المرصاد نت
إن قراءة تفاصيل ومسارات المشروع الصهيو أمريكي بالمنطقة العربية
تعيدنا إلى ما قبل عام 1948 م وتحديدا إلى مطلع عام 1922م حيث صدر كتاب تشرشل الأبيض ليوضح بلهجة مخففة أغراض السيطرة البريطانية على فلسطين، إلا أن محتوى اتفاق سايكس بيكو تم تأكيده مجددا في مؤتمر سان ريمو عام عام 1920م بعدها أقر مجلس عصبة الأمم وثائق الانتداب على المناطق العربية المعنية في 24 حزيران 1922 م لإرضاء أتاتورك واستكمالا لمخطط تقسيم وإضعاف سوريا، عقدت في 1923 م اتفاقا جديدا عرف باسم معاهدة لوزان لتعديل الحدود، التي أقرت في معاهدة سيفر.
تم الموجب معاهدة لوزان التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا الأتاتوركية، إضافة إلى بعض المناطق التي كانت قد أعطيت لليونان في المعاهدة السابقة، ولقد قسمت بموجب هذا الاتفاق وما تبعها سوريا الكبرى والعراق إلى دول وكيانات سياسية كرست الحدود المرسومة على الأقل لليوم الذي أكتب فيه هذا المقال.
في التاريخ العربي الحديث هناك ظواهر عدة، أثبتت أن حديث ومخططات تقسيم وتفتيت الوطن العربي قد أصبحت بالفعل عقيدة ورأس حربة جديدة للاستعمار الصهيو-أمريكي الجديد للمنطقة العربية، والدليل هو ما جرى أخيرا في العراق، فقد قدمت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي مقترحا للتصويت على مشروع قانون يقسم العراق، ويتعامل مع الأكراد والسنة في العراق كبلدين منفصلين عن بغداد، وهذا الطرح هو تمهيد مبدئي لتحقيق مشروع نائب رئيس الأمريكي جون بايدن في تقسيم البلاد إلى أقاليم على أسس طائفية وعنصرية وقومية، ويأتي هذا الطرح استكمالا لمشروع كان قد صوت عليه مجلس الشيوخ الأمريكي كشرط لانسحاب القوات الأمريكية من العراق في 29 /09 /2007م، وينص على تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات سنية في أجزاء من وسط وغرب وشمال العراق، وشيعية في أجزاء واسعة من وسط وجنوب العراق، وكردية في أقصى شمال العراق، وهذه الحقيقة الآن لا تقبل التشكيك فالوقائع على الأرض وتغير العامل الديمغرافي على الأرض العراقية يؤكد للأسف كل هذه الحقائق.
وفي الإطار ذاته، وتزامنا مع طرح مجلس النواب الأمريكي لمقترح تقسيم العراق، فقد كشفت مجلة «تايم» الأمريكية في تقرير موسع من ثماني صفحات نشر بتاريخ 30 /04 /2015م عن تفاصيل خطة تقسيم العراق إلى ثلاث دول، واحدة منها في الشمال لكوردستان، والثانية للسنة بمحاذاة سوريا، أما الثالثة فللشيعة ومكانها في جنوب العراق وتضم مساحات واسعة منه، ومن الجدير بالذكر هنا، أن مجلة «تايم» التي تعبر في اغلب الأحيان عن وجهة نظر الإدارة الأمريكية، تحدثت في تقريرها عن ضم المناطق الكردية في سوريا إلى الدولة الكردية ، إضافة إلى ضم بعض المناطق السنية في شرق سوريا للدولة السنية العراقية، ونشرت المجلة خرائط مفصلة توضح مناطق توزيع الكرد والسنة والشيعة، وعدت بغداد من ضمن الدولة السنية، أما كركوك فكانت داخل الدولة الكردية لكنها على خط التماس مع دولة السنة، أما الدولة الشيعية الجديدة ، فهي ستتجه جنوبا حيث تصل إلى الكويت، لتستقطع مناطق حيوية منها إلى أن تصل أيضا إلى ضم بعض أجزاء من شمال شرق السعودية.
وهنا وبعد توضيح هذه الحقائق حول نوايا هذا المشروع وتوظيف نظرية التقسيم الطائفي والديني والعرقي، وعدم إغفال حقيقة أن هذا المشروع الآن هو قيد التنفيذ ويتم التمهيد لفصوله وأهدافه المستقبلية بشكل متسارع، وأن العمل فيه يسير الآن بشكل واسع وقد تم فعلا خلق بيئة ديمغرافية وبؤراً جغرافية على أرض الواقع لإقامة هذا المشروع على أرض الواقع في الوطن العربي، والهدف اليوم للكيان الصهيوني وحلفائه بواشنطن من وراء نشر هذه الفوضى المصاحبة لربيع العرب بالوطن العربي، هو تأمين كيانهم المدعو بدولة «إسرائيل» في المنطقة وتوسيع نفوذه إلى أقرب نقطة يقدر من خلالها أن يكون هو السيد المطاع لمجموع ثلاثة وأربعين كيانا عرقيا ومذهبيا ودينيا تسعى الآن أمريكا وبالتعاون مع بعض المستعربين والمتأسلمين لتأسيسها بالمنطقة العربية، فلقد وضع بعض قادة العالم بالغرب الذين ينتمون للحركة الصهيو -ماسونية خططهم لتقسيم الوطن العربي منذ أمد بعيد لتتوارثها الأجيال الصهيو – ماسونية جيلا بعد جيل.
إن هذه التفاصيل المذكورة أعلاه وبمجملها، تؤكد بما لا يقبل الشك أن هناك مسارا فعليا اليوم لتنفيذ المشروع الصهيو -أمريكي، الذي يهدف إلى إضعاف العراق وسوريا، وتمزيقها وتفتيتها كنقطة أساس لتمزيق وتفتيت المنطقة العربية ككل، وهذا ما يؤكد بما لا يقبل الشك أيضا، أن الهجمة التي تتعرض لها المنطقة العربية والإقليم ككل، هدفها بالأساس هو تمزيق هذه المنطقة خدمة للمشاريع الاستعمارية الصهيو -أمريكية.
ختامآ، يقول عراب الصهيونية الأمريكي المتصهين برنارد لويس في أحد كتبه المنشورة قبل ما يقارب الثلاثة عقود من الآن، شارحا طبيعة ومسارات الغزو المستقبلي الصهيو -أمريكي للمنطقة العربية، ويقول فيها: «إن الحل السليم للتعامل مع العرب المسلمين هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور، فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة، لتجنب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان، وإنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الفعل عندهم، فنحن نضمن أن عملاءنا أنجزوا كل شيء ولم يبق علينا إلا التنفيذ الآن، ولذلك يجب تضييق الخناق علي هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، التي أسس لها حكامهم، لذلك يجب أن تغزوها أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة الاسلامية فيها ».
فهل تصحو أمة العرب قبل أن تغزوها أمريكا؟ السؤال سيترك برسم الإجابة لدى كل مواطن عربي من المحيط إلى الخليج.
المزيد في هذا القسم:
- أولويات مشاورات الكويت و عقدة وفد الرياض ! بقلم :أ.عبدالملك العجري المرصاد نت هل وقف الحرب العدوانية ووقف نزيف الدم والخراب الذي حل بالبلاد والعباد يمثل أولوية لمشاورات الكويت التي من المقرر أن تبدأ جولتها الثانية غدا الجمعة ...
- أمريكا … إرهاب لا ينتهي ! بقلم : أسماءالشامي المرصاد نت كانت ومازالت أمريكا هي أم الإرهاب والداعم الحقيقي للجماعات الإرهابية في العالم مهما حاولت لعب دور ظاهري أنها تحارب الإرهاب .. فعند دراسة تاريخ أمري...
- مَن هو عدوكم الحقيقي ؟! بقلم : صالح مقبل فارع المرصاد نت ماذا عملنا بكم يا جنوبيون..؟! لماذا ذهبتم إلى نجران لتقاتلوا مع السعودية ضدنا ؟بعتم ضمائركم ووطنيتكم ليش..؟!لماذا لا تُخلّوا بيننا وبين السعودية...
- اتفاق بعد اختلاف واختلاف بعد اتفاق عندما توقّع المكونات اليمنية على اتفاق سياسي لا يعني بالضرورة أنه أمر إيجابي لأن الاتفاق في اليمن يعقبه اختلاف ليس لشي ولا لغاية ب...
- الخطاب الطائفي والقطيعة مع اليسار بوابة العودة لقوى النفوذ التاريخي! مع فرار اللواء علي محسن الأحمر، وسقوط مقر قيادة الفرقة الأولى مدرع، مساء 21 سبتمبر 2014، على أيدي مقاتلي "أنصار الله" واللجان الشعبية للثورة، متزامنا مع سقوط ال...
- كلمــة لا بــــد منهــــا ثورتنا الجنوبية تعاني الآن مما عانته ثورة التغيير في 2011 في العربية اليمنية . علي محسن وكل الفاسدين تسلقوا ثورتهم ونحن اليوم أصبح شعارنا بكل القادمين والذي سي...
- ولد الشيخ … الناطق الأممي باسم العدوان ! بقلم : أحلام عبدالكافي المرصاد نت ليس أخطر من جرائم العدوان السعو أمريكي إلا تواطئ وسقوط الأمم المتحدة في وحل تحالف العاصفة .. .. وليس أكذب من تصريحات العسيري الناطق الرسمي باسم ...
- عدن .. العودة إلى المربع الأول للاغتيالات المرصاد نت عادتْ ظاهرة الاغتيالات التي تستهدف عدداً مِـنْ الرموز المختلفة في مدينة عدن – جُلها أمنية ورجال دين - لتطل برأسها من جديد بشكل خطير بعد هدوء ...
- الحرب العدوانية والاستدعاءات العنصرية !! المرصاد نت أستدعاء المقولات العنصرية في الحرب العدوانية والإشتغال عليها بطريقة مثيرة للقرف والقلق ليس على أنصار الله إنما على السلم الأهلي والوحدة الوطنية وتن...
- اليمن بين الماضي والحاضر ! بقلم : علي حسين علي حميدالدين المرصاد نت رؤية خاصة : حضى الكثير من اليمنيين في اليمن بلحظات استقرار مكنتهم من الحياة واكتساب الخبرات والتواصل اجتماعيا وسياسيا مثل غيرهم في بلدان اخرى . حي...