“ الوطن العربي في “حماية” الاستعمار.. مجدداً!

المرصاد نت - متابعات

يبدو الوطن العربي، في هذه اللحظة، مجموعة من الكانتونات والولايات ـ جمهوريات وممالك وإمارات ـ يرعاها ويحكمها “الاستعمار الجديد” ممثلاً بالعدو الإسرائيلي، مباشرة، او بالنيابة عن Map Arab2020.2.22الولايات المتحدة الاميركية ومعها.

لكأننا في العام 1920م حين جرى تقاسم الوطن العربي بين “الحلفاء” المنتصرين في الحرب العالمية، أي بريطانيا وفرنسا.. وقد “ورثتهما” الولايات المتحدة الأميركية، واضافت إلى البلاد التي كانت خارج المشرق اقطار شبه الجزيرة العربية والخليج: السعودية والإمارات وقطر، فضلاً عن الكويت التي غامر باحتلالها صدام حسين في صيف العام 1990م ثم دفع العراق الثمن عندما “غزته” الولايات المتحدة منشئة تحالفاً عسكرياً قوياً ضم العديد من الاقطار العربية في موقع الشريك ـ الواجهة، قبل أن تحتله بالكامل، وتسلم صدام إلى شيعة العراق ليعدموه في مشهد منفر يبشر بعودة الفتنة إلى ارض الرافدين.

… وها هي جيوش “السلطان” أردوغان تتقدم داخل الأرض السورية حتى ما بعد حلب، “متحالفة” مع بقايا “القاعدة” و”جندالله” وسائر التنظيمات الإرهابية فتفرض على الجيش السوري أن يقاتلها (بالتحالف مع فصائل من القوات الروسية المتواجدة على الأرض السورية) لإعادة تحرير الأرض السورية من “الاحتلال التركي” الجديد.

…وها هو “بطل” الانقلاب في السودان، الجنرال عبد الفتاح البرهان، يطير إلى كينيا في رحلة سرية، ليلتقي فيها رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويعود ليأمر بفتح اجواء السودان امام رحلات الطيران الاسرائيلي (“العال” المتجهة إلى أوروبا وأميركا.. متحديا بذلك قرارات المقاطعة العربية، ومسقطاً مقررات القمة العربية الأولى بعد هزيمة 1967 والتي انعقدت في الخرطوم، واقرت اللاءات الثلاث: “لا صلح، لا مفاوضات، لا اعتراف”.

…حتى في لبنان تحاول الولايات المتحدة الاميركية أن تحول المبنى الجديد لسفارتها في ضاحية عوكر ـ شمال غرب بيروت على مساحة 164 الف متر مربع، وكذلك المطار العسكري في قاعدة حالات إلى “محميتين اميركيتين”.

هذا من دون أن ننسى أن مصر مكبلة بمعاهدات العار التي عقدها الرئيس الراحل انور السادات مع العدو الإسرائيلي في كمب ديفيد تحت الرعاية الأميركية..

..ومن دون أن ننسى أن “جماهيرية القذافي” في ليبيا قد صارت اثراً بعد سنين، وان ارضها مفتوحة الآن لكل من رغب فقدر، يستوي في ذلك العربان (قطر وابو ظبي..) وبعض الوحدات الأميركية وبعض الروس وبعض الجيش المصري (ولو متنكراً) وكل من رغب واستحلى..

اما تونس فتهتز تجربتها العربية في الديمقراطية تحت ضغط الاخوان المسلمين الذين كانوا قاب قوسين من الاستيلاء على السلطة، ثم أنقذها وعي التونسيين وصلابة رئيسها الجديد قيس سعيد المتميز بالوعي وعمق الثقافة بعد تجربته الطويلة في العمل الثقافي في إطار جامعة الدول العربية.

باختصار، ليس من “دولة” عربية مستقلة فعلاً، او يمكنها الادعاء أن قرارها حر، سواء اكان يتصل بالخروج على الارادة الاميركية او ـ وهذا هو لب المسألة ـ يتصل بضرورة العمل لتحرير فلسطين، مثلاً ومواجهة الاحتلال الاسرائيلي..

الخلاصة: دار الزمن بالعرب دورة كاملة فاذا بالاستعمار، جديده والقدين، يعود للهيمنة على بلادهم ومقدراتها جميعاً، واذا العديد من دولهم تتزاحم على الصلح مع العدو الإسرائيلي (هل من الضروري الاشارة إلى أن ثلاثة من سفراء الدول الخليجية كانوا اشد المتحمسين تصفيقاً للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو يعلن عودة الاستعمار إلى بلادهم كافة، وضياع فلسطين بأكملها (مع بعض الأردن) عبر صفقة القرن؟!

من حق ترامب أن يزهو بهذا “الفتح المبين” ومن حق نتنياهو أن يقف معتزاً بهذا النصر المجاني الذي يعطيه فيه من لا يملك اكثر مما يستحق من الأرض العربية..

ملاحظة للتذكير فقط: في الاغوار توجد مدافن العديد من صحابة الرسول محمد بن عبدالله، ممن استشهد في معركة فتح دمشق، من بينهم ابو عبيدة الجراح.

مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ ………… ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ..

قراءة : طلال سلمان - صاحب جريدة "السفير" اللبنانية ورئيس تحريرها منذ آذار 1974 حتى آخر عدد من صدورها بتاريخ 4 كانون الثاني 2917م.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية