المرصاد نت
التحرك الجاري حاليا في الكونغرس الامريكي لاصدار قانون يتيح ملاحقة المملكة السعودية على خلفية اتهامها بالمسؤولية عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر،
لا يؤكد انهيار التحالف التاريخي بين البلدين، اي السعودية وامريكا فقط، وانما نقل المملكة من قائمة الاصدقاء الى قائمة الاعداء ولو الى حين، وابتزازها ماليا، وربما سياسيا في مرحلة لاحقة.
ما عزز هذا التوجه الامريكي ذو النزعة الانتقامية، التقرير السنوي للخارجية الامريكية حول حقوق الانسان الذي صدر امس واتهم الحكومة السعودية باختراق حقوق الانسان، والتمييز ضد المرأة، وغياب الشفافية، والقضاء العادل المستقل، وحرية التعبير، والتجمع، وتكوين جمعيات، والاهم من ذلك الحديث صراحة عن تورط امراء ومسؤولين كبار يتمتعون بحصانة من هذه الانتهاكات، او غض النظر عنها.
***
السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، الذي عمل سفيرا في واشنطن، هدد الحكومة الامريكية ببيع ما قيمته 750 مليار دولار من الاصول والاستثمارات السعودية في امريكا، في حال مضى الكونغرس قدما في اصدار هذا القانون، وهذا التهديد قد يزيد الموقف تعقيدا، ويعطي نتائج عكسية على غرار مقالة الامير تركي الفيصل الغاضبة التي رد فيها على مقابلة الرئيس اوباما لمجلة “اتلانتيك”.
الصحف الامريكية تقول بأن هناك 28 صفحة سرية في التقرير الذي صدر عن نتائج تحقيقات لجنة استخبارية مستقلة حول هجمات سبتمبر، اضطلع عليها اعضاء في الكونغرس، وجرى حجبها عن الشعب الامريكي والاعلام، ويقال انها تضمنت معلومات عن تورط السلطات السعودية، او امراء من الاسرة الحاكمة فيها، بشكل مباشر او غير مباشر.
استطلاعات الرأي تؤكد ان غالبية اعضاء الكونغرس تؤيد اصدار القانون، وبما يعطي اهالي ضحايا هذه الهجمات الحق بمقاضاة السلطات السعودية، وطلب تعويضات مالية ضخمة، لكن الرئيس الامريكي يملك الحق في استخدام “الفيتو” ومنعه، وهذا ما يفسر تهديد السيد الجبير للادارة الامريكية ببيع الاصول والسندات المملوكة لبلاده، كوسيلة ضغط.
استصدار مثل هذا التشريع سلاح ذو حدين، لانه قد ينطبق ايضا على الحكومة الامريكية التي ارتكبت مجازر، ودمرت دولا في العالم، مثل العراق وليبيا وفيتنام، تتواضع امامها اعداد ضحايا برجي التجارة العالمي، تحت حجج وذرائع ثبت زيفها، ولكن هناك خبراء يقولون ان الكونغرس واع لهذه المسألة، وقد يحصر تطبيق القانون على الجرائم التي جرى ارتكابها داخل امريكا فقط.
وايا كان الامر، فان الحكومة السعودية تجد نفسها امام تحد كبير قد يؤدي الى خسارتها لمعظم، ان لم يكن استثماراتها في امريكا، سواء من خلال نفقات قانونية باهظة، او على شكل تعويضات لذوي الضحايا، وحتى لو ارادت بيع الاصول التي تملكها فورا، فان عملية البيع ليست سهلة وميسرة بسبب الشروط الامريكية القاسية، وان تمت فبخسارة كبيرة تزيد عن ثلاثين في المئة من قيمتها، ان لم يكن اكثر، حسب تقديرات الخبراء (حوالي 250 مليار دولار).
اللافت ان تحريك هذه التقارير يأتي قبل زيارة الرئيس باراك اوباما الى المملكة السعودية بثلاثة ايام، حيث من المقرر ان يشارك في اجتماع لقادة دول الخليج الست، وان يجري مباحثات ثنائية مع العاهل السعودي.
هذا العداء الامريكي للسعودية الذي بدأ يطل برأسه بعد تحالف استراتيجي استمر لاكثر من ثمانية عقود، وبالتحديد منذ عام 1943 عندما قام الاميران (الملكان لاحقا) فيصل وخالد نجلا الملك عبد العزيز، مؤسس المملكة الى واشنطن ولقائهما بالرئيس الامريكي فرانكلين روزفيلت، والاتفاق على تعاقد استراتيجي يقوم على الحماية مقابل السماح للشركات الامريكية بالتنقيب عن النفط واستغلاله، وجرى التصديق على هذا الاتفاق اثناء القمة التي جرت بين الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس روزفيلت على ظهر المدمرة الامريكية، ويسكنسن في قناة السويس في شباط (فبراير) 1945.
***
من الصعب علينا ان نتكهن بالخطوة الامريكية المقبلة، او طبيعة العلاقة المستقبلية بين الحليفين السابقين، او الثمن الجديد الذي تريده المؤسسة الامريكية الحاكمة من المملكة مقابل تخفيف حدة التوتر، وكل ما نستطيع قوله ان هذه المؤسسة بارعة في اساليب الابتزاز، لا نستيعد ان تكون قررت الاستيلاء على معظم، ان لم يكن كل الارصدة المالية السعودية، وان تعيدها الى بيت الطاعة الامريكي، دون اي شروط، فالتمرد او حتى الاحتجاج ممنوع.
الخناق يضيق على القيادة السعودية من جهات عدة، فهناك حرب في اليمن تدخل عامها الثاني، وهناك اخرى غير مباشرة تتورط فيها في سورية، وثالثة في العراق، وتحشيد عربي واسلامي لمواجهة النفوذ الايراني المتصاعد في المنطقة، فالصحن السعودي طافح بالمشاكل والحروب، ولا مكان فيه لحرب قانونية مع الحليف الامريكي.
المزيد في هذا القسم:
- تأجيل الكويت .. نبض الشارع ! بقلم : علي جاحز المرصاد نت لاقى قرار القوى الوطنية تأخير الذهاب إلى مفاوضات الكويت التي كان يفترض أن تنعقد الإثنين الماضي ارتياحا شعبيا و نخبويا وسياسيا وإعلاميا واسعا ، ل...
- 1000 يوم من الاجرام 1000 يوم من الصمود والانتصارات المرصاد نت لم تكن تتوقع قوى الشر والإجرام والعدوان انها ستتورط في عدوانها على اليمن الى هذا الحد، لأنها عملت على تهيئة البلاد لتقبل هذا العدوان والاستسلام لهي...
- ثلاثة أعوام ونيف من الخيانة المرصاد نت لا توجد قيادات وطنية في العالم تتآمر على قصف شعبها أياً كانت إلا اذا كانت قيادات دخيلة ومُنحطة ومُندسة على هذا الوطن. تآمرت قيادات الأحزاب والجماع...
- من حضرموت الى جيبوتي والبحر الاحمر ! بقلم : زيد الغرسي المرصاد نت بعد فشل العدوان السعودي الامريكي في تحقيق اهدافه خلال عام من العدوان على اليمن يحاول المهندس الامريكي مجددا تنفيذها بطرق اخرى وتكتيكات جديدة وال...
- في اليوم العالمي لمكافحة الفساد : هيئة مكافحة الفساد ... ؟ في اليوم العالمي لمكافحة الفساد : هيئة مكافحة الفساد ... ؟إقامة العدل ، وحماية الحقوق العامة والخاصة ، وتوفير الأمن ، ومكافحة الفساد ، هي المهام الأس...
- من صنعاء وصعدة منبع الثورة والإيمان ودآعاً عام 2016 وأهلاً بعام 2017 ! بقلم : صلاح القرشي المرصاد نت لم يصرف إستكبار وغطرس بني سعود و(نخيطهم) في الطاولة السياسية ولا العسكرية ولا اثرت في معنويات ومبادئ صناديد واحرار اليمن. في كل مراحل الحرب الدائرة...
- تصويب مسار الثورة شمالاً .. ووحدة الصف جنوباً! المرصاد نت ونحن نكمل السنة الخامسة من الصمود والانتصار على العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي وفي ظل انشغال مجاهدي اللجان الشعبية وقائد الثورة في معركة الدفاع...
- نتينياهو في سوريا..عبدالملك الحوثي يظهر في فلسطين ! بقلم : عابد المهذري المرصاد نت على بعد 50 كم من دمشق نتانياهو يعقد جلسة حكومته في الجولان السوري المحتل . الجولان المحتلة قضاء القنيطرة ومساحتها 1860 كم وتطل على بحيرتي طبريا ...
- خدعة وليست مبادرة ! بقلم : فضل جحاف المرصاد نت مثلي مثل أي مواطن يمني تفاجأ بالمبادرة التي طرحها رئيس مجلس النواب الشيخ الراعي على أعضاء مجلس النواب دائمي العضوية ، أقصد طالت مدة فترات عضويتهم ف...
- ملف المرحلة ورهاناته يتزايد منطوق خطاب أحزاب السلطة المتكئ على قرار مجلس الأمن رقم 2140 الذي يجعل اليمن تحت الفصل السابع والوصاية الدولية بشكل أوضح بعد ان كانت تتكئ في وقت سابق ...