المرصاد نت - متابعات
عاد الهدوء ومعه خدمات الماء والكهرباء إلى عدن. أيام من اشتباكات الوكلاء طواها لقاء قصر منى بمكة بين «المحمدين» ابن سلمان وابن زايد مسهماً في تفسير ما حدث وسيحدث؛ تمدّد إماراتي لتثبيت نفوذ جماعة أبو ظبي على حساب «الإصلاح» وهادي ستمرره الرياض بلا صدام مع الإمارات من خلال مبادرة «اجتماع جدة» التي من المحتمل أن تفضي إلى ترجمة قوة «الانتقالي» العسكرية مشاركةً في صنع القرار السياسي.
لم يعد الحديث عن الخلافات والتصدّعات داخل التحالف السعودي ــــ الإماراتي مجدياً سواء من قِبَل أصدقاء هذا التحالف أو خصومه. قبل «انقلاب عدن» سرت رواية عن أن ما جرى لم يكن مدبّراً بل تفاجأ الجميع بتطور الأحداث بنحو دراماتيكي إثر غضب أنصار «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي لأبو ظبي من تقصير الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة هادي أو تواطئها بعد الأحداث الأمنية في عدن ولا سيما مقتل رجل «الانتقالي» «أبو اليمامة» في عملية قوات صنعاء.
ما إن دخلت الأحداث طوراً مختلفاً حتى اتضح أمران: الأول، أن ما حدث كان مدبراً ومخططاً له بعناية حتى ولو استعجله منفذوه المباشرون؛ إذ لو كانت الإمارات لا تريد انقلاب «الانتقالي» لاستطاعت فرملته في الأيام الثلاثة التي صمدت فيها قوات هادي وأجهزة حكومته نسبياً ولما قدّمت الدعم العسكري والغطاء السياسي لحسم المعركة سريعاً. الثاني الدعم السعودي لحكومة هادي لم يكن إلا في الإعلام حيث لم تُقدِم الرياض على أي خطوة جدّية لحماية «الحلفاء» وهو ما يؤكده غياب هادي الموجود في المملكة عن أي رد فعل وكذلك تصريحات المسؤول الأول عن مواجهة الانقلاب وزير داخلية هادي ونائب رئيس حكومته أحمد الميسري الذي عتب بوضوح على خذلان الرياض في رسالته المصورة قبيل قيام قوة عسكرية سعودية بتهريبه من عدن. ولم تخرج المواقف السياسية السعودية الداعية إلى وقف إطلاق النار والحوار إلا بعد أن انجلت المعركة عن هزيمة كاسحة لحكومة هادي.
«الحوار» الذي تتحدث عنه الرياض هو الكلمة المفتاح لفهم ما جرى وسيجري بعيداً ممّا تظهره القضية خلافاً حول ضرورة تراجع «الانتقالي» عن المقارّ التي احتلّها. باختصار ما حصل عبارة عن تمدّد إماراتي على مستوى الوكيل بعدما قررت أبو ظبي التخفيف من وجودها في اليمن والتمهيد للانسحاب ما يفرض ضرورة تثبيت قوة الوكلاء وحفظ نفوذهم وضمان حصتهم بما يضمن بالتالي مصالح الإمارات وأطماعها ولا يجعل الانسحاب خسارة كاملة.
لذلك لن يتجاوز «الانتقالي» السقف الإماراتي لهذا التحرّك: ضمانات للرياض بأن «الشرعية» لن تُمسّ بما هي هيكل فارغ يشكل مطية سعودية للتدخل في اليمن وبالتالي لا «انقلاب» بالمعنى الشامل. في المحصلة يخسر حزب «التجمّع اليمني للإصلاح» («الإخوان المسلمون» في اليمن) من نفوذه الكبير في اللعبة بعد أن انطلى عليه الانقلاب والتواطؤ تماماً جراء رهانه على التحالف مع الرياض ليتحوّل هو ومن يدور في هذا الفلك من ملحقي حزب «المؤتمر» ونائب الرئيس علي محسن الأحمر إلى شركاء لـ«الانتقالي» الصاعد على حساب حصّتهم. وهذا ما ستحاول الدعوة إلى الحوار في جدة أن تخرج به بعد ترويض «الإصلاح» وحلفائه وتدجينهم مقدّمة لتحجيمهم بمباركة لقاء قصر منى في مكة حيث اجتمع على عجالة أول من أمس ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد مع ولي عهد السعودية محمد بن سلمان.
أمام هذه المحدّدات تتلاشى لغة التهديد والتحدي والعنتريات التي «تجرّأ» عليها نائب رئيس «الانتقالي» هاني بن بريك حين استشهد بـ«صمود الحوثي 5 سنوات» لرفض التفاوض تحت القصف وفي المقابل الغارة السعودية على عدن التي لم يعلم أحد أين وقعت وماذا حققت. وظهر هذا المنحى صريحاً في خطاب رئيس «الانتقالي» عيدروس الزبيدي حين أعلن موافقته على الدعوة السعودية إلى التفاوض و«أي نوع من النقاش يحمي مكتسبات الجنوب ويضمن دور المجلس الانتقالي الجنوبي طرفاً رئيساً في عملية صنع القرار».
ماذا يعني ضمان دور «الانتقالي» طرفاً رئيساً في «عملية صنع القرار»؟ يقدّره مراقبون بمشاركة في الحكومة بوزن ثقيل، مع احتفاظ المجلس بحضوره الأمني الميداني وعدم السماح بعودة الحكومة إلى عدن إلا بعد هذه الضمانات ومجرّدة من أي مخالب. ومن أجل تلك الأهداف، سيستمرّ خطاب السقف المرتفع لحلفاء الإمارات مع أكبر قدر من محاولات التحشيد الشعبي والعسكري الداعم لتحركهم وكذلك الحفاظ على أكبر مكتسبات عسكرية حصلوا عليها حتى يكون التفاوض من موقع قوة.
معركة عدن بدت ضرورة للإمارات إن هي أرادت أن تحصّن مكتسباتها في طريق الخروج، خصوصاً أن نفوذ حلفائها تراجع في الأشهر الأخيرة، فيما كان «الإصلاح» وحكومة هادي وكذلك الرياض في انتظار ملء الفراغ في عملية لن تكون صعبة جراء تراجع شعبية «الانتقالي». كذلك، «اقتناع» المملكة بالانقلاب الإماراتي سيكون ضرورة للحفاظ على مكتسباتها هي الأخرى، فالرياض لا تملك خيارات كثيرة، وتحتاج إلى ترتيب أوراقها بما لا يضعف معسكر حلفائها قبل الشروع في تفاوض مع صنعاء.
والجدير ذكره هنا أن توزّع النفوذ بين الإمارات والسعودية مناطقياً وعسكرياً وولائياً لم يكن سراً قبل معركة عدن وبالتالي منذ سنوات تتعايش الرياض مع تفريخ أبو ظبي للميليشيات في اليمن ولا سيما جنوباً وهو ما يعني أن قبول السعودية بترتيبات جديدة تترجم الأمر الواقع لهذه القوى العسكرية سياسياً أكثر رجحاناً من ثمن الصدام مع أبو ظبي. ومن خلف هذا المشهد بات الجميع في اليمن يتحدث عن فرز الصراع لثلاث قوى مرشّحة لأداء دور في المستقبل وفي أي عملية سياسية: «أنصار الله» و«الانتقالي» و«الإصلاح».
المزيد في هذا القسم:
- غريفيث:طرفا الصراع سيبدأن بسحب قواتهما من الحديدة خلال أسابيع! المرصاد نت - متابعات قال المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، اليوم الخميس 18 إبريل/نيسان 2019م إن طرفي الصراع قد يبدأن في سحب قواتهما من مدينة الحديدة الس...
- حكومة هادي ترفض مقترح «التبادل الجزئي» ! المرصاد نت - متابعات تنتهي اليوم الاجتماعات المنعقدة في عمّان بخصوص ملف تبادل الأسرى من دون أن يرشح عنها حتى مساء أمس ما من شأنه تحويل التفاؤل الأممي إلى خطوا...
- أكثر من 18 خلية إرهابية تنشط في مدينة عدن... عدن على صفيح ساخن! المرصاد نت - متابعات تصاعد حدة التوترات والخلافات وما رافقها من تحشيدات عسكرية واتهامات سياسية وحملات إعلامية متبادلة بين فرقاء مرتزقة ومليشيات التحالف السعود...
- ما أسباب المنعطف ضد العدوان السعودي على اليمن؟ المرصاد نت - ندين عباس منعطفات جديدة تشهدها الساحة اليمنية بعد حرب دامت أكثر من 3 سنوات، تغيّرات سياسية وعسكرية وإعلامية انكسارات لقوات تحالف العدوان السعودي ...
- ذا غارديان : ترامب ضاعف عدد الغارات الجوية السرية في اليمن المرصاد نت - متابعات كشفت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية أول أمس الإثنين أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضاعف من عدد الضربات الجوية الأميركية السرية في اليمن م...
- تركيا تشدد على دعم وحدة وسيادة أراضي اليمن المرصاد-متابعات شدد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الخميس، على دعم وحدة وسيادة أراضي اليمن. وقال في حسابه على تويتر "التقيت مع أخي أحمد عوض بن...
- طائرات أباتشي سعودية تقصف مناطق مأهولة بالسكان في المهرة! المرصاد نت - متابعات أطلقت طائرات الأباتشي التابعة للقوات السعودية المتواجدة في محافظة المهرة اليوم السبت قذائف باتجاه مناطق مأهولة بالسكان وأكدت مصادر ...
- المغرد السعودي جمال بن : داعش هو جهاز رسمي من أجهزة حكومة ” الزهايمر ” وأنتم أمام أكبر خدع... داعش جهاز سعوديكشف المغرد السعودي الشهير ” جمال بن ” وهو أحد المقربين من الأسرة السعودية المالكة ان داعش هو جهاز رسمي من أجهزة حكومة من وصفة بـ ” الزهايمر ” في ...
- العدوان السعودي الاماراتي يعود للتصعيد: مؤشّرات التهدئة تتلاشى! المرصاد نت - رشيد الحداد يتجه تحالف العدوان السعودي الإماراتي ضد اليمن للترتيب لجولة أخرى من التصعيد العسكري في عدد من جبهات القتال. فكل المؤشرات على الأرض تف...