المرصاد نت - متابعات
خرجت مسيرات حاشدة اليوم بعد صلاة الجمعة في العاصمة الإيرانية طهران دعماً لحرس الثورة الإسلامية. وتأتي المسيرات رفضاً لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصنيف حرس الثورة على قائمة الإرهاب ورفع المشاركون الذين ارتدى العديد منهم لباس حرس الثورة شعارات تطالب قيادتهم بـ"الرد بالمثل على الولايات المتحدة" مثمنيّن دور الحرس على كافة الأصعدة.
إلى ذلك أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن إدراج الولايات المتحدة "حرس الثورة" في قائمة الإرهاب "خطوة غير قانونية وخطرة ولا سابقة لها وتعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة".
وفي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن أكد ظريف أن "بلاده تدين الخطوة التي وصفها بالمستفزة وتعتبرها عدائية وتمثل خطرا على السلام والأمن الإقليميين والدوليين" مشيراً إلى أن هذه الخطوة ترفع التوتر إلى مستوى المواجهة وإلى مستوى غير قابل للتحكم فيه.
كما أكد ظريف أن "حرس الثورة" كانوا في خط المواجهة الأول مع الإرهاب والتطرف في المنطقة على عكس أميركا وحلفائها الذين دعموا دائماً المجموعات المتطرفة على حد تعبيره.
وفيما تستعد طهران لمسيرات شعبية اليوم دعما لحرس الثورة الاسلامية راى قائد الحرس اللواء محمد علي جعفري رأى في الدعم الشعبيّ الواسع للحرس ما يؤكّد عدم قيمة الخطوة الغبيّة للحكومة الاميركيّة المغامرة
جعفري في تغريدة على "تويتر" أشار إلى أنّ "المسؤوليات الخطيرة الملقاة على عاتق الحرس في الحفاظ على منجزات الثورة الاسلامية وتوفير الأمن الوطني أصبحت أثقل من ذي قبل".
وأمس الخميس أكد قائد القوة الجوفضائية في حرس الثورة الإسلامية العميد أمير علي حاجي زادة، أن القوات المسلحة الإيرانية لن تتوانى عن القيام بمهمّاتها الاستراتيجية والخطرة "ولا سيما مواجهة تهديدات ومؤامرات الأعداء ومن بينهم أميركا".
ودانت الخارجية الروسية قرار واشنطن وضع حرس الثورة الإسلامية في إيران في قائمة الإرهاب وحذرت من أن عزل إيران لن يخدم الأمن في المنطقة لتؤكد أن إيران موجودة في سوريا بشكل شرعي وبناءً على دعوة رسمية من حكومتها.
الصحافة الأميركية كانت قد تناولت قرار ترامب تصنيفه"حرس الثورة" في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية بالنقد والتحليل حيث وجّه بعض السياسيين والمحللين الأميركيين تحذيرات وانتقاداً شديداً لهذه الخطوة التي رأووا أنها ستزيد التوتر مع إيران في الشرق الأوسط وتعرّض القوات الأميركية لتهديدات في المنطقة كما قد تؤدي إلى نشوب حرب بين الدولتين.
ما هي تداعيات تصنيف حرس الثورة إرهابياً على المصالح الأميركية؟
يذكي الرئيس الأميركي النيران تحت قدر المنطقة. قراره القاضي بوضع حرس الثورة في إيران على لائحة الإرهاب يؤجج التوتر القائم أصلاً بينه وبين إيران. مخاطرة ليس بالضرورة هدفها الوصول إلى مرحلة الغليان التي تستدعي مواجهة عسكرية. إلا أنّ القرار يقود تلقائياً إلى زيادة إمكانية الاحتكاك العسكري المباشر وغير المباشر بين الطرفين. إمكانية لطالما كانت موجودة على سلّم الاحتمالات لكنّها لوقت طويل بقيت قابعة في مستويات متدنية.
لا يسعى ترامب بالضرورة إلى خيار الحرب. لكنّ الحروب لا تنجم دائماً عن خيارات أو نوايا مقصودة. قد تتدحرج خطوة غير محسوبة العواقب إلى ردود أفعال تصبح بعدها الأمور خارجة عن السيطرة. هذا ما دفع البنتاغون إلى معارضة قرار ترامب الأخير الذي سانده فيه مجلس الأمن القومي بحسب ما تكشف عنه صحيفة "بوليتيكو".
تنقل الصحيفة عن مسؤولين اطّلعوا على النقاشات التي أفضت إلى قرار ترامب أن الأخير اختار الإطاحة بالبنتاغون بعد أن أقنعه وزير خارجيته مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون بأن تحذيرات كبار القادة العسكريين بشأن المخاطر التي قد يتعرض لها الجنود الأميركيون مبالغ فيها.
هذه المخاطر ترصدها "جيروزاليم بوست" في أكثر من ساحة. في العراق وسوريا وأفغانستان وعند حدود الكيان الإسرائيلي في جنوب لبنان والجولان.
ما لم تشر إليه الصحيفة الإسرائيلية هو عشرات القواعد الأميركية المنتشرة في الخليج وفي مرمى الصواريخ الإيرانية الدقيقة. لكنّ الأهمّ من بين هذه الأهداف هو إسرائيل نفسها، الخاصرة الرخوة والقاعدة العسكرية المكشوفة والأكثر إيلاماً للأميركيين.
عواقب خطوة ترامب تناولتها صحيفة "ذي أتلانتيك" الأميركية بالبارزة من زاوية اليد الإيرانية القادرة على استهداف المقاولين الأميركيين، كوسيلة من وسائل محتملة للتصعيد لا تجعل إيران مضطرة إلى مواجهة مباشرة.
هذا الخطر بحسب الصحيفة هو ما منع تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية في الماضي. في هذا الإطار تستعيد "ذي أتلانتيك" ما عبّر عنه وزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تيلرسون عبر الحديث عن مخاطر وتعقيدات قد تقود إليها هذه الخطوة. خطوة من شأنها أن تؤدي إلى اتخاذ إجراءات قد لا تكون بالضرورة في مصلحة النشاطات العسكرية الأميركية.
هذه الاعتبارات يدركها البنتاغون جيّداً. هي من دون شك من بين الاعتبارات التي دفعته طوال سنوات إلى استبعاد أي ضربة عسكرية لإيران رغم التهويل والحرب النفسية المصاحبة التي سبقت ذهاب الإدارة الأميركية السابقة إلى توقيع اتفاق معها.
لا يريد ترامب الحرب ولا يسعى إليها على الأرجح. خطوة كهذه لا يعرف كيف تنتهي، لكنّها بالتأكيد لن تبقى محصورة في إيران. عواقبها إشعال المنطقة وإحراق المصالح والقواعد الأميركية فيها. في هذه الحال ستصبح صفقة القرن وربما إسرائيل معها، شيئاً من الماضي. الخسائر لن تقتصر على مشاريع ترامب في المنطقة بل يمكن أن تطيح طموحه إلى ولاية ثانية. عدا عن ذلك لا أحد يضمن أن تبقى المواجهة تحت السيطرة من دون أن تستدرج دولاً من خارج المنطقة.
تؤكد صحيفة "ناشيونال انترست" في هذا السياق أن استهداف إيران سوف يعزّز خطر الاصطدام بالصين وروسيا. وتوضح أن الدول الثلاث لا تعتبر أهدافاً منفصلة فالأمر أشبه بحجارة الدومينو. أي زعزعة للاستقرار في إحداها سرعان ما سيؤدي إلى مشاكل خطيرة في البلدان الأخرى. مثال على ذلك، الصين ستفقد كميات كبيرة من شحنات النفط الرخيص، والأوضاع ستنقلب في جنوب القوقاز وقزوين مهدّدةً روسيا.
تصعيد ربما يتوخاه ترامب لتسخين القدر من دون الوصول به إلى درجة الغليان. هدفه تأمين موقع تفاوضي أفضل يتيح له انتزاع تنازلات من إيران عجز عنها سلفه، وحدّدها بومبيو باثني عشر مطلباً.
ضمن هذا السياق يندرج ما ورد في قناة "كان" العبرية التي وصفت ما قام به ترامب بالخطوة الهامة لكنها أضافت أنها تبقى تصريحية ولن تغير من الواقع شيئاً. كما اعتبرت أن القرار أقل دراماتيكية مما يبدو فكبار مسؤولي حرس الثورة والشركات التابعة له هم أصلاً تحت العقوبات.
القناة التي شكّكت في قدرة الأميركيين أو رغبتهم بالانتقال إلى المرحلة التالية وملاحقة الجهات التي تتعامل سراً مع حرس الثورة، جاءت تصريحات منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية ناثان سايلز لتضعها في جملة مفيدة. إذ أوضح سايلز أن إدراج الحرس في قائمة المنظمات الإرهابية لا يعني فرض حظر على قنوات الاتصال معهم من قبل الدبلوماسيين الأميركيين.
ما سبق لا يقلّل من خطورة الخطوة الأميركية بدليل الردود السابقة واللاحقة التي تخللتها. تحذير قائد حرس الثورة محمد علي جعفري استبق القرار جازماً أن الجيش الأميركي لن ينعم بالهدوء في غرب آسيا إذا ما تم تصنيف الحرس منظمة إرهابية.
الإجراءات الإيرانية المضادة لم تتأخر بدورها. المرشد الإيراني أكد في هذا الإطار أن الأميركيين لن يحققوا أي نتيجة بينما شدّد مستشاره للشؤون العسكرية على حتمية الردّ الإيراني في حال "ارتكبت واشنطن حماقة".
دولياً لم يقتصر رفض القرار على حلفاء إيران وأصدقائها. قطر وتركيا رفضتا الخطوة. الخارجية الفرنسية دعت من جهتها إلى تجنب أي تصعيد وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
المخاوف التي يبديها المراقبون وصناّع القرار من هذه الخطوة لا يبدو أنها تقف عند تداعياتها المباشرة بل بالأحرى على ما تستبطنه من نوايا.
مجلة "سبكتاتور" البريطانية الأسبوعية تشرح ذلك في مقال مطوّل. يستند كاتب المقال إلى مجموعة مقابلات أجراها مع مسؤولين أميركيين حالين وسابقين خلال العاميين المنصرمين. يقول المسؤولون أنه في حال ضمن ترامب فوزه في انتخابات 2020 وفي حال لم يسقط النظام في إيران فإنه قد يلجأ إلى اتخاذ إجراءات عسكرية للتصدي لطهران.
وينقل ما قاله له مسؤول سابق العام الماضي بأن احتمال الحرب مع إيران لا يزال وارد جداً. ويوضح الكاتب أن تصنيف الحرس الإيراني قد يكون مبرراً لشن ضربة في إطار "الإذن باستخدام القوة العسكرية لضرب إرهابيين".
تتقاطع هذه المعلومات، التي إن صحّت ولم تكن تسريباً متعمداً في إطار الحرب النفسية، مع ما أوردته صحيفة "الواشنطن بوست".
ترصد الصحيفة بوادر متزايدة لحملة منسقة هدفها إعداد الرأي العام الأميركي لمواجهة عسكرية تعتبرها غير ضرورية مع إيران. وتعتبر أنه مع بدء الحملة للانتخابات الرئاسية 2020 يجب الاستعداد لتهديدات الإدارة المتناسقة بشن حرب ضد إيران.
أي من الاحتمالات والسيناريوهات هو الأقرب إلى التحقق؟ الأغلب أن ترامب لن يذهب باتجاه خطوة يعارض فيها البنتاغون ويتحمّل وحده وزر تبعاتها، خصوصاً إذا ما كانت تكلفتها الاقتصادية والاستراتيجية تفوق مردودها.
المزيد في هذا القسم:
- سويسرا تمنع شركة عسكرية من التعاون مع السعودية والإمارات! المرصاد نت - متابعات بعد تحقيقات استمرت لعدة أشهر قررت الحكومة السويسرية منع شركة "بيلاتوس" السويسرية لصناعة الطائرات من العمل بالسعودية والإمارات بسبب خرق هذ...
- موانئ دبي؛ ما خفي أعظم! المرصاد نت - متابعات ما تفعله دولة الإمارات في الظل يفوق بكثير ما يصل إلينا أو ما تنشره وسائل الإعلام العربية والعالمية واستطاعت هذه الدولة أن تلعب دورا أبعد ...
- احتفال عنيف بفرنسا بالعام الجديد وأرقام صادمة لأعمال الشغب المرصاد نت - متابعات أعلنت السلطات الفرنسية أن أعمال الشغب التي شهدتها البلاد ليلة رأس السنة والتي أصبحت تقليدا يتكرر سنويا أسفرت عن إحراق أكثر من ألف سيارة و...
- سقوط جمال معروف ينهي "الخطة الأميركية" أشارت مصادر غربية الى أن "إطاحة "جبهة النصرة" بعناصر الجيش السوري الحر في إدلب، بعد اسابيع من الاشتباكات بينهما قضت على الخطة الاميركية". وفي سياق متصل ا...
- الهدنة الملغّمة في ليبيا : مسارات وتساؤلات ! المرصاد نت - متابعات لم يكن هناك نجاحٌ في قمة برلين يخترق الأزمة الليبية بخريطة طريق سياسية لها آليات معلنة وجداول زمنية ملزمة. ومع ذلك، يصعب وصفها بـ«الفاشلة...
- الكنيست يحيي «ذكرى السادات»: لحظة انهيار الحاجز النفسي المرصاد نت - متابعات في ذكرى أربعين عاماً على زيارة السادات لإسرائيل وإلقائه خطاباً أرّخ للحظة «ترسيخ قدم» التطبيع العربي في قلب الكنيست يستذكر...
- جيش العدو الإسرائيلي يستهدف دبابات سورية بريف القنيطرة المرصاد نت - متابعات أكد مصدر عسكري لوكالة "سانا" السورية أن طائرات إسرائيلية أطلقت صواريخ عدة من داخل الأراضي المحتلة استهدفت مرآب محافظة القنيطرة وأحد الأبن...
- مقتل 6 جنود اسرائيليين وإصابة العشرات بعملية دهس في القدس المرصاد نت - متابعات قالت مصادر اسرائيلية ان 6 جنود اسرائيليين قتلوا على الاقل واصيب اكثر من 13 اخرين اليوم الاحد بجراح متفاوتة نتيجة دهسهم من قبل شاحنة في من...
- الجيش العربي السوري يقطع شريان إمداد المسلحين من الأردن المرصاد نت - متابعات مساحات واسعة بكل الاتجاهات استعادها الجيش العربي السوري ضمن عملية انطلقت من ثلاثة محاور والتقت على جبهة تتجاوز مساحتها الـ 50 كيلومتراً ت...
- مستقبل الشرق الأوسط: لا حرب كبرى واضطراب دائم! المرصاد نت - متابعات كتب إريك بوردينكيرشر، الباحث في مركز تنمية الشرق الأوسط في جامعة كاليفورنيا، مقالة في مجلة"ذا ناشيونال إنترست" الأميركية قلّل فيها من احت...