تدشين «السلام الاقتصادي» من المنامة: الرياض تموّل «بيع فلسطين» !

المرصاد نت - متابعات

على رغم ضعف حظوظ نجاحها في ظلّ الرفض الشامل لها حتى من قِبَل حلفاء الولايات المتحدة تواصل الإدارة الأميركية مساعيها إلى فرض «صفقة القرن» مُدشّنة عملية إعلانها التي طالKsa Palstain2019.5.22 انتظارها بخطوات اقتصادية تأمل أن تنجح في إطفاء جذوة الغضب على ما تخطّط له. من المنامة، التي باتت مختبراً لأي خطوة تطبيعية مع إسرائيل، ستفتتح واشنطن مسار ما تُسمّيه «السلام الاقتصادي». وهو مسارٌ تعمل السعودية بدورها على التوطئة له بجملة مشاريع، يبدو أن نظام «الإقامة المميزة» لن يكون بعيداً منها، في ظلّ ما يكشفه الإعلام العبري من أن النظام المذكور يستهدف استقطاب فلسطينيي 48 بمغريات «العمل والتملّك». لكن كل تلك الخطوات لا يظهر أنها ستؤدي إلى ما تشتهيه الولايات المتحدة وحلفاؤها، بالنظر إلى افتقار الرؤية «الترامبية» لبعد سياسي، و«التغوّل» الكبير الذي تنطوي عليه الخطة حتى إزاء الحلفاء التقليديين وعلى رأسهم السلطة.

أكدت غالبية الفصائل الفلسطينية رفضها «ورشة العمل الاقتصادية» التي تنوي الولايات المتحدة الأميركية ومملكة البحرين عقدها في المنامة في الـ25 والـ26 من الشهر المقبل. هدف الورشة صار معروفاً وهو إطلاق المرحلة الأولى لـ«صفقة القرن» إذ ستسعى الإدارة الأميركية إلى شراء فلسطين حرفياً، بإقناع الدول العربية والغربية بالاستثمار في فلسطين والدول المحيطة بها (لبنان، الأردن، مصر) بمشاريع بقيمة 68 مليار دولار.

في المقابل أعلنت السلطة الفلسطينية رفضها المبادرة قائلة إن أحداً لم يستشرها أو يدعها، فيما رفض السياسيون ورجال الأعمال المحسوبون عليها المشاركة في «ورشة العمل». هؤلاء جميعهم أكدوا عدم حضور المؤتمر، فيما قال المتحدث باسم رئيس السلطة، نبيل أبو ردينة، إن «قرار المشاركة يعود إلى عباس».

على الصعيد نفسه استنكر عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي» خالد البطش مسار التطبيع العربي الرسمي المتمثل في استضافة البحرين «ورشة عمل أميركية صهيونية تهدف إلى فتح الطريق أمام تطبيق صفقة القرن الهادفة إلى تصفية القضية المركزية للأمة تحت عنوان السلام من أجل الازدهار» مضيفاً أن «التطبيع البحريني مع الإسرائيليين إذعان لقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزمرة البيت الأبيض». ودعا البطش «أبناء الأمة وأبناء الشعب البحريني والخليج العربي إلى التصدي لمخططات تصفية فلسطين، ففلسطين ومقدساتها لا تقايَض بالأموال ولا بملء البطون أو الجيوب رغم معاناة الحصار والعقوبات على شعبنا، فهي قضية إجماع للأمة العربية والإسلامية ولا يمكن التنازل عنها».

وبعد إعلان غالبية القيادات الفلسطينية رفضها المشاركة قال وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة أنْ لا «وجود لأي دوافع خفية وراء الاجتماع المقرر في المنامة» مضيفاً في بيان أن «المنامة ملتزمة تعزيز الاقتصاد الفلسطيني والمؤتمر يهدف إلى تمكين الشعب الفلسطيني من النهوض بقدراته وتعزيز موارده».

كذلك دخلت الإمارات على خط مساندة الخطة بإعلانها في وقت متأخر أمس «الترحيب بورشة العمل الاقتصادية (السلام من أجل الازدهار» مؤكدة «المشاركة بوفد فيها». وقالت الخارجية الإماراتية في بيان إن أبو ظبي «تقف مع كافة الجهود الدولية الرامية إلى ازدهار المنطقة وتعزيز فرص النمو الاقتصادي والتخفيف من الظروف الصعبة التي يعيشها الكثير من أبناء المنطقة خاصة أبناء الشعب الفلسطيني».

أما عن المشاركة الإسرائيلية فقالت القناة الـ13 العبرية إن إسرائيل «تنوي الاستجابة لدعوة الولايات المتحدة للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده في العاصمة البحرينية الشهر المقبل في إطار صفقة القرن» ناقلة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن واشنطن أرسلت دعوة رسمية إلى إسرائيل للمشاركة في المؤتمر وإن الدعوة أُرسلت بنسخة ورقية وهي في طريقها إلى إسرائيل عبر البريد الدبلوماسي. كذلك، يعتزم وزير المالية الإسرائيلي، موشيه كحلون، الحضور وفق ما أعلنه المتحدث باسمه عمري شينفيلد لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل» مؤكداً أنه «في حال بقاء كحلون في منصبه الحالي يريد بالتأكيد المشاركة في القمة».

السعودية تريح إسرائيل من فلسطينيّي الـ 48: فليشتغلوا عندنا... بإقامات دائمة!
لو أمكن استعارة العين التي يرى بها الفلسطيني السعودية لكان المشهد جامعاً بين دولة قمعية ورخاء اقتصادي وملوك باعوا فلسطين. ولأن سياق التطبيع الذي تنتهجه الرياض علناً مع تل أبيب، والانبطاح للإدارة الأميركية التي تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر «صفقة القرن» يجري بأموال الدول الخليجية نفسها فلا يمكن النظر إلى توقيت طرحها مشروع «الإقامة المميزة» على أنه خارج المخطط وخاصة أنه «سيشمل حتى فلسطينيي الأرض المحتلة عام 1948».

ثلاثة أشهر تفصل السلطات السعودية عن موعد استكمال اللائحة التنفيذية لبنود نظام «الإقامة المميزة» الذي وافق عليه أخيراً مجلس الشورى في الرياض، ومن بعده مجلس الوزراء ومن المتوقع أن تُحدَّد عبره شروط وإجراءات حصول غير السعوديين على «الإقامة المميزة» التي تتضمن مسارين اثنين: الأول الإقامة الدائمة غير محددة المُدة والتي تتيح إمكانية اصطحاب العائلة أو زيارة الأقارب وامتلاك عقارات وسيارات... والثاني إقامة مؤقتة لسنة تشمل الحصول على عدد من المزايا؛ من بينها إمكانية امتهان أعمال تجارية وفق شروط معينة.

وسائل إعلام سعودية نقلت قبل أيام عن وزير التجارة والاستثمار ماجد القصبي قوله إن «نظام الإقامة المميزة سيعزز التنافسية، وسيمكّن المملكة من استقطاب مستثمرين وكفاءات نوعية ويحدّ من التستر». وفق القصبي، زادت «نسبة التستر (على المقيمين المخالفين) في المملكة على 46% في الربع الأول. (نظام الإقامة الجديد) سيمكّن بعض الإخوة غير السعوديين من ممارسة أعمالهم وفق الأنظمة الموجودة في المملكة، وسيمكّنهم من إجراء معاملاتهم واستثماراتهم وشراء العقار السكني والتجاري والصناعي». وذكر الوزير السعودي أن «المملكة تستهدف نوعية معينة من المستثمرين ومن حاملي هذه الإقامة».

