المرصاد نت - متابعات
هدأت المنطقة قليلاً في أعقاب إعلان دونالد ترامب عدم نيته الردّ على الردّ الإيراني. لكن ما بات محسوماً أن الهدوء لن يطول كثيراً قبل اكتشاف نتائج الجولة وتداعياتها العميقة، وقبل مشاهدة الارتدادات في كلّ الاتجاهات حين تتوالى الأحداث الأمنية والعسكرية في الإقليم لاسيما في العراق، حيث بدأت هناك الضربات الصاروخية على القواعد الأميركية تصبح مسلسلاً شبه يومي. في واشنطن وصلت رسالة طهران جلية برفض عرض ترامب التفاوض والعودة إلى القواعد غير المعلنة للتعايش مع الاحتلال في العراق منذ 2011، كفاتحة لتفاهمات أوسع، ما حتّم على الأميركيين دراسة خياراتهم في شأن التعامل مع الواقع الجديد عبر اتخاذ خطوات حمائية سريعة في العراق وسوريا، والانكباب على إجراءات للتعامل مع أيّ ضربات لاحقة.
ظهور قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زاده لشرح العملية الانتقامية للحرس بالقصف على قاعدتي «عين الأسد» وأربيل أعطى مزيداً من الدلالات على طبيعة المرحلة المقبلة. بحسب حاجي زاده فإن إيران كانت هيّأت مئات الصواريخ وتوقعت جولة قصف متبادل تمتدّ من 3 إلى 7 أيام بعد ضرب «عين الأسد». لكن الأهم في مؤتمره الصحافي هو صورة الخلفية التي تظهر فيها رايات محور المقاومة من غزة إلى أفغانستان مروراً بالعراق واليمن: «جبهة المقاومة هي التي ستطرد القوات الأميركية من المنطقة» قال حاجي زاده، مؤكداً أن عملية القصف «هي الخطوة الأولى من القصاص الذي سيكون بإخراج القوات الأميركية». وأوضح أن الرد التالي «لن يكون صفعة وإنما خطوة تغيّر وضع المنطقة برمتها» ومن سيتولّاها هي حركات محور المقاومة في الإقليم والتي بعثت برسائل إلى الحرس تأكيداً لاستعدادها المشاركة في الرد.
إعلان الحرس الثوري التزامه بأمر المرشد الإيراني، علي خامنئي إخراج القوات الأميركية من المنطقة، يعني إيذاناً رسمياً وصافرة انطلاق لمعركة استنزاف طويلة الأمد ضدّ الوجود الأميركي. معركة إن تحققت ستعني فشلاً ذريعاً لما عبّر عنه وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر الذي قال إن بلاده «استعادت مستوى من الردع» مع اغتيال سليماني وعملية قصف «الحشد الشعبي» قبل ذلك. إسبر نفسه بدا أمس غير واثق من الاحتفاء بمعادلة الردع هذه، إذ استدرك سريعاً بالقول: «لكنّنا سنرى. المستقبل سيخبرنا». ولم يستبعد هجمات من ما سمّاها «ميليشيات شيعية» سواء كانت تقودها إيران مباشرة أم لا معتبراً أنه سيتعيّن حينها على القوات الأميركية «الردّ بحزم لضمان الحفاظ على هذا المستوى من الردع».
"النواب الاميركي" يصدر قراراً يحد من صلاحية ترامب العسكرية ضد إيران
صوّت مجلس النواب الأميركي برئاسة نانسي بيلوسي، على قرار يحدّ من صلاحية الرئيس الأميركي دونالد ترامب على القيام بعمل عسكري ضد إيران. وفي أول ردّ له وصف البيت الأبيض قرار المجلس بأنه "مضلل ويمكن أن يقوّض سياسة الولايات المتحدة". وأكدت بيلوسي في وقت سابق أن المجلس سيصوّت الخميس على مشروع قرار يستهدف الحدّ من تصرُّفات ترامب بخصوص إيران. وقالت إنه من أجل النهوض بواجب الحفاظ على أمن الأميركيين، سيمضي المجلسُ قدماً في بحث تشريع بشأن سُلطات الحرب لترامب. السيناتوران الجمهوريان راند بول ومايك لي أعلنا دعمهما لمشروع القانون قبل التصويت عليه.
وجاءت نتيجة التصويت بواقع 224 صوتاً مع القرار، مقابل 194 صوتوا ضده.
وفي تعليق لها على خطاب ترامب أمس قالت أوساط "الحزب الديمقراطي" إن الرئيس الأميركي أهدر فرصة إلقاء خطاب كرئيس دولة من طراز رفيع وإن ما لمسته لم يتعدّ فاصلاً إعلانياً يصلح لشبكة "فوكس نيوز"، مشدّدةً على أن "ترامب لم يأتِ على ذكر إحدى أهمّ القضايا وهي خطوةُ الولايات المتحدة المُقبلة ووصفت ادّعاء ترامب أنّ الشعب الايرانيّ قد هتف بالموت لأميركا بعد توقيع الاتفاق النوويّ بالكذبة السمجة".
وفي السياق قال رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب الاميركي جيرولد نادلر إن ترامب "يمثّل تهديداً خطيراً على ديمقراطية الولايات المتحدة وعلى سلامة مواطنيها وأمنهم". نادلر أكد أن ترامب عمل على "تقويض الأمن القوميّ الاميركيّ بشكل مستمر، من خلال التصرُّف بتهوُّر ومن دون أيّ سلطة قانونيّة" وأضاف أنّ الرئيس الأميركيّ اتّخذ إجراءً خطيراً واستفزازياً باغتيال (الفريق قاسم) سليماني واضعاً البلاد على شفا حرب أخرى في الشرق الأوسط. رئيس اللجنة القضائية شدّد على ضرورة أن يفي الكونغرس بواجبه في ضمان امتثال الرئيس للقانون.
إلى ذلك أكد وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين اليوم الجمعة قرار بلاده فرض عقوبات على إيران بعد الهجوم الأخير على القوات الأميركية في قاعدة عين الأسد الجويّة في العراق. منوتشين أوضح أنّ العقوبات تشمل قطاعات الصناعات التحويلية والمنسوجات والتعدين وقطاعات أخرى، بالإضافة إلى "شخصيات إيرانية كبيرة على صلة بالهجوم". كما اعتبر أنّ العقوبات الأميركية "تستهدف قلب أجهزة الأمن الإيراني". وزير الخزانة الأميركي تحدث أيضاً عن تذكيره الأوروبيين بـ"الأثر الذي سيخلفه عدم التزامهم بخطة العمل المشترك حيال إيران".
من ناحيته كشف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن أنّ الولايات المتحدة "تلقت معلومات محددة عن تهديد وشيك من إيران يشمل السفارات الأميركية". بومبيو أشار إلى أنّ بلاده "تستهدف بالعقوبات الجهاز الأمني داخل النظام الإيراني". وقال بومبيو: "هذه العقوبات ستحرّم النظام الإيراني من الموارد التي يستخدمها لسياسته الخارجية المدمّرة"، موضحاً أنّه "لا شك في أنّ إيران كانت تنوي قتل جنود أميركيين في الهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد". كما تحدث بومبيو عن أنّ صاروخاً إيرانياً "على الأرجح أسقط الطائرة الأوكرانية".
قائد "قوة القدس" في حرس الثورة الإيراني العميد إسماعيل قاآني أكد أن بلاده وجهت "صفعة لأكبر قوة مادية في العالم مكمّلة للقرار الذي صوت عليه البرلمان العراقي"، وذلك تعليقاً على أول ردّ إيراني على اغتيال سليماني. واستهدفت قوات حرس الثورة فجر الأربعاء عبر قصف صاروخي قاعدة "عين الأسد" العسكرية، والتي تعتبر من أكبر قواعد الولايات المتحدة في العراق.
وأعلن "التحالف الدولي" تعليق أنشطته العسكرية في العراق للتركيز على حماية القواعد العراقية التي تستضيف أفراده وهي تشمل التدريب مع الشركاء ودعم عملياتهم ضد تنظيم "داعش".
واشنطن لن تستعيد هيبتها
لن ينجح ائتلاف القوى الإقليمية المذعورة من تراجع قوة حاميها الأميركي وهيبته في تصوير وقائع المواجهة الإيرانية - الأميركية في الأيام الماضية على عكس حقيقتها. السردية التي تقدّمها هذه القوى تنطلق من عدم مقتل جنود أميركيين خلال ردّ إيران الصاروخي على اغتيال أحد أبرز قادتها العسكريين الفريق الشهيد قاسم سليماني، لاعتبار هذا الردّ «ضعيفاً» أو حتى «متفقاً عليه» عند بعض المحلّلين الأفذاذ. قرار إيران بالردّ العلني عبر قصف قاعدتين أميركيتين في العراق لا يعني الشيء الكثير برأي أنصار هذه القوى. سؤال بسيط برسم جميع هؤلاء: هل يذكرون الذريعة التي قدّمتها الولايات المتحدة لتبرير شنّها الحرب المروّعة على فيتنام؟
أظهر تقرير لوكالة الأمن الوطني الأميركية تمّ الكشف عنه سنة 2005 أن هذه الذريعة أي قيام زوارق حربية فيتنامية بإطلاق النار على مدمّرتين أميركيتين، كانت مختلقة تماماً، وأن الغاية منها كانت تسهيل تمرير قرار في الكونغرس يمنح الرئيس آنذاك، ليندون جونسون الصلاحيات الكاملة لإعلان الحرب على فيتنام. إذا لم يذكروا فيتنام، فهم على الأقلّ يذكرون غزو العراق عام 2003م وكيف سوّغته إدارة بوش الابن بحجج كاذبة عن امتلاك النظام العراقي أسلحة الدمار الشامل، وعن ارتباطه بـ«القاعدة» وتورّطه في عمليات الحادي عشر من أيلول 2001م ربما لم يسمعوا أيضاً بالذريعة المضحكة التي أوردتها واشنطن لاجتياح جزيرة غرانادا عام 1983م المهم هو أننا حتى ماضٍ قريب، كنا أمام قوة أمبراطورية عاتية تخترع الذرائع والحجج للعدوان على دول وشعوب في أنحاء مختلفة من جنوب الكوكب، لكنها اليوم أصبحت تقبل أن تُقصف قواعدها العسكرية من قِبَل قوة إقليمية متوسّطة كإيران من دون أن تردّ، نتيجة عدم سقوط قتلى في صفوف جنودها. ألا يشكل هذا الأمر ضربة قوية لهيبة الولايات المتحدة وتشجيعاً لقوى دولية أو إقليمية أخرى كروسيا والصين وكوريا الشمالية وفنزويلا على تحدّيها والتجرؤ عليها؟ ألا يمثل أولاً وأساساً تحفيزاً للعراقيين والسوريين والأفغان وغيرهم من الشعوب التي تعاني من الاحتلال أو الهيمنة الأميركية على تصعيد جميع أشكال النضال ضدّهما؟ الأكيد على الأقلّ هو أن نظرة جميع الأطراف المذكورين إلى الولايات المتحدة لن تكون بعد الردّ الإيراني كما كانت قبله.
كيف نجح «حزب الحرب» المحيط بترامب في إقناعه بضرورة اغتيال الفريق الشهيد قاسم سليماني على الرغم من علم أقطابه بخشية الرئيس الأميركي من الإقدام على أيّ خطوة قد تُسبّب حرباً مرتفعة الأكلاف مع إيران تهدّد فرصه في الفوز برئاسة ثانية؟ الفكرة المركزية التي طرحها هؤلاء على ترامب هي ضرورة استعادة الولايات المتحدة لهيبتها بعد أن تعرّضت للاهتزاز نتيجة لسلسلة من العمليات قامت بها إيران أو اتُّهمت بالمسؤولية عنها، كضرب عدد من ناقلات النفط في الخليج أو قصف منشأتَي «أرامكو» في السعودية أو إسقاط طائرة التجسّس المسيّرة الأميركية. لكن شرط استعادة الهيبة لا يتمثّل فقط في توجيه ضربة مؤلمة لإيران بل في ردعها عن المباشرة بردّ عليها يشكل تحدّياً جديداً للولايات المتحدة وتحفيزاً لأطراف محور المقاومة الآخرين على شنّ هجمات ضدها. كان لافتاً بعد عملية الاغتيال، تهديد الرئيس الأميركي لإيران بتوجيه ضربات مدمّرة لها في حال مهاجمتها لأهداف أميركية، لكن طهران لم تتردّد في الردّ، فيما توعّدت فصائل محور المقاومة، بدورها العدو الأميركي بأنها سترفع من مستوى مواجهتها معه.
ترامب مدرك لدقة الموقف الذي يجد نفسه فيه: 11 شهراً تفصله عن الانتخابات الرئاسية وإذا استطاعت قوى المقاومة العراقية تصعيد جميع أشكال النضال الشعبي، السلمي والمسلّح، ضدّ القوات الأميركية التي فقدت المبرّرات الشرعية الشكلية لوجودها، بعد تصويت البرلمان على قرار يدعو إلى انسحابها من بلده فإن مزاج قطاع لا يستهان به من كتلته الانتخابية سينقلب ضده. مشاهد عشرات آلاف العراقيين يتظاهرون يومياً ضدّ السفارة والقواعد الأميركية، وعمليات تنظيمات المقاومة ضدّ جيش الاحتلال كفيلة في فترة قصيرة نسبياً بحمل هذا القطاع، وقطاعات أخرى من الشعب الأميركي معارضة أساساً لترامب على رفع الصوت ضدّ بقاء الجيش في العراق، ودفع خصومه السياسيين إلى استغلال هذا التذمّر ضدّه وتسعيره إلى أقصى الحدود.
