هلل الموقعون على وثيقة بن عمر لما اعتبروه نصرا لمواقفهم، واستجابة لملاحظاتهم على وثيقة بن عمر، والذي تضمنه بيان هيئة رئاسة مؤتمر الحوار. وتفسير هذا التهليل والاحتفال لا يعدو من أن يكون تغطية على خضوع الأطراف التي أبدت الملاحظات للضغوط، أو أنها عقدت صفقات خاصة بها للقبول بالوثيقة كما هي دون تغيير أي حرف فيها.
وبقراءة لهذا البيان وقيمته القانونية، يتضح أن هذا البيان لا يغير في الوثيقة شيء. فالبيان المذكور لم يأتي، تقريبا، بأي نقاط لم تتضمنها وثيقة بن عمر، فالوثيقة تحدثت عن وحدة اليمن، والالتزام بقرارات مجلس الأمن، والمبادرة الخليجية، وغيرها من العبارات الإنشائية الذي تضمنه بيان هيئة رئاسة الحوار. كما أن إشارة البيان إلى أن الدستور القادم سيضع نصوص تمنع الانفصال، والذي قد يعتبره البعض ضمان لوحدة اليمن، هو تحصيل حاصل وأمر بديهي، حيث لا يتوقع أن يصدر عن الدستور القادم نصوص تدعوا للانفصال بشكل مباشر. ولتعزيز ما ذكرنا سنُـشير إلى النقاط التالية:
1- ظهر جليا أن هيئة الرئاسة، والرئيس تحديدا، يعارضون بشكل مطلق تغيير أي حرف أو عبارة في وثيقة بن عمر، وهم في موقفهم هذا، ينطلقون من خشيتهم من أن فتح الباب أمام أي تغيير أو تعديل للوثيقة سيُعيد الأمور إلى نقطة البداية، ويحرمهم من الانجاز الذي يعتقدون أنهم قد حققوه من خلال هذه الوثيقة. وإصرارهم هذا؛ يؤكد بأنهم لن يقبلوا أي تغيير في محتويات الوثيقة حين صياغة الدستور، وهو ما يعني تعاملهم مع هذه الوثيقة كنص مقدس ونهائي. وتفسير هذا الموقف يشير إلى أن الرئيس هادي، وفريقه الخاص، يحاولون التمسك بالوثيقة - التي كانوا خلفها، وتولى بن عمر وفريقه ترجمتها وإصدارها - وينبع هذا التمسك الشديد والإصرار من جانبهم عليها؛ كونها تُـعد بمثابة اتفاقية وحدة جديدة، وبديلا عن دستور الوحدة.
2- بما أن بيان هيئة رئاسة مؤتمر الحوار تحدث عن الوحدة في عموميات، مثلما تحدثت وثيقة بن عمر نفسها – كما سبق وأشرنا – فإن النصوص الخطيرة التي احتوتها الوثيقة، والتي عارضتها المكونات السياسية - قبل أن توقع عليها - ستبقى على ما هي عليه. فتلك النصوص هي في سياق الأحكام الخاصة، والتي لها قيمة قانونية أكبر من النصوص العامة، استنادا إلى القاعدة القانونية التي تقول (الخاص يقيد العام) والتي على ضوئها لن يكون لبيان هيئة رئاسة مؤتمر الحوار أي قيمة قانونية تذكر كونه تحدث عن نصوص عامة.
3- لم يُـشر بيان هيئة رئاسة الحوار إلى أن الوثيقة لن تكون نهائية إلا بعد استفتاء الشعب عليها، حين سيتم ترجمتها إلى نصوص داخل الدستور الجديد الذي لن يصبح نافذا وشرعيا إلا بعد أن يصوت أغلب اليمنيين عليه. وإغفال هيئة الرئاسة لهذه الإشارة الضرورية تم بشكل واعي، وضمن خطة موضوعة سلفا، تقوم على أخذ وثيقة بن عمر، ووثائق مؤتمر الحوار إلى الأمم المتحدة، واستصدار قرار من مجلس الأمن يجعل هذه الوثائق ضمن ملحق خاص به. ويعني هذا الأمر في حال حدوثه، منح هذه الوثيقة شرعية دولية تتجاوز الشرعية الشعبية الداخلية. وفي حال صدقت تكهناتنا؛ فإن على المكونات السياسية، والشعب اليمني عموما أن يتصدى لهذه الخطة، ويحاسب من يسعى لتحقيقها؛ كونها تُـعد خرقا فاضحا للدستور اليمني الذي يؤكد على أن الشعب صاحب السلطة ومصدرها، وتنازلا عن سيادة الدولة، وجعل الأمم المتحدة تقرر مصير اليمن ومستقبله.
إن على أعضاء مؤتمر الحوار، والمكونات السياسية التي عارضت وثيقة بن عمر، في حال كانت صادقة فيما تقول، أن تصر على أن يتضمن البيان الختامي لمؤتمر الحوار على فقرة تؤكد بأن وثيقة بن عمر، وجميع قرارات المؤتمر لن تكون نافذة ونهائية إلا بعد أن يتم تضمينها في نصوص الدستور القادم، ويوافق عليها الشعب اليمني في استفتاء عام. وبهذا الإجراء؛ في حال تم تبنيه، يكون اعضاء الحوار، والمكونات السياسية قد أعاقات أحد أخطر المؤامرات على اليمن، اما في حال لم تقم بذلك؛ فأنهم يكونوا قد وافقوا على تجاوز الإرادة الشعبية وأحكام الدستور، والمبادئ العامة لأي دولة حقيقية.
المزيد في هذا القسم:
- هل يصلح المبعوث الجديد ما افسده ولد الشيخ؟! المرصاد نت اعلن اسماعيل ولد الشيخ عدم استمراره كمبعوث للامم المتحدة في اليمن ابتداء من فبراير القادم وهو موعد انتهاء فترة ولايته .. في اخراج هزيل لرضوخ الامم ...
- بناء الدولة بين الإدارة والسياسة المرصاد نت إذا ما تجاوزنا الحديث عن معضلة البناء في ظل الحرب والحصار وتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية جراء استمرار العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا فإن ...
- عندما يتقطرن العالم بفيروس كورونا! المرصاد نت عندما يتقطرن العالم بفيروس كورونا! كتب: أ. عبدالباسط الحبيشي* يقول الفيلسوف سقراط بأن “الخوف يجعل الناس اكثر حذراً واكثر طاعةً واكثر عبودية”. وقد...
- زمن فرض المبادرات الظالمة المدعومة امريكيا بالقوة قد ولى والفشل مصيركم ! بقلم: صلاح القرش... المرصاد نت عندما تتوقف المفاوضات في الكويت وتأجل ولم يعلن عن اي وصول الى اتفاق جوهري وصريح بين الاطراف المتفاوضة والذين يمثلون اطراف الحرب الفاعلين على الارض ...
- إقرار …تجارتي وحصادي ! بقلم : عبدالله المؤيد * المرصاد نت حاسبوني ان شئتم ,قاضوني في المحاكم ,خذوا مني ما شئتم ,نعم لقد اشتريت الاراضي بعشرات الآف الهكتارات لقد عمرت البلاد طولاً وعرضاً في اي رقعة شئت ,بكف...
- يا إلهي .. من سرَقَ “كالسونَ” الجنرال “المخلوع”؟! لم يُقدِّم (( تجمع الإصلاح )) حتى اللحظة توضيحات تتضمن النفي أو التأكيد بخصوص أوكار الموت و المفخخات التي تتكشف عنها تباعاً بنيته التحتية الرسمية السياس...
- الإعلام المرئي العربي ! بقلم: ابراهيم محمد الهمداني المرصاد نت الإعلام المرئي العربي محاولة لقراءة الواقع وتشخيص مشكلاته ... إن الناظر في مجمل القنوات العربية سيجدها على قسمين: الاول: قنوات صناع...
- النموذج الامريكي لاحتلال اليمن ! بقلم : زيد الغرسي المرصاد نت لا تزال المحافظات الجنوبية الخاضعة للاحتلال الامريكي السعودي الاماراتي تشهد اغتيالات يومية تطال قيادات عسكرية ومدنية ومواطنين تحت عناوين عدة وتب...
- كلمــة لا بــــد منهــــا ثورتنا الجنوبية تعاني الآن مما عانته ثورة التغيير في 2011 في العربية اليمنية . علي محسن وكل الفاسدين تسلقوا ثورتهم ونحن اليوم أصبح شعارنا بكل القادمين والذي سي...
- سبحان الذي اسرى بهم ليلاً في منتصف خمسينيات القرن العشرين قام اليمنيون باول خطوة عملية نحو اعادة تحقيق الوحدة اليمنية وهي تاسيس رابطة موحدة لطلبة اليمنين في مصر وكان عمر الجاوي احد ابرز ...