المرصاد نت - رآي اليوم
انقلاب متسارع في الموقف التركي في الملف السوري والإقليمي بعد اغتيال السفير الروسي..
اقصاء العرب من لقاء موسكو الثلاثي نهاية مرحلة وبداية أخرى.. وخريطة طريق المتشددين الإسلاميين.. وتدمر وادلب بعد حلب الرسالة التي ارادت الجهات التي تقف خلف عملية اغتيال اندريه كارلوف سفير روسيا في انقرة، ذات شقين: الأول امني، اما الثاني فهو سياسي وهما على درجة كبيرة من الأهمية.
اذا بدأنا بالشق الأمني فيمكن القول ان الهدف كان الإيحاء للاتراك ولدول العالم بان تركيا لم تعد بلدا آمنا لاي انسان كبيرا كان ام صغيرا فاذا كان سفير روسيا الدولة العظمى يمكن الوصول اليه وقتله على يد رجل امن فانه يمكن الوصول الى أي شخص آخر دون معاناة وهذا ما يفسر اقدام كل من ايران وروسيا على اغلاق قنصلياتهما في جميع انحاء تركيا، بينما قلصت بعض الدول الاوروبية عدد العاملين في سفاراتها، وشددت الإجراءات الأمنية حولها.
اما فيما يتعلق بالشق السياسي فقد كان واضحا ان هدف عملية الاغتيال هذه تخريب العلاقات التركية الروسية، والتقارب المتزايد بين البلدين بعد المصالحة بين زعيميهما رجب طيب اردوغان وفلاديمير بوتين، وما حصل هو العكس تماما، فقد انعقد اللقاء الثلاثي بين وزراء خارجية روسيا وايران وتركيا في موعده في موسكو بالتوازي مع اجتماع آخر لوزراء الدفاع، وخرج المجتمعون بإتفاق حول “خريطة الطريق” تحدد كيفية التعاطي مع الازمة السورية، وإيجاد حل سياسي لها.
كان لافتا غياب أي حضور عربي لهذا الاجتماع، خاصة اللاعبين الاساسيين في الملف السوري طوال السنوات الست الماضية، ونحن نتحدث هنا عن المملكة العربية السعودية ودولة قطر على وجه الخصوص، ويظل السؤال الملح حول عملية الاقصاء هذه لدول ضخت مليارات الدولارات، وعشرات الآلاف من أطنان الأسلحة للمعارضة السورية على مدى ست سنوات يبحث عن إجابة ربما نتعرف عليها، او ملامحها، في الفترة المقبلة.
البيان المشترك عن الاجتماع الثلاثي، وكشف عن مضمونه سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي في مؤتمر صحافي عقده في ختام الاجتماع شكل تحولا رئيسيا في الازمة السورية يتمثل في اتفاق الدول المشاركة على إعطاء أولوية قصوى لمحاربة الإرهاب، وليس الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، واستعدادها، أي الدول الثلاث، للمساعدة في التوصل لاتفاق بين الحكومة السورية والمعارضة، وتوفير الضمانات لتطبيقه.
هذا الكلام يعني ان تركيا على وشك الخروج من المعسكر الأميركي ان لم تكن خرجت بالفعل، وباتت على قناعة راسخة بأن وجودها الحقيقي يجب ان يكون في المعسكر الروسي الإيراني، وربما السوري لاحقا حتى ان صحيفة “يني” التركية المقربة من الرئيس اردوغان، حملت الولايات المتحدة الامريكية مسؤولية الهجمات الإرهابية التي تستهدف العمق التركي، وتقف خلف عملية اغتيال السفير الروسي خلفها، وخلف منفذيها لزعزعة امن تركيا واستقرارها.
الحل القادم للازمة السورية سيكون برعاية روسية إيرانية تركية، وكل الصيغ والمظلات السياسية السابقة مثل مفاوضات جنيف وفيينا انقرضت، وتحولت الى تاريخ، او هكذا نستشف من تصريحات الوزير لافروف.
فما بعد حلب هو غير ما قبلها تماما، فـ”المنتصرون” هم الذين سيحاولون فرض اجنداتهم، واجندة روسيا ابرز “المنتصرين” هي اجتثاث الجماعات الإسلامية المتشددة، وخاصة “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة”، ولا نستبعد ان تكون المعركة الكبرى القادمة في مدينة تدمر التي استعادت السيطرة عليها “الدولة الإسلامية” في ذروة انشغال قوات الجيش السوري وحليفها الروسي في معركة حلب، ثم تأتي بعد ذلك معركة ادلب الكبرى، حيث نجحت الاستراتيجية الروسية في تجميع الجماعات والفصائل الإسلامية المتشددة فيها.
اغتيال السفير الروسي في انقرة وفر الذريعة للقيادة الروسية للبطش بهذه الفصائل والجماعات، وعدم تقديم أي تنازلات لها، وهذا لا يعني انها تبحث عن هذه الذريعة، او انها كانت اكثر رحمة في التعاطي معها قبل عميلة الاغتيال هذه.
روسيا استعادت مكانتها كدولة عظمى في الشرق الأوسط، وباتت اللاعب الرئيسي القوي، وهذا ما ادركته تركيا الرئيس اردوغان وقررت على ضوء ذلك الالتحاق بالقطار الروسي، وفي العربة الإيرانية نفسها، ولذلك لا نستبعد اقتراب تركيا تدريجيا من الحكومة السورية، ووجهة نظرها للتسوية السياسية، أي إقامة حكومة وحدة وطنية سورية تضم بعض وجوه المعارضة.
بيان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي تعهد فيه “بمحو” تنظيم “الدولة” وارهابيين إسلاميين آخرين من الكرة الأرضية يصب في خانة المخطط الروسي الجديد أيضا، وضوء اخضر من صديق بوتين الأمريكي لتنفيذه وبطريقة اكثر صرامة.
معركة حلب والنهاية التي انتهت عليها، باستعادة الجيش السوري لها وخروج المسلحين منها في الباصات الخضراء، كانت نقطة تحول رئيسية ليس في سوريا فحسب، وانما في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، والعام الجديد سيكون حافلا بالمفاجآت السارة للبعض وغير السارة للبعض الآخر، كل حسب الخندق الذي يقف فيه.
المزيد في هذا القسم:
- أول تعليق من ترامب بعد إعادة حسابه على تويتر المرصاد-متابعات قال دونالد ترامب، إنه "لا يرى أي سبب" للعودة إلى تويتر، بعد إعلان إيلون ماسك المالك الجديد للشركة رفع الحظر عن الرئيس الأميركي السابق. وأعلن إ...
- اليوم التالي للعقوبات: واشنطن تحشد وطهران بصدد ترميم العلاقات مع الرياض المرصاد نت - متابعات لم يُحدث دخول أول دفعة من العقوبات الأميركية ضد إيران حيّز التنفيذ تأثيراً واضحاً حتى الآن بأسواق إيران واقتصادها غير ما بدأ ينعكس...
- حنين بريطانيا الى ارثها الاستعماري وعدم الوعي بالمتغيرات المرصاد نت - متابعات أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الأربعاء 7 ديسمبر/ كانون الأول أن إيران تشكل خطرا واضحا على منطقة الخليج ولا بد من التصدي لها ع...
- الميدان يقود مسار التسويات: «جيب الغوطة» ثلاثة أقسام المرصاد نت - متابعات انتهت مرحلة من العمليات العسكرية للجيش السوري في غوطة دمشق الشرقية محققة عزل الفصائل المسلحة المتباينة التبعية على الأرض وذلك لدفعها ــ ب...
- «11 أيلول السعودي» أميركياً: كيف السبيل للخروج من التخبّط؟ المرصاد نت - متابعات بعد الهجمات الأخيرة التي طاولت المنشآت النفطية السعودية مارس الرئيس الأميركي، دونالد ترامب الدور الذي يضطلع به دائماً أي «التحمية» للقيام...
- ثورة ابن سلمان: ديناميكيات التفكّك في السعودية المرصاد نت - متابعات ما يقوم به الحاكم الفعلي في المملكة السعودية محمد بن سلمان لا يتطلب جهداً ذهنياً كبيراً؛ فعملية التفتيت الممنهجة لركائز الحكم لا تؤسّس لد...
- المخابرات الامريكية تقيل رؤساء امريكا الجنوبية وتعين عملاءها المرصاد نت - متابعات منذ ايام تمكنت المخابرات الامريكية من تدبير انقلاب ضد رئيسة البرازيل حيث استطاعت المخابرات الامريكية ترشيح عملائها في مجلس النواب الب...
- الرياض: مسلسل الاعتقالات متواصل والأمم المتحدة تدعو إلى إطلاق سراح المعتقلين المرصاد نت - متابعات لا مكان للمعارضة في السعودية. تلك هي خلاصة الإفادة الجديدة للأمم المتحدة حول مسلسل الاعتقالات المتواصل في المملكة. مسلسل استهدفت آخر حلقا...
- الإمارات.. فوضى وتطبيع وتجسس على المعلم الأميركي! المرصاد نت - متابعات يمكن القول انه منذ اكثر من عشر سنوات بدات تتغير ملامح الدول القيادية على الساحة العربية بعد الاحتلال الأميركي للعراق والحرب على سوريا وغي...
- كاراكاس تبدأ بالمُحاسبة: اعتقال نائب خوان غوايدو ! المرصاد نت - متابعات في أول خطوة من نوعها في سياق محاسبة الضالعين في الانقلاب الفاشل الذي نفذته المعارضة المدعومة أميركياً قبل حوالى عشرة أيام اعتقلت الاستخبا...