إيران : الإجراءات النووية تغضب ترامب .. يلعبون بالنار!

المرصاد نت - متابعات

انعكس تجاوز طهران الحدّ المسموح به في الاتفاق النووي لمخزون اليورانيوم المنخفض التخصيب غضباً في تل أبيب وواشنطن. وعلى الرغم من أن العقوبات الأميركية على إيران ولا سيما Irann2019.7.3على تصدير اليورانيوم، هي السبب الرئيس في التطور النووي الأخير فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استنكر الأنباء الواردة من طهران، مُوجهاً جملة رسائل إلى القيادة الإيرانية اللافت بينها مطالبته بأن يوقف الإيرانيون عمليات التخصيب تماماً. وحذّر ترامب إيران قائلاً: «إنهم يعرفون ماذا يفعلون يعرفون بماذا يلعبون وأعتقد أنهم يلعبون بالنار».

وبعد تهديد البيت الأبيض رداً على الخطوة الإيرانية بأن الولايات المتحدة وحلفاءها «لن يسمحوا لإيران أبداً بتطوير سلاح نووي» رأى الرئيس الأميركي أنه «كان من الخطأ في الاتفاق النووي السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم على أي مستوى». وتابع: «علينا إعادة فرض القواعد القديمة لمنع الانتشار النووي التي تمنع إيران من أي تخصيب»، مضيفاً: «يجب على النظام (الإيراني) أن يضع حداً لطموحاته النووية وسلوكه الضار».

وناقش ترامب في اتصال مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون التطور النووي في الملف الإيراني فيما تشاركت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق «القلق» من مضيّ طهران في خطواتها نحو خرق بنود الاتفاق والاقتراب من خطوة زيادة التخصيب. ودعا ماكرون طهران إلى الامتناع عن أي تدبير إضافي من شأنه أن يمسّ بالتزاماتها النووية و«العودة من دون تأخير» عن تجاوز مخزونها من اليورانيوم كاشفاً في الوقت نفسه أنه سيواصل في الأيام المقبلة الإجراءات التي اتخذها «لكي تتقيّد إيران بنحو كامل بالتزاماتها وتواصل الاستفادة من المنافع الاقتصادية للاتفاق». إشارة ماكرون «الإيجابية» إلى إجراءات سيتخذها لتواصل طهران الاستفادة من الاتفاق أتت بالتوازي مع إشارة أوروبية أخرى تمثلت باستبعاد مصدر دبلوماسي أوروبي اللجوء في الوقت الحالي إلى آلية فضّ النزاعات المنصوص عليها في اتفاقية فيينا التي يمكن أن تفضي إلى إعادة العقوبات عبر مجلس الأمن.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر آخر قوله إن الترويكا الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) ستركز على «إعادة طهران إلى التزام الاتفاق وتريد كسب المزيد من الوقت للحوار». لكن من منظور طهران لم يعد ثمة مجال واسع لمثل حوار كهذا إن لم يقدم الأوروبيون على خطوة عملية ملموسة لا تقف عند تفعيل آلية التبادل المالي (إنستكس) بل تتعداه إلى شراء النفط أو فتح خط ائتماني بالحد الأدنى، قبل موعد 7 أيار الجاري وفق ما يردد مختلف المسؤولين الإيرانيين وهو ما يجعل مراهنة ماكرون وشركائه الأوروبيين بلا فرص جدية ولا سيما أن الضغوط الإيرانية عبر هذا الإجراءات هدفها بالأساس إيقاف الأوروبيين عن لعبة شراء الوقت. وفي بيان مشترك عبّرت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وفرنسا عن «القلق البالغ» من إعلان طهران الذي «يثير شكوكاً في ما يتعلق بوسيلة أساسية لمنع الانتشار النووي الأساسية» داعين إيران إلى «التراجع عن هذه الخطوة والامتناع عن أي إجراءات أخرى تقوض الاتفاق النووي». وفيما عبّرت الصين عن أسفها للإجراءات الإيرانية عزت ما يجري إلى الضغوط التي تمارسها واشنطن ضد طهران كمصدر رئيس للتوترات.

حيال التحرك الأوروبي والمواقف الأميركية رأى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي عاد وأكد أن إجراءات بلاده لا تتعارض مع الاتفاق النووي أن التزام بلاده الاتفاق سيتواصل «وفق أسلوب الدول الأوروبية» في إشارة إلى عدم وفاء الدول الأوروبية بتعهداتها وتأكيد للإجراءات النووية. وسخر من اتهام البيت الأبيض لبلاده بانتهاك الاتفاق منذ وقت طويل وقبل الإجراءات الأخيرة معلّقاً في تغريدة: «حقاً؟» وهو اتهام يتناقض مع إفادات أميركية سابقة بينها شهادة مديرة الـ«سي آي إيه» جينا هاسبل في كانون الثاني.

لكن أهمية الاتهام الأميركي تكمن في كونه يعضد مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن وجود «أدلة إضافية على خداع» إيران للمجتمع الدولي ينوي الكشف عنها كما قال أول من أمس. واستغل نتنياهو أمس التطورات ليحتفل بفريق «الموساد» الذي يُزعم أنه استولى على وثائق في طهران تتعلق بالملف النووي كان قد عرضها في نيسان 2018م مانحاً الفريق «جائزة الأمن القومي الإسرائيلي». وكشف أنه ناقش تلك العملية مع ترامب قبل تنفيذها عندما التقاه في «منتدى دافوس» في كانون الثاني 2018. التصعيد الكلامي الإسرائيلي بعد طول صمت خلال التوتر الإيراني الأميركي لم يقف عند هذا الحد بل تعدّاه إلى تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس حول استعداد كيانه للتعامل في سيناريو عسكري مع إيران إلا أنه رأى أن هناك «فرصة» من خلال «الضغوط الاقتصادية الشديدة لمنع الحرب وتحقيق الأهداف دون حرب».

اليورانيوم يجتاز الخط الأحمر: الاتفاق النووي في أيامه الأخيرة

تجاوزت إيران أمس الحدّ المسموح به لها من تخزين اليورانيوم وفق ما ينص عليه الاتفاق النووي. بإعلان رسمي من طهران وتأكيد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تخطى هذا المخزون حاجز الـ300 كلغ. تطور ليس بالمفاجئ على الأقل منذ بداية خطوات إيران الأخيرة نحو التخفف من قيود الاتفاق النووي كنوع من الضغوط المقابلة بوجه الحملة الأميركية ضدها وفي الوقت عينه محاولةً لدفع الأوروبيين نحو تفعيل عوائد الاتفاق الاقتصادية والتجارية. ومنذ 27 حزيران الماضي كان منتظراً أن يتجاوز المخزون الحدّ الأقصى في ظل العقوبات الأميركية على بيع اليورانيوم فيما تبدو طهران تتدرّج في خطواتها في انتظار أن يخرج موقف أوروبي يلبّي مطالبها وهو ما لم يظهر الجمعة الماضي في اجتماع فيينا بين ممثلي الدول الأطراف في الاتفاقية النووية.

ما أعلن عنه أمس وكانت طهران قد حذرت منه مسبقاً في أيار الماضي بمناسبة مرور عام على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي يعدّ أول خطوة في اتجاه خرق صريح للاتفاق وذلك على مسافة أيام فقط (7 تموز الجاري) من انتهاء مهلة الـ60 يوماً التي منحتها إيران لشركاء الاتفاق، خصوصاً الأوروبيين، للوفاء بالتزاماتهم قبل أن تقلّص أكثر التزاماتها النووية. وما بين اجتماع فيينا ومهلة 7 تموز تتضافر المؤشرات على صعوبة انزياح الموقف الأوروبي عن مربع الحذر من تحدّي الولايات المتحدة، على رغم تمسك الأوروبيين بالاتفاق وكثرة الأسباب الأمنية والاقتصادية لاختيارهم الحفاظ عليه. وهو ما يعني في آن واحد أن الضغوط الإيرانية ستتدحرج إلى خروج تام تنهار معه اتفاقية فيينا التاريخية.

لكن المؤشر الإيجابي الوحيد، في ربع الساعة الأخير من هذا السباق هو إعلان الاتحاد الأوروبي تفعيل الترويكا (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) آلية التبادل المالي المستحدثة للالتفاف على العقوبات الأميركية (إنستكس). إلا أن التصريحات الإيرانية تجمع على أن ما قدمه الأوروبيون عقب اجتماع فيينا ليس كافياً لجعل إيران تتراجع عن خطواتها وتمدّد مهلة الـ60 يوماً، طالما أن لا ضمانات بأن يشمل التبادل التجاري النفط، أو بفتح خط ائتمان مالي يجعل تجارة طهران في أوروبا قابلة للحياة.

وأمس أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تراقب برنامج إيران النووي بموجب الاتفاق على لسان متحدث باسمها أن المدير العام للوكالة التابعة للأمم المتحدة، يوكيا أمانو، أبلغ مجلس محافظي الوكالة أنها «تحققت في الأول من حزيران من تجاوز إيران الحد الأقصى المسموح به لإجمالي مخزون اليورانيوم المخصب». بدوره أكد وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن تخزين اليورانيوم تخطّى حدّ الـ300 كلغ من دون أن يوضح، كما الوكالة الدولية تفاصيل أكثر. وذكّر ظريف بأن بلاده ماضية في برنامجها الذي أعلنته مسبقاً في شأن الالتزامات، مشيراً إلى أن إجراءات الأوروبيين عقب اجتماع فيينا (تفعيل «إنستكس») لم تكن كافية وهي لا تعني شيئاً إذا لم تنفذ أوروبا 11 وعداً قطعتها بعد انسحاب واشنطن مضيفاً أنه إذا ما وفى الأوروبيون بهذه الوعود فستعود طهران عن خطواتها. وحذّر من أن الخطوة المقبلة تتعلق بتجاوز نسبة التخصيب المسموح بها أي 3.67 % مشدداً على أن بلاده لا تزال تعمل في إطار المنصوص عليه في الاتفاق النووي عن طريق تنفيذ البند الـ36 منه (يسمح بتعليق الالتزام نظير تخلّف ملحوظ عن الأداء)، وقال: «ينبغي على الأوروبيين الذين يدّعون أن تنفيذ الاتفاق النووي يهمّهم أن يهتمّوا بضمان التنفيذ المدرج في الاتفاق».