صحيح أن الوزير لم يحدد مَن المقصود بـ«النوعية المعيّنة من المستثمرين»، لكن مجلة «غلوبس» الإسرائيلية التي تُعنى بالشؤون الاقتصادية قالت أمس إنه «كجزء من التغيير (التطبيع العلني) في العلاقات بين الرياض وتل أبيب، سيُمكّن نظام الإقامة المميزة العرب الإسرائيليين (فلسطينيي الـ 48) من العمل في السعودية التي ترى في خرّيجي الجامعات الإسرائيلية مهنيين نوعيين». وأضافت المجلة: «الآن النافذة السعودية التي كانت مفتوحة ولا تزال أمام الملايين من مواطني الدول العربية ستكون مفتوحة أمام العرب من مواطني إسرائيل» في إشارة إلى الفلسطينيين الذين يحملون جوازات سفر وبطاقات هوية إسرائيلية جبراً.Gazaaa2019.5.22

وطبقاً لـ«غلوبس» يشكل اجتذاب هؤلاء جزءاً من الخطة الاقتصادية التي ستقرّها السعودية قريباً، والتي يفترض أن تستجلب مهندسين ومستثمرين أجانب للعمل في البلاد، بل تسلّم مناصب رفيعة في الشركات، وستسمح لهم كجزء من وظيفتهم باستملاك عقارات وسيارات وغيرها، وأيضاً الحصول على إقامات دائمة. والجدير ذكره، هنا، أنه ــــ بخلاف النظام الجديد ــــ يتوجب وفق الشروط القائمة اليوم على الجميع من غير المواطنين السعوديين تجديد تصاريح الإقامة والعمل سنوياً، كما يتوجب على المواطن السعودي المُشغّل تجديد التصاريح المؤقتة كل عام، علماً بأن باستطاعة السلطات ترحيل من ترغب من العمال الأجانب.

في هذا الإطار قالت عضو مجلس الشورى لينا آل معينا في حديث إلى صحيفة سعودية إن «الهدف من المشروع الجديد جذب المهنيين والمستثمرين إلى البلاد لمساعدتها في اجتياز التغيير الاقتصادي الذي يروج له ولي العهد محمد بن سلمان. هدف ابن سلمان تقليل اعتماد البلاد على النفط وتطوير صناعات أخرى. كجزء من الخطة، سيتمكّن الملّاك الجدد من الاحتفاظ بالأصول المملوكة لهم في البلاد والحصول على الحقوق التي كانت حتى الآن ملكاً حصرياً للمواطنين فقط». ويأتي النظام الجديد، الذي وافق عليه 77 عضواً في المجلس مقابل معارضة 54، ليناقض مشروع «السعودة» الذي بدأته السلطات خلال العامين الأخيرين، وكان يستهدف تقليص العمالة الأجنبية، وإعطاء الفرصة للمواطنين للعمل في المهن التي يشغلها حالياً ما بين 11 و12 مليون أجنبي، أي نحو ثلث سكان المملكة. وإلا كان الهدف من «السعودة» تقليص نسبة البطالة التي تجاوزت 12% وفق الأرقام الرسمية، فإن نظام الإقامة الجديد لن يُسهم في ذلك، وخاصة أنه يُشجع الهجرة من جميع الدول.

المملكة تضغط لدعم «مشروع روزانا» التطبيعي!

تتفاعل قضية التطبيع مع العدو الإسرائيلي من بوّابة العمل الطبي في الأراضي المحتلة عبر «مشروع روزانا» الأوسترالي، وخاصة لجهة تورط عدد من أبناء الجاليات العربية في دعم المشروع. لا يُخفي القيّمون على «روزانا» تماهيهم مع السياسة الصهيونية، وهدف وجود المشروع واضح على موقعه الإلكتروني: «بناء الجسور لتحسين التفاهم بين إسرائيل وجيرانها». إلا أن بعض المسؤولين العرب في أوستراليا يُصرّون على تضليل الجاليات العربية، وتقديم «روزانا» كما لو أنه مجرد مشروع إنساني لمساعدة المرضى الفلسطينيين، الذين «لا حلّ أمامهم» سوى أن يُعالجهم قاتلهم الإسرائيلي في مستشفياته.

أفراد من الجاليات العربية في أوستراليا قرّروا العمل على إقناع أبناء أمّتهم بمقاطعة العشاء الذي تُنظمه «روزانا» اليوم، وعدم التبرّع للمؤسسة «الصهيونية التي ترفع شعارات إنسانية». وبسبب الضغوط التي مارسها هؤلاء وجد السفير الفلسطيني لدى أوستراليا عزت عبد الهادي (يرد على موقع «روزانا» الإلكتروني أن القيّمين على المشروع يدينون بالامتنان للسفير)، نفسه، أمس مُضطراً إلى إصدار بيان لتوضيح موقفه. كان ذلك نتيجة اجتماع عُقد أول من أمس بينه وبين اتحاد عمال فلسطين.

إلا أن البيان كان «أقبح» من «ذنب» مشاركته في العشاء وتغطيته المعنوية له. أصدر عبد الهادي بيانه باللغتين العربية والإنكليزية التي استفاض في الشرح فيها كثيراً. فبلغة «الأجانب» شنّ السفير هجوماً «غير دبلوماسي» ضدّ الصحافة قائلاً: «في البدء لم أكن أريد التعليق على هذه الادعاءات المسيئة للسمعة، معتقداً أنها لا تستحق الرد أو المزيد من الاهتمام. يوافق معظم الأشخاص الأذكياء على أنك تحط من قدرك عندما تحاول الاستجابة أو دحض شيء ليس له أي أساس من الصحة. نشر مثل هذه الأكاذيب هو ببساطة ما دون الازدراء». إلا أن السفير نفسه بادر إلى نشر «الأكاذيب» في ردّه حين ادّعى أن «الأخبار» في تقريرها عن الحدث ذكرت أن العشاء (سمّاه إفطاراً) «تحت رعايتي المباشرة كما أنني متحدث رسمي فيه». يبدو أن عبد الهادي أو من يُقدّم له التقرير الصحافي اليومي لم يقرأ بدقة حيث إن هذه المعلومة لم ترد أبداً في ما نشرته «الأخبار» يومَي 18 و21 أيار.

ما نُشِر هو أن «مشروع روزانا يحظى بدعم علني من سفارة السلطة الفلسطينية (…) أما المتحدثون، فسيكونون: الطبيب الفلسطيني أكرم عمرو، الأستاذة الجامعية الإسرائيلية الطبيبة استي غاليلي، والصحافي الأوسترالي هيو ريمينتون». وفي بيانه دافع عبد الهادي عن «روزانا» وتقديماتها الطبية، وتعاونها مع مؤسسات فلسطينية، وصولاً إلى زعمه أن «لا علاقة للاحتلال الإسرائيلي أو الحكومة الإسرائيلية بهذا البرنامج مطلقاً، وبالتالي لا داعي لهذا الربط التعسفي ما بين الاحتلال وبرنامج أوسترالي تنموي».

وبحسب مصادر فإن السفارة السعودية لدى أوستراليا «وبسبب علاقتها المادية والمعنوية مع عدد من الجمعيات والتنظيمات الفلسطينية واللبنانية مارست ضغوطاً عدة من أجل ضبط حالة الاعتراض». أدّى ذلك إلى «تليين العديد من تلك الجمعيات موقفها العلني، وخاصة بعدما أصدر عبد الهادي بيانه فباتت لا ترى في المشروع أي خطوة تطبيعية. أما من كان أصلاً متماهياً مع المشروع، فعزّز موقفه». على الرغم من ذلك، سيُعقد اليوم «اجتماع طارئ لعدد من التنظيمات الفلسطينية من أجل تقويم الموقف، وسنُعلن ذلك» يقول رئيس النادي الفلسطيني في أوستراليا جميل بطشون.

أما في لبنان فسيتقدم عدد من المحامين بإخبار إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية «بجرم اتصال الطبيب جمال ريفي (شقيق الوزير السابق أشرف ريفي) مع العدو ولا سيما أنه صرح وأقرّ بزيارته الأراضي المحتلة». ويضيف المحامون: «دققنا بمشروع روزانا وتأكدنا أنه يحاول بناء نوع من الصداقة بين إسرائيل و جيرانها».

من ملف : الرياض تموّل «بيع فلسطين» الأخبار

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية