في جلسة محاكمته الأولى.. البشير يكشف عن تلقيه أموالاً من بن سلمان وبن زايد!

المرصاد نت - متابعات

رفعت محكمة في السودان جلسة محاكمة الرئيس المعزول عمر البشير التي انعقدت اليوم الإثنين في معهد العلوم القضائية والقانونية والتي أقرّ فيها بتلقي ملايين الدولارات من السعودية ALbashaiar2019.8.19والامارات، لصرفها خارج الميزانية، تقدر تقريبا بـ91 مليون دولار، بحسب أقواله في محضر التحري.

ووصل البشير إلى مقر المحكمة في ضاحية اركويت شرق الخرطوم وسط حراسة أمنية مشددة حيث أغلقت قوات الشرطة والأمن كل الشوارع المؤدية إليه. ويواجه الرئيس السوداني المعزول تهمة غسل الأموال بعد العثور على مبالغ مالية كبيرة تبلغ أكثر من سبعة ملايين دولار في مقر إقامته داخل قيادة الجيش في إبريل/نيسان الماضي.

وأقرّ البشير خلال محاكمته بصحة الأقوال التي أدلى بها في محضر التحري العميد شرطة أحمد علي والتي تفيد بأنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أرسل له 25 مليون دولار تم صرف جزء منها والمتبقي نحو 7 ملايين دولار وهو المبلغ المضبوط في مقر إقامته.

وأقرّ الرئيس المعزول أيضاً باستلامه 65 مليون دولار من العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز على دفعتين والحصول على شيك بمليون دولار من حاكم الإمارات خليفة بن زايد من دون أن يقدم مستندات بأوجه صرف المبالغ. وبلغت جملة المبالغ التي تلقاها البشير من السعودية والامارات لصرفها خارج الميزانية 91 مليون دولار بحسب أقواله في محضر التحري.

وبدأت المحاكمة بتلاوة الاتهام بشأن وجود 7 ملايين دولار في مقر إقامة البشير واستمرّت أكثر من ساعتين على أن تُستأنف السبت المقبل لمواصلة سماع قضية الاتهام. ووفق مصادر، فإن أكثر من مائة محامٍ حضروا للدفاع عن البشير.

 وفي 11 إبريل/ نيسان 2019م أعلن النائب الأول للبشير ووزير الدفاع عوض بن عوف عزل الرئيس عمر البشير واعتقاله وبدء فترة انتقالية لعامين تتحمل المسؤولية فيها اللجنة الأمنية العليا والجيش إلا أن انتفاضة السودانيين أفضت إلى توقيع اتفاق يضم إعلانين: إعلان سياسي وآخر دستوري يمهدان لتشكيل حكومة انتقالية تدير البلاد لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر إضافة إلى مجلس للسيادة وباقي مكونات الحكم وذلك بعد ماراثون من التفاوض الطويل والشاقّ بدأ منتصف إبريل/ نيسان الماضي.

إلى ذلك أعلنت قوى الحرية والتغيير عن تأجيل إعلان إنشاء المجلس السيادي إثر خلافات لديها حول أسماء المرشحين المدنيين للمجلس. وقد طلبت هذه القوى مهلة للتوافق على أسماء مرشحيها ما أدى بدوره إلى تأجيل حل المجلس العسكري. وكان مقرراً اليوم الاثنين إعلان إنشاء المجلس السيادي بعد تقديم مختلف القوى المشاركة فيه أسماء مرشحيها من المدنيين والعسكريين.

وأتى التوقيع على الاتفاق تتويجاً للثورة السودانية الشعبية التي اندلعت شرارتها في ديسمبر/كانون الأول الماضي ونجحت في الإطاحة بنظام البشير فيما استمر التفاوض بين المجلس العسكري الذي تسلم مقاليد السلطة في البلاد و"قوى الحرية والتغيير" التي قادت الحراك الثوري لأكثر من 3 أشهر.

إرجاء حلّ «العسكري» أولى العثرات: «فرح السودان» لا يكتمل

على رغم ارتفاع أصوات رافضة لأصل الشراكة مع العسكر وأخرى مشككة في جدية التفاهم معهم، تواصلت الاحتفالات في السودان بتوقيع كلّ من المجلس العسكري و«قوى الحرية والتغيير» على الوثيقة الدستورية أول من أمس في حفل حمل عنوان «فرح السودان»، نُظر إليه لدى قطاعات واسعة من الشارع على أنه إيذان بعهد ديمقراطي جديد، يسوده حكم القانون، ويكون فيه الجميع سواسية في الحقوق والواجبات. لكن التفاؤل الكبير بأن يثمر الحراك الشعبي أخيراً تنمية ورخاءً للبلاد، عكّرت صفوه معطيات عديدة على رأسها الغموض الذي لا يزال يلفّ مصير العشرات من المفقودين إبان شهور الحراك وخاصة عقب مجزرة فضّ اعتصام القيادة العامة.

ويُحمّل الشارع مسؤولية سلامة أولئك المفقودين للمجلس العسكري الذي لم يعلن اتخاذ أي إجراءات في اتجاه البحث عنهم. وبمعزل عن المطالب التي لا تزال معلّقة، يرى محلّلون أن الحشود التي خرجت أول من أمس أوصلت رسائل قوية إلى شريكَي الفترة الانتقالية مفادها أن التظاهر للمطالبة بالحقوق أضحى طريقاً خبروا دروبه وأن الوعي بالحقوق الذي تشكل لدى المواطن السوداني بعد «الثورة» يحول بينه وبين «تقديس» الأفراد والكيانات. وفي هذا الإطار يحذر مراقبون «قوى الحرية والتغيير» من تجاهل رغبات الشارع، لأنها ستجد نفسها والحال هذه في موقف العدو الرقم واحد.

وبعيد التوقيع على «الوثيقة الدستورية»، لا يزال الشارع السوداني يعيش حالة من الترقب والحذر في ما يخص شغل المقاعد الخمسة المخصصة للمدنيين في المجلس السيادي، في مقابل حالة من التخبط والإرباك تعيشها «قوى الحرية والتغيير» التي لم تحسم أمر ترشيحاتها بعد. وخرجت أمس قائمة جديدة لمرشحي التحالف المعارض بعد رفض المرشح عن «تجمع المهنيين» محمد التعايشي، واستقالة العضو في التحالف فدوى عبد الرحمن طه على خلفية إبعاد التعايشي. وضمّت القائمة الجديدة كلّاً من عائشة موسى، وصديق تاور، وحسن شيخ إدريس، وطه عثمان إسحق، ومحمد الفكي. كذلك رشحت أنباء عن دفع «الحرية والتغيير» بثلاثة مرشحين مسيحيين لشغل المقعد الـ11 في «السيادي»، أبرزهم الدكتورة أميرة ديمتري، فيما أفادت مصادر مطلعة بترشيح المجلس العسكري شخصيتين مدنيتين لهذا المقعد بهدف التفاوض في شأن اسمَيهما مع التحالف المعارض.

وفي هذا الإطار تسري مخاوف من استحواذ المجلس العسكري على المجلس السيادي تماماً مثلما استحوذ سابقاً على عضوية لجنة التفاوض مع قوى «الحرية والتغيير». ونتيجة لحالة الإرباك التي وسمت المشهد السياسي خلال الساعات الـ24 الأولى بعد التوقيع على «الوثيقة الدستورية»، أرجئ حلّ «العسكري» الذي كان مقرراً يوم أمس (18 آب/ أغسطس) إلى حين اكتمال تشكيل «السيادي» الذي سيترأّسه وفقاً لمصدر عسكري رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان خلال الفترة الأولى الممتدّة على 21 شهراً. ويسود اعتقاد لدى البعض بأن الرتب العليا في الجيش أبدت استسلاماً لـ«العسكري»، ولم تتجرّأ على إبداء رأيها في ترشيحاته لـ«السيادي» في حين يبدي عدد من الناشطين تحفّظهم على كون المرشحين المدنيين أساتذة جامعيين، بينما تقتضي المرحلة من وجهة نظرهم مدنيين يمتازون بالشراسة، لمقارعة المكوّن العسكري.

وفيما حاول قادة الحراك طمأنة الجمهور إلى أن سياسة السودان الخارجية ستكون مبنيّة على المصالح العليا للبلاد بدا واضحاً أن بوصلة السودان كدولة تقع في العمق الأفريقي ستكون نحو أفريقيا بمنظماتها الإقليمية وبدولها التي تتشارك مع خمس منها حدوداً طبيعية. ويرى محللون أن الدول العربية لا سيما منها المحور الخليجي زائداً مصر أدركت جيداً خلال مشاركة ممثليها في حفل التوقيع رفض الشارع لتدخلاتها في شؤون البلاد الداخلية، كما أدركت أن سيطرة العسكر الموالين لها على رئاسة الفترة الأولى من المرحلة الانتقالية لن تضمن لها مصالحها من دون متاعب. ومن هنا يعتقد هؤلاء أن تلك الدول ستعيد ترتيب ملف علاقاتها مع السودان خلال الفترة المقبلة سعياً إلى الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية مع الخرطوم، وأخذاً في الاعتبار أن الأمور لم تعد كما كانت إبان عهد النظام البائد، لناحية وجود حراك شعبي راهناً لا يبدو أنه سيتراجع قبل تحقيق مطالبه.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية