بن سلمان يكدّس أموال المعتقلين: تجميد 1300 حساب بنكي

المرصاد نت - متابعات

يبدو أن الشهر الجاري لن يصل إلى نهايته إلّا ويكون محمد بن سلمان قد أتمّ خطته في الاستيلاء على أموال من اعتقلهم من أمراء ووزراء ونواب لكن حكومته تريد أن تضمن alolaid2017.11.7«طمأنينة» أجنبية إلى ما يحدث في المملكة من إجراءات «سرقة» لأموال «الفاسدين».


«طمأنينة» بعثت الولايات المتحدة أمس ببعض رسائلها إلى حليفتها من خلال قول المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت إنها تتوقع أن تلاحق السعودية «المسؤولين الفاسدين قضائياً بطريقة عادلة وشفافة» قبل أن يستدرك مسؤول آخر بالقول إن ناورت «أخطأت التعبير» وإن بلاده «لم تتلقَّ تأكيدات من هذا القبيل».

وتتواصل التداعيات الاقتصادية المتسارعة لحملة النظام السعودي الداخلية لليوم الخامس على التوالي؛ فبينما كشفت شبكة «بلومبرغ» الاقتصادية الأميركية أمس أن الأمير الوليد بن طلال فقد جزءاً من ثروته يقدّر بنحو 1.2 مليار دولار خلال 48 ساعة فقط بعد قرار التوقيف الصادر بحقه نقلت وكالة «رويترز» عن مصرفيين ومحامين قولهم إن البنوك السعودية جمّدت أكثر من 1300 حساب مصرفي لأفراد وشركات في المملكة قبل أن تعلن «مؤسسة النقد العربي السعودي» (البنك المركزي) رسمياً تجميد حسابات المتهمين في قضايا «الفساد» بناءً على طلب النائب العام.

وقالت «بلومبرغ» إنه على الرغم من التراجع في القيمة السوقية في أسهم شركات الوليد بن طلال فإن ثروته تسجل 17.8 مليار دولار مؤكدة أن أسهم شركة «المملكة» القابضة المملوكة له أغلقت تعاملات أول من أمس في البورصة السعودية عند أدنى مستوى لها منذ كانون الأول 2011، فيما لا يعرف مصير ما يمتلكه المعتقلون (المحجوزون تحت الإقامة الجبرية) من أموال وشركات وهل ستؤول إلى التأميم الحكومي أم ستنتهي قضايا بعضهم بتسويات. لكن السلطات السعودية أعلنت في وقت متأخر من مساء أمس أنها ستمكّن الشركات التابعة للمتهمين بـ«الفساد» من مواصلة أنشطتها كالمعتاد. وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن ولي العهد، محمد بن سلمان كلّف الوزراء المعنيين بـ«اتخاذ كل ما يلزم لتمكين الشركاء والإدارات التنفيذية في تلك الشركات والمؤسسات من مواصلة أنشطتها الاقتصادية ومشروعاتها ومعاملاتها المالية والإدارية في ضوء أنظمتها ولوائحها الداخلية والمحافظة على حقوق كافة الأطراف ذوي العلاقة».

كذلك من المتوقع أن تزداد أعداد الحسابات المعرضة للإقفال خاصة أن مصدراً مصرفياً نقل عنه أن «البنك المركزي السعودي يوسع منذ يوم الأحد (الماضي) قائمة الحسابات التي يلزم البنوك تجميدها على أساس كل ساعة تقريباً» لكنه لم يذكر أسماء الشركات التي تأثرت بما يسميه النظام «الحملة ضد الفساد» فيما نقل عن مصرفي آخر أن معظم الحسابات المجمّدة هي لأفراد وليس لشركات، وأن السلطات التنظيمية «تسمح للبنوك بمواصلة تمويل الالتزامات الحالية». وأضاف المصدر الثاني: «البنك المركزي اجتمع مع بعض البنوك الأجنبية هذا الأسبوع لطمأنتها إلى أن تجميد الحسابات يستهدف أفراداً، وإن الشركات المرتبطة بأولئك الأشخاص لن تتضرر».

في هذا السياق قال بيان صادر عن وزير الثقافة والإعلام عواد بن صالح العواد عقب جلسة لمجلس الوزراء أمس إن المجلس «ثمّن صدور أمر خادم الحرمين الشريفين بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لحصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام». وأضاف البيان أن «الأمر الملكي سيعزز برامج التنمية الوطنية المستدامة ويكرس المنهج الإصلاحي الذي تتبنّاه حكومة سلمان في اجتثاث الفساد... وكل ذلك سيصبّ في ضمان حقوق الدولة وحماية المال العام».

من جهته قال وزير الطاقة خالد الفالح إن «الفساد وانعدام الشفافية أكبر طارد لفرص جلب الاستثمار» مضيفاً أن تشكيل لجنة رفيعة المستوى لمواجهة قضايا الفساد «جاء لتحقيق أقوى حماية لمسيرة التنمية في المملكة». وتابع الفالح في بيان أمس: «لا يوجد هناك مكان للمفسدين والمتلاعبين بمقدرات الوطن وثروته بل هذا هو وقت كشفهم ومحاسبتهم والضرب على أيديهم»، مشيراً إلى أنه «لا مجال لنجاح مشاريع رؤية 2030 العملاقة إلا بتوفر بيئة نظيفة من الفساد».

إلى ذلك ارتفعت أسعار النفط الخام في تعاملات أمس إلى مستويات قياسية مع تصاعد التوتر بين السعودية وإيران في أعقاب إطلاق صاروخ بالستي من اليمن السبت الماضي على العاصمة الرياض وهو صعود لأعلى مستوى منذ منتصف حزيران 2015 إذ بلغ (الساعة 10:20 تغ) خام القياس العالمي مزيج برنت تسليم كانون الثاني 64.40 دولاراً للبرميل صعوداً من سعر إغلاق الإثنين البالغ 64.27 دولاراً.

الإعلام الغربي: «الاعتقالات» ليست شأننا

الي ذلك وبعدما كانت تتنافس على نشر التحليلات تسعى إلى كشف «خفايا» أبسط الأحداث السياسية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط، خيّمت حالة من الصمت المريب على وسائل الإعلام الغربية والعربية عقب «ليلة الاعتقالات الطويلة» التي طاولت أمراء ووزراء سعوديين في «مملكة ابن سلمان» في السابق كان الإعلام الغربي بخاصة الأميركي والبريطاني يوجّه بوصلة التغطيات الإعلامية العالمية فيبرع في تحديد الأولويات وتأطير الدول والشعوب وتصنيف الأحداث وفق ما يتناسب ووجهة السياسة الأميركية وما تحاول تسويقه للرأي العام في فترة زمنية محددة.
وفيما لا يمكن القول إن هناك تعتيماً إعلامياً على حملة «الجنون» التي أطلقها وليّ العهد محمد بن سلمان في البلد المقرّب جدّاً من الدول الغربية فإنّ التغطية الإعلامية لا تتناسب وحجم الأحداث المتلاحقة ولا سيما أن الجبهة الداخلية السعودية كانت في السابق «هادئة» نسبياً مقارنةً بالبلدان المشتعلة من حولها.
«السطحية» في المقالات المنشورة والشحّ في المعلومات والمعطيات لا يأتي «صدفة» ولا هو نتيجة عجز في اختراق جدار النظام الذي لا يأخذ قراراً دون الرجوع إلى البيت الأبيض. هذا الواقع يبدو عاكساً لقرار متعمد بالتكتّم، تمارسه وسائل الإعلام الرئيسية بالتنسيق مع أصحاب القرار العالمي. وعلى الرغم من الخطوات الدرامية الكبرى وغير المسبوقة في التاريخ السعودي، اكتفت الصحف الغربية في نقل المشهد عن الصحف السعودية، لتتحول فجأة إلى صفحات شبيهة بالحسابات الإخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي التي تغطي الحدث من باب «رفع عتب».
في السياق وضعت الصحف الأميركية والبريطانية حملة الاعتقالات في سياق معركة «التحديث» التي يقودها الزعيم الشاب في المملكة والتي شملت في السابق رجال دين ودعاة ومثقفين وأكاديميين معارضين. وفيما حذّرت هذه الوسائل ومن ضمنها «ذي إندبندنت» و«ذي غارديان» و«نيويورك تايمز» من سعي ولي العهد إلى تشديد قبضته على كل تفاصيل القوّة والسلطة والنفوذ في السعودية، فإنها لم توضح الأسباب المباشرة وغير المباشرة ولم تتساءل عن الدور الذي لعبته العواصم الغربية، ولم تناقش التداعيات الأمنية، داخلياً وخارجياً لمثل هذه القرارت المتسارعة أو حتى «المتهورة»، ولا عن مخاطر سياسة تكميم الأفواه والانقضاض على كل من يعارض «ابن الملك».
قد يقول البعض إنّ السبب هو بكل بساطة حالة «الضياع والغموض» التي تحيط بالمشهد السعودي أو جهل حقيقي بكواليس تلك «الليلة» وما سبقها من أحداث. لكن لعلّ إعادة النظر إلى تاريخ التغطية الإعلامية لهذه الصحف يكشف كم أنّ القرار السياسي ولعبة الاستثمار يدفعان الحدث إلى الصفحة الأولى أو ليكون مغموراً.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية