المرصاد نت - متابعات
جدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظرته الاقتصاديّة تجاه السعوديّة الموقف الأمريكي الجديد الذي أعاد ترامب ترديده في مقابلة خاصة مع وكالة "رويترز"
يأتي بعد ساعات على الإعلان عن زيارة مرتقبة من ترامب إلى السعوديّة ناسفاً بذلك الكثير من التكهنات حول الزيارة الأخيرة لولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باعتبار أن كثيرين وجدوا فيها فاتحة خير لعلاقة أمريكية سعودية تلفظ غبار سنين الجمود السابقة.
ترامب قالها صراحة ودون أيّ مواربة واشنطن تخسر أموالاً هائلة للدفاع عن السعودية والأخيرة "لا تعامل الولايات المتحدة بعدالة" أيّ أنّه لم يغيّر من نظرته الاقتصاديّة التي اختصرها بـ"البقرة الحلوب" إبان حملته الانتخابيّة تلك البقرة التي طالب بذبحها عندما يجفّ حليبها.
بذلك يكون الرئيس الأمريكي قد أعاد ترتيب الأوراق السياسيّة المتعلّقة بالسعوديّة والتي أخطأ البعض في فهمها مجدّداً نظرته الاقتصاديّة بشكل عام وللسعوديّة على وجه الخصوص.
لا يمكن حصر كلام ترامب بالأحداث السابقة، لاسيّما بعد مرور أكثر من 100 يوم على وجوده في البيت الأبيض وبالتالي إن كلام الرئيس الأمريكي بعد جملة من المستجدات يجمل جملة من الرسائل أبرزها:
أوّلاً: إن التململ الأمريكي في الموقف تجاه السعوديّة يؤكد الدبلوماسيّة الاقتصادية التي تتخذ منحى تصاعدياً باستمرار من قبل واشنطن تجاه الرياض هذا اللون الرمادي يحمل قابليّة التحوّل إلى اللون الأبيض في حال دفعت السعودية المليارات لواشنطن واللون الأسود في حال تمنّعت السعوديّة عن الرضوخ للقرار الأمريكي.
ثانياً: في كلتا الحالتين فإن الشعب السعودي هو الذي سيتحمّل أعباء هذا "النصب" الأمريكي إلا أن النظام السعودي الذي جعل نفسه رهينة الموقف الأمريكي يتحمّل السبب في ذلك. هناك مؤشرات اقتصاديّة صعبة جداً في الداخل السعودي حاول الملك سلمان تزيينها في القرارات الأخيرة إلا أن أيّ التزام سعودي تجاه واشنطن يعني أنّ هذه المليارات سيخسرها الشعب السعودي قبل أي طرف آخر.
ثالثاً: رغم أن نتائج الدبلوماسيّة الاقتصاديّة الأمريكية قد تكون كارثيّة على الشعب الأمريكي إلا أن ما هو أخطر من ذلك يتعلّق بالبراغماتيّة الأمريكية تجاه تفاصيل نظام الحكم في السعودية، أقصد نقل الحكم من سلمان الأب إلى محمد الابن أي أن ترامب قد يتنازل عن الرجل السعودي الأقرب إلى أمريكا محمد بن نايف كما كان والده الأمير نايف بن عبد العزيز، لصالح محمد بن سلمان، إلا أنّ هذا الأمر قد يكلّف الخزينة السعوديّة عشرات وربّما مئات المليارات.
رابعاً: رغم أن ترامب لا زال يتعاطى "بالحسنى" مع السعوديّة ولو بشيئ من التسامح من التعبير إلا أن بلاده تمتلك أوراقاً أخرى قد تستخدمها مع السعوديّة عند الضرورة، سواءً كانت هذه الضرورة تمنّع السعوديين أو "جفّ الحليب" وفق ترامب. الورقة التالية هي ورقة 11 سبتمبر التي تتفاعل أكثر وأكثر في الإدارة والمحاكم الأمريكية، لاسيّما مع ارتفاعها خلال بضعة أشهر بسرعة هائلة من 800 عائلة إلى ما يتجاوز 10 آلاف حالياً بعد إرسال رسائل إليهم تشجعهم على الانضمام إلى صفوف المطالبين حيث تتراوح مبالغ التعويضات المطلوبة بين ربع مليون دولار و25 مليون دولار للشخص الواحد.
خامساً: يرى مراقبون أنّ أمريكا قد جمدت هذا القرار مرحلياً، باعتبار أن السعودية تدفع من نفسها إلا أنّه لا مفرّ من تداعيات هذا القرار الذي سيكلّف الخزينة السعودية مئات مليارات الدولارات، أي أن السعودية ستدفع الجزية جزيتين جزية آنية وجزية لاحقة إلى أجل غير معلوم.
سادساً: لا تنحصر الجزية السعوديّة بالشقّ الاقتصادي بل تسرى على المواقف السياسية. المواقف السياسيّة على مختلف القضايا وبشكل أخصّ فيما يتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة، عبر إجراء مباحثات مع الكيان الإسرائيلي. وبالفعل قد أعلن ترامب خلال المقابلة نفسها مع وكالة "رويترز" أنّ "البيت الأبيض يجري محادثات مع السعوديين و"الإسرائيليين" بشأن زيارات محتملة في النصف الثاني من أيار/مايو المقبل، ولعل هذا الاختيار ليس صدفةً.
يبدو واضحاً أن الرئيس الأمريكي قد نسف كافّة التفسيرات والتحليلات المتعلّقة بطابع العلاقة مع السعوديّة لا ينكر أحد استراتيجية العلاقات الاقتصاديّة والتي انعكست على السياسة، نظراً لنظرية النفط السعودي مقابل الأمن الأمريكي إلا أنّ ما يحصل اليوم ورغم أنّه في الظاهر قد يبدو مريحاً للكثيرين في النظام السعودي إلا أنّه بالتأكيد أخطر بكثير من التوتر الذي أصاب العلاقة خلال فترة إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
في الخلاصة يبدو أنّ النظام السعودي الذي كان يتمتّع ببعض القدرة خلال السنوات السابقة يتجّه نحو الإفلاسين السياسي والاقتصادي على حدّ سواء والسبب في ذلك العقلية السعودية التي وصلت إلى الحكم من ناحية والعقلية الأمريكية المتهوّرة التي كشفت حقيقة العلاقة بين البلدين من ناحية أخرى. وصفها البعض بسياسة العصا والجزية بدل العصا والجزرة.
المزيد في هذا القسم:
- المقاومة تقلب مناخات الإذعان لواشنطن وإسرائيل؟ المرصاد نت - متابعات الغضب الشعبي الصاخب الذي يبشّر باندلاع الانتفاضة في الأراضي المحتلة يظنه كثير من المحبَطين الموشّحين بضيق الأفق أنه موجة عابرة كما تسعى إ...
- مديرة «سي آي إيه» تقدّم إفادتها أمام الكونغرس ! المرصاد نت - متابعات ادلت مديرة وكالة الاستخبارات الأميركية جينا هاسبل بافادتها أمام مجلس الشيوخ الأميركي حول مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلا...
- سياسي أمريكي يقترح محاكمة بايدن وإدارته بتهمة الإبادة الجماعية لسكان دونباس المرصاد-متابعات طالب السياسي الأمريكي عضو الحزب الديمقراطي، جيف يانغ، بمحاكمة الرئيس جو بايدن وإدارته بتهمة قتل المدنيين في دونباس، والإبادة الجماعية للسكان هن...
- فايننشال تايمز: الاستثمار الأجنبي بالصين يتلاشى المرصاد-متابعات بدأت مجموعة من القضايا السياسية والتنظيمية تنزع أحلام العديد من الشركات متعددة الجنسيات التي تعمل في الصين. وظهرت هذه القضايا بسبب السياسات ال...
- السعودية تخسر في سياساتها الخارجية في المنطقة و مصر أولى البوادر المرصاد نت - متابعات يبدو واضحاً أن التوجهات المصرية باتت نتيجة لسياسات الرياض تجاه القاهرة فالعلاقة الإستفزازية التي نسجتها السعودية مع مصر أدت لإبراز مساعٍ ...
- حرب إقليمية على الأبواب؟ المرصاد نت - متابعات «عدوان خطير» على إسرائيل حدث فجر أمس هذا التوصيف أطلقه العدو على عشرات الصواريخ التي استهدفت مواقعه العسكرية في الجولان المحت...
- المجتمع السعودي بين القوانين الإصلاحية والضوابط الأخلاقية ! المرصاد نت - متابعات تعتبر الأخلاق أهم الدعائم والأسس التي يقوم عليها نظام الحياة البشرية ومما لاشك فيه أن المستوى الأخلاقي للأمة مقياس حضارتها وأساس بناء مجت...
- تصفية إرث بوتفليقة: «رموز النظام» داخل السجن ! المرصاد نت - محمد العيد في يوم واحد اعتقلت الأجهزة الأمنية السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق ومستشاره الذي كان يوصف برأس القوى غير الدستورية واللواء بشير طرط...
- مراحلُ متقدمةٌ من تطبيع الإمارات مع العدوالصهيوني: مناوراتٌ ورحلاتُ جوية وتجسس ! المرصاد نت - متابعات رغم غموضها وتكتّم الطرفين حول تفاصيلها إلا أن العلاقات الإماراتية الإسرائيلية عرفت ازدهارا كبيرا خلال السنوات الماضية نتيجة الدور الكبير ...
- خيارات الأردن الصعبة: بين المطرقة السعودية والسندان الإسرائيلي المرصاد نت - متابعات لا يبدو أن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل سيكون آخر مفاجآت الساحة العربية هذه الأيام فالوضع العربي يعيش في إحدى أكثر مراحل عدم استقراره منذ ت...