أجواء حرب في شرقي الفرات والقوات الأميركية تنسحب!

المرصاد نت - متابعات

تشهد المناطق الحدودية مع تركيا في شرقي الفرات هدوءاً حذراً تخترقه أصوات الدبابات والآليات العسكرية التركية التي لا تزال تنفذ انتشاراً على الحدود مُتخِذةً وضعيات عسكرية تنبئ بعمل Syriaaaaa2019.10.7هجومي قادم. يجري ذلك في وقت تُسيّر فيه القوات الأميركية عدة دوريات برية وأخرى جوية بين مدينتَي تل أبيض ورأس العين في محاولة لطمأنة حلفائها في «قسد» الذين يخشون هجوماً تركياً وشيكاً ويعدّون لمواجهته. ومع أن جميع المؤشرات تشي بأن العملية العسكرية التركية باتت قريبة، إلا أنها لم تنطلق بعد وسط حديث عن إمكانية تأجيلها إلى حين التفاهم بشكل أكبر على تفاصيلها مع الأميركيين.

وبعد ساعات من تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء السبت بأن قواته أنهت استعداداتها لشنّ «عملية على الأرض ومن الجو (...) ستبدأ في أقرب وقت اليوم أو غداً» في المناطق الواقعة شرقي الفرات سارعت «قسد» إلى الدفع بتعزيزات كبيرة نحو مدينتَي رأس العين وتل أبيض ومحيطهما في ريفَي الحسكة والرقة. وأفادت مصادر ميدانية بأن «قسد دفعت ما يزيد على 3 آلاف مقاتل مع معدّات مختلفة باتجاه مناطق حدودية لمواجهة أيّ هجوم تركي مرتقب هناك».

وأشارت المصادر إلى أن «مدينة أقجة قلعة التركية شهدت تحركات غير معتادة للجيش التركي، مع معلومات عن نصب مرابض مدفعية في المنطقة». وكانت نُشرت في وقت سابق أمس صور جوية لمرابض مدفعية استحدثتها القوات التركية على الحدود تضاف إلى صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر التعزيزات التي يدفع بها الجيش التركي نحو المنطقة. كذلك عمدت «قسد» إلى تحريك أنصارها في شرقي الفرات للاحتجاج على التحركات التركية العسكرية من خلال تنظيم تظاهرة حاشدة أمام نقطة مراقبة أميركية في بلدة تل أرقم في ريف رأس العين بهدف الضغط على الأميركيين لدفعهم إلى الحؤول دون الهجوم التركي.

من جهتها حاولت واشنطن تطمين حلفائها الأكراد عبر تسيير دوريات مكوّنة من سبع عربات «همر» في المنطقة الممتدة بين تل أبيض ورأس العين توازياً مع استمرار تحليق الطائرات الحربية التابعة لـ«التحالف الدولي». وعلى مستوى المواقف حذر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية شون روبرتسون من «أي عملية تركية شمال سوريا ستقوّض المصالح المشتركة بين البلدين». وأكد أن «الجانب الأميركي متمسّك باتفاق المنطقة الآمنة» لافتاً إلى أن «وزير الدفاع الأميركي أخبر نظيره التركي بضرورة التعاون المشترك لجعل الآلية الأمنية تعمل على أرض الواقع، لكونها الطريقة الأفضل للمنطقة». وكان الرئيس التركي رأى أن «الرئيس دونالد ترامب أدرج مسألة انسحاب قوات بلاده من منطقة شرقي نهر الفرات السورية (على أجندته) لكن من هم حوله لم يعملوا إلى الآن بتوصياته».

في غضون ذلك أعلن الناطق باسم ما يسمى «الجيش الوطني» يوسف حمود، في تصريحات إعلامية أن «الجيش الوطني سيشارك إلى جانب تركيا في معركة شرقي الفرات» لافتاً إلى أن «الهجوم بات في مراحل التجهيزات الأخيرة». وحدّد حمود الهدف من المعركة بـ«المحافظة على وحدة سوريا وطرد العناصر الإرهابيين الخارجيين» مضيفاً أن «الهدف الأهم هو إعادة اللاجئين المهجّرين قسراً إلى مناطقهم». ويربط مراقبون بين الاستعجال في الإعلان عن دمج «الجبهة الوطنية للتحرير»، وهي تجمع فصائل من «الجيش الحرّ» في محافظة إدلب مع «الجيش الوطني السوري» الذي تدعمه تركيا والمنتشر في منطقتَي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» بحاجة أنقرة إلى هذه القوات للمشاركة في العملية المرتقبة شرقي الفرات.

وتأتي عملية الدمج تلك كحلقة في سلسلة ترتيبات تعدّها تركيا للمنطقة السورية الشمالية. وفي هذا الإطار، تشير مصادر مطلعة على تطورات الشمال إلى أن هنالك ما يشبه «التوافق» على أن «الجيش الوطني سيخوض معركتين والمعركتان فيهما جزء صوَري، وجزء فعلي»، موضحة أن هاتين المعركتين «ستكونان تحت سقف التفاهمات: أولاً تأمين شريط حدودي آمن شرقي الفرات، وثانياً تنفيذ تفاهمات غربي الفرات من فتح الطرقات وتضييق انتشار هيئة تحرير الشام مرحلياً». وتتابع المصادر أن المهمة الأولى لـ«الجيش الوطني» في شرقي الفرات ستُكلَّف بها «الفيالق: الأول والثاني والثالث وتحديداً الفيلق الثالث المنتشر في منطقة جرابلس وهذه الفيالق قد رفعت جاهزيتها وهي تنتظر الأوامر لبدء العملية».

في المقابل أكد مدير المركز الإعلامي لـ«قسد» مصطفى بالي أن «قواتنا لن تتردّد في تحويل أي هجوم تركي على مناطقنا إلى حرب شاملة». كذلك أعادت «الإدارة الذاتية» التلويح بملف مخيم الهول لعائلات مقاتلي تنظيم «داعش»، ومخاطر الهجوم التركي في هذا الجانب وتأثيره على قدرة «قسد» على ضبط المخيمات لديها، في محاولة لاستدعاء الدعم الدولي لمنع الهجوم التركي. وحذرت «الذاتية»، في تصريح، من أن «أي هجوم تركي سيزعزع الاستقرار وستكون له تبعات خطيرة مع وجود آلاف الدواعش وعوائلهم في سجون الإدارة الذاتية ومخيماتها، ما قد يصعّب السيطرة عليهم في حال تنفيذ تركيا لتهديداتها».Army Turkyia2019.10.7

إلى ذلك أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" أن القوات الأميركية انسحبت من المناطق الحدودية مع تركيا بعدما لم تنفذ تعهداتها وقالت إنها لن تتردد لحظة واحدة في الدفاع عن نفسها في مواجهة العمليات العسكرية التركية. وحذرت "قسد" اليوم الإثنين من أن الهجوم الوشيك الذي تهدد تركيا بشنّه على مناطق سيطرتها سيقوض الجهود التي بذلتها للقضاء على تنظيم داعش.
وقالت إن "أي هجوم تركي سيقوض الجهود الناجحة لهزيمة داعش" وسيسمح "بعودة قادة التنظيم المتوراين في الصحراء".

مواقع كردية لفتت إلى أن القوات الروسية الموجودة في محيط منبج تجتمع مع قوات أميركية في قرية المحسنلي بريف منبج مضيفاً أن "الروس أبلغوا الأميركيين بنيتهم دخول منطقة منبج برفقة الجيش السوري" كما أوضحت المواقع أن الاجتماع تم أمس قبل القرار الأميركي بالانسحاب من نقاط حدودية في ريفي الحسكة والرقة.

بدوره قال مسؤول أميركي لوكالة "رويترز" إن الولايات المتحدة أبلغت قائد قوات سوريا الديمقراطية أن "القوات الأميركية لن تدافع عنها في مواجهة الهجمات التركية في أي مكان". وأضاف المسؤول أن القوات الأميركية أخلت موقعين للمراقبة في تل أبيض ورأس العين في شمال شرق سوريا على الحدود مع تركيا، مؤكداً أن باقي القوات الأميركية في المنطقة لا تزال في مواقعها.

