المرصاد نت
هل حقاً مع كل هذا العدوان الظالم على البلاد لازال هناك مجالٌ لما يسمى بالحياد؟
والبقاء بعيدا عن دائرة الصراع؟ وهل هو مجردُ صراع بين أحزاب أو فئات متقاتلة على السلطة؟ وإذا كان كذلك فهل الحياد يبقى خيارا مقبولا عند الله تعالى؟ وهل سأل هؤلاء المحايدون أنفسهم هذه الأسئلة قبل أن يتخذوا قرارهم باعتزال الصراع ولأجل اليمن حد زعمهم؟؟ تلك أسئلة وجيهةٌ ولا شك، وتحتاج إلى إجابات شافية مقنعة، تنبع من إيمان المرء وفطرته ودينه وإنسانيته. وقبل أن نبدأ بالإجابة عن تلك التساؤلات دعونا نرجع أولا إلى قوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، فهذا قول الله عز وجل وهو واضح جلي بالأمر بالإصلاح بين الفئتين المتقاتلتين من المؤمنين، فأين مجال الحياد؟؟ هل أمر الله به؟ أم أمر الله المؤمنين بأن يتدخلوا وبشكل إيجابي في ذلك الصراع، ويبدأوا بالإصلاح أو ما يُسمى بالحلول السلمية، وعندما ترفض إحدى الفئتين الإصلاح والحل السلمي فإنها تصبح فئة معتدية باغية وواجبٌ على المؤمنين قتالها. إذا أين الحياد؟ وأين مكانه في شرع الله وكتابه؟
ببساطة لا يوجد في دين الله عز وجل ما يُسمى بالحياد عند نشوب الفتنة والقتال، بل هناك توجيه رباني بما يجب على المؤمنين فعله إزاء ذلك، وإذًا فهذه الكلمة البراقة “الحياد” ليست إلا كلمة براقة زائفة الغرض منها التضليل على الناس وصرفهم عن أداء واجبهم الذي فرضه الله في كتابه على المؤمنين، والغاية من ذلك هي إضعاف جبهة الحق إزاء الباطل الباغي المعتدي، وما يجب على الناس أن يعرفوه هو أنه لا توجد مسافة فاصلة بين الحق والباطل، حتى يمكن القول بأنه يجوز للمرء أن يقبع في حمى تلك المساحة وينأى بنفسه عما يدور من صراع بين الحق والباطل، تلك المسافة لا توجد أبدا، فأنت إما أن تقف مع الحق أو تقف مع الباطل، ولا خيار أخر أبدا.
بعد تلك المقدمة نكون قد عرفنا أنه لا يوجد شيءٌ اسمه الحياد إزاء الفتنة والقتال، وأن على المؤمنين أداء الفريضة القرآنية من واجب إصلاح ذات البين أو قتال الفئة الباغية الرافضة للصلح والسلم، ولنسأل الآن هل ما يجري في اليمن هو قتال وصراع بين فئتين تمثلان فقط أحزابا متناحرة على المصالح والسلطة؟ الإجابة هي أنه حتى ولو كان الأمر كذلك لوجب على المؤمنين الدعوة إلى الصلح بينهما، فإن اتضح لهم أن هناك فئة باغية لا ترضى بالصلح والسلم فعليهم قتالها حتى تفيء إلى أمر الله، تلك فريضة واجبة وعلى الناس أداؤها، وذلك عندما يكون الصراع بين تلكم الأحزاب بمعزل عن عدوان خارجي ظالم غاشم. الآن هل ما يجري على الساحة هو مجرد فتنة بين أحزاب متقاتلة على النفوذ والمصالح؟ هذا المفهوم هو ما يحاول أرباب العدوان تسويقه، وهذا ما يحاول المرتزقة والمنافقون إشاعته بين الناس، وترسيخه في أذهانهم، وهذا الفعل جور كبير وظلم عظيم، فبعد تتدخل العدوان وبذلك الشكل الوحشي الهمجي، وبكل أدوات وآلات القتل والتدمير، وبعد فرض ذلك الحصار الجائر برا وبحرا وجوا، قطعا لم يعد الأمر مجرد صراع بين أحزاب داخلية، هذا كذب وتدليس متعمد يخدم العدوان وشياطينه وحسب. الأمر بعد التدخل الخارجي أكبر وأعظم من مجرد حرب داخلية بين أحزاب وجماعات، الأمر أصبح عدوانا كبيرا غاشما على بلد، على وطن بأكمله، عدوانا الغرض منه معروف وهو تقسيم البلاد ونهب ثرواتها وفرض الهيمنة والوصاية عليها، هذا العدوان شنته أمريكا، وتشارك فيه إسرائيل وبريطانيا، وما تحالف بني سعود ومن معهم إلاَّ أدوات رخيصة ذليلة تنفذ أمر سيدها الأمريكي بكل ذل ومهانة، وأصبح من يندرج في حلف هذا العدوان من ضعاف النفوس في الداخل، ما هم إلا خونة مرتزقة، ومنافقون خانوا أماناتهم ودينهم، ووطنهم وأرضهم.