الخيارات المتاحة أمام ترامب، في حال رجحان مثل هذا السيناريو هي إما الانسحاب من العراق أو الدخول في حرب مفتوحة مع فصائل المقاومة في داخل هذا البلد، مع احتمال شنّ هجمات أخرى ضدّ إيران بتحريض من «حزب الحرب» الذي سيتهمها بالمسؤولية عن عمليات المقاومة. الخيار الأول هو الخيار الأكثر انسجاماً مع أولويات ترامب الانتخابية وسعيه إلى الاحتفاظ بتأييد قسم معتبَر من ناخبيه. الخيار الثاني يعني الغرق مرة أخرى في نزاع دامٍ ومرتفع الكلفة مع الشعب العراقي وقواه الوطنية والاضطرار بالنتيجة، وتحت النار إلى الخروج المذلّ من بلاد الرافدين. وحتى لو سعت الولايات المتحدة إلى إثارة الفتن والانقسامات الطائفية أو الإثنية في العراق، فإن هذا الأمر لن يمنع استمرار العمليات ضدّ جيشها المحتل. لا خيار أمامها سوى الانسحاب عاجلاً أو آجلاً والأقلّ تكلفة بالنسبة إليها هو طبعاً عاجلاً لكنها في الحالتين، ومع خروجها من العراق، ستكون قد فقدت الكثير من هيبتها على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
المزيد في هذا القسم:
- ثقوب سوداء أم أفول مضطرب؟ المرصاد نت - متابعات تساؤلات عديدة بشأن تحرّك عناصر لداعش أمام مراكز تواجد عسكري أميركي من دون أي ردة فعل أميركية وسط تمايز كبير في المواقف بين واشنطن وباقي ا...
- أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين السعودية وكندا المرصاد نت - متابعات أعلنت السعودية اليوم أنها طلبت من السفير الكندي مغادرة البلاد وقررت استدعاء سفيرها في كندا وتجميد التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة...
- إبن ملك البحرين ينظم إلى تنظيم “داعش” ويدعو والده الى التنحي ومبايعة البغدادي المرصاد نت - متابعات تأكد نبأ انشقاق الأمير “ناصر بن حمد آل خليفة” الابن الرابع لملك البحرين 29 عاماً وقائد الحرس الملكي البحريني وهو موجود منذ فت...
- إسلام أباد تكذّب واشنطن: صحّحوا الخطأ فوراً المرصاد نت - متابعات وُضعت الخارجية الأميركية بموقفٍ محرج اليوم بعد نفي الناطق باسم مكتب الخارجية الباكستانية، محمد فيصل، أن يكون قد تمّ التطرّق الى موضوع الإ...
- بيونغ يانغ: قوتنا النووية قادرة على إحباط أي تهديد المرصاد نت - متابعات في محاولة روسية لتسوية الأمور ديبلوماسياً في الملف الكوري الشمالي النووي أعلنت وزارة الخارجية أن الوزير سيرغي لافروف بحث الوضع في شبه الج...
- واشنطن "تأمر" بالتهدئة مع قطر .. أحصروا المطالب بمكافحة الإرهاب المرصاد نت - متابعات كشفت مصادر دبلوماسية عربية أنّه منذ اليوم الأول لبدء السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين «حصار» قطر برز تمايز بي...
- أميركا وطالبان تستعدّان لتوقيع اتفاق لإنهاء الحرب في أفغانستان! المرصاد نت - متابعات قال مسؤولون من حركة طالبان الأفغانية إن وفداً من الحركة يضم 31 عضواً وصل إلى قطر اليوم السبت للتوقيع على اتفاق لانسحاب القوات الأميركية من...
- شاهد: ما الذي يخشاه الامريكي والفرنسي بعد كارثة مرفأ بيروت المرصاد-متابعات اعتبر الباحث السياسي اللبناني اسد ماجد ان مسارعة الرئيس الفرنسي ايمانوئل ماكرون لزيارة لبنان واعلان تضامنه لم تأت عن عبث وانما تمت بضوء اخضر ام...
- دعوات جريئة وغير مسبوقة للإضراب في السعودية المرصاد نت - متابعات دعا عدد من المواطنيين السعوديين الى إضراب شامل يوم غد الأحد احجاجاً على الوضع الاقتصادي المتردي وسياسة التقشف التي تنتهجها المملكة النفطي...
- أبرز التطورات السياسية والعسكرية في المشهد السوري! المرصاد نت - متابعات استقبل الرئيس بشار الأسد اليوم الإثنين المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية الروسي ...