وكان البيت الأبيض قد أعلن أن القوات الأميركية لن تشارك في العملية العسكرية التركية في شمال سوريا وقال في بيان إن أنقرة ستبدأ قريباً عملياتها المخطّط لها منذ فترة طويلة في شمال سوريا وأضاف أن القوات الأميركية في تلك المنطقة لن تتمركز بعد اليوم قرب الحدود التركية.

ورداً على بيان البيت الأبيض قال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن تركيا ستمضي قدماً في عمليّتها شمال سوريا وإن القوات الأميركية لن تدعمها أو تشاركها في ذلك. كالين أكد أن المنطقة الآمنة المزمع إقامتها في شمال سوريا تهدف إلى تطهير الحدود من العناصر الإرهابيين وعودة اللاجئين. هذا وشهدت مدينة رأس العين شمال سوريا على الحدود مع تركيا تظاهرات مندّدةً بتهديدات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشنّ هجوم وشيك على شرقيّ الفرات. وتوجه المتظاهرون إلى القاعدة الأميركية قرب بلدة تلّ أرقم في رسالة رفض للمخططات الأميركيّة والتركيّة في ما يخصّ إقامة منطقة آمنة هناك.

وهاجم المبعوث الأميركي السابق لدى التحالف الدولي بريت ماكغورك إدارة ترامب بسبب قرار الانسحاب من شمال سوريا. وقال إنّ "ترامب قدّم بقراره الانسحاب من شمال سوريا بعد محادثته مع إردوغان هدية قيّمة لروسيا وإيران وداعش". ماكغورك اعتبر أنه هناك "عيب متكرر" في جوهر السياسات الخارجية للولايات المتحدة في جميع المجالات مضيفاً أنّ أهداف ترامب مقترنة بعدم وجود عملية لتقييم الحقائق أو تطوير الخيارات أو أي إعداد للحالات الطارئة. واعتبر أنّ بيان البيت الأبيض اليوم حول سوريا يدل على الافتقار التام لفهم أي شيء يحدث على الأرض.

وفي هذا السياق لفت إلى أنّ الولايات المتحدة لا تحتجز أياً من عناصر داعش بل جميع المحتجزين هم في أيدي قوات قسد. وتابع أنه ليس لدى تركيا أي نية أو رغبة أو قدرة على إدارة 60 ألف محتجز من عناصر داعش في مخيم الهول وقال إنّ الاعتقاد بقدرة تركيا على إدارة محتجزي داعش في مخيم الهول هو مقامرة متهورة بحق أمننا القومي.

وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام "سنتقدم بمشروع قانون مدعوم من الحزبين لفرض عقوبات على تركيا إذا ما غزت سوريا". ولافت إلى أنّ مشروع القانون يدعو إلى تعليق عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي إذا غزت سوريا "ونأمل ألا يُنقض بفيتو رئاسي" على حد تعبير غراهام.

السيناتور الديمقراطي كريس مورفي بدوره اتهم ترامب بأنه غدر بالكرد في ظل غياب سياسة خارجية واضحة ولّدت الأزمات.

من جهتها أعربت وزارة الخارجية الفرنسية عن قلقها من احتمال قيام تركيا بعملية عسكرية شمال شرق سوريا. وقالت "على تركيا تجنب اتخاذ أي خطوات تتعارض مع مصالح التحالف الدولي ضد داعش". وحذّرت من أن أي عمل عسكري أحادي شمال سوريا سيؤدي إلى تدهور الوضع الإنساني وزعزعة الاستقرار في المنطقة.

هذا وحذر الاتحاد الأوروبي من أي عملية تركية ضد قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا وذلك بعد القرار الأمريكي المفاجئ بسحب قوات من المنطقة. وقالت متحدثة في بيان صحفي "في ضوء التصريحات الصادرة عن تركيا والولايات المتحدة بخصوص تطورات الوضع، يمكننا التأكيد على أنه في الوقت الذي نعترف فيه بمخاوف تركيا المشروعة فإن الاتحاد الأوروبي قال منذ البداية إنه لن يتم التوصل إلى وضع مستدام بالوسائل العسكرية".

إلى ذلك أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنّ العملية العسكرية شرقي الفرات قد تبدأ في أي لحظة. وأشار إلى أنّ القوات الأميركية بدأت بالانسحاب من شمال سوريا بعد اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ورأى أنّ المماطلة الأميركية تسببت بتأخير العملية العسكرية شرقي الفرات.

من جهته علّق ترامب على انسحاب القوات الأميركية من شمال سوريا قائلاً إنه "حان الوقت لنا للخروج من هذه الحروب السخيفة التي لا تنتهي" وأضاف أن "الولايات المتحدة ستحارب في المكان الذي يحقق مصالحها وستحارب فقط لتفوز".

الرئيس الأميركي أشار إلى أنه كان من المفترض أن تبقى قواته في سوريا لـ30 يوماً "لكننا بقينا وتورطنا أكثر في المعركة من دون هدف منظور" على حد تعبيره وقال إنه يتوجب على تركيا وأوروبا وسوريا وروسيا وإيران والعراق والكرد تسوية الوضع في شمال سوريا بعد خروج القوات الأميركية.

وفي سياق متصل أفادت مصادر بأنّ القوات الأميركية تخلي مواقع لها في بلدة مبروكة بريف رأس العين الغربي. ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول أميركي أنّ الانسحاب الأميركي من سوريا سيقتصر في بادئ الأمر على الجزء المخصص لإقامة المنطقة الأمنية.

وذكرت أنّ الانسحاب من المنطقة لن يشمل الكثير من القوات بل ربما العشرات فقط. وأعلن البيت الأبيض أن القوات الأميركية لن تشارك في العملية العسكرية التركية في شمال سوريا.

وقال في بيان إن أنقرة ستبدأ قريباً عملياتها المخطط لها منذ فترة طويلة في شمال سوريا، مؤكداً أن واشنطن "لن تدعم ولن تشارك في هذه العملية".

وأضاف بيان البيت الأبيض أن القوات الأميركية لن تبقى على مقربة من هذه المنطقة.

خريطة مناطق العملية العسكرية التركية شمالي سورية

من المرجح أن تبدأ العمليات العسكرية التركية المرتقبة في منطقة شرق الفرات شمالي سورية في المنطقة الممتدة بين مدينة تل أبيض في ريف الرقة ومدينة رأس العين في ريف الحسكة. وذكرت مصادر أن تحديد نقاط بدء العملية يعود إلى غرفة العمليات المشتركة بين تركيا والفصائل المسلحة مرجحة أن تكون البداية في مدينتي تل أبيض ورأس العين نظرا لإخلاء أميركا للقواعد العسكرية هناك.

وبحسب مصادر محلية فإن المنطقة الممتدة بين رأس العين شمال غربي الحسكة وتل أبيض شمال غربي الرقة على الحدود التركية السورية تمتد على طول 105 كيلومترات تقريبا بدءاً من رأس العين شرقا حتى تل أبيض غربا. وبحسب ما أفادت به المصادر فإنه "توجد في تلك المنطقة قاعدتان للجيش الأميركي بالإضافة لقواعد قوات قسد والمعسكرات التابعة لها القاعدة الأميركية الأولى تقع في قرية تل أرقم غربي رأس العين والقاعدة الثانية تقع بالقرب من تل أبيض". ويشار إلى أنه تم إخلاء القاعدتين صباح اليوم.UsaArmy2019.10.6.sy

وتعتبر المدينتان من المدن السورية الهامة نظرا لوقوعهما على الحدود حيث كانتا سابقا مركزا للتجارة والعبور بين الدولتين وفي الجانب التركي المقابل لتل أبيض يوجد معبر أقجة قلعة، وفي الجانب المقابل لرأس العين يوجد معبر جيلان بنار. وهناك العديد من البلدات الهامة على طول الحدود بين المدينتين مثل "العزيزية، مختلة، المبروكة، سلوك" وتوجد مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بينها تقع على ضفاف أنهار وبالقرب من ينابيع رئيسية ما يمنح المنطقة أهمية اقتصادية وغالبية سكان تلك المنطقة الأصليين من العرب بالإضافة إلى التركمان والأكراد.

ولا توجد إحصائيات رسمية لعدد السكان في تلك المنطقة إذ إن مدينة تل أبيض تعرّض سكانها للتهجير نتيجة سيطرة "داعش" على المدينة،ثم سيطرت "قسد" عليها لاحقا. أما مدينة رأس العين فتسيطر عليها مليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تعدّ العمود الفقري لمليشيات "قسد" منذ العام 2012م وتقع رأس العين على مسافة 85 كيلومترا عن مدينة الحسكة و90 كيلومترا عن مدينة القامشلي وذلك يمنحها أهمية استراتيجية إذ من المحتمل أن تكون نقاط انطلاق لعمليات عسكرية أوسع كما وتقع المدينة على منابع نهر الخابور الذي يعد من أهم روافد نهر الفرات في الأراضي السورية.

إلى ذلك قال القيادي في مايسمي بالجيش الوطتي مصطفى سيجري إن "الجيش الوطني سيكون رأس حربة في العمليات العسكرية المرتقبة ضد المليشيات الإرهابية" في منطقة شرق الفرات شمالي سورية.وعدّ سيجري بيان البيت الأبيض الصادر اليوم والانسحاب الأميركي من القواعد في تل أبيض ورأس العين "ضوءاً أخضراً" للعملية العسكرية التركية المرتقبة ضد المليشيات في المنطقة. وأكد أن "الجيش الوطني أنهى كل استعداداته للبدء بالعملية العسكرية ومحاور بدء العملية يعود تحديدها إلى غرفة العمليات المشتركة بين تركيا والجيش الوطني وسوف يتضح ذلك خلال الساعات القادمة".

وفي وقت سابق قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الهجوم الذي تخطط له أنقرة في شمال سورية قد ينطلق في أي وقت. وأضاف في مؤتمر صحافي "هناك عبارة نكررها على الدوام: يمكننا الدخول (إلى سورية) في أي ليلة من دون سابق إنذار. من غير الوارد على الإطلاق بالنسبة إلينا التغاضي لفترة أطول عن التهديدات الصادرة عن هذه المجموعات الإرهابية".

من جهته قال "مركز التنسيق والعمليات العسكرية لقوات سورية الديمقراطية" إن قوات الجيش العربي السوري والقوات الروسية تستعد للدخول إلى مدينة منبج. وأوضح المركز في تغريدة على حسابه الرسمي في "تويتر" أن "النتائج الأولى لانسحاب الولايات المتحدة وفشل اتفاقية آلية الأمن: قوات الجيش العربي زالسوري وقوات روسيا تستعد للتحرك عسكرياً نحو مدينة منبج. قلنا في وقت سابق أن أي هجوم تركي سيكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها".USA Turkyai2019.10.7

ترامب لإردوغان: تفضّل أدخل ولكن!
قبل ساعات من المدّة التي أعلنها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدخول القوات التركية شرق الفرات أراد أن يتحدّث لآخر مرة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو يعرف أنه من دون الموافقة الأميركية لا يمكن للجيش التركي القيام بمثل هذه العملية في منطقة يُرفرِف فيها العَلم الأميركي.
وكان ردّ ترامب واضحاً: تفضّل أدخل ولكن!
هذا الوضوح لم يكن وارداً في بيان الرئاسة التركية بل جاء في بيان البيت الأبيض بمزيدٍ من التفاصيل المهمّة. فقد أبلغ ترامب الرئيس إردوغان عدم اعتراضه على دخول الجيش التركي شرق الفرات، وقال له "أنا لا أعترض ولكن لن أساعدك هناك، وعلى تركيا أن تكون مسؤولة عن وجود داعش في المنطقة".
تهديد جديد مُبطّن من ترامب الذي لم يتحدَّث عن الموقف المُحتَمل لقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية في حال دخول القوات التركية شرق الفرات وانتشارها في المنطقة الآمِنة بعمق 30 كم وعرض 480 كم، ويعيش فيها حوالى مليون من العرب والكرد.
ترامب الذي رفض اللقاء بإردوغان نهاية الشهر الماضي خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة قال "إنه سيلتقي إردوغان في واشنطن الشهر القادم" ولكن من دون تحديد اليوم ما سيعني احتمالات تأجيل أو إلغاء اللقاء وفق التطوّرات اللاحِقة في حال توغّل القوات التركية شرق الفرات.
وقد بدأ الحديث مُبكراً عن السيناريوهات الأميركية التي قد يكون ترامب وضعها لتوريط تركيا شرق الفرات من أجل المزيد من التعقيد في المنطقة ليضرب بذلك العديد من العصافير بحجرٍ إردوغان وجيشه "الإنكشاري العثماني":
1- دخول الجيش التركي إلى المنطقة بموافقة أميركية سيعني عدم خروجه منها ليعرقل ذلك الحل في سوريا.
2- إقامة المنطقة الآمِنة سيعني اعترافاً تركياً بالكيانات الانفصالية جنوب هذه المنطقة.
3- التنسيق والتعاون التركي - الأميركي شرق الفرات سيدعم موقف إردوغان غرب الفرات وبشكلٍ خاص في إدلب حيث التوتّر مع روسيا وإيران.
4- اللقاء المُحتَمل بين ترامب وإردوغان سيكون حاسماً بالنسبة للطرفين فإما أن يتفقا على مُجمل القضايا المُعلّقة وشرق الفرات جزء بسيط منه، أو أن تركيا ستجد نفسها في مستنقعٍ خطير جداً طالما أن قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية مدعومة من أميركا ودول أطلسية أخرى. كما أن السعودية والإمارات ومصر لن تفوّت هذه الفرصة لإزعاج إردوغان وجيشه شرق الفرات وعبر العشائر العربية، هذا إذا تجاهلنا ورقة التهديد الأميركية المُبطّنة أي عناصر داعش وعائلاتهم المُحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية وعددهم ليس أقل من 70 ألف والبعض منهم أتراك.
كل هذه المُعطيات بتفاصيلها المُعقّدة تضع إردوغان أمام قرارات لن يكون سهلاً عليه أن يتّخذها بعد بيان البيت الأبيض الذي يحمل في طيّاته تهديدات أميركية ذكيّة. فدخول الجيش التركي ومعه الآلاف من مُسلّحي المُعارضة السورية لن يكون صعباً، ولكن بقاءه هناك لن يكون سهلاً أبداً في حال فشل لقاء إردوغان بترامب الشهر القادم. فالجميع يعرف أن ترامب لا ولن يقبل "بالغَرام التركي" مع روسيا ويعتبره "خيانة" لعلاقات التحالف الاستراتيجي بين بلاده وبين تركيا، التي دخلت في علاقات "استراتيجية" جديدة مع عدوّه اللدود فلاديمير بوتين.
ويراقب ترامب كل هذه التطوّرات من دون أيّ موقف مُعلَن طالما أنه يتوقّع لإردوغان أن يُعالج أزمة إدلب خلال الأيام القليلة القادمة.
وقد يُفكّر بوتين بدعم إردوغان شرق الفرات، وإذا اعتقد بأن توغّل الجيش التركي شرق الفرات سيضع تركيا أمام مواجهات ساخِنة مع الأميركيين، وهو ما سيُساعد الدولة السورية للقيام بشيء ما في المنطقة عبر علاقاتها الموجودة هناك مع العشائر العربية وأطراف كردية وطنية ترفض "الإنصياغ للتعليمات والأوامر الأميركية"،
وفي جميع الحالات ومهما كان قرار إردوغان خلال الأيام القليلة القادمة فقد بات واضحاً أنه في وضعٍ لا يُحسَد عليه أبداً بعد تهديداته المُتتالية للأميركيين ومَن معهم شرق الفرات. فإما أن يدخل المنطقة قريباً مع بدء انسحاب القوات الأميركية ويتورّط فيها في جميع الحالات، أو يتراجع عن كل مغامراته فوراً.
هذا هو التحدّي الأكبر بالنسبة لإردوغان ويعرف الجميع أنه لا ولن يقبل المُصالحة مع الرئيس السوري بشار الأسد حتى لا يُقال عنه إنه هُزِمَ في سوريا.
كما أنه لا ولن يتخلّى عن نهجه العقائدي في سوريا والمنطقة ليعني ذلك المزيد من التعقيد شرق الفرات وغربه طالما أن إردوغان هو إردوغان الحالي وترامب يريد أن يستفيد منه أو يورّطه بالمزيد في سوريا والعراق ولاحقاً في إيران!

 

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية