المرصاد نت - متابعات
بعد أيام على تبني الخارجية التونسية للبيان السعودي الذي اتهم اليمنيين بمحاولة استهداف منطقة مكة بصاروخ بالتسي وبالتالي اتخاذ موقف غير محق إلى جانب العدوان السعودي على اليمن
بدا أنّ السلطات التونسية قد ذهبت بعيداً أمس بإقالتها وزير الشؤون الدينية عبد الجليل بن سالم غداة اتهامه علنا المدرسة الدينية الوهابية بأنها سبب الإرهاب.
وذكر بيان صادر عن الحكومة التونسية أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد عزل وزير الشؤون الدينية «لعدم احترامه ضوابط العمل الحكومي وتصريحاته التي مست بمبادئ وثوابت الدبلوماسية التونسية».
وجاءت الإقالة غداة إعلان بن سالم أنّ المدرسة الدينية الحنبلية الوهابية هي سبب التكفير والإرهاب في العالم الاسلامي اليوم وقال خلال جلسة لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية، «قلت هذا للسعوديين قلت لسفيرهم بكل جرأة وقلت للأمين العام (لمجلس) وزراء الداخلية العرب (مقره بتونس) وهو سعودي قلت لهم: أصلحوا مدرستكم فالإرهاب تاريخيا متخرّج منكم». وتابع: «أقول لكم كعالم ومفكر إنّ التكفير لم يصدر عن أي مدرسة أخرى من مدارس الإسلام، لم يصدر التكفير والتشدد إلا من المدرسة الحنبلية ومن المدرسة الوهابية، فأصلحوا عقولكم».
النهضة: العلاقة بالسعودية مسألة أمن قومي ولا يجوز التسامح بها
وصحيح أنها المرة الأولى التي ينتقد فيها مسؤول تونسي علانية الفكر الوهابي لكن من المعروف أنّ هناك قناعة في تونس بصورة خاصة أنّ الوهابية مثّلت دافعاً أساسياً لتوسع الإرهاب وأنّ جنسيات الارهابيين في غالبها من السعوديين فضلاً عن أنّ هذه البلاد شهدت منذ 2011 «حملة خليجية وهابية» جرى خلالها تأسيس جمعيات دينية «تسابقت في استقدام الدعاة الوهابيين من السعودية ومصر وقطر وغيرها».
وبينما رأى رئيس الكتلة البرلمانية لـ»النهضة» النائب نور الدين البحيري أنّ عزل بن سالم «ضروري» لأن العلاقات بين تونس والسعودية «مسألة أمن قومي ولا يجوز التسامح مع كل من يمس بها» فمن الجدير ذكره أنّ شخصية مثل عبد الفتاح مورو (أحد مؤسسي الحركة وهو نائب رئيس البرلمان عن النهضة) كان قد ذكر أنّ الوهابية تمثّل الأساس الفكري لـ»داعش» وأن السعودية هي «المصدّر» الرئيسي للتنظيم وأضاف أن «علماء السعودية جامدون فكرياً، ولا يمكن أن أتوافق معهم».
وإذا كان لحركة «النهضة» حساباتها التي تقضي بالوقوف إلى جانب السعودية ومحاولة إبعاد الرئيس الباجي قائد السبسي عن دولة الإمارات (خصم النهضة) فإنّ مهادنة الرياض إلى حدود مخيفة لم ينسحب على تصريح رئيس كتلة «النهضة» البرلمانية وحده. شخصية مثل وزير الزراعة سمير بالطيّب، الذي يعدُّ أحد رموز «اليسار» في تونس وأحد أشد المهاجمين لقطر والسعودية ولسياسات دول الخليج عامة حين كان خارج الحكومة، يبدو أنه لم يعد بإمكانه إصدار أي تصريح يهاجم فيه سياسة دول خليجية منذ دخوله إلى حكومة يوسف الشاهد. وهي الحكومة التي أتت بعد حكومة الحبيب الصيد التي انضمت بدورها إلى «التحالف الإسلامي ضد الإرهاب» وساندت السعودية حين تبنى اجتماع وزراء الخارجية العرب في العاصمة التونسية تصنيف حزب الله اللبناني «منظمة إرهابية»، قبل أن تضطر السلطات تحت ضغط الشارع إلى سحب الموقف في العلن.
وفي محاولة لفهم خطوة الحكومة التونسية رأى الكاتب والمحلل التونسي المقيم في سويسرا رياض الصيداوي، في حديث إلى «فرانس برس» أن «الحكومة التونسية في أزمة وضائقة مالية كبيرة جداً وتحتاج الى كل دولار يأتيها من أي بلد، والسعودية لديها استثمارات في تونس ووعدت باستثمارات أخرى، وبالتالي لا تريد الحكومة التونسية إغضابها حتى لا تفقد هذه المساعدات».
وفي سياق ردود الفعل قال المفكر التونسي يوسف الصديق في حديث صحافي: «لا يكفي مشاركة تونس في المهزلة المأساوية المتمثلة في وقوفها ودعمها لحرب السعودية ضدّ اليمن وهو ما يعدّ وصمة عار في تاريخنا بل زد على ذلك اتخاذ هذه القرارات غير المقبولة». وتابع بأنه «عوض الاعتزاز بتصريحات الوزير السابق عبد الجليل بن سالم اتجهنا إلى إقالته ومعاقبته على كلمة الحق والخير التي أدلى بها والنصيحة التي وجهها للسعودية». واشار الى أنّ «كل ما قام به وزير الشؤون الدينية هو تجديد رفض تونس لمذهب الوهابية الذي نددت به مشايخنا منذ القرن التاسع عشر».
مجدي الورفلي
المزيد في هذا القسم:
- الإسلام السياسي ومحاولة التحكم في مفاصل الدولة الليبية المرصاد نت - طرابلس البرلمان المنتخب شعبيا حاربه الإسلام السياسي منذ نشأته واضطره الى عقد جلساته خارج العاصمة حيث استولوا عليها بقوة السلاح وتم حرق الأملاك...
- 2018: سنة اللاعبين الخمسة المرصاد نت - متابعات في عالم العرب أكثر من عشرين «دولة»، ليس بينها دولة واحدة متماسكة، فهي متعثّرة أو متهدّمة أو متفككة. بلاد العرب ساحات يتبار...
- رؤساء أركان تركيا وروسيا والولايات المتحدة يبحثون الأزمة السورية المرصاد نت - متابعات أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن رئيس هيئة الأركان العامة الروسية فاليري غيراسيموف سيبحث اليوم مع نظيريه التركي خلوسي أكار والأميركي جوزيف د...
- تحذير دولي من «حروب التجارة»: ترامب وشي إلى لقاء قريباً؟ المرصاد نت - متابعات حذّرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الدول من الانخراط في حروب التجارة والعملات التي تلحق الضرر بالنمو العالمي وتعرض أطراف...
- البحرين... مملكة ينخرها التمييز العنصري المرصاد نت - متابعات تتعدّد أشكال التمييز العنصري وأنماطه وتتفاوت نسبته من بلد إلى آخر. ولا تشكّل نسبته الضئيلة في بعض البلدان دليلاً على عدم وجوده. ذلك أن...
- «حجّ» إقليمي ودولي إلى العراق: الاقتصاد يتصدّر أجندة الزوّار ! المرصاد نت - متابعات لا تزال الزيارات الأخيرة لكلّ من وزراء الخارجية الأميركي مايك بومبيو والإيراني محمد جواد ظريف والفرنسي جان إيف لودريان إضافة إلى الملك ال...
- العموم البريطاني يصوّت على بدء إجراءات «بريكست» المرصاد نت - متابعات يجتاز الانفصال بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي اليوم مرحلة حاسمة مع تصويت مرتقب للنواب البريطانيين يفترض أن يسمح لرئيسة الحكومة تير...
- حلب .. معركة الحلفاء بثلاث جبهات على نار روسية إيرانية هادئة المرصاد نت - متابعات الهدنة صارت في مهب الريح، وأمرٌ ما يتحضّر في حلب وريفها. معركة كبرى تُطبخ على نار هادئة ستؤثر نتائجها في مسار المفاوضات الطويلة و...
- حرب تموز 2006 م … انقلاب موازين القوى ! المرصاد نت - محمد منصور بعد ثلاثة عشر عاماً من انتهاء حرب تموز/يوليو 2006م لا يخفى على كل متابع للشأن الإقليمي في الشرق الأوسط انعكاس صمود وانتصار المقاومة الل...
- نعي أطلسي لمسارَي «سوتشي» و«أستانا» في مجلس الأمن! المرصاد نت - متابعات تعيش خطوط التماس في شمال غربي سوريا هدوءاً نسبياً قياساً لما شهده الأسبوعان الفائتان، في حين ارتفعت حرارة التصريحات والمناكفات الدبلوماسي...