المرصاد نت - متابعات
تحت غطاء مساندة ماتسمي بالشرعية خضعت المنافذ البحرية الاستراتيجية في البحر الأحمر وباب المندب لسلطة وإشراف قوات عسكرية إماراتية وسعودية ومثلت الجزر الواقعة في قلب باب المندب، الممر الدولي الأكثر تأثيراً على تبادل المصالح التجارية والاقتصادية في العالم هدفاً رئيسياً للتواجد العسكري للتحالف.
وخلال أشهر قليلة على انطلاق عمليات التحالف في 26 مارس 2015 تم إخضاع ثلاث جزر لقواته وبدأ فعلياً سباق السيطرة على الجزر المطلة على هذه المنطقة المؤثرة عالمياً. ففي بداية أكتوبر احتلت البحرية السعودية والإماراتية جزيرة ميون، الواقعة في مضيق باب المندب، وفي 15 ديسمبر 2015 احتلت قوات إماراتية جزيرة زقر تقع غرب أرخبيل حنيش قبالة سواحل الحديدة، وقبلها وتحديداً في 10 من ذات الشهر احتلت قوات سعودية أرخبيل حنيش في البحر الأحمر.
شكل التواجد الإماراتي عسكرياً في جزيرة ميون أبرز مظاهر تواجد التحالف على طول الشريط المائي الغربي وبذلت الإمارات جهوداً مضنية في إثبات فاعلية دورها في الجزيرة على نحو يرضي الوكلاء الأمريكان والإسرائيليين الداعمين السريين لهذه المشاريع رغبة في ضمان عدم التعرض لمصالحهما في المنطقة بأي سوء.
اطمأنت أمريكا مطلع العام الماضي إلى جدية الإمارات في السير على طريق إنجاز مشروع القواعد العسكرية في ميون الجزيرة غير العذبة مياهها والأوفر حظاً من كل ما عداها من الجزر، بكونها تتموضع في قلب باب المندب.
وقال تقرير عسكري بريطاني نشر في الفترة نفسها على موقع "جاينز" إن صور الأقمار الصناعية تظهر أن الإمارات قطعت شوطاً كبيراً في بناء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون. وكان الموقع أظهر صوراً عمليات بناء مدارج مطار في الجزيرة سوف يساعد في الترتيب لإنشاء قواعد عسكرية فيها.
وترافق هذا الشكل من التواجد العسكري الإماراتي في ميون مع ممارسات شبه استيطانية في جزيرة سقطرى والتي جاءت بناءً على توقيع اتفاقية مع هادي تقضي بتأجير الجزيرة لأبوظبي لمدة 99 عاماً حيث كانت "بدأت بتجنيد المئات من أبناء الجزيرة والبدء بمنحهم الجنسية الإماراتية".
وبقيت السعودية وحكومة هادي خارج كل هذه الترتيبات بل لم يكن حتى هادي يعلم ببناء القاعدة العسكرية الإماراتية في ميون إلا من خلال صور للأقمار الصناعية زودته بها الولايات المتحدة كما زودت الرياض بذلك.
ويتواصل إلى اللحظة بعيداً عن أعين هادي وحكومته أو قل بتواطؤ رسمي منهما الدور الإماراتي في تجهيز قاعدته العسكرية في ميون دون حاجة إلى اعترافات بالداعمين السريين لهذا المشروع، غير أن حقائق دامغة تؤكد أن التحركات الإماراتية الهادفة "لبناء قواعد عسكرية في الجزر اليمنية وباب المندب وفي دول القرن الأفريقي الواقعة على البحر الأحمر، ليست سوى غطاء لتحـركات أمريكية - إسرائيلية تتقنع بغطاء وتمويل خليجي".
ومن زاوية التبعية الإماراتية لأمريكا يمكن النظر إلى قواعد الإمارات العسكرية على أنها تصب في صالح النفوذ الأمريكي وترجيح الكفة الأمريكية على المنافسين الآخرين.
أما إسرائيلياً فمنذ حرب 73 التي رافقها "استخدام سلاح النفط وإغلاق مضيق باب المندب أدركت الولايات المتحدة أن بقاء إسرائيل لا يمكن إلا إذا جردت الدول العربية من القدرة على استخدام تلك الأسلحة فزادت القواعد العسكرية في الجزر الواقعة على البحر الأحمر واستطاعت اخضاع الأنظمة الحاكمة في المنطقة".
وتستغل الإمارات الصمت الرسمي لحكومة هادي للمضي قدماً باتجاه استكمال مشاريعها التوسعية وقواعدها العسكرية على طول الشريط الساحلي الغربي لكنها بالمقابل تواجه كوابح في هذا الطريق: الجهود التوافقية للتوصل إلى حلول سياسية تنهي الحرب القائمة في اليمن وانسحاب التحالف على ضوء ذلك، وتحولات في الموقف الدولي تجاه انتهاكات وجرائم ارتكبها التحالف في حربه على اليمن. كل هذه وسواها من تطورات محتملة على صعيد التوصل إلى السلم أو البقاء قيد الحرب كفيلة بإفساد الكثير من زهو تواجد التحالف الإماراتي السعودي عسكرياً في ميون وغيرها.
هكـذا أدارت السعوديـة ظهرهـا لسقطـرى
لم تكن سقطرى طارئة في حسابات التدخل الإماراتي إلى جانب السعودية ضمن تحالف عسكري معلن ضد اليمن منذ ما يقارب أربع سنوات. لكن يمكن القول بأنها كانت بعيدة عن حسابات الدور السعودي الذي تبدت وجهته الأبرز في حضرموت والمهرة وشبوة جنوباً، ومأرب والجوف شمالاً.
قبل حوالي عشر سنوات على شكل زيارات قام بها رجل الأعمال الإماراتي محمود فتح آل خاجة إلى سقطرى باشر نشاطات تحت مسميات خيرية وتوزيع مبالغ مالية وبناء بيوت للأيتام فضلاً عن توزيع مولدات كهربائية على القرى والأرياف مستغلاً حاجة المواطنين قبل تحوّل اهتماماته لاحقاً إلى شراء أراضٍ تجاوزت مساحتها كيلومترات عدة وبملايين الريالات علاوة على إهداء مسؤولين في الجزيرة سيارات لكسب ولائهم وتسهيل نشاطه.
وباستغلال الصمت الرسمي وانشغالات الرأي العام في البلاد بالحرب التي أعلنها التحالف أوائل عام 2015 بدأت الإمارات بناء نفوذ لها في أرخبيل سقطرى تحت لافتة العمل الخيري ومستغلة إعصاري "تشابالا" و"ميغ" كما أحكمت قبضتها على الجزيرة أمنياً وخدماتياً وسياحياً.
وبرغم ما رافق التواجد للإماراتي في سقطرى وتحركاتها على أصعدة مختلفة في الجزيرة وبصورة تعكس الرغبة بتحويلها إلى مجرد اقطاعية إماراتية إلا أن الحليف السعودي أظهر تحفظاً حيال ذلك، وأدار بالفعل ظهره للإمارات تفعل ما تشاء في سقطرى بينما كان يتحرك في حضرموت وعلى خطوط التجارة البرية من المحيط الهندي ولم تخلُ تحركاته من منافسة إماراتية في الوقت نفسه هناك.
وفقط حاولت الرياض الوصول إلى سقطرى في خضم تصاعد التوتر بين حكومة بن دغر وبين الإمارات بشأن تموضعات الأخيرة عسكرياً في الجزيرة خلال العام الماضي لكن وصول الرياض ظهر كوسيط لحل ما اعتبرته سوء تفاهم، واستقدمت قواتها لتحل كمراقب في مناطق التوتر في المنطقة. ودون أن تنسى تجهيزها لتنفيذ حزمة مشاريع خدمية تمثلت في إنشاء آبار لمياه الشرب في مديريات الأرخبيل.
هل كانت السعودية بهذا القدر من الاقتراب من جزيرة الأحلام الساحرة تنوي امتلاك جزء من الدور والسيطرة في هذا المكان البعيد نسبياً عن مناطق طموحها، في حضرموت والمهرة تحديداً؟
عززت أبوظبي في غضون ذلك تحركاتها في المهرة وحضرموت في مقايضة حليفتها الرياض وبهدف إخلاء سبيلها في سقطرى وميون، وبالشكل الذي تريده وترغب به. وهو ما حدث بالفعل، فقد كثفت السعودية تواجدها في حضرموت والمهرة، وبدأت فعلياً العمل على مشاريعها النفطية في المنطقة، بعد أن نجحت في كبح تواجد الإمارات في المهرة، وإضعاف سلطة تشكيلاتها العسكرية التي كانت بدأتها في حضرموت.
كانت السعودية تدرك أنها ستحتكر 42.000 كم مربع من أراضي اليمن في محافظة حضرموت فضلاً عن المهرة حيث الثروة النفطية الهائلة والمنافذ البرية والبحرية التي تمنحها لعب دور أساسي في السيطرة على العبور في مياه بحر العرب والمحيط الهندي.
وتحدثت تقارير يومها أنه لم يعد معسكر الخراخير كما سمته الرياض في صحراء الربع الخالي الحد الفاصل بين اليمن والسعودية وفق معاهدة جدة عام 2000م. فقد أقدمت السلطات السعودية على اقتلاع أعمدة الإسمنت التي وُضعت كعلامات حدودية بين اليمن والمملكة في الصحراء من جوار معسكر الخراخير في محافظة حضرموت ونقلها مسافة 700 كم إلى مثلث الشيبة على حدود عمان لتقوم بغرسها ثانية داخل محافظة حضرموت بعمق 60 كم من العلامات الحدودية السابقة مقتطعة بذلك 42.000 كم مربع من الأراضي اليمنية وتهدف السعودية في المنطقة تمرير أنبوب نفط إلى بحر العرب من العمق السعودي وتواجدت تشكيلات عسكرية موالية للإمارات في حضرموت بالترافق مع التحركات السعودية، لكنها لم تحرك ساكناً بل ساعدت على تمكين السعودية من بعض تحركاتها في المنطقة وفقاً لشهادات سياسيين جنوبيين.
ويبدو أن تبادل الأدوار بين أبرز أطراف التحالف في الجنوب بوجه خاص لم تعد بالشكل الذي فرضته البدايات السهلة وقبل أن تبرز مظاهر احتجاجية وغضب شعبي تجاه تواجد الحليفين وتحويلهما الجنوب إلى استحقاق خاص يُجرى التصرف به وفيه كإقطاعيات مملوكة لهما.
تقرير : ياسر حيدرة
المزيد في هذا القسم:
- النظام السعودي والإماراتي على شفا الطلاق في اليمن! المرصاد نت - متابعات كل ما يُعلن عنه من اتفاقات في الإعلام بين النظام السعودي والإماراتي يكذّبه الميدان خلال أيام قليلة فقط، وكل الأخبار المتداولة حول أن السع...
- حرب اليمن: رِهانات ثلاثة ومخرج واحد المرصاد نت - متابعات شاركتُ الأسبوع الفائت في حلقة أبحاث نظّمتها أكاديمية باريس للجيبولتيك في البرلمان الأوروبي في بروكسيل حول "مستقبل العلاقات اليمنية الأورو...
- الجارديان: لندن تستطيع إيقاف الحرب في اليمن لكنها لا تريد! المرصاد نت - متابعات أنتقد كاتب بريطاني الدور الذي تلعبه بلاده في حرب اليمن قائلاً إن زعمها أنها ليست طرفاً في الحرب أمر مخادع بشكل سافر وأشار ديفيد ويرنج في ...
- نصح قيادي بارز في جماعة “انصار الله”, اليوم الاربعاء, دول مجلس التعاون الخليجي, بعدم استعد... واوضح مسئول العلاقات الخارجية بالمجلس السياسي لانصار الله الاستاذ “حسين العزي” أن بيان وزراء خارجية دول مجلس التعاون يعكس جهلا كبيرا بالواقع ، وكراهية غير مبررة...
- بعد رفض إشراكهم في الأجهزة الرقابية .. الحكومة تتذمر من اللجان الثورية وعضو في أنصار الله ... فيما أعلنت الحكومة رفضها لما وصفته بالتدخلات غير القانونية في عمل بعض الوزارات من قبل “اللجان الثورية”، أكد قيادي في أنصار الله، أن اللجان ستظل تؤدي مهامها لمحا...
- صواريخ اليمن تصل إلى واشنطن! المرصاد نت - متابعات في خطوة غير مسبوقة أحضرت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي حطام صاروخ إلى إحدى القواعد العسكرية قرب واشنطن زاعمة أنه بقايا ال...
- مجلة "فوربس" الامريكية : بن سلمان قام بتنظيم عدوان علي اليمن للظفر بالسلطة الاستبدادية المرصاد نت - متابعات هز الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز نظامه السياسي المغلق من خلال جعل ابنه الأصغر وريثه في الملك. وعلى الرغم من أن ولي العهد الأمير مح...
- تعميم جديد من البنك المركزي بشأن عملية شراء وبيع العملات الأجنبية المرصاد-متابعات أصدر البنك المركزي اليمني بالعاصمة صنعاء، أمس الخميس، تعميم جديد بشأن عملية شراء وبيع العملات الأجنبية في محلات الصرافة. وجاء التعمي...
- سقوط عشرات المرتزقة في معارك شرسة وانكسار زحف كبير في مأرب والجوف المرصاد نت - مأرب سقط العشرات بين قتيل ومصاب جراء معارك عنيفة اندلعت في مأرب شرق البلاد اليوم الاثنين في زحف نفذته قوات موالية للعدوان السعودي على مو...
- القوى الثورية السياسية تدعوا الى أستمرارية الثوره وعدم التنازل عن أهدافها "بيان " المرصاد نت - خاص أصدرت القوي الثورية السياسية اليمنية بياناً أوضحت فيه موقفها من كل مايجري ضد الوطن ودعت الي أستمرارية الثورة الشعبية والشروع في بناء مؤس...