وإزاء التطورات في طهران عبّرت المواقف الأوروبية عن «القلق» من الخطوات الإيرانية التي كانت محط تشاور بين شركاء الاتفاق الأوروبيين فيما هددت بريطانيا بالانسحاب من الاتفاق إن انتهكته إيران. وبينما كرر البيت الأبيض موقفه بأن واشنطن ستمنع إيران من حيازة السلاح النووي استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحدث واعداً بالكشف «عن المزيد من الأدلة التي تثبت أن طهران خدعت الأسرة الدولية».

«الموساد»: قرار إيران النووي «ليس عفوياً»

دخل جهاز «الموساد» الإسرائيلي على لسان رئيسه يوسي كوهين على خطّ المواجهة بين إيران والولايات المتحدة فأكد أن إيران تقف وراء الهجمات على ناقلات النفط في الخليج، وعلى أنبوب النفط في العراق وعلى السفارة الأميركية في بغداد. وبغضّ النظر عن حقيقة ما جرى فإن إسرائيل ترى مصلحتها في اتهام طهران بهذه الضربات بهدف تزخيم أجواء التحريض عليها، واستدراج الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة معها. على هذه الخلفية، قال كوهين في كلمة خلال مؤتمر «هرتسيليا» إن هذه الهجمات «تمّت المصادقة عليها من قِبَل القيادة الإيرانية، ونفّذها الحرس الثوري».

كذلك، تناول رئيس «الموساد»، في سياق كلمته، سلسلة عناوين تتصل بالسياسات الإيرانية، والملف النووي الإيراني، والخطة الأميركية لـ«تسوية» القضية الفلسطينية. وفي هذا الإطار لفت إلى أن الجمهورية الإسلامية تضع إسرائيل في «مركز أعدائها، وتطمح إلى تدميرها» مشيراً إلى أن قرار إيران زيادة وتيرة تخصيبها اليورانيوم وتجاوز الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي، ليس عفوياً. وأعرب عن اعتقاده بأن استمرار العمليات العدوانية ضد سوريا وعلى أرضها سيدفع الإيرانيين إلى الاعتقاد بأن «من غير المناسب العمل» هناك، وهو ما يتعارض مع تقديرات كثيرة في تل أبيب مفادها أن الاعتداءات الإسرائيلية لم تنجح في ثني إيران عن خططها لدعم سوريا. وأضاف رئيس «الموساد» أن إسرائيل «لن توافق على التموضع الإيراني في سوريا، أو أن تكون سوريا قاعدة لوجستية لنقل وسائل قتالية لحزب الله في لبنان». ورأى كوهين أن «هناك إمكانات كبيرة لصالح المنطقة كلّها جراء العلاقات المتجدّدة بين إسرائيل وروسيا، وجراء إمكانية إجراء حوار مشترك ومفتوح وبنّاء معها (أي روسيا) بمشاركة الولايات المتحدة وبقيادتها».

وعلى مستوى «التسوية» أشار أن هناك مصالح مشتركة بين إسرائيل ودول عربية مختلفة في التصدي لإيران و«الإرهاب الجهادي» وهو ما يسهم في إنتاج فرصة نادرة لاتفاقية سلام شامل مع دول عربية «ربما تكون الأولى في التاريخ». وكشف كوهين أن «الموساد» أقام وحدة «لعلاج القضايا السياسية، من أجل تحديد فرص السلام». وشرح خلفية تشكيل هذه الوحدة بالقول إن «للموساد دوراً في رصد فرص السلام والدفع بمسارات تحقيقه».

وفي تأكيد متجدد على تعمّق العلاقات بين إسرائيل والعديد من الأنظمة العربية وتحديداً الخليجية بما يتجاوز الحاجة إلى إعلانها، ذكر كوهين أن هناك دولاً في المنطقة «تعترف بإسرائيل، وتقيم معها علاقات تعاون. مع دولتين من هذه الدول فقط يوجد اتفاق سلام، هما مصر والأردن. لكن إلى الدائرة المهمّة للسلام، انضمّت دول أخرى في المنطقة سرّاً ومن خلف الأضواء» مع الإشارة هنا إلى أن من مهمات الموساد الرسمية نسج العلاقات مع الدول التي لا توجد بينها وبين إسرائيل علاقات دبلوماسية.

أما بخصوص الأوضاع في الأراضي الفلسطينية فزعم كوهين أن الاستخبارات الإسرائيلية تعلم بأن إيران «نقلت إلى حماس والجهاد الإسلامي خلال العامين الماضيين 100 مليون دولار لزيادة قدراتهما العسكرية» مضيفاً أن «على حماس أن تختار بين استمرار القتال أو بين التهدئة والتطوير الاقتصادي الذي يحتاج إليه سكان قطاع غزّة الموجودون في ضائقة».

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية