المرصاد نت - محمد العيد
أصدرت المحكمة العسكرية في مدينة البليدة جنوبيّ العاصمة الجزائر أمس أحكاماً تراوح ما بين 15 و20 سنة سجناً للمتهمين في قضية «التآمر على سلطة الدولة والجيش». ومن بين أبرز المدانين في القضية السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق والفريق محمد مدين المعروف بالجنرال توفيق مدير المخابرات الأسبق. وعلى رغم أن المحاكمة وصفتها الصحف المحلية بالأشهر بعد قضية اغتيال الرئيس محمد بوضياف في التسعينيات إلا أنها لم تستغرق سوى 48 ساعة أُصدرت على إثرها الأحكام. وحُكم على كلّ من السعيد بوتفليقة ومحمد مدين وعثمان طرطاق منسّق الأجهزة الأمنية السابق ولويزة حنون زعيمة «حزب العمال» بالسجن 15 عاماً فيما صدر بحقّ كلّ من نزار خالد نزار وزير الدفاع السابق ونجله لطفي وبن حمدين فريد أحد معارفهما حكم غيابي بالسجن 20 سنة بسبب فرارهم خارج البلاد.
وبحسب بيان المحكمة العسكرية فإن المتهمين جرت متابعتهم «من أجل أفعال ارتُكبت داخل بناية عسكرية تحمل طبقاً للقانون وصف جناية التآمر من أجل المساس بسلطة الجيش والتآمر ضد سلطة الدولة وهي الأفعال المنصوص والمعاقَب عليها على التوالي بالمادة 284 من قانون القضاء العسكري، والمادتين 77 و78 من قانون العقوبات». وتعود خلفيات هذه المحاكمة إلى ما كان يجري في الجزائر خلال الفترة التي سبقت استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في 2 نيسان/ أبريل الماضي حيث كان كلّ من السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق يجتمعان من أجل إيجاد حلّ للأزمة التي أوقع الحراك الشعبي السلطة فيها، في ذلك الوقت.
واتفق الطرفان على فكرة إسناد تسيير المرحلة الانتقالية إلى الرئيس الأسبق إليامين زروال الذي جرى الاتصال به من طريق الجنرال توفيق لكنه رفض العرض. وكان الطرفان يُرتّبان، بحسب المحامين الذين حضروا المحاكمة لإطاحة رئيس أركان الجيش الحالي الفريق أحمد قايد صالح الذي انحاز آنذاك إلى مطالب الحراك الشعبي ودعا إلى إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية. وقائعُ جري تكييفها، بحسب القضاء العسكري، على أنها «تآمر على سلطة الدولة والجيش» وعلى أساسها اعتُقل المتهمون في أيار/ مايو للتحقيق معهم.
ولاقى سجن هذين المسؤولَين اهتماماً كبيراً في الجزائر بعد أن لم يكن يتوقع أحد يوماً أن يلقَيا هذا المصير. وعُرف السعيد بوتفليقة بتحكّمه بمؤسسة الرئاسة خصوصاً بعد مرض شقيقه عام 2013م حيث كان يُلقب بـ«الحاكم الفعلي للجزائر» وبـ«رأس القوى غير الدستورية» مستغلاً صلاحيات شقيقه الواسعة في الدستور التي سيطر عليها بنحو خفيّ. أما الجنرال توفيق فعلى الرغم من إحالته على التقاعد عام 2013م إلا أن اطلاعه الواسع على شؤون الدولة من موقعه السابق دفع شقيق الرئيس السابق إلى الاستعانة به بعد أن ثار الشعب عليه. ويُعرف الجنرال توفيق بـ«صانع الرؤساء» بعدما ظلّ مسيطراً على جهاز المخابرات لـ20 سنة وهو ما خوّله بشكل كبير التحكم في صناعة القرار بالبلاد.
ومن بين المُدانين في القضية أيضاً لويزة حنون السياسية المعروفة وأول امرأة عربية تترشح لرئاسة الجمهورية التي اتُّهمَت بـ«التآمر» بعد مشاركتها في اجتماع 27 آذار/ مارس مع السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق. وعلى الرغم من اجتهاد فريق دفاعها في عدم ربط مصيرها بمصير المسؤولَين الآخرين إلا أن الحكم جاء ثقيلاً عليها. ودافع المحامون بقوة عن لويزة حنون معتبرين أنها كانت تقوم بواجبها كمسؤولة سياسية وكنائبة في البرلمان يتيح لها القانون اللقاء بالمسؤولين والاجتماع بهم وقالوا إنها خلال هذا اللقاء قدّمت تصوّر حزبها لحلّ الأزمة والمتمثل بالذهاب إلى مجلس تأسيسي ولم تقترح قَطّ ما يفيد بتآمرها على سلطة الدولة والجيش. ورأى قياديو «حزب العمال» في اتهام لويزة حنون «تجريماً للعمل السياسي».
ومع أن بيان المحكمة العسكرية شدّد على أن المحاكمة جرت في ظروف جيدة، إلا أن بعض المحامين كان لهم رأي آخر. إذ احتجّ المحامي والحقوقي المعروف مقران آيت العربي على عدم السماح للصحافيين بالاقتراب من مقرّ المحكمة وهو ما ينافي بحسبه مبدأ العلنية. واستغرب، في بيان، إدانة لويزة حنون ومعاقبتها بالسجن 15 عاماً من دون أي دليل على التآمر «ما يشير إلى أن الحكم الصادر عليها كان بسبب نضالها وأفكارها التي عبّرت عنها علانية وتمسكت بها أمام المحكمة العسكرية».
وانتقد «رفض المحكمة على رغم إلحاح المحامين لاستدعاء إليامين زروال ضمن قائمة الشهود وعدم تمكين الدفاع من توجيه أسئلة من شأنها أن تكون لمصلحة المتهمين». واستغرب كذلك «صدور الأحكام بعد 4 جلسات صباحية ومسائية، في حين أن المحاكمة كانت تتطلّب على الأقلّ أسبوعاً». وفي وقت يستعد فيه محامو المُدانين لاستئناف الأحكام، أُعلن أمس الإفراج عن الناشط السياسي كريم طابو ووضعه تحت الرقابة القضائية بدل الحبس المؤقت في قضية «إحباط معنويات الجيش» المتابَع فيها. وفُهم هذا الإجراء على أنه نوع من التهدئة في ظلّ سعي السلطة إلى إقناع المواطنين بالذهاب للانتخابات الرئاسية في 12 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
المزيد في هذا القسم:
- ليبيا : حكومة الوفاق والمغرب العربي أبعد من الأيديولوجيا! المرصاد نت - حبيب الحاج سالم في ظلّ انسداد أبواب المشرق أمامها تبذل حكومة الوفاق جهوداً لدفع دول المغرب العربي نحو تبني موقف أكثر حزماً تجاه هجوم خل...
- «متحدون ضد صفقة القرن» في بيروت: لإفشال «ورشة البحرين» المرصاد نت - متابعات تتسارع خطى الحراك السياسي والشعبي الفلسطيني لمجابهة «صفقة القرن» عبر سلسلة من الفعاليات واللقاءات ترجمة لدعوة الأمين العام لحزب الله السي...
- الأمم المتحدة ترفض طلبا سعوديا برفع الغطاء عن مصادرها في اليمن المرصاد نت - متابعات رفضت الأمم المتحدة أي حديث حول رفع الغطاء عن مصادرها بشأن المعلومات الواردة في تقريرها الأخير والشهير حول منتهكي حقوق الأطفال في اليمن...
- إدارة أوباما عرضت على السعودية أسلحة تزيد قيمتها عن 115 مليار دولار المرصاد نت - رويترز كشف تقرير أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما عرضت على السعودية أسلحة وعتاد عسكري وتدريب بقيمة تزيد عن 115 مليار دولار في أكبر عرض تقدمه...
- صراع المصالح على الساحل الإفريقي: فرنسا تضرب المعارضة التشادية دعماً لحفتر المرصاد نت - متابعات على امتداد فترة حكمه لم يهنأ الرئيس التشادي، إدريس ديبي باستقرار وإجماع وطنيين حول شخصه. لكن فرنسا التي دعمته ليصل إلى قيادة البلاد عام 1...
- فى ذكراك الـ 46 يا ناصر حذرتناواستهنّا بالتحذير فأسدلوا فى الجسد العربي السكين المرصاد نت - خاص سيذكر التاريخ أنك كنت العربى الشريف الطاهر اليد الفقير لاتبغى اِلا انتشال الجماهير المقهوره والشعوب المحتلة المغدوره من براثن القهر وال...
- حراك دبلوماسي في يريفان وجنيف.. القوات الأذرية تتقدم جنوب قره باغ وتورط أرميني باستخدام قن... المرصاد-متابعات قالت أرمينيا اليوم إن الجيش الأذري واصل قصف التجمعات السكنية في إقليم ناغورني قره باغ، حيث تابع تقدمه الميداني نحو مدينة شوشي الإستراتي...
- بين أم القنابل الأمريكية وأبوها الروسي .. من الضحية؟ المرصاد نت - متابعات بعد الهجوم الأمريكي الأخير على منطقة أشين في ولاية ننغرهار شرق أفغانستان مستخدمة قنبلة هي الأكبر على الإطلاق كما وصفتها أمريكا مسمية إياه...
- السودان : الحكومة تواصل استرضاء الأميركيين! المرصاد نت - متابعات لم تُطوَ بعد صفحة مبادرة رئيس مجلس «السيادة» في السودان عبد الفتاح البرهان إلى تطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي ومن ثمّ تمرير الحكومة ا...
- بريطانيا: الدولة العبرية تفقد دعمها بسبب بناء المستوطنات قال سفير بريطانيا في إسرائيل ماثيو جولد إن الدولة العبرية تفقد دعمها في المملكة المتحدة بسبب استمرار بناء المستوطنات في الضفة الغربية، إضافة إلي العملية العسك...