4 شهداء في اليوم الأول من العصيان المدني في الخرطوم!

المرصاد نت - متابعات

أعلنت لجنة أطباء السودان عن استشهاد 4 متظاهرين سودانيين برصاص قوات الأمن في مدينة بحري في الخرطوم.ALsoudan2019.6.10

ووقعت مواجهات بين محتجين وقوات الأمن مع بدء العصيان المدنيّ والإضراب الشامل وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع بكثافة سبق ذلك اعتقال عدد من الموظّفين في المصارف والمطارات وشركة الكهرباء وتعرّضهم للتهديد، وفق ما أعلنه تجمّع المهنيين.

وأكدت نقابتا الأطباء والصيادلة السودانيين في بيانين منفصلين أن قوات المجلس العسكري اقتحمت الصندوق القومي للإمدادات الطبية الذي يغذي الصيدليات والمستشفيات بشتى أنواع الأدوية ولا سيما أدوية الأمراض المزمنة.

وناشدت النقابتان في نداء عاجل المنظمات الدولية التدخل في ظل منع المجلس العسكري وصول الدواء إلى المرضى، وإغلاقه عدداً من المستشفيات، محملين المجلس مسؤولية أي روح تزهق جراء هذه الممارسات.

وقتل نحو 20 شخصاً وجرح العشرات في مواجهات قبلية عنيفة في مدينة بورتسودان في ولاية البحر الأحمر.

السودان يدخل العصيان الشامل: «العسكري» يصرّ على المواجهة

إلى ذلك دخل السودان أمس في العصيان المدني الشامل الذي دعا إليه قادة الحراك الشعبي حتى إسقاط العسكر وتسليم السلطة إلى المدنيين فيما يبدو المجلس العسكري مصرّاً على التصعيد، بتجاهل شروط قوى «الحرية والتغيير» للتفاوض في إطار الوساطة الإثيوبية المُرحَّب بها من الطرفين

في ظلّ وساطة إثيوبية تبدو آيلة للانهيار يقودها رئيس الوزراء آبي أحمد منذ يوم الجمعة الماضي لرأب الصدع بين المجلس العسكري وتحالف قوى «إعلان الحرية والتغيير» بعد مجزرة فضّ الاعتصام الإثنين الماضي يُخيّم شللٌ على الحياة العامة في السودان مع بداية أسبوع العمل صباح أمس حيث انطلق أول أيام العصيان المدني الذي دعا إليه قادة الحراك الشعبي لإسقاط المجلس العسكري بتجاوب كبير من المؤسسات العامة والوزارات والقطاعات الحيوية في الدولة، فضلاً عن أغلب مؤسسات القطاع الخاص المصرفية والخدمية.

ومن المُقرّر ألا ينتهي العصيان الشامل إلا بقيام حكومة مدنية وبإذاعة «بيان تسلم السلطة» عبر التلفزيون السوداني وهو ما لا يُبدي «العسكري» استعداده له حتى الآن، بالنظر إلى تجاهله شروط قوى «الحرية والتغيير» للعودة إلى طاولة المفاوضات، ومن بينها الاعتراف بوزر الجريمة وتأليف لجنة تحقيق دولية لبحث ملابساتها، ورفع الحصار وسحب المظاهر العسكرية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وحماية الحريات العامة وحرية الإعلام، ورفع الحظر عن خدمة الإنترنت.ALkhrtum2019.6.10