تلك هي الحقيقة الساطعة التي لا ينكرها إلا مكابر يغض الطرف عن الحقائق الواضحة، إما لمرض في قلبه، أو لجهل في عقله، وإزاء ذلك العدوان الظالم الغاشم لا يوجد هناك حياد، فليس هناك إلا جبهتان؛ جبهة الباطل والعدوان، وجبهة الحق والدفاع عن الأرض والكرامة، وقد أوضحنا أنه حتى لمجرد فتنة بين فئتين لا يوجد شيء اسمه حياد في كتاب الله عز وجل، فما بالك بعدوان يهدف إلى احتلال وطن وإذلال شعب، وعلى المتشككين أن يسألوا أنفسهم هل وجود أحقر المرتزقة من شذاذ الآفاق كالداين قروب وبلاك ووتر والجنجويد وغيرهم جاءوا دفاعا عن الحق؟ هل جاءوا لخير الناس ولرفع المعاناة عنهم؟ هل جاءوا دفاعا عن دين الله؟ وهل سيكون هؤلاء القتلة الأنجاس في جبهة الحق ضد الباطل؟ لقد عرف أهل الحكمة والإيمان أن هذه الحرب التي فرضت عليهم هي عدوان ظالم غاشم، أهدافه وأطماعه معروفة، فهب المواطن البسيط، والفلاح الفقير، وأبناء القبائل الشرفاء، ووهبت الأمهات فلذات أكبادها، وهبوا جميعا لمقارعة هذا العدوان، بعد أن عرفوا أن جهاده فرض عين على كل مقتدر، ووهبوا أموالهم وأبناءهم في سبيل الله فداءً لبلدهم وشرفهم، وحققوا بفضل الله وحده الانتصارات على الأرض أمام أبشع عدوان، ولن يضرهم كيد المتخاذلين وتلبيس المنافقين، فالإيمان يمان والحكمة يمانية
المزيد في هذا القسم:
- بين الوصاية الداخلية والوصاية الخارجية ! بقلم : أزال الجاوي المرصاد نت من نافلة القول ان الشعوب الحرة هي من تقاوم الاحتلال وترفض اي وصاية اجنبية والحرية هنا شرط موضوعي لمقاومة اي تدخل او وصاية او احتلال اجنبية والعكس ص...
- وماذا …. بعد …! المرصاد نت الثابت عندنا هو أن اليمن قد تم تدميره بالكامل وان دولته قد انهارت وتم اسقاطها ، وأن ماحدث ومازال يحدث من حروب ومواجهات وصراع وما نتج عنه حتى الان م...
- إطلاق رصاصة الرحمة على السعودية (١) المرصاد نت كتب: عبدالباسط الحبيشيأظهرت لنا الأحداث التاريخية بأن التقلبات الكبيرة في أسواق الطاقة تستبق دائماً تغيرات (جيوسياسية) الجغرافيا السياسية. ومن هذا ...
- اليمن بين قمتين ! المرصاد نت غارةً تلو غارة، تزدادُ صعوبةُ النظر في وجه اليمن المقاتل. هو يقتلُنا حياءً ويهدينا الإيمان بأن لا حياةَ بغير كرامة.. ومن يضاهي اليمن كرمًا بتلقين ال...
- وين جت العدالة ؟! المرصاد كتب: عبدالجبار الحاج هل الاخ الرئيس المشاط على علم بالمشكلة وبتفاصيلها ؟ هل لديه معلومات من مصادر المحايدة ام س...
- عدن والذكرى السنوية الأولى لاحتلالها ! بقلم : أ٠د .عبدالعزيز صالح بن حبتور المرصاد نت غادرت مدينة عدن قبل عام تقريباً في أثناء بدء الاجتياح الغاشم لها من قبل قوات المملكة السعودية والإمارات وفيلق الجنجويد من السودان والشركة الأمنية ا...
- خلافا لما تحاول أن تظهر .. اميركا تتمنى أن تنجو من العدوان ! بقلم : مختار الشرفي المرصاد نت عندما حدثت جريمة الصاله الكبرى تبادر الى ذهني شيء ترددت في كتابته و هو قناعتي بأن أحد أطراف العدوان تعمد إرتكاب الجريمة لدفع أحدهم للمسارعة لاتخاذ ...
- السـقوط الأكبـر ! المرصاد نت أشدُّ ما يُثقل قلبي ويُقلق راحتي في هذه الأيام وفي مشهد الحرب الملعونة ليس منظر الدماء والدموع والدمار ، فهذه سُنَّة الحرب في كل زمان ومكان ، انما ...
- يأهلنا في تعز الاصلاح ومليشياته تدمر تعز وتمزق نسيج المجتمع في التعايش ! بقلم : صلاح القر... المرصاد نت الاصلاح يرتكب خطاء كبير عندما يسمح بتدمير البيوت من قبل مليشياته في تعز على اساس طائفي وايضا يسمح بالسحل والصلب . الم يعمل حساب للاستثماراته الضخم...
- كأنه إستهداف ممنهج لأساتذة القانون .. بدون مقدمات وبعشوائية فقد أثارت دهشتي الاغتيالات المتكررة وبالذات لأساتذة القانون والكثير من العاملين بهذا الحقل الامر الذي جعلني أوجه بعض الاسئلة للذات ماذا يع...