المرصاد نت
“قلب العروبة النابض” معتل، و”الأهل” لا سيما الأغنياء بالنفط والغاز منهم مشغولون بثروتهم الهائلة من النفط او الغاز (حتى لا ننسى قطر).. أما الفقراء منهم فهمومهم الثقيلة تشغلهم عنها، وان هم تنهدوا بالحسرة ولوم القدر الذي أخذهم بعيداً عن واجبهم القومي.
ولقد عاشت سوريا قلقة ومقلقة بعدما حمل الاستعماران الفرنسي والبريطاني قبل قرن كامل (1920) سكين التقطيع والفرز والضم:
ـ اقتطع البريطانيون بداية شرقي الأردن، وجعلوا النهر، نهر الأردن، حداً، ونصبوا في الإمارة الجديدة المستحدثة الأمير عبدالله إبن الشريف حسين أمير مكة ومطلق الرصاصة الأولى في “الثورة العربية الكبرى” التي أُجهضت في مهدها.
ـ أما الفرنسيون فقد “تصرفوا” بولايات طرابلس ـ الشمال وبيروت والبقاع والجنوب ليلحقوها بمتصرفية جبل لبنان لإقامة “الجمهورية اللبنانية” بحدودها الراهنة.. متجاوزين مشاعر أهلهم بأنهم أقرب إلى سوريا منهم إلى الكيان الجديد.
ـ بالمقابل أقام البريطانيون مملكة في العراق وأعطوا السلطة فيها، تحت وصايتهم، لفيصل النجل الثاني الشريف حسين، وقد نصبوه ملكاً هاشمياً على أرض الرافدين، وحاولوا استرضاء “ثورة العشرين” عبر استغلال النسب الهاشمي، بما يرضي الشيعة والسنة نتيجة الالتباس في طائفة الملك.
ـ ولقد حاول الفرنسيون تقطيع سوريا إلى ثلاث دويلات (أحداهما للعلويين في الساحل، والثانية في حلب، والثالثة في دمشق)، مع محاولة لفصل جبل الدروز وجعله دويلة في الجنوب لكن سلطان باشا الأطرش رفض الفصل، كما رفضه العلويون وأهل الشمال بعنوان حلب.. وهكذا أخضعت سوريا جميعاً للانتداب الفرنسي، وفي العام 1925 ثار السوريون رفضاً للانتداب وكان أبرز قادة تلك الثورة سلطان باشا الأطرش.
ـ لكن سوريا عاشت قلقا دائماً، خصوصاً وان تركيا حاولت اقتطاع كيليكيا واسكندرون ونجحت في ذلك بسبب التواطؤ الدولي مع الأتراك.
ثم أن اقتطاع الأردن في جنوبها كان الانذار الصريح بقرب تنفيذ “وعد بلفور” بإقامة الكيان الإسرائيلي عل أرض فلسطين.
الآن، ومن على مبعدة قرن من الزمان، يمكن الجزم بأن هذا التواطؤ الدولي على تقسيم المشرق العربي دولاً ودويلات عدة انما كان يهدف للتمهيد لإقامة الكيان الإسرائيلي فوق أرض فلسطين.
…ولعل سوريا كانت الأكثر شعوراً بالفقد، ومن ثم القلق.. ولعل هذا بين أسباب أخرى مع أحساس
السوريين بأنهم قد استهدفوا في أرضهم وبالتالي في مصير دولتهم.. فلما وقعت الواقعة واقيمت “دولة إسرائيل” بالغصب والقهر، توالت الانقلابات العسكرية في دمشق، وان كان الانقلاب الأول الذي قاده “المشير” حسني الزعيم قد احتوى سبباً أخر أميركي هذه المرة عنوانه: مد خطوط نقل النفط من السعودية إلى شاطئ البحر الابيض المتوسط في الزهراني، جنوب لبنان، غير بعيد عن صيدا، ليمكن تصديره من بعد إلى مقاصد شركة التابلاين: والمصفاة ما تزال موجودة، ولكنها معطلة مثلها مثل مصفاة شركة نفط العراق (لأسباب مفهومة).
ولقد عاشت سوريا سنوات قلق طويلة حفلت بالانقلابات العسكرية المتوالية (بين 1949 و1958)، وبعدها هربت في عهد الرئيس الراحل شكري القوتلي، الى الوحدة مع مصر جمال عبد الناصر، فأقيمت “الجمهورية العربية المتحدة” التي لم تعمر الا ثلاث سنوات وستة أشهر (من 21 شباط 1956 إلى 28 ايلول 1961)… ذلك ان انقلاباً عسكرياً جديداً وقع في دمشق في 28 ايلول 1961، مما اعاد سوريا إلى دوامة الانقلابات، التي لم تتوقف الا بعد الانقلاب (الأخير) الذي قاده (قائد الطيران آنذاك) الفريق حافظ الاسد.
عاشت سوريا مع الراحل حافظ الأسد مرحلة نهوض شاملة، وأستطاعت أن تلعب دوراً محورياً في الوطن العربي جميعا، وامكنها أن ترسل جيشها إلى لبنان بعد تفجير الحرب الاهلية ـ العربية ـ الدولية فيه، بذريعة الاعتراض على وجود المقاومة الفلسطينية فيه والتي استمرت بين 1976 و1982 حين أقدم العدو الإسرائيلي على اجتياح الأراضي اللبنانية حتى العاصمة بيروت.
.. وفي العام 2005، وبعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري، خرجت القوات السورية من لبنان، ليبدأ عهد جديد برئاسة النجل الثاني للرئيس حافظ الأسد الدكتور بشار الاسد الذي اضطر إلى قطع دراسته للطب والعودة إلى دمشق لتولي الرئاسة، بعد وفاة شقيقه الأكبر باسل في حادث سير..
وها هي تركيا تحاول التمكين لاحتلالها بعض الشمال السوري.. والحرب مفتوحة لإخراج المحتل الجديد ـ القديم!
كتب : طلال سلمان - صاحب جريدة "السفير" اللبنانية ورئيس تحريرها منذ آذار 1974 حتى آخر عدد من صدورها بتاريخ 4 كانون الثاني 2017م .
المزيد في هذا القسم:
- إستقرار حكومة الرياض في عدن ونقل البنك إليها هل تغير إستراتيجية الحرب لدى الطرفين (اليمن و... المرصاد نت عودة حكومة الرياض إلى عدن يفترض أن تكون قد حصرت جبهة الحروب الداخلية بجبهتي عدن وصنعاء في الداخل مقابل توسيعها وتصعيدها في الحدود ! بمعنى آخر ...
- الهوية الإنسانية والتحدي الراهن (١) المرصاد نتكتب : عبدالباسط الحبيشيتتعرض العُملات النقدية لدول العالم اليوم الى عمليات قرصنة ومصادرة تدريجية حتى يتم إلغائها بشكل نهائي وتبديلها بعُملة وهمية، لذا...
- كتب: عادل الشجاع شبيبة يواجه فكر الحوثي الطائفي بفكر الانتقالي المناطقي نحن أمام لحظة مخزية لوزير سلطة الشرعية التي أثبتت هذه الشرعية أنها لا تملك أي مرجعية وطنية وغير ملتزمة بالقضايا الوطنية، فما هو الفرق بين انقلاب الحوثي على الدو...
- كربلاء صنعاء .... ستنتصر ! بقلم : امة الملك الخاشب المرصاد نت في يوم يمني كربلائي حزين حيث وقد أمست صنعاء منذ فاجعة الأمس وهي حزينة تملأها الكآبة ويخيم الحزن على ملامحها تبكي بغير دموع وتجتاحها العبرات ال...
- و القادم أعظم ! بقلم : حميد دلهام المرصاد نت عبارة اعتاد الشعب اليمني أن يرفع صوته بها على إثر اي ضربة قاصمة يوجهها للعدو، لا كبرا ولا زهوا ولا تعاليا، ولكن من باب تجربته الطويلة مع جيران السو...
- نبض الريح ! على أعتاب مرحلة جديدة ! المرصاد نت لكي تتوازن السلطة مع المسؤولية في اتخاذ القرار لابد من إدراك أن أي سلطة تعد في مجملها شخص معنوي وهي الركن المتحرك من أركان الدولة والمحرك لها فإن ك...
- من ذاكرة الاغتيال والاحتيال .. حلفٌ وصالهُ زورا وفصالهُ بهتاناً ! في خضم الثورة الشبابية الشعبية في اليمن التي لم تكتمل فاستحقت بامتياز مع مرتبة الشرف وصف (نصف ثورة) لتنتظم مع جملة عديدة ومتعددة من الأنصاف في حياتنا .. أنصاف أ...
- ولد الشيخ و ذيلهِ الاعوج المائل ! بقلم : الشيخ عبدالمنان السنبلي المرصاد نت لم أكن أتصور يوماً أنني سأكون في موقف ( الكُسَعي ) ندماً على إستقالة المبعوث الأممي السابق (جمال بن عمر) إلا بعد أن رأيت خَلَفه الموريتاني (إسماعيل...
- الحقيقة كما هي بدون رتوش ! بقلم : أ. عدالباسط الحبيشي المرصاد نت - أعتقدنا ان اعادة الوحدة اليمنية هي المخرج والمنقذ لليمن تخلصاً من كل النزاعات بين شطري اليمن وتطبيقاً لمبدأ من مبادئ الثورة اليمنية.- وخلال العمل...
- رباعية العدوان وبحث الفشل العسكري والسياسي في لندن ! بقلم : طالب الحسني المرصاد نت البحث عن الخروج من الفشل في فرض رؤية العدوان للحل السياسي محط التحركات السعودية الاماراتية والامريكية والبريطانية لمحاولة وضع ضغوط جديدة تحمل شعار ...