي الإماراتي سادت حالة من الترقب لمصير...
- قتيلان في اعتداء قرب جسر لندن والشرطة تتعامل معه كـ"إرهاب"! المرصاد نت - متابعات أعلنت الشرطة البريطانية عن مقتل شخصين وإصابة عدد آخر إضافة لمقتل المهاجم إثر اعتداء بالسكين وقع بالقرب من جسر لندن وسط العاصمة البريطانية...
- حلب ومضاعفات غدر الهدنة متى يبدأ الحسم العسكري؟ المرصاد نت - متابعات طالب اهالي مدينة حلب بحسم عسكري ردا على الخروقات المتكررة للتهدئة من قبل الجماعات الارهابية المسلحة.48 ساعة اضافية لقرار التهدئة في حل...
- العراق :استمرار التظاهرات والبرلمان إلى تعديلات دستورية! المرصاد نت - متابعات تستمر التظاهرات في بغداد، اليوم السبت، حيث يحاول المتظاهرون الانتشار حتى ضفاف نهر دجلة. حيث أنّ قوات الأمن أطلقت قنابل دخانية لتهدئة المت...
- السلطة تحارب «صفقة القرن»... بلقاءات مع الإسرائيليين! المرصاد نت - متابعات بينما تواصل قيادات السلطة الفلسطينية و«فتح» و«منظمة التحرير» الانتقاد العلني لـ«صفقة القرن»، وحتى لتطبيع العلاقات بين السودان والعدو، تهر...
- دمشق: العدوان التركي الجديد استمرار لسياسة الأوهام التوسعية المرصاد نت - متابعات أكدت وزارة الخارجية السورية أن العدوان التركي الجديد في شمال حلب يجعل تركيا شريكا أساسيا للإرهاب والتآمر الموجهين ضد سوريا بما يشكل تهديد...
- مشادة حادة في البرلمان الأوروبي حول خروج بريطانيا من الاتحاد المرصاد نت - متابعات شهد البرلمان الأوروبي مشادة حادة خلال جلسة خاصة لمناقشة تبعات تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. وحسب موقع ال (بي بي ...
- ايران وتركيا تغلقان الحدود الجوية مع اقليم كردستان العراق المرصاد نت - متابعات أعلنت ايران وتركيا اليوم الاحد اغلاقهما حدودهما الجوية مع اقليم كردستان بعد طلب من الحكومة العراقية تزامناً مع إجراء ايران مناورات ...
- هجوم فلوريدا لا يهزّ تحالفات ترامب: «الإرهاب» ليس سعودياً! المرصاد نت - متابعات سلّط هجوم فلوريدا، على يد ضابط سعودي، مجدداً الضوء على المسار المُعقّد الذي يحكم العلاقات الأميركية ــــ السعودية فضلاً عن كونه أعاد الجد...
- مفارقات سلطة رام الله: التنسيق مع الأميركيين لم ينقطع! المرصاد نت - متابعات تكاد المفارقات التي تَسِم خطاب السلطة الفلسطينية في ما يتصل بـ«صفقة القرن» وسلوكها إزاءها لا تتوقف. فعلى رغم إعلان رئيس السلطة محمود عباس...