وبينما أصدر «تجمع المهنيين السودانيين» بياناً بـ«الجدول الثوري الأسبوعي»، لـ«استكمال الإضراب ومواصلة العصيان حتى إسقاط المجلس وميليشيات الجنجويد»، مُتوِّجاً إياه بمواكب في الأحياء والمناطق باسم «مواكب الشهداء» يوم الجمعة المقبل يعمل «العسكري» في عدة اتجاهات على الأرض لإفشال العصيان: أولاً من خلال حملة قمع تلت مجزرة الاعتصام تستهدف متظاهرين يحاولون نصب حواجز في الطرقات، ليرتفع عدد القتلى منذ المجزرة إلى 118 آخرهم أربعة أمس (أحدهم في مدينة الخرطوم بحري وثلاثة في مدينة أم درمان) قتلوا برصاص قوات «الدعم السريع» التي يرأسها نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو المُلقّب بـ«حميدتي» وثانياً بحملة اعتقالات طالت عدداً من الموظفين بسبب مشاركتهم في الإضراب من بينهم موظفون في شركة الكهرباء وبنك السودان ومطار الخرطوم بعدما كان «حميدتي» قد هدّدهم بالطرد من وظائفهم الأسبوع الماضي إضافة إلى حملة اعتقالات طالت قادة العصيان المدني مثل القيادي في قوى «الحرية والتغيير» محمد عصمت أحد قادة الإضراب في بنك السودان عقب اللقاء الذي جمع قادة التحالف المعارض مع الرئيس الإثيوبي مباشرة في الخرطوم والأمين العام لـ«الحركة الشعبية لتحرير السودان – جناح عقار» خميس جلاب والمتحدث باسم الحركة مبارك أردول وثالثاً إغلاق المشافي الحكومية والخاصة بهدف توليد وضع كارثي يقلب الرأي العام ويُمثل تهديداً مباشراً لحياة المرضى والمصابين بينما يحرص قادة الحراك على استثناء بعض الخدمات من العصيان، مثل الكهرباء والمياه وأقسام الطوارئ في المستشفيات إضافة إلى استثناء البقالات الصغيرة والمخابز في الأحياء السكنية.

أما سياسياً فيستمر «العسكري» في محاولة التملص من الجريمة داخلياً وخارجياً: أولاً من خلال الترحيب بالوساطة الإثيوبية وتوجيه دعوة «مختلّة» إلى قوى «الحرية والتغيير» للدخول في مفاوضات كما وصفها رئيس حزب «المؤتمر السوداني» القيادي في قوى «الحرية والتغيير» عمر الدقير في ظلّ «حملة اعتقالات واسعة ضد الناشطين والسياسيين… ومحاولة للقفز على دم الشهداء».

ثانياً عبر السعي لطيّ صفحة جريمة الاعتصام بلجنة تقصّي حقائق ألّفها النائب العام الوليد محمد بحسب ما أعلنت «المفوضية القومية لحقوق الإنسان» (رسمية) لا يثق بها قادة الحراك الذين يطالبون بلجنة تحقيق دولية كما سبق أن أكد نائب رئيس حزب «الأمة»، إبراهيم الأمين، في ظلّ استمرار العسكر في رفض تحمل مسؤولية الهجوم وتبريره في آن واحد تارة بأنه استهدف «بؤرة إجرامية» بجوار مقر الاعتصام قبل أن تتطور الأحداث ويسقط قتلى من المعتصمين، وتارة أخرى بالزعم أن «هناك من ينتحل شخصية أفراد الدعم السريع ويروّع المواطنين»، واتهام قوى «الحرية والتغيير» بالوقوف وراء أولئك العناصر بهدف نسب جرائمهم إلى قوات «حميدتي» لتشويه سمعتها. وبينما لم تَنْطلِ هذه الحجج على المحتجين أعلن المجلس إعفاء مدير دائرة الاستخبارات في «الدعم السريع»، اللواء محمد عبد الله من منصبه وتعيين العميد مضوي حسين خلفاً له من دون ذكر الأسباب.

 ترحيل قادة «الحركة الشعبية»: «مجلس البرهان» يلتف على الضغوط

يراهن «المجلس العسكري» على فشل العصيان الذي يبدو زخمه مستمراً في يومه الثاني فيما تتزايد الضغوط الدولية عليه لضرورة تسليم السلطة إلى المدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين لا سيما قادة «الحركة الشعبية» المنضوية ضمن قوى «الحرية والتغيير». لكن العسكر الذي أفرج عن القادة الثلاثة، التف على الضغوط بإبعادهم إلى جنوب السودان.

تستمر قوى «الحرية والتغيير» في العصيان المدني الشامل لليوم الثاني على التوالي حتى إسقاط «المجلس العسكري» بعد مجزرة فض الاعتصام، في ظل مطالبات العسكر بالتراجع عن الخطوة، من دون إبداء أي استعداد لتسليم السلطة، أو تنفيذ شروط التحالف لاستئناف المفاوضات في إطار الوساطة الإثيوبية. بل إن العسكر يراهن على إفشال العصيان من خلال استخدام القوة ضد المحتجّين وتهديد المضربين بلقمة العيش واعتقال الموظفين وقادة المعارضة وتقليب الرأي العام بإغلاق المستشفيات العامة والخاصة.

في ظل ذلك ينشغل «العسكري» في تثبيت سلطته داخلياً وتبييض سجله الأسود خارجياً لا سيما في ضوء التنديدات الدولية بجريمة قتل أكثر من مئة متظاهر في ساحة الاعتصام وحملة القمع التي تلته، في حين تتصاعد المخاوف من انزلاق البلاد إلى حالة من الفوضى بعد أحداث 3 حزيران/ يونيو، التي لفتت انتباه المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي ـــ اللذين كانا مساهمين في تثبيت سلطة العسكر ـــ إلى خطورة الأوضاع في المرحلة الراهنة.

وبعد أيام من طلب السفير البريطاني لدى الخرطوم عرفان صديق من المجلس الإفراج فوراً عن قادة «الحركة الشعبية لتحرير السودان» وهم المتحدث باسمها مبارك أردول ونائب رئيسها ياسر عرمان والأمين العام إسماعيل خميس جلاب أطلق المجلس سراحهم أمس لكنه أبعدهم مرغمين إلى جنوب السودان بحسب ما أكد عرمان مشيراً إلى أن «السلطات رحّلتنا إلى جوبا بطائرة عسكرية مكبّلي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين».

وينتمي القياديون الثلاثة إلى الحركة التي كانت تقاتل نظام الرئيس المعزول عمر البشير في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، منذ عام 2011. وعقب إطاحة البشير عاد عرمان من المنفى في 26 أيار/مايو الماضي، ليشارك في التفاوض مع العسكر، لكون حركته تشارك في تحالف قوى «الحرية والتغيير». لكن المجلس اعتقله بعد 11 يوماً من وصوله إلى البلد (بعد يومين من مجزرة فض الاعتصام)، وألحق به بعد يومين جلاب وأردول اللذين اعتُقلا من منزليهما في الخرطوم عقب اجتماعهما مع آبي أحمد الذي زار الخرطوم في محاولة للتوسط لإعادة الطرفين الى طاولة التفاوض.

وتبدو خطوة «العسكري» في إطار محاولة تشتيت قادة الحراك، سواء بإبعادهم عن المشهد أم محاولة استمالة بعضهم مستغلّاً تباين المواقف في ما بينهم. كما أن «الحركة الشعبية» تمثل تحدياً لـ«حميدتي» الذي نفذت قواته عمليات الاعتقال بحسب بيان الحركة في ظل سعيه إلى مواجهة الحركات المسلحة التي تمثل خطراً على المجلس في حال انفراط الأوضاع إذ أسندت إليه مهمة حفظ الأمن ومواجهة الاحتجاجات كما في عهد البشير حيث تولى مهام قتال الحركات المسلحة في إقليم دارفور الملتهب عام 2003م حين تمكنت قوات «الدعم السريع» في وقت وجيز من هزيمة الحركات التي تقاتل ضد الخرطوم.

وفي بريطانيا تظاهر مئات الناشطين السودانيين والبريطانيين في لندن تنديداً بممارسات المجلس العسكري الانتقالي ورفع المحتجون الأعلام السودانية ولافتات تطالب بمحاسبة المجلس العسكري وعزله. كما طالب المحتجون دول العالم بالضغط على السعودية والامارات ومصر لوقف دعمها المجلس العسكري.

ومن الفاتيكان دعا البابا فرنسيس إلى السلام والحوار في السودان وقال في عظته الأسبوعية أمام الحشود في ساحة القديس بطرس إن الأنباء الواردة من السودان تثير الألم والمخاوف داعياً إلى الصلاة من أجل من السودانيين حتى ينحسر العنف ويتم السعي للصالح العام عبر الحوار